مشاهدة النسخة كاملة : موسوعة دليل المسلم
مصطفى طالب مصطفى
08-18-2015, 05:41 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تمهيد:
الإسلام هو الاستسلام والانقياد والطاعة والخضوع والامتثال لمن شرع هذا الدين وأمر باتباعه، حتى يستقر حبه في قلب المسلم، وهو تنقية وتصفية للقلب من الشرك والكفر بجميع صوره ومعانيه، حتى تنخلع شوائبه من قلب المسلم، كما بين النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار. متفق عليه.
وخلق الله سبحانه الإنسان وجعله يميل إلى كل ما فيه خير ومنفعة، وينفر من كل شر ومفسدة، فتراه يميل بطبعه إلى الطيب من المطعم والمشرب، وينفر من الخبيث الضار، وتراه يميل إلى أصحاب الأخلاق الكريمة، وينفر من أصحاب الأخلاق القبيحة، وجعل قلبه مؤهلاً لقبول الحق والدين، إلا إذا جاءت مؤثرات خارجية تصرفه عن دين الإسلام ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه. متفق عليه
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا. أخرجه مسلم.
وقد أرسل الله تعالى الرسل من أجل دعوة واحدة وهي الدعوة إلى التوحيد فقال سبحانه: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء:25]
فدعوة الأنبياء هي الدعوة إلى الإسلام، قال تعالى عن نوح: وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ [يونس: 72]، وقال عن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام: رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ [البقرة: 128]، وقال في وصية يعقوب عليه السلام لأبنائه :أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ. [البقرة: 133]، وقال عن يوسف: تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ [يوسف: 101]، وقال عن لوط عليه السلام: فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ [الذاريات: 36]، وقال عن موسى عليه السلام: إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ [يونس:84]، وقال عن حواري عيسى عليه السلام: فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ] آل عمران: 52]
فما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وما بعث به الأنبياء السابقون يخرج من مشكاة واحدة، مشكاة الوحي الإلهي الذي أفاض على البشرية أنوار الهداية والسعادة.
يقول الله عز وجل: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ [آل عمران:144]، ويقول سبحانه: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ [آل عمران[19:، ويقول تعالى: قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ [الأحقاف:9]
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ، أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ. متفق عليه.
أي اتفقوا في التوحيد واختلفوا في فروع الشرائع والإخوة لعلات هم الإخوة لأب من أمهات شتى.
والأديان السماوية جميعها منزلة من عند الله تعالى، تتفق في أصولها، وتختلف في فروعها، قال تعالى: شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ ]الشورى:13]
فكل الرسالات السماوية تدعو إلى الإيمان بالله وتوحيده ونبذ عبادة الطاغوت، أما الأحكام فإن الرسالات السماوية لكل منها شرعةً ومنهاجاً
قال تعالى: لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا [المائدة:48]
فالصلاة والصيام مأمور بهما في الشرائع كلها ولكن تختلف كيفيتهما من شريعة إلى شريعة، ولما كان دين الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأديان، جعل الله تعالى القرآن مهيمنا على غيره من الكتب السماوية السابقة، قال تعالى: وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ [المائدة:48]
ولذلك تكفل الله تعالى بحفظ هذا الدين من التحريف والتبديل والتغيير إلى قيام الساعة: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9ٍ]
ويجب على كل من سمع بالإسلام أن يؤمن به، ومن لم يؤمن به ويتبعه لا يوصف بأنه مسلم قال صلى الله عليه وسلم: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ. أخرجه مسلم
مصطفى طالب مصطفى
08-18-2015, 05:54 PM
مقدمة
يقوم الإسلام على خمسة أركان، جاء ذكرها في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان. أخرجه البخاري ومسلم
الركن الأول
شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله
الشهادة هي الركن الأول من أركان الإسلام؛ وهي عنوان الدخول في الإسلام، فلابد لمن أراد الدخول في الإسلام أن ينطق بها، قال الله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ [النور:62]
وكلمة "لا إله إلا الله" هي سبيل السعادة في الدارين فبالتزامها النجاة من النار وبعدم التزامها البقاء في النار، وبها تثقل الموازين ولأجلها خلقت الدنيا والآخرة، والجنة والنار.
وقد دلت نصوص الكتاب والسنة على أهميتها وفضلها؛ قال تعالى: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [آل عمران:18] وقال تعالى :فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ [محمد:19] وقال تعالى: وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ [آل عمران:62] وقال تعالى: مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ [المؤمنون[91:، وقال تعالى: قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا [الإسراء:[42
ومعنى "شهادة أن لا إله إلا الله"، أي لا معبود بحق إلا الله، فهي تنفي عبادة ما سوى الله عز وجل، وتثبتها لله وحده لا شريك له.
لذا كانت هذه الكلمة عنوان الإسلام وشعاره، ومفتاح الدخول فيه؛ لأنها تعني أن الإنسان يقر بطاعة الله، وينقاد لعبوديته، ويتبرأ من عبادة ما سواه، ويعتقد أن من عبد غيره فهو على باطل، قال الله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ [الحج:62]
وشهادة أن محمدا رسول الله تتضمن ثلاثة أمور مهمة، وهي:
أولا: الإقرار بأن الله أرسل محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق بشيراً ونذيراً إلى الناس كافة، يدعوهم إلى عبادة الله وحده، ونبذ الشرك والكفر، قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا [سبأ:28]
ثانيا: وجوب تصديق النبي محمد صلى الله عليه وسلم في كل ما أخبر به؛ لأنه وحي من الله، كما قال تعالى: وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم: 3-4]
ثالثا: وجوب طاعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في كل ما أمر به، واجتناب كل ما نهى عنه وزجر؛ لأنه مبلغ عن الله، والله أمر بطاعته، قال تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا [الحشر:7]
الركن الثاني
الصلاة
الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام، وبها يعرف المطيع من العاصي، ويفرق بين الكافر والمسلم، لذلك قال عليه الصلاة والسلام: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر .رواه أحمد والترمذي والنسائي وهو حديث صحيح.
وهي صلة بين العبد وربه، وأول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، ولذا كانت أمرا مفروضا من الله تعال: إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا [النساء:103]
ولأهميتها وشرفها وفضلها، وعظيم قدرها، فقد فرضها الله تعالى في السماوات العلى.
وقد أمر لله بإقامتها والمحافظة عليها في آيات عديدة؛ كقوله: وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ [البقرة:43]
وقال: حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ [البقرة 238].
وإقامتها تكون بتأديتها بإخلاص وخشوع وحضور قلب، مع مراعاة شروطها وأركانها وواجباتها وسننها، فمن أداها بهذه الصفة حاز على الفضائل الجمة، والعطايا الكثيرة.
الركن الثالث
إيتاء الزكاة
تحتل الزكاة في الإسلام مكانة رفيعة، ومنزلة سامية، ومرتبة عالية، فهي ركن من أركانه الأساسية، وشعيرة من شعائره العظيمة؛ لحديث ابن عمر المشهور: بُني الإسلام على خمس... وذكر منها: وإيتاء الزكاة [رواه البخاري ومسلم].
وقد ذكرت في القرآن ثلاثين مرّة، وقرنت مع الصلاة في سبع وعشرين مرة، منها قوله: وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [النــور:56]
وهي فريضة أوجبها الله تعالى في مال الغني، إذا توفرت شروطها المعروفة، قال تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا [التوبة 103]، وقال صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حينما أرسله إلى اليمن: فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم. رواه البخاري ومسلم
فمن أداها طيبة بها نفسه نال الأجر والثواب من الله تعالى، وفاز برضوانه، وبورك له في ماله، ومن امتنع عن أدائها، أو تهاون في إخراجها فهو آثم، وأما من أنكر وجوبها فقد كفر بالله تعالى.
الركن الرابع
صوم رمضان
صيام شهر رمضان فرض بنص الكتاب والسنة وإجماع المسلمين، قال تعالى: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:183] وقال: فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [185]
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: بني الإسلام على خمس, وذكر منها: وصوم رمضان. رواه البخاري ومسلم
وأجمع المسلمون على أن صيام رمضان فرض، وأنه أحد أركان الإسلام، فمن أنكر فرضيته كفر، إلا أن يكون ناشئاً في بلاد بعيدة، لا يعرف فيها أحكام الإسلام فيُعرَّف بذلك، ثم إن أصر بعد إقامة الحجة عليه كفر، ومن تركه تهاوناً بفرضيته فهو على خطر عظيم.
وقد شرع الله الصوم لغايات عظيمة، وأهداف نبيلة، ومن أهمها: تحقيق تقوى الله، ومراقبته، والإخلاص له، والانتصار على النفس الأمارة بالسوء، وما أشبه ذلك
الركن الخامس
حج بيت الله الحرام
الحج أحد أركان الإسلام، ومبانيه العظام، ودعائمه الخمس، وفرض من فروضه؛ دل عليه الكتاب والسنة والإجماع، وهو فرض عين على المكلف المستطيع مرة واحدة في العمر، ومن أنكر ذلك فقد كفر إلا إذا كان حديث عهد بالإسلام، أو نشأ في بلد بعيدة عن العلم وأهله، قال تعالى: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً[آل عمران:97].
وحديث: بُني الإسلام على خمس, وذكر منها: وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً. رواه البخاري ومسلم
وقال صلى الله عليه وسلم: يا أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا. رواه مسلم
وأجمع العلماء على فرضية الحج وأنه ركن من أركان الإسلام.
وقد شرع الحج لغايات عظيمة، ومقاصد سامية؛ منها: تحقيق التوحيد، والولاء والبراء، وتعظيم حرمات الله وشعائره، وتحقيق الأخوة الإسلامية، والتخلق بأخلاق الإسلام النبيلة، والابتعاد عن الأخلاق الذميمة.
مصطفى طالب مصطفى
08-24-2015, 09:52 PM
أركان الإيمان
مقدمة
أركان الإيمان ستة، لقوله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} [البقرة: 177] وقوله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49]
وفي حديث جبريل الطويل أن جبريل عليه السلام سأل النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم عن الإيمان، فأجابه عليه الصلاة والسلام بقوله: ((أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره)) [رواه البخاري ومسلم].
ومن لم يؤمن بها جميعاً فهو كافر،لأن الذي يؤمن ببعض الشريعة ويكفر ببعضها فهو كافر بالجميع، والذي يؤمن ببعض الرسل ويكفر ببعضهم كافر بالجميع، كما قال الله تعالى موبخاً بني إسرائيل: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ} [البقرة (85)]. وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً * أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا} [النساء (150-151)] فبين الله تعالى أن هؤلاء الذين يؤمنون ببعض الرسل دون بعض هم الكافرون حقاً.
الركن الأول : الإيمان بالله
الإيمان بالله: هو أصل الأصول، وأول واجب على العبيد، وهو أول ركنٍ من أركان الإيمان الستة.
فالإيمان لغة: هو الإقرار بالشيء عن تصديقٍ به؛ قال تعالى حكاية عن إخوة يوسف: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ}[يوسف: 17].
واصطلاحًا: هو الإيمان بما يختص به الله من الربوبية والألوهية والأسماء والصفات، وهو قولٌ باللسان، واعتقاد بالقلب، وعملٌ بالجوارح والأركان، يَزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية.
الإيمان شرط لصحة وقبول الأعمال:
من شروط قبول العمل عند الله الإيمان به، قال تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ} [الأنبياء (94)] وقال: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} [النساء (124)] وقال: {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} [الإسراء (19)].
فالمشرك لا يقبل الله تعالى منه عملاً؛ فلا يقبل الله منه صلاة ولا صياماً ولا غيرها من صالح الأعمال، قال تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان (23)] وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر (65)] وفي سورة النور صوَّر الله لنا عمل هؤلاء الكفار، فقال: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ * أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ}[النور (39، 40)].
فهذه الأعمال لما افتقدت نور الإيمان صارت هباء منثوراً؛ لهذا يجب أن يتحقَّق شرط الإيمان بالله خالق هذا الكون لكي يقبل العمل، أما إذا لم يكن المرء مُعترفًا بالله فكيف يكافئه؟ كيف تطلب من مَلِكٍ أن يكافئك وأنت غير معترف بملكه؟!
والإيمان بالله يتضمن أموراً وهي:
أولا: الإيمان بانفراده بالربوبية: بأن نؤمن بأنه سبحانه المتفرد بالخلق والملك والتدبير.
أما إفراده بالخلق: فبأن يعتقد الإنسان أنه لا خالق إلا الله؛ قال تعالى -: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}[الأعراف: 54].
أما إفراده بالمُلك: بأن نعتقد أنه لا يملِك الخلقَ إلا خالقُهم سبحانه؛ قال تعالى: {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[آل عمران: 189].
أما إفراده بالتدبير: فهو أن يعتقد الإنسان بأنه لا مدبِّر لهذا الكون إلا الله وحده؛ كما قال تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ * فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ}[يونس: 31 - 32].
ثانياً: الإيمان بانفراده بالألوهية: بأن نؤمن بأنه سبحانه هو المستحق للعبادة وحده دون سواه، فنصلِّي لله، ونزكِّي لله، ونَنذِر لله، ونتوكَّل على الله، ونستعين بالله، وندعو الله وحده لا شريك له، فلا نصرف عبادات من العبادات لغيره سبحانه وتعالى.
ثالثاً: الإيمان بأسمائه وصفاته: بأن نؤمن بكل اسمٍ سمَّى اللهُ به نفسَه؛ في كتابه، أو على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - في السنَّة الصحيحة، وأن نعتقد بأنه سبحانه وتعالى له الأسماء الحسنى والصفات العلى، فهو سبحانه المتصف بصفات الكمال المنزه عن صفات النقص، لا يماثله في صفاته أحد من خلقه، (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).
وهذه الأمور الثلاثة التي يتضمنها الإيمان بالله هي أقسام التوحيد وسيأتي تفصليها.
الركن الثاني : الإيمان بالملائكة
1 - التعريف بالملائكة :
الملائكة عالم غيبي خلقهم الله عز وجل من نور، لا يأكلون ولا يشربون {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: 20] يقومون بأمر الله {لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6]، لا يعلم عددهم إلا الله، وهم أصناف، كل صنف له عمل موكل به ويقوم به.
2 - وجوب الإيمان بالملائكة :
ويتضمن الإيمان بهم أمرين:
1- الإيمان بوجودهم :
الإيمان بوجود الملائكة أحد أصول الإيمان قال تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} [البقرة: 285]، ومن ينكر وجود الملائكة؛ فقد كَفَر، لقوله تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} [النساء: 136].
والإيمان بالملائكة يتضمن الإقرار الجازم بوجودهم وأنهم خلق من خلق الله، مربوبون مسخرون{عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ * لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} [الأنبياء: 26-27]، و{لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6]، و{لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: 19-20].
2- الإيمان بما أعلمنا الله ورسوله من أسمائهم وصفاتهم وأعدادهم
الإيمان بالملائكة يتضمن الإيمان بأسماء الملائكة الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم، والسنة النبوية الصحيحة، ومنهم:
جبريل وميكائيل، وإسرافيل، قال تعالى: {قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ * مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ} [البقرة: 97-98].
وورد ذكرهم في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم عندما يستفتح صلاته من الليل، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان إذا قام من الليل افتتح صلاته: ((اللهم رب جبرائيل، وميكائيل، وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم)) أخرجه مسلم.
ومنهم: مالك، وهو خازن النار، قال تعالى عن أهل النار: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ}[الزخرف: 77].
ومنهم: منكر ونكير وهما الذين يسألان الأموات في قبورهم.
3 - صفاتهم :
1- صفاتهم الخَلقية:
1- أنهم مخلوقون من نور، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((خلقت الملائكة من نور)) أخرجه مسلم.
2- قدرتهم على التَّشَكُّل والتمثل بصورة البشر؛ كما تمثل جبريل لمريم، قال تعالى: {أَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا}[مريم: 17].
3- القوة وعظم الخلقة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6].
4- خلقهم الله على صورة جميلة، كما قال تعالى عن جبريل عليه السلام {ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى} [النجم: 6]، قال ابن عباس رضي الله عنهما: ذو مرة ذو منظر حسن.
5- لهم أجنحة، قال تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [فاطر: 1].
6- لا يأكلون ولا يشربون ولا يتزوجون ولا يتناسلون، فقد أخبرنا ربنا سبحانه أن الملائكة جاؤوا إبراهيم في صورة بشر، فقدم لهم الطعام، فلم تمتد أيديهم إليه، فأوجس منهم خيفة، فبينوا له الحقيقة، قال تعالى: {فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ} [هود: 70]. وقد اتفق أهل العلم على أنهم لا يتناكحون ولا يتناسلون.
7- يعبدون الله تعالى وينفذون أمره بلا كلل ولا ملل، ولا يدركهم من ذلك ما يدرك البشر، قال تعالى في وصفهم {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: 20]، أي: لا يضعفون. وقال: {فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} [فصلت: 38]، أي: لا يملون.
2-صفاتهم الخُلقية:
1- معصومون من المعاصي، قال تعالى: {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6].
2- يخافون الله ويخشونه، قال تعالى: {وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ}[الأنبياء:28]، وقال: {وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ}[الرعد: 13].
3- كرام بررة، قال تعالى: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ} [عبس: 15-16]، وسفرة، أي: سفراء الله إلى رسله، وكرام بررة، أي: خلقهم كريم حسن، وأخلاقهم بارة طاهرة فاضلة.
4- الحياء، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عن عثمان بن عفان رضي الله عنه: ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة. أخرجه مسلم..6
4 - ثمرات الإيمان بالملائكة :
وقوف المؤمن على عظيم قدرة الله تعالى. حثُّ الإنسان على العمل الصالح وزجره عن السيئات، فالملائكة تكتب جميع أعماله ويسجلونها عليه. الاستقامةُ على أمر الله عز وجل: فإن من يستشعر وجود الملائكة معه وعدم مفارقتها له، ويؤمن برقابتهم لأعماله وأقواله وشهادتهم على كل ما يصدر عنه، ليستحي من الله ومن جنوده، فلا يخالفه في أمر ولا يعصيه في العلانية أو في السرِّ. اطمئنان المؤمن إلى أنه محاطٌ برعاية الله تعالى له فهؤلاء الخلق العظام يرعون شؤونه.
مصطفى طالب مصطفى
08-24-2015, 09:54 PM
الركن الثالث : الإيمان بالكتب
مقتضي الإيمان بالكتب
فالإيمان بالكتب يتضمن أربعة أمور:
الأول: التصديق الجازم بأن جميعها منزَّل من عند الله، وأن الله تكلم بها حقيقة فمنها المسموع منه تعالى من وراء حجاب بدون واسطة الرسول الملكي، ومنها ما بلغه الرسول الملكي إلى الرسول البشري، ومنها ما كتبه الله تعالى بيده كما قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ}(سورة الشورى 51). وقال تعالى: {وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}(سورة النساء 164). وقال تعالى في شأن التوراة: ( {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ}(سورة الأعراف 145).
الثاني: ما ذكره الله من هذه الكتب تفصيلا وجب الإيمان به تفصيلا وهي الكتب التي سماها الله في القرآن وهي (القرآن والتوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وموسى) وما ذكر منها إجمالا وجب علينا الإيمان به إجمالا فنقول فيه ما أمر الله به رسوله: {وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ}(سورة الشورى 15).
الثالث: تصديق ما صح من أخبارها، كأخبار القرآن، وأخبار ما لم يُبَدل أو يُحَرف من الكتب السابقة.
الرابع: الإيمان بأن الله أنزل القرآن حاكما على هذه الكتب ومصدقا لها كما قال تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ}(سورة المائدة 48). قال أهل التفسير: مهيمنا: مؤتمنا وشاهدا على ما قبله من الكتب، ومصدقا لها يعني: يصدق ما فيها من الصحيح، وينفي ما وقع فيها من تحريف وتبديل وتغيير، ويحكم عليها بنسخ ـ أي رفع وإزالة ـ أحكام سابقة، أو تقرير وتشريع أحكام جديدة؛ ولهذا يخضع له كل متمسك بالكتب المتقدمة ممن لم ينقلب على عقبيه كما قال تبارك وتعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ}(سورة القصص 52-53). وأن الواجب على جميع الأمة اتباع القرآن ظاهراً وباطناً والتمسك به، والقيام بحقه كما قال تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}(سورة الأنعام 155). ومعنى التمسك بالكتاب والقيام بحقه: إحلال حلاله، وتحريم حرامه، والانقياد لأوامره والانزجار بزوا جره والاعتبار بأمثاله، والاتعاظ بقصصه، والعلم بمحكمه، والتسليم بمتشابهه والوقوف عند حدوده والذب عنه مع حفظه وتلاوته وتدبر آياته والقيام به آناء الليل والنهار، والنصيحة له بكل معانيها ، والدعوة إلى ذلك على بصيرة.
الركن الرابع : الإيمان بالرسل
4 - النبي صلي الله عليه وسلم خاتم الأنبياء
1- اسمه ونسبه صلى الله عليه وسلم:
هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي ابن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
وأمه: آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة.
وكانت ولادته عام الفيل الموافق لعام خمسمائة وإحدى وسبعين للميلاد.
ولد في مكة المكرمة، ونشأ بها يتيما، فقد مات أبوه وهو حمل في بطن أمه، ثم ماتت أمه وهو في السادسة من عمره، فتكفل به جده عبد المطلب، ثم مات، فتكفل به عمه أبو طالب، ونشأ في كنفه ورعايته.
2- صفاته صلى الله عليه وسلم الخلْقية والخلُقية:
حبى الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بصفاتٍ عظيمة جليلة، صفاتٍ خُلُقية ظهرت على سلوكه القويم، وصفاتٍ خَلْقية ظهرت على بدنه الشريف وجوارحه الطاهرة، فهو صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خَلْقًا وخُلُقًا.
فمن صفاته الخَلْقية: أنه كان متوسط القامة، لا بالطويل ولا بالقصير، بل بين بين؛ كما أخبر بذلك البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم مربوعاً -متوسط القامة-، بعيد ما بين المنكبين، له شعر يبلغ شحمة أذنه، رأيته في حلةٍ حمراء، لم أر شيئاً قط أحسن منه))[رواه البخاري].
وكان صلى الله عليه وسلم أبيض اللون، ليِّن الكف، طيب الرائحة، دلَّ على ذلك ما رواه أنس رضي الله عنه قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أزهر اللون- أبيض مستدير-، كأنَّ عرقه اللؤلؤ، إذا مشى تكفأ، ولا مَسَسْتُ ديباجة - نوع نفيس من الحرير- ولا حريرة ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شممتُ مسكة ولا عنبرة أطيب من رائحة رسول الله صلى الله عليه وسلم))[رواه مسلم].
وكانت أم سُليم رضي الله عنها تجمع عَرَقه صلى الله عليه وسلم، فقد روى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَال: ((دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم، فقال -أي نام نومة القيلولة- عندنا، فعرق وجاءت أمي بقارورة، فجعلت تسلت -تجمع- العرق فيها، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا أم سليم ما هذا الذي تصنعين؟ قالت: هذا عرقك نجعله في طيبنا، وهو من أطيب الطيب))[رواه مسلم].
وكان وجهه صلى الله عليه وسلم جميلاً مستنيراً، وخاصة إذا سُرَّ، فعن عبد الله بن كعب قال: سمعت كعب بن مالك يحدث حين تخلف عن غزوة تبوك قال: ((فلما سلّمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبرق وجهه من السرور، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سُرَّ استنار وجهه، حتى كأنه قطعة قمر، وكنا نعرف ذلك منه))[رواه البخاري].
وكان وجهه صلى الله عليه وسلم مستديراً كالقمر والشمس، فقد سُئل البراء أكان وجه النبي صلى الله عليه وسلم مثل السيف؟ قال: ((لا بل مثل القمر)) [رواه البخاري ]. وفي مسلم: ((كان مثل الشمس والقمر، وكان مستديراً)).
وكان صلى الله عليه وسلم كث اللحية، كما وصفه أحد أصحابه جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: ((وكان كثير شعر اللحية))[رواه مسلم].
وكان صلى الله عليه وسلم ضخم اليدين، ذو شَعرٍ جميل، ففي الخبر عن أَنَسٍ رضي الله عنه قال: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم ضَخْمَ الْيَدَيْنِ، لم أرَ بعده مثله، وكان شَعْرُ النبي صلى الله عليه وسلم رَجِلاً لا جَعْدَ -أي لا التواء فيه ولا تقبض- وَلا سَبِطَ - أي ولا مسترسل-))[رواه البخاري].
ووصفه الصحابي الجليل جابر بن سمرة رضي الله عنه فقال: ((كان رسول صلى الله عليه وسلم ضَلِيعَ - واسع - الْفَمِ، أَشْكَلَ الْعَيْنِ - حمرة في بياض العينين - مَنْهُوسَ الْعَقِبَيْن- قليل لحم العقب-))[رواه مسلم].
وكان له خاتم النبوة بين كتفيه، وهو شيء بارز في جسده صلى الله عليه وسلم كالشامة، فعن جابر بن سمرة قال: ((ورأيت الخاتم عند كتفه مثل بيضة الحمامة، يشبه جسده))[رواه مسلم].
ومن صفاته صلى الله عليه وسلم أنه أُعطي قوةً أكثر من الآخرين، من ذلك قوته في الحرب؛ فعن علي رضي الله عنه قال: ((كنا إذا حمي البأس، ولقي القوم القوم، اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يكون أحد منا أدنى إلى القوم منه))[رواه أحمد والحاكم].
هذه بعض صفاته الخَلْقية التي نُقلت إلينا نقلا صحيحا ثابتا ممن رآه وصاحبه.
وأما صفاته الخُلُقيه عليه الصلاة والسلام، فقد أثنى الله عليه في كتابه العظيم غير ما مرة، فقال في حقه صلى الله عليه وسلم: (وإنك لعلى خلق عظيم) [القلم : 4]. وقال عنه: (وإنك لتلقى القرءان من لدن حكيم عليم) [النمل: 6]. وقال أيضا: (إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيراً ولا تسأل عن أصحاب الجحيم) [البقرة : 119]. وقال عنه كذلك: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) [الأنبياء: 107].
وقال عنه في موضع آخر: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً) [الأحزاب: 21].
وعَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ: سَأَلَتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ: أخبريني عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنُ[ رواه أحمد].
ومن صور صفاته الخُلُقية: التواضع المقترن بالمهابة، والحياء المقترن بالشجاعة، والكرم الصادق البعيد عن حب الظهور، والأمانة المشهورة بين الناس، والصدق في القول والعمل، والزهد في الدنيا عند إقبالها، وعدم التطلع إليها عند إدبارها، والإخلاص لله في كل ما يصدر عنه، مع فصاحة اللسان وثبات الجنان، وقوة العقل وحسن الفهم، والرحمة للكبير والصغير ولين الجانب، ورقة المشاعر وحب الصفح والعفو عن المسيء، والبعد عن الغلظة والجفاء والقسوة، والصبر في مواطن الشدّة، والجرأة في قول الحق.
وكان صلى الله عليه وسلم خافض الطرف نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، ويبدأ من لقي بالسلام، ، ليست له راحة، طويل السكت، لا يتكلم في غير حاجة، يفتتح الكلام ويختمه باسم الله تعالى ويتكلم بجوامع الكلم، كلامه فصل لا فضول ولا تقصير، يُعظم النعمة وإن دقت، وما عاب طعاماً قط وكان لا يرد موجوداً ولا يتكلف مفقوداً إن اشتهاه أكله وإن كره تركه وسكت وربما قال لا أشتهيه، ولا تغضبه الدنيا ولا ما كان لها، فإذا تعدي الحق لم يقم لغضبه شيء حتى ينتصر له، ولا يغضب لنفسه، ولا ينتصر لها، وإذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غض طرفه، أكثر ضحكه التبسم
[المعجم الكبير 16/35، دلائل النبوة للبيهقي 1/268 حديث 236، تاريخ دمشق 3/339 ].
مصطفى طالب مصطفى
08-24-2015, 09:56 PM
الركن الخامس : الإيمان باليوم الآخر
6 - الجنة
الجنة هي دار النعيم التي أعدها الله تعالى في الآخرة للمؤمنين..
قال تعالى: {فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ}[آل عمران(185)].
وفي الجنة أنهار جارية، وغرف عالية، وأزواج حسان، وفيها ما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين؛ مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وريحها يوجد من مسيرة أربعين عاما، وأعظم نعيمها رؤية المؤمنين لربهم عيانا..
وفي الجنة مائة درجة بين كل درجة وأخرى كما بين السماء والأرض، وأعلى الجنة الفردوس الأعلى، وسقفه عرش الرحمن، ولها ثمانية أبواب؛ ما بين جانبي كل باب كما بين مكة وهجر -الأحساء- وأدنى أهل الجنة منزلة له مثل الدنيا وعشرة أمثالها.
ونعيم الجنة لا ينفد ولا يزول، بل هو دائم بلا انقطاع، وأهلها خالدون فيها أبدا، قال تعالى: {جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا}[البينة(8)].
وللجنة لها ثمانية أبواب منها: بَابِ الصَّلَاةِ وبَابِ الْجِهَادِ وبَابِ الرَّيَّانِ وبَابِ الصَّدَقَةِ.
ويدخلها أهلها مُتَمَاسِكِينَ آخِذٌ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ حَتَّى يَدْخُلَ أَوَّلُهُمْ وَآخِرُهُمْ الْجَنَّةَ وَوُجُوهُهُمْ عَلَى ضَوْءِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ))[رواه البخاري].
لَا يَبُولُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ وَلَا يَمْتَخِطُونَ وَلَا يَتْفُلُونَ، أَمْشَاطُهُمْ الذَّهَبُ، وَرَشْحُهُمْ –أي عرقهم- الْمِسْكُ، وَأَزْوَاجُهُمْ الْحُورُ الْعِينُ، أَخْلَاقُهُمْ عَلَى خُلُقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي السَّمَاءِ))[رواه البخاري ومسلم].
وأقل أهل الجنة منزلة من له مِثْل مُلْكِ عشرة من مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا، كما جاءت بذلك الأحاديث الصحيحة.
والجنة درجات متفاوتة، قال تعالى بعد أن ذكر بعض صفات المؤمنين: {أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [الأنفال(4)].
والجنة ليست جنة واحدة، بل جنان عدة؛ كما أخبر بذلك القرآن في قوله تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}[الرحمن(46)].
وفي البخاري: أن أُمُّ حَارِثَةَ بْنِ سُرَاقَةَ رضي الله عنها أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَلَا تُحَدِّثُنِي عَنْ حَارِثَةَ وَكَانَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ أَصَابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ فَإِنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ صَبَرْتُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ اجْتَهَدْتُ عَلَيْهِ فِي الْبُكَاءِ قَالَ يَا أُمَّ حَارِثَةَ إِنَّهَا جِنَانٌ فِي الْجَنَّةِ وَإِنَّ ابْنَكِ أَصَابَ الْفِرْدَوْسَ الْأَعْلَى"[رواه البخاري ومسلم].
وأما بناءها فبناءها لبنة ذهب ولبنة فضة ، فيها غرف يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها للمؤمن فيها خيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة طولها ستون ميلا، كما جاءت بذلك الأحاديث الصحيحة.
وأنهارها خمسة: نهر الكوثر ونهر العسل ونهر اللبن ونهر الماء ونهر الخمر: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى}[محمد: 15].
وفي الجنة أشجار وظلال، قال تعالى: {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ} [الرحمن: 48]. وقال: {وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ} [الواقعة: 30].
وطعام أهلها ما جاء في قول الملك العلام: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ * بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ * لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ * وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ}[سورة الواقعة 17-21].
ولباس أهلها الذهب والسُنْدُسٍ وَالإِسْتَبْرَقٍ.
وخدمهم غِلْمَانٌ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا} [الإنسان: 19] فإذا كان هذا هو حال الخدم في الحسن والجمال فما بالكم بحال أسياد الخدم؟!.
وأزواجهم الحور العين، قال تعالى: {كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ} [الدخان: 54]. {حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ}[الرحمن: 72]. {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ} [الرحمن: 56].
وقال تعالى: {إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا}[الواقعة: 35- 37].
وفي البخاري عن أنس رضي الله عنه: ".. وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى الْأَرْضِ َلَمَلَأَتْ مَا بَيْنَهُمَا رِيحًا ولَأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا وَلَنَصِيفُهَا –أي خمارها على رأسها- خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا".
وإذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار جيء بالموت على هيئة كبش أملح بين الجنة والنار فينادى يا أهل الجنة أتعرفون هذا فيشرئبون فيقولون الموت ثم ينادى يا أهل النار أتعرفون هذا فيفرحون ثم يذبح فيزداد أهل الجنة فرحا إلى فرحهم فيزداد أهل النار حزناً على حزنهم وينادي منادي يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت كما في الحديث الذي رواه مسلم.
وأعظم النعيم من هذا كله رؤية الرب تبارك وتعالى؛ لأنّ أهل الجنّة لهم ميعاد مع الرب الرحيم، قال تعالى: {لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26] وقال: {لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} [ق: 35].
والمحروم من حرم رؤية الله: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} [المطففين: 15].
وليس هذا فحسب بل إنّهم سيرون ربهم عيانا بأبصارهم كما يرون القمر ليلة البدر لا يضامون في رؤيته فإذا دخلوا الجنة نادى المنادي يا أهل الجنة إنّ ربكم تعالى يستزيركم فحيَّ على زيارته فيقولون سمعا وطاعة وينهضون إلى الزيارة مبادرين فإذا النجائب قد أعدت لهم فيستون على ظهورها مسرعين حتى إذا انتهوا إلى الوادي الأفيح الذي جعل لهم موعداً وجمعوا هناك فلم يغادر الداعي منهم أحداً أمر الرب تبارك وتعالى بكرسيه فنصب هناك ثم نصبت لهم منابر من نور ومنابر من لؤلؤ ومنابر من زبرجد ومنابر من ذهب ومنابر من فضة ثم جلس أدناهم وليس فيهم دنيء على كثبان المسك ما يرون أصحاب الكراسي مثلهم في العطايا حتى إذا استقرت بهم مجالسهم واطمأنت بهم أماكنهم نادى المنادي يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعداً يريد أن ينجزكموه فيقولون ما هو؟ ألم يبيض وجوهنا ويثقل موازيننا ويدخلنا الجنة ويزحزحنا من النار فبينما هم كذلك إذ سطع لهم نور أشرقت لهم الجنة فرفعوا رؤوسهم فإذا الجبار جل جلاله وتقدست أسماؤه قد أشرق عليهم من فوقهم وقال يا أهل الجنة سلام عليكم فلا ترد التحية بأحسن من قولهم اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام فيتجلى لهم الرب ويضحك إليهم ويقول يا أهل الجنة فيكون أول ما يسمعون منه تعالى أين عبادي الذين أطاعوني بالغيب ولم يروني؟ فهذا يوم المزيد فاسألوني فيجتمعون على كلمة واحدة: أرنا وجهك ننظر إليك، فيكشف لهم الرب جل جلاله الحجب، ويتجلى لهم، فيغشاهم من نوره ما لولا أنّ الله تعالى قضى أن لا يحترقوا لاحترقوا. ولا يبقى في ذلك المجلس أحد إلَّا حاضره ربه تعالى محاضره حتى إنّه ليقول: يا فلان أتذكر يوم فعلت كذا وكذا يذكره ببعض غدراته في الدنيا، فيقول: يا رب ألم تغفر لي؟ فيقول: بلى بمغفرتي بلغت منزلتك هذه.
7 - النار
النار: هي دار العذاب التي أعدها الله تعالى في الآخرة للكافرين، وللعصاة الفاجرين، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} [غافر: 6].
ونار الآخرة ليست كنار الدنيا، بل هي نار عظيمة؛ فقد جاء في الحديث الصحيح: ((ناركم هذه جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم))[رواه البخاري ومسلم].
وقال صلى الله عليه وسلم: (يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها" رواه مسلم. نعوذ بالله من النار ومما يقرب إليها من قول وعمل.
وطعام أهل النار "الضريع" وهو شجر قد بلغ غاية الحرارة والمرارة، وقبح الرائحة وهو الزقوم، أو غيره، وكذا الغسلين وهو صديد أهل النار، نعوذ بوجه الله منها.
وشرابهم "الحميم" الذي بلغ غاية الحرارة إذا قرب من وجوههم شواها، فإذا شربوه قطع أمعاءهم: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ} والمهل رديء الزيت: {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} [محمد: 15].
ولباس أهلها القطران والحديد ولهم ثياب من نار نعوذ بالله من النار ومما يقرب إليها.
ومكان النار الأرض السابعة السفلى في سجين أسفل مكان وأضيقه ، نعوذ بوجه الله منها ومما يقرب إليها.
والنار لها سبعة أبواب، وهذه الأبواب مغلقة على أهلها؛ كما قال تعالى: {عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ}[البلد 20].
وهي مغلقة قبل دخول أهلها إليها: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} في وجوههم.
وهي سوداء، وأهلها سود، وكل شيء فيها أسود، وقد دل على سواد أهلها قوله تعالى: {كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [يونس: 27]. وقوله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ}[آل عمران 106].
وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أن من عصاة الموحدين من يخترق في النار حتى يصير فحما.
وهي دركات متفاوتة في العذاب، ولها سبعة أبواب، لكل باب منهم جزء مقسوم، وخزنتها ملائكة غلاظ شداد، ولا تسأم ممن يوضع فيها، ويقذف في قعرها، بل إنها تقول: هل من مزيد؟
وهي مخلوقة موجودة الآن، أعدها الله سبحانه للكافرين، وعذابها دائم لا ينقطع، وأهلها الكافرون خالدون فيها أبدا، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَّا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا }[الأحزاب: 64- 65].
وأما العصاة المذنبون من أهل الإيمان، فإنهم يعذبون فيها ثم يخرجون منها برحمة أرحم الراحمين ابتداء، ثم بشفاعة من يأذن الله له من الشافعين، فقد قال عليه الصلاة والسلام: ((يدخل الله أهل الجنة الجنة، يدخل من يشاء برحمته، ويدخل أهل النار النار، ثم يقول: انظروا من وجدتم في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجوه، فيخرجون منها حمما قد امتحشوا، فيلقون في نهر الحياة، أو الحيا، فينبتون فيه كما تنبت الحبة إلى جانب السيل))[رواه البخاري ومسلم].
الركن السادس : الإيمان بالقدر خيره وشره
1 - مقدمة
الإيمان بالقدر خيره وشره ركن من أركان الإيمان لا يصح إيمان المؤمن إلا به والآيات والاحاديث التي تدل على القدر في القرآن الكريم والسنة النبوية كثيرة منها قول الله تعالى: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا}(سورة الأحزاب 38) وقال تعالى: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا}(سورة الأحزاب 37) وقال تعالى: {لِيَقْضِيَ اللّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولاً}(سورة الأنفال 44). وقال تعالى: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}(سورة التغابن 11). وقال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ}(سورة آل عمران 166) وقال تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}(سورة البقرة 156-157). وغير ذلك من الآيات، وفي حديث عمر الطويل عندما سأل جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان: ((أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره))[رواه مسلم]. وقال صلى الله عليه وسلم: ((وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك))[رواه أحمد وصححه الألباني]. وقال صلى الله عليه وسلم: ((وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت لكان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل))[رواه مسلم] .
2 - حقيقة الإيمان بالقدر ومراتبه ووجوب ذلك
القدر تقدير الله تعالى للكائنات حسبما سبق به علمه واقتضته حكمته، وحقيقة الإيمان به التصديق الجازم بأن كل خير وشر فهو بقضاء الله وقدره، وأنه الفعال لما يريد، لا يكون شيء إلا بإرادته، ولا يخرج شيء عن مشيئته، وليس في العالم شيء يخرج عن تقديره، ولا يصدر إلا عن تدبيره، ولا محيد لأحد عن القدر والمقدور، ولا يتجاوز ما خط في اللوح المسطور، وأنه خالق أفعال العباد والطاعات والمعاصي، ومع ذلك فقد أمر العباد ونهاهم، وجعلهم مختارين لأفعالهم غير مجبورين عليها بل هي واقعة بحسب قدرتهم وإرادتهم، والله خالقهم وخالق قدرتهم، يهدي من يشاء برحمته ويضل من يشاء بحكمته، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون. [مختصر الأسئلة والأجوبة الأصولية على العقيدة الواسطية (ص: 22-23)]
وللإيمان بالقدر مراتب أربع:
المرتبة الأولى: الإيمان بأن الله تعالى قد علم بعلمه الأزلي الأبدي ما كان وما يكون من صغير وكبير، وظاهر وباطن مما يكون من أفعاله، أو أفعال مخلوقاته.
المرتبة الثانية: الإيمان بأن الله تعالى كتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة، فما من شيء كان أو يكون إلا وهو مكتوب مقدر قبل أن يكون.
ودليل هاتين المرتبتين في كتاب الله تعالى، وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم:
- أما الكتاب: فمنه قوله تعالى: { {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}(سورة الحـج 70). وقوله: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ}(سورة الأنعام 59).
- وأما السنة: فمنها قوله صلى الله عليه وسلم: ((كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وعرشه على الماء )). أخرجه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.
وروى البخاري في صحيحه من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كان الله ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على الماء، ثم خلق السموات والأرض، وكتب في الذكر كل شيء)).
وروى أبو داود من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن أول ما خلق الله القلم فقال: اكتب. قال: رب وما أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة))[رواه أبو داود وصححه الألباني].
المرتبة الثالثة: الإيمان بمشيئة الله تعالى وأنها عامة في كل شيء، فما وجُد موجود، ولا عُدم معدوم من صغير وكبير، وظاهر وباطن في السموات والأرض إلا بمشيئة الله عز وجل.
المرتبة الرابعة: الإيمان بخلق الله تعالى وأنه خالق كل شيء من صغير وكبير، وظاهر وباطن، وأن خلقه شامل لأعيان هذه المخلوقات وصفاتها وما يصدر عنها من أقوال، وأفعال، وآثار.
ودليل هاتين المرتبتين قوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ * لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}(سورة الزمر 62-63). وقوله: {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا}(سورة الفرقان 2). وقوله: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ}(سورة الصافات 96).
ولم يخلق شيئاً إلا بمشيئته؛ لأنه تعالى لا مكره له؛ لكمال ملكه وتمام سلطانه، قال الله تعالى مبيناً أن فعله بمشيئته: {وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء}(سورة إبراهيم 27). وقال: {اللّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاء وَيَقَدِرُ}(سورة الرعد 26) وقال مبيناً أن فعل مخلوقاته بمشيئته: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}(سورة التكوير 28-29). وقال: {وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ}(سورة البقرة 253). [تقريب التدمرية (ص: 95-97)].
3 - وسطية أهل السنة ف الإيمان بالقدر
تظهر وسطية أهل السنة في كل الأمور العقدية التي خالف فيها أصحاب الأهواء والبدع ومنها: قضية الإيمان بالقدر فإن قضية القدر من المسائل الشائكة التي يجب فيها التسليم والرضى.
ومذهب أهل السنة: أن القدر سر الله تعالى، وأن الواجب على المسلم الإيمان به دون تعمق لما وراء الأدلة، وترك الاحتجاج به على فعل المعاصي، والإيمان بتقدير الله تعالى لكل الأمور بمشيئته، وأن الله هو الخالق لكل شيء بما فيها أفعال العباد، ولكنها لا تسمى فعل الله بل هي أفعال العباد، والله هو الذي أقدرهم على فعلها ولو شاء لما فعلوها كما قال تعالى: {وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ}(سورة البقرة 253). وهي مشيئته الكونية العامة، وأهل السنة توسطوا في ذلك فأثبتوا مشيئة الله الكونية والشرعية وقدرة الله على كل شيء، وأن الله هو الخالق للعباد وأفعالِهِم، والعبادُ فاعلون حقيقة ولهم قدرة على أعمالهم، والله خالقهم وخالق أعمالهم وقدراتهم كما قال تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ}(سورة الصافات 96). وأثبتوا أن العبد له قدرة ومشيئة لا تخرج عن مشيئة الله تعالى وقدرته كما قال سبحانه: {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}(سورة التكوير 29).
4 - شبهة الإحتجاج بالقدر ع المعصية والرد ع ذلك
-----------------------------------------------------
اعلم أخي المسلم رحمك الله أن الإيمان بالقدر لا يمنح العاصي حجة على ما ترك من الواجبات، أو فَعَلَ من المعاصي باتفاق المسلمين والعقلاء .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ : "وليس لأحد أن يحتج بالقدر على الذنب باتفاق المسلمين وسائر أهل الملل وسائر العقلاء؛ فإن هذا لو كان مقبولا لأمكن كل أحد أن يفعل ما يخطر له من قتل النفوس وأخذ الأموال وسائر أنواع الفساد في الأرض ويحتج بالقدر، ونفس المحتج بالقدر إذا اعتدي عليه واحتج المعتدي بالقدر لم يقبل منه بل يتناقض وتناقض القول يدل على فساده؛ فالاحتجاج بالقدر معلوم الفساد في بدائه العقول"[مجموع الفتاوى (8/ 179)] لأنه لا حجة للعاصي على معصيته بقدر الله تعالى، لأن العاصي يقدم على المعصية باختياره من غير أن يعلم أن الله تعالى قدرها عليه، إذ لا يعلم أحد قدَرَ الله تعالى إلا بعد وقوع مقدوره: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا}(سورة لقمان 34). فكيف يصح الاحتجاج بحجة لا يعلمها المحتج بها حين إقدامه على ما اعتذر بها عنه؟
والرد على من احتج بالقدر في ترك الواجب أو فعل المعصية من وجوه سبعة:
الأول: قوله تعالى: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم حَتَّى ذَاقُواْ بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ} (148) سورة الأنعام }(سورة الأنعام 148). ولو كان لهم حجة بالقدر ما أذاقهم الله بأسه.
الثاني: قَوْلُهُ تَعَالَى: {رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا}(سورة النساء 165). ولو كان القدر حجة للمخالفين لم تقم الحجه بإرسال الرسل، لأن المخالفة بعد إرسالهم واقعة بقدر الله تعالى.
الثالث: ما رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما منكم من أحد إلا قد كتب مقعده من النار أو الجنة فقال رجل من القوم: ألا نتكل يارسول الله؟ قال لا أعملوا فكل ميسر، ثم قرأ {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}(سورة الليل 5-10) وفي لفظ لمسلم: ((فكل ميسر لما خلق له)) فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالعمل ونهى عن الإتكال على القدر.
الرابع: أننا نرى الإنسان يحرص على ما يلائمه ثم يحتج على عدوله عنه بالقدر، فلماذا يعدل عما ينفعه في أمور دينه إلى ما يضره ثم يحتج بالقدر؟ أفليس شأن الأمرين واحداً؟
وإليك مثالاً يوضح ذلك: لو كان بين يدي الإنسان طريقان أحدهما ينتهى به إلى بلد كلها نظام، وأمن مستتب، وعيش رغيد، واحترام للنفوس والأعراض والأموال، فأي الطريقين يسلك؟ إنه سيسلك الطريق الثاني الذي ينتهي به إلى بلد النظام والأمن، ولا يمكن لأي عاقل أبداً أن يسلك طريق بلد الفوضى والخوف، ويحتج بالقدر، فلماذا يسلك في أمر الآخرة طريق النار دون الجنة ويحتج بالقدر؟
مثال آخر: نرى المريض يؤمر بالدواء فيشربه ونفسه لا تشتهيه، وينهى عن الطعام الذي يضره فيتركه ونفسه تشتهيه، كل ذلك طلباً للشفاء والسلامة، ولا يمكن أن يمتنع عن شرب الدواء أو يأكل الطعام الذي يضره ويحتج بالقدر فلماذا يترك الإنسان ما أمر الله ورسوله، أو يفعل ما نهى الله ورسوله ثم يحتج بالقدر؟
الخامس: أن المحتج بالقدر على ما تركه من الواجبات أو فعله من المعاصي، لو اعتدى عليه شخص فأخذ ماله أو أنتهك حرمته ثم أحتج بالقدر، وقال: لا تلمني فإن اعتدائي كان بقدر الله، لم يقبل حجته فكيف لا يقبل الإحتجاج بالقدر في اعتداء غيره عليه، ويحتج به لنفسه في إعتدائه على حق الله تعالى؟
ويذكر أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه رفع إليه سارق استحق القطع، فأمر بقطع يده فقال: مهلاً يا أمير المؤمنين، فإنما سرقت بقدر الله فقال: ونحن إنما نقطع بقدر الله.[شرح الأصول االثلاثة لابن عثيمين].
مصطفى طالب مصطفى
08-24-2015, 09:57 PM
الشرك وأنواعه
1- تعريفه:
الشرك هو: جعل شريك لله تعالى فيما هو من خصائصه سبحانه وتعالى.
والغالب الإشراك في الألوهية؛ بأن يدعو مع الله غيره، أو يَصرفَ له شيئًا من أنواع العبادة، كالذبح والنذر، والخوف والرجاء والمحبة.
2- تاريخ ظهور الشرك في البشرية:
الأصل في البشرية هو التوحيد، والانحراف عن ذلك أمر طارئ وليس أصيلاً في فطرة البشر وطبيعتهم، فقد كان آدم أبو البشر عليه السلام نبياً مؤمناًَ موحداً، وكذلك أبناؤه، ثم حدث الشرك في قوم نوح بعد عشرة قرون؛ كما قال تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} [البقرة: 213].
وقال تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} [النساء: 163].
قال ابن عباس: "كان بين آدم ونوح عليهما السلام عشرةُ قرون؛ كلهم على الإسلام".
3- الشرك الأكبر:
هو صرفُ شيء من أنواع العبادة لغير الله، كدعاء غير الله، والتقرب بالذبائح والنذور لغير الله من أهل القبور والجن والشياطين، والخوف من الموتى أو الجن أو الشياطين أن يضروه أو يُمرضوه، ورجاء غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله من قضاء الحاجات، وتفريج الكُربات، ونحو ذلك مما يُمارسُ الآن حولَ الأضرحة المبنية على قبور الأولياء والصالحين، قال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [يونس: 18].
4- الشرك الأصغر:
قسم العلماء الشرك الأصغر إلى قسمين:
القسم الأول: شرك ظاهر على اللسان والجوارح وهو: ألفاظ وأفعال، فالألفاظ كالحلف بغير الله، قال صلى الله عليه وسلم -: ((من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك)) وقول: ما شاء الله وشئت، قال صلى الله عليه وسلم: لما قال له رجل: ما شاء الله وشئت، فقال: ((أجعلتني لله نِدًّا؟! قُلْ: ما شاءَ الله وحده)). وقول: لولا الله وفلان، والصوابُ أن يُقالَ: ما شاءَ الله ثُمَّ شاء فلان؛ ولولا الله ثمَّ فلان، لأن (ثم) تفيدُ الترتيب مع التراخي، وتجعلُ مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله؛ كما قال تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير: 29].
وأما الواو: فهي لمطلق الجمع والاشتراك، لا تقتضي ترتيبًا ولا تعقيبًا؛ ومثلُه قول: ما لي إلا الله وأنت، و: هذا من بركات الله وبركاتك، ونحو ذلك.
وأما الأفعال: فمثل لبس الحروز ، ومثل تعليق التمائم خوفًا من العين وغيرها؛ إذا اعتقد أن هذه أسباب لرفع البلاء أو دفعه، فهذا شرك أصغر؛ لأن الله لم يجعل هذه أسبابًا، أما إن اعتقد أنها تدفع أو ترفع البلاء بنفسها فهذا شرك أكبر لأنه تَعلَّق بغير الله.
القسم الثاني: شرك خفي وهو الشرك في النيات، كالرياء والسمعة، كأن يعمل عملًا مما يتقرب به إلى الله؛ يريد به ثناء الناس عليه، كأن يُحسن صلاته، أو يتصدق؛ لأجل أن يُمدح ويُثنى عليه، أو يتلفظ بالذكر ويحسن صوته بالتلاوة لأجل أن يسمعه الناس، فيُثنوا عليه ويمدحوه.
والرياء إذا خالط العمل أبطله، قال الله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أخوفُ ما أخافُ عليكم الشرك الأصغر)) قالوا: يا رسول الله، وما الشرك الأصغر؟ قال: ((الرياء))[رواه أحمد، وصححه الألباني].
5- الفرق بين الشرك الأكبر والأصغر:
ثمة فروق عدة بينهما، ومن أهمها:
1- الشرك الأكبر: يُخرج من الملة، والشرك الأصغر: لا يُخرج من الملة، لكنه ينقص التوحيد.
2- الشرك الأكبرُ: يُخلَّدُ صاحبه في النار، والشرك الأصغر: لا يُخلَّد صاحبُه فيها إن دَخَلها.
3- الشركُ الأكبرُ: يحبطُ جميعَ الأعمال، والشركُ الأصغرُ: لا يُحبِطُ جميع الأعمال، وإنما يُحبِطُ العملَ الذي خالطه فقط.
الكبائر
1- تعريف الكبائر:
قسم العلماء الذنوب والمعاصي التي تقع من المسلم إلى كبائر وصغائر، قال تعال: (إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا) [النساء(31)].
والكبائر: جمع كبيرة، وهي: كل ما فيه حد في الدنيا، أو وعيد خاص في الآخرة.
والمراد بالحد في الدنيا: العقوبة المقدرة في الشرع كقطع يد السارق وجلد الزاني غير المحصن.
والمراد بالوعيد الخاص في الآخرة: الوعيد بالنار، أو اللعن، أو الغضب، أو نفي دخول الجنة، أو أن لا يجد ريحها، أو نفي الإيمان، ونحو ذلك.
والكبائر درجات متفاوتة في الإثم والعقوبة، وبعضها أشد من بعض، فأكبر الكبائر وأعظمها: الكفر والشرك بالله، فالشرك أعظم من القتل، والقتل أعظم من الزنا، والزنا أعظم من القذف، وهكذا.. فكل كبيرة تنقسم إلى كبير وأكبر، وعظيم وأعظم، وفاحش وأفحش.
وأما عددها فإنه لا حصر لها، وقدر ورد في السنة ذكر ثلاث عشرة كبيرة صراحة، وهي: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور، وقتل النفس بغير حق، والسحر، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات، واليمين الغموس، وشتم الرجل والديه، وقتل الولد، والزنا بزوجة الجار.
والصغيرة على هذا: ما ليس فيه حد في الدنيا، ولا وعيد خاص في الآخرة.
2- الفرق بين الكبائر والصغائر:
ثمة عدة فروق بينهما، ومنها:
أولا: أن الصغائر تكفر بالأعمال الصالحة، والكبائر لابد فيها من توبة.
ثانيا: أن الصغائر لا يخرج بها من دائرة العدالة إلى دائرة الفسق إلا بالإصرار عليها، والكبائر يخرج بها من دائرة العدالة إلى دائرة الفسق بمجرد الفعل.
ثالثا: أن الكبائر عذابها أشد، وأما الصغائر فإن عذابها دون ذلك.
3-حكم مرتكب الكبيرة:
مرتكب الكبيرة -غير الشرك والكفر- لا يخرج من الإسلام بكبيرته، بل هو في الدنيا مؤمن ناقص الإيمان -مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته- وهو في الآخرة تحت مشيئة الله تعالى، إن شاء الله غفر له، وإن شاء الله عذبه، وإذا عذب لا يخلد في النار، بل يخرج منها بما معه من الإيمان، وإن كان مثقال ذرة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((يخرج من النار من قال لا إله إلا الله، وفي قلبه وزن شعيرة من خير، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله، وفي قلبه وزن برة من خير، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله، وفي قلبه وزن ذرة من خير))[رواه البخاري ومسلم] والبرة: حبة القمح.
مصطفى طالب مصطفى
08-24-2015, 09:58 PM
تعريف التوحيد وفضائله
أولا: تعريف التوحيد
التوحيد في الاصطلاح: إفراد الله تعالى بما يختص به من الألوهية والربوبية والأسماء والصفات .
ثانيا: فضائل التوحيد
التوحيد له فضائل كثيرة منها:
أولا: صاحبه يحصل على الأمن في الدنيا والآخرة، فالله تعالى يدفع عن الموحدين شرور الدنيا والآخرة، ويمن عليهم بالطمأنينة والحياة الطيبة.
ثانيا: التوحيد سبب لدخول الجنة وتكفير السيئات، فعن أبي ذر رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: أتاني جبريل فبشرني أنه من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، قلت: وإن سرق، وإن زنى، قال: وإن سرق، وإن زنى" متفق عليه.
ثالثا: يمنع من الخلود في النار إذا كان في القلب منه أدنى مثقال حبة خردل، وإذا كمل في القلب يمنع من دخول النار بالكلية.
رابعا: سبب للفوز بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة.
خامسا: يحرر الإنسان من عبودية المخلوقين وخوفهم والتعلق بهم ورجائهم، فلا يخشى الموحد إلا الله سبحانه، ولا ينيب إلا إليه.
سادسا: وعد الله أهل التوحيد بالفتح والنصر في الدنيا والعز والشرف وإصلاح الأحوال قال سبحانه: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}[النور: (55)].
أقسام التوحيد
القسم الأول: توحيد الربوبية
1- تعريفه والأدلة عليه من الكتاب والسنة :
وهو إفراد الله تعالى بأفعاله، كالخلق والملك والتصرف والتدبير الجازم بأن الله تعالى رب كل شيء ومليكه، وهو مدبر العالم المتصرف فيه، وأنه خالق الخلق ورازقهم ومحييهم ومميتهم.
قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُم مِّن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الروم: 40].
وقال عز وجل:{أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ}[الطور:35-36].
أي: هل وجدوا من غير موجد ؟ أم هم أوجدوا أنفسهم ؟ أي: لا هذا ولا ذاك، بل الله هو الذي خلقهم وأنشأهم بعد أن لم يكونوا شيئاً مذكوراً.
وقال سبحانه: {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} [الأعراف: 54]، أي: له الملك وله التصرف، ولا راد لقضائه ولا معقب على حكمه، ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل.
وقال تعالى: {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طـه:50]، فهو الذي خلق الخلق وقدر القدر سبحانه وتعالى.
وهذا التوحيد هو الذي أقر به الكفار في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُون} [العنكبوت: 61]، وقوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ} [العنكبوت:63]وقوله جل شانه: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُون َ} [الزخرف: 87].
وقوله تعالى: {قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ} [يونس: (31)].
ولم يكف مشركي العرب إقرارهم بتوحيد الربوبية بل أمرهم الله بإفراده بالعبادة له سبحانه؛ لأن من كان رباً خالقاً رازقاً مالكاً وجب أن يكون إلهاً لا شريك له، وأن لا تصرف العبادة إلا إليه.
2- دلالة الفطرة والمخلوقات والعقل عليه.
الإقرار بربوبية الله عز وجل أمر فطري ضروري يحسه في نفسه البر والفاجر، وهو شعور يملأ على الإنسان أقطار نفسه، إقراراً بخالقه وتألهاً له، لا يستطيع دفعه ولا يملك رده.
وهذه الفطرة عند كثير من المفسرين هي الميثاق الذي أخذه الله بربوبيته على بني آدم قبل أن يوجدوا، وجعل منه حجة قائمة عليهم لا يسعهم جهلها أو التنكر لها اعتذاراً بتقليد الآباء والأجداد قال سبحانه: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} [الأعراف: 172-173].
والعتاة الغلاظ من أكابر الملاحدة والكافرين لم يستطيعوا دفع هذه الحقيقة عن أنفسهم، ولا جحدها بأفئدتهم، وإن جحدتها ألسنتهم ظلماً وعلواً، كما قال تعالى عن قوم فرعون {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} [النمل:14].
وعند نزول الضر بهم سرعان ما انقلبوا متضرعين منيبين إلى ربهم داعين له، قال سبحانه:{وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ }[لقمان: 32].
ومن الدلائل على توحيد الربوبية: دلالة المخلوقات، فهي آيات بينات تحرق كل شبهة، وتخرس كل كفور، وترغم كل مكابر ومعاند، فهذه المخلوقات لم تخلق من غير شيء كما أنها لم تخلق نفسها، وذلك مما استقر بالفطرة وعلم بالضرورة والبداهة، فلم يبق إلا أنها خلقت بتقدير العزيز العليم الذي خلق فسوى وقدر فهدى، قال سبحانه: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ}[الطور:35].
3- إجماع الأمم عليه
الأمم مجمعون على الإِقرار بتوحيد الربوبية. ولم يدع أحد من البشر أن للعالم صانعين متكافئين في الصفات والأفعال وحتى مشركو العرب وأهل الكتاب والمجوس{وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} [العنكبوت: 61]، قال تعالى: {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [إبراهيم: 10] فخاطبت الرسل قومهم في ذلك خطاب من لا يشك فيه، ولا يصلح الريب فيه.
القسم الثاني: توحيد الألوهية
1- تعريفه والأدلة عليه من الكتاب والسنة.
هو إفراد الله تعالى بجميع أنواع العبادة الظاهرة والباطنة قولاً وعملاً، ونفي العبادة عن كل ما سوى الله كائناً من كان، فتصرف جميع أنواع العبادة لله وحده لا شريك له، سواء كانت قلبية، كالخوف والرجاء، والتوكل، أو قولية، كالدعاء ، أو فعلية، كالصلاة والحج والصيام، فلا نخاف ولا نرجو، ولا ندعو ولا نتوكل ولا نستعيذ ولا نصلي، ولا نصوم، ولا نحج إلا لله سبحانه.
وسمي بتوحيد والألوهية؛ لأنه مبني على التأله لله وهو التعبد المصاحب للمحبة والتعظيم، ويسمى توحيد العبادة؛ لأن العبد يتعبد لله بأداء ما أمره به واجتناب ما نهاه عنه.
وقد تضافرت النصوص وتظاهرت الأدلة علـى وجـوب إفـراد الله بالألوهية، وتنوعت في دلالتها، فمن ذلك قوله سبحانه: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام 162-163].
فأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يخبر المشركين الذين يعبدون غير الله ويذبحون لغير اسمه أنه مخالف لهم، وأنه متوجه بأعماله إلى الله وحده.
وقال تعالى:{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}[الكوثر:2]، أي: أخلص صلاتك وذبحك لله وحده.
وقال تعالى مبيناً الأساس من وجود الخليقة والمقصود من إيجاد الثقلين، كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56].
وقال سبحانه آمراً بإفراد العبادة له وحده: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقـرة:21]، وقال: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [النساء:36]، وقال: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء:23].
وبين تعالى أن المقصود من بعثة الرسل وإنزال الكتب هو الدعوة إلى توحيد الله سبحانه فقال: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ } [النحل:36]، وقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25]، وقال تعالى: {يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ} [النحل: 2].
وقال تعالى مشيرا إلى عبثية دعاء غير الله، وأن الأنداد لا يملكون لأنفسهم فضلاً عما يلوذ بهم شيئا {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ * إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ }[فاطر: 13-14].
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد؟)) قال: الله ورسوله أعلم. قال: ((أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، أتدري ما حقهم عليه؟)) قال: الله ورسـوله أعلم. قال: ((أن لا يعذبهم)) أخرجه البخاري.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من مات وهـو يدعو من دون الله ندًّا دخل النار)) أخرجه البخاري.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار)) أخرجه مسلم.
2- من مقتضيات توحيد الألوهية:
- لا حلال إلا ما أحله الله ولا حرام إلا ما حرمه الله.
التحليل والتحريم حق خالص لله وحده فالحلال ما أحله الله ورسوله والحرام ما حرمه الله ورسوله، ولا يجوز لأحد كائناً من كان أن يحلل أو يحرم إلا بمقتضى ما دلَّ عليه الدليل الشرعي من الكتاب والسنة وقد قال تعالى {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النحل: 116، 117].
وقد ذكر الله الكفر الأكبر في قوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة: 31] لما سمع عدي بن حاتم الآية قَالَ: قُلْتَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ قَالَ: " أَجَلْ، وَلَكِنْ يُحِلُّونَ لَهُمْ مَا حَرَّمَ اللهُ، فَيَسْتَحِلُّونَهُ، وَيُحَرِّمُونَ عَلَيْهِمْ مَا أَحَلَّ اللهُ، فَيُحَرِّمُونَهُ، فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ لَهُمْ " صححه الألباني.
وقد وصف الله المشركين بأنهم لا يحرمون ما حرم الله ورسوله {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} [التوبة: 29] {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} [يونس: 59].
- الكتاب والسنة هي مصدر التلقي والتشريع لهذه الأمة.
الحجة القاطعة والحكم الأعلى هو الكتاب والسنة وإجماع الأمة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الحجرات: 1].
وقال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63].
وقال تعالى:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا}[الأحزاب: 36]، فإذا حكم الله ورسوله بشيء فليس لأحد مخالفته، ولا اختيار لأحد فيه ولا رأي ولا قول بل يجب على المؤمنين كافة أن يجعلوا رأيهم واختيارهم تبعا لهديه وقضائه صلى الله عليه وسلم.
وقال سبحانه: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}[النساء: 59]، فجعل رد الأمور إلى الله ورسوله مناط الإيمان بالله واليوم الآخر، فدل ذلك على أن من لم يرد الأمور المتنازع فيها إلى الله ورسوله فليس مؤمناً بالله ولا باليوم الآخر.
وتأسيساً على الإيمان بوحدة مصدر التلقي نؤمن بأن التحاكم الطوعي إلى غير ما أنزل الله نفاق لا يجتمع مع أصل الإيمان، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا}[النساء: 60].
وقال تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا}[النساء: 65].
والواجب على المسلم أن يعتقد أن ما انعقد عليه إجماع السلف فهو الحق الذي لا معدل عنه، ولا يجوز أن تفهم نصوص الوحي بمعزل عنه، قال تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا} [النساء: 115].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ)) أخرجه أبو داود والترمذي.
فاتباع سبيل المؤمنين، وما سنه الخلفاء الراشدون المهديون، وما عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هو العاصم من الانحراف والبدع والضلالات.
- إن الحكم إلا لله
من مقتضيات الإيمان الإقرار بحق التشريع لله وحده، فالحكم لله وحده، قال تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ} [يوسف: 40].
والتولي والإعراض عن تحكيم شرع الله، من مسالك المنافقين والظالمين، قال سبحانه: {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [النور: 48-50].
وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً} [النساء: 60].
- موالاة أولياء الله ومعاداة أعدائه
من كان مؤمناً بالله ورسوله وجبت موالاته، ومن كان كافراً بالله ورسوله وجبت البراءة منه أياً كان، وهذه البراءة والكراهية للكفار ليست لذواتهم وإنما لما اقترفوه من معصية الله عز وجل والكفر به، كما أن هذه البراءة لا تستوجب الظلم والجور عليهم ومنع الإحسان إلى من يستحق الإحسان منهم، قال تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } [سورة الممتحنة 8] ، ومن كان فيه إيمان وفيه فجور فله من الموالاة بحسب إيمانه ومن البراءة بحسب فجوره، ومن والى على ملة غير ملة الإسلام حاد عن التوحيد وجانبه، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّه مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[المائدة:51].
ولما نهى الله المؤمنين عن مولاة الكافرين بين لهم أن الولاية المستحق للولاية، فقال سبحانه: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}[المائدة:55].
ونهى الله عز وجل عن اتخاذ المشركين والكفار المحاربين لله ورسوله أولياء ، فقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ}[الممتحنة:1].
وبين أن من اتخذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين فقد برئ من الله وبرئ الله منه، فقال تعالى:{لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ}[آل عمران:28].
وأمرنا الله بالتأسي بإبراهيم عليه السلام والمؤمنين معه في عداوة المشركين فقال تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة:4].
وعن عمرو بن العاص قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ألا إن آل أبي - يعني فلان - ليسوا لي بأولياء، إنما وليي الله وصالح المؤمنين)) أخرجه مسلم.
القسم الثالث: توحيد الأسماء والصفات
1- تعريفه والأدلة عليه من الكتاب والسنة.
هو إفراد الله سبحانه وتعالى بما سمى الله به نفسه ووصفه به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، وذلك بإثبات ما أثبته من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل. كما جمع الله تعالى بين إثباتها ونفي التكييف عنها في كتابه في غير موضع كقوله تعالى: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [طه: 110]، وقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]، وقوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: 103].
وعن أبي بن كعب رضي الله عنه ((أن المشركين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم - يعنى لما ذكر آلهتهم - انسب لنا ربك، فأنزل الله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ - اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص: 1- 2] والصمد الذي {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص: 3]؛ لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت، وليس شيء يموت إلا سيورث، وإن الله تعالى لا يموت ولا يورث {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 4] قال: لم يكن له شبيه ولا عديل، وليس كمثله شيء. أخرجه الترمذي.
2- لا تلازم بين الاشتراك في اسم الصفة والتماثل في الموصوفات
الاشتراك في الأسماء والصفات لا يستلزم بالضرورة تماثل المسميات والموصوفات فالمعاني والأوصاف إنما تتميز بحسب ما تضاف إليه، فللذباب جسم وقوة، وللفيل جسم وقوة، وفرق بين القوتين والجسمين.
وإذا كان الاسم والصفة لا يستلزم التماثل في الحقيقة بين المخلوقات، فانتفاء التماثل في ذك بين الخالق والمخلوق من باب أولى.
فعلى سبيل المثال نجد أن الله قد أثبت العلم لنفسه، فقال سبحانه: {عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ} [البقرة:235]، وأثبت لعباده العلم في مثل قوله تعالى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: 10]، وليس علم الإنسان كعلم الله عز وجل، فقد قال الله تعالى عن نفسه، {وسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا}[طـه:98]، وخاطب بني آدم فقال: {وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} [الإسراء:85].
3- وسطية أهل السنة والجماعة في باب الأسماء والصفات.
أهل السنة والجماعة وسط في باب أسماء الله وصفاته بين أهل التعطيل الذين يلحدون في أسماء الله وصفاته ويعطلون حقائق ما نعت الله به نفسه، حتى يشبهوه بالعدم والموات، وبين أهل التمثيل الذين يضربون له الأمثال، ويشبهونه بالمخلوقات، فأهل السنة يصفون الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسله من غير تعطيل، ولا تمثيل، إثباتاً لصفات الكمال، وتنزيهاً له عن أن يكون له فيها أنداد، وأمثال، إثبات بلا تمثيل، وتنزيه بلا تعطيل.
مصطفى طالب مصطفى
08-24-2015, 10:00 PM
أمور مخالفة للتوحيد
أولاً : صرف العبادة لغير الله
يجب على المسلم أن يفرد الله تعالى بالعبادة وحده لا شريك له، وترك عبادة كل ما سواه، وأن يتبرأ من كل ما يعبد من دونه، وأن يعلم أن العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة، وأنها غاية الخضوع والتذلل، وغاية الحب والرجاء لله سبحانه وتعالى، وأنها تشمل جميع ما أمر الله أن يتقرب إليه به من جميع القربات، فيخلص المسلم تقربه بذلك إلى الله، ولا يصرف شيئا منه لغير الله كائنا ما كان، لأن صرف العبادة لغير الله تعالى نقض للتوحيد وكفر بالإيمان، وخروج عن العبودية لله تعالى، قال سبحانه: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}(سورة الأنعام 162-163) فهذا أمر من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم أن يبيّن للمشركين الذين يعبدون غير الله، ويذبحون لغيره سبحانه وتعالى، أنه بريء من عملهم، مخالف لهم في شركهم، وأنه موحد مخلص لله وحده بكل أعماله.
ولما كان المشركون يعبدون الأصنام من دون الله ويذبحون لها، أمره الله تعالى بإخلاص ذلك له، قال تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}(سورة الكوثر 2). ويبيّن الله سبحانه وتعالى عجز هذه الآلهة، وأنها لا تملك لنفسها ضرا ولا نفعا، وأنها لا تستطيع أن تفعل شيئا لنفسها، فكيف يعقل أن تعبد من دون الله! قال تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا}(سورة الفرقان 3). وقال تعالى: {قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً}(سورة الإسراء 56). فإذا كانت هذه الآلهة لا تملك أن تكشف الضر عن عابديها، فكيف تستحق أن تعبد من دون الله؟
وقد ذم الله سبحانه وتعالى من أحب من دونه شيئا غيره كما يحبه سبحانه وتعالى فقال سبحانه: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ}(سورة البقرة 165). فهذا تنديد للذين يشركون في المحبة مع الله تعالى غيره، وعدم إخلاصها له كمحبة المؤمنين.
وأما الشرك فقد كان أساسه وأصله الغلو في الصالحين فالأصنام التي عبدها قوم نوح في العرب وكانت في أصلها صور رجال صالحين فلم يزل الشيطان بأوليائه حتى زين لهم عبادتها من دون الله قال تعالى {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا}(سورة نوح 23). وفي البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما، ((صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد أما ود كانت لكلب بدومة الجندل، وأما سواع كانت لهذيل، وأما يغوث فكانت لمراد، ثم لبني غطيف بالجوف، عند سبإ، وأما يعوق فكانت لهمدان، وأما نسر فكانت لحمير لآل ذي الكلاع، أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم، أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا وسموها بأسمائهم، ففعلوا، فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم عبدت)) ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغلو فقال: ((لا تطروني، كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا عبد الله، ورسوله))[متفق عليه]. وقال صلى الله عليه وسلم ((وإياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين))[رواه ابن ماجه وصححه الألباني].
أمور مخالفة للتوحيد
ثانياً : التبرك
1- تعريف التبرك:
التّبرُّك: هو طلب البركة، وأصل البركة: الثبوت واللزوم، وتطلق على النماء والزيادة، والتبرك هو: طلب الخير الكثير وثباته ولزومه.
2-أنواع التبرك:
اعلم أخي المسلم أن البركة لا تكون إلا من الله تعالى وهو الذي يعطي البركة من يشاء ويضعها حيث شاء سبحانه وتعالى وقد خص الله بها بعض الأمور فوضع فيها البركة وجعل فيها الخير والفضل قال سبحانه: {وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَقَ}(سورة الصافات 113). وقال: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ}(سورة مريم 31). فالذي يبارك هو الله - جل وعلا -، وقد دلت النصوص في الكتاب والسنة على أن الأشياء التي أحل الله - جل وعلا - البركة فيها قد تكون أمكنة أو أزمنة؛ وقد تكون مخلوقات آدمية وقد تكون أعمال أو أقوال ومنها:
البركة في الأمكنة: أي أن الله - تعالى - بارك بعض الأماكن كبيت الله الحرام، وحول بيت المقدس، كما قال سبحانه: {الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ}(سورة الإسراء 1). ومعنى كون الأرض مباركة: أن يكون فيها الخير الكثير كذلك بيت الله الحرام هو مبارك لا من جهة ذاته، يعني: ليس كما يعتقد البعض أن من تمسح به انتقلت إليه البركة وإنما هو مبارك من جهة المعنى، يعني: اجتمعت فيه البركة التي جعلها الله في الكعبة ، من جهة: تعلق القلوب بها، وكثرة الخير الذي يكون لمن أرادها، وأتاها، وطاف بها، وتعبد عندها، وكذلك الحجر الأسود هو حجر مبارك، ولكن بركته لأجل العبادة، يعني أن من استلمه تعبدا مطيعا للنبي صلى الله عليه وسلم في استلامه له، وفي تقبيله، فإنه يناله به بركة الاتباع، وقد قال عمر رضي الله عنه لما قبّل الحجر: "إني لأعلم أنك حجر لا تنفع ولا تضر، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك"[رواه أحمد]. فقوله: لا تنفع ولا تضر، يعني لا يجلب لمن قبله شيئا من النفع، ولا يدفع عن أحد شيئا من الضر، وإنما الحامل على التقبيل مجرد الاقتداء برسول الله، تعبدا لله، فهذا معنى البركة التي جعلت في الأمكنة.
البركة في الأزمنة: ومعنى كون الزمان مباركا - مثل شهر رمضان، وليلة القدر فيه، ويوم عرفة ويوم الجمعة والثلث الأخير من الليل وغيرها من الأزمنة فيعني: أن من تعبد فيها، ورام الخير فيها، فإنه ينال من كثرة الثواب ما لا يناله في غيرها من الأزمنة.
البركة في الأشخاص: وهي البركة التي جعلها الله - جل وعلا - في الأنبياء والرسل فهؤلاء بركتهم بركة ذاتية، يعني: أن أجسامهم مباركة، بمعنى: أنه لو تبرك أحد من أقوامهم بأجسادهم، إما بالتمسح بها، أو بأخذ عرقها، أو التبرك ببعض أشعارهم، فهذا جائز؛ لأن الله جعل أجسادهم مباركة بركة متعدية، وهكذا نبينا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم جسده أيضا جسد مبارك؛ ولهذا ورد في السنة أن الصحابة كانوا يتبركون بعرقه، ويتبركون بشعره، وإذا توضأ اقتتلوا على وضوئه، إلى آخر ما ورد في ذلك؛ وذلك لأن أجساد الأنبياء فيها بركة ذاتية ينتقل أثرها إلى غيرهم، وهذا مخصوص بالأنبياء والرسل، في حال حياتهم.
أما غيرهم فلم يرد دليل على أن من أصحاب الأنبياء والرسل والصالحين مَن بركتهم بركة ذاتية، إنما هذه البركة راجعة إلى الإيمان، وإلى العلم، والدعوة، والعمل، فكل مسلم فيه بركة، وهذه البركة ليست بركة ذات، وإنما هي بركة عمل، وبركة ما معه من الإسلام والإيمان، وما في قلبه من اليقين والتعظيم لله - جل وعلا - والإجلال له، والاتباع لرسوله صلى الله عليه وسلم، فهذه البركة التي في العلم، أو العمل، أو الصلاح: لا تنتقل من شخص إلى آخر وعليه فيكون معنى التبرك بأهل الصلاح هو الاقتداء بهم في صلاحهم، والتبرك بأهل العلم هو الأخذ من علمهم والاستفادة منه وهكذا، ولا يجوز أن يُتبرك بهم بمعنى أن يُتمسح بهم، أو يُتبرك بريقهم؛ لأن أفضل الخلق من هذه الأمة وهم الصحابة لم يفعلوا ذلك مع خير هذه الأمة أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وهذا أمر مقطوع به.
3- حكم التبرك الممنوع:
إن التبرك من الأمور التعبدية التي لا بد للمسلم أن يرجع فيها إلى دليل شرعي من الكتاب والسنة وذلك لأن التبرك عبادة والعبادة مبناها على الاتباع فالتبرك بالأشجار، أو بالأحجار أو ببعض القبور، أو ببقاع مختلفة، أو نوع معين من أنواع التراب أو بعض الجبال والكهوف أو بالأولياء والصالحين والتمسح بها أو أخذ شيء من آثارها من غير دليل شرعي محرم، وتارة يكون مثل هذا الفعل شركاً أكبر وتارة شركاً أصغر:
فيكون شركا أكبر: إذا طلب بركتها، معتقدا أنه بتمسحه بهذا الشجر، أو الحجر أو القبر، أو تمرغه عليه، أو التصاقه به يحصل له ما تبرك لأجله ، وأن هؤلاء الذين يتبرك بهم بيدهم الضر والنفع ، فيتخذهم وسائط له عند الله وقد قال سبحانه: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}(سورة الزمر 3).
ويكون شركا أصغر: إذا كان يتخذ هذا التبرك بنثر التراب عليه، أو إلصاق الجسم به، أو التبرك بعين ماء ونحوها سباباً لحصول البركة كما يفعل لابس التميمة، أو الحرز أو الحلقة، أو الخيط؛ فكذلك هذا المتبرك، يجعل تلك الأشياء أسبابا مع اعتقاده أن الضار والنافع هو الله عز وجل فإذا أخذ - مَن هذه حاله - تراب القبر، ونثره عليه لاعتقاده أن هذا التراب مبارك، وإذا لامس جسمه فإن جسمه يتبارك به أي: من جهة السببية: فهذا شرك أصغر؛ لأنه لا يكون عبادة لغير الله - جل وعلا - وإنما اعتقد ما ليس سببا مأذونا به شرعا سببا.
أمور مخالفة للتوحيد
ثالثاً : السحر
1- تعريف السحر:
السحر: عبارة عن عقد ينفث فيها، ورقي شركية يتكلم بها، أو يكتبها، أو يعمل شيئا يؤثر في بدن المسحور، أو قلبه، أو عقله، من غير مباشرة له.
2- أقسام السحر وحكمه:
1- شرك أكبر: وهو الذي يكون بواسطة الجن والشياطين يعبدهم ويتقرب إليهم ويسجد لهم ليسلطهم على المسحور.
وحكم من صنع ذلك أنه كافر يقتل ردة.
2- فسق: وهو الذي يكون بواسطة الأدوية والعقاقير، ونحوها، ومن ذلك أيضا خفة اليد، والتلاعب على الأعين.
فيصنع ذلك فإنه لا يكفر، ولكنه يعد فاسقا عاصيا، ويقتل من باب دفع الصائل إذا رأى ذلك ولي الأمر ذلك.
3- حكم الذهاب إلى السحرة:
الذهاب إلى السحرة لا يخرج عن أحد أمرين:
1- أن يطلب علاج مريض من الساحر.
2- أن يقصده لعمل سحر بقصد إلحاق الأذى بغيره، أو تقريب حبيب، أو البحث عن شيء مفقود.
وأيا كان السبب، فالذهاب إليهم محرم في دين الله؛ لما روى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: ((من أتى عرافا أو ساحرا أو كاهنا؛ فصدق بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم))[رواه أبو يعلى وصححه الألباني].
وعن عمران بن حصين رضي الله عن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس منا من تَطير أو تُطير له، أو تَكهن أو تُكهن له، أو سَحر أو سُحر له، ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم))[رواه البزار بإسناد جيد، وصححه الألباني].
وعن جابر رضي الله عنه قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن النشرة، فقال: ((من عمل الشيطان))[واه أحمد وأبو داود وصححه الألباني].
قال الحسن: "النشرة من السحر" والنشرة هي: حل السحر عن المسحور.
وبالإضافة إلى النهي الصريح عن الذهاب إلى السحرة؛ فإن الذهاب إليهم للأغراض السابقة فيه تعلق بغير الله تعالى الذي بيده النفع والضر، وفيه إقرار للسحرة على فعلهم، وما يمارسونه من كفر، وهذا لا ينبغي أن يكون من مسلم يؤمن بالله تعالى.
أمور مخالفة للتوحيد
رابعاً : الكهانة والعرافة
1- تعريفها
الكهانة: هي الإخبار عن الأمور المغيبة في المستقبل.
العرافة: هي ادعاء علم المغيبات من الأمور الماضية أو الحاضرة – مثل ادعاء علمه بمكان المسروق، أو الضاله ونحوها- بطرق خفية .
2- حكم الكهانة والعرافة
الكهانة والعرافة محرمة، وهي باب من أبواب الكفر بالله سبحانه، ونوع من أنواع السحر، وادعاء لعلم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، وفتح لباب الخرافة والدجل والتعلق بغير الله سبحانه. فلا يجوز للمسلم أن يتعلمها ولا يمارسها، أو يذهب إلى أهلها.
والكهان والعراف من الطواغيت وهم أولياء الشياطين الذين يوحون إليهم كما قال تعالى: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ} [الأنعام: 121].
وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم خطورة خطورة إتيان الكهنة والعرافين على إيمان العبد، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد)) أخرجه أحمد والحاكم.
وعن صفية عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((من أتى عرافا فسأله عن شيء، لم تقبل منه صلاة أربعين يوما)) أخرجه مسلم.
3- أعمال وصور تدخل في الكهانة والعرافة
- قراءة الكف والفنجان، وهي ادعاء معرفة صفات الشخص من خلال النظر إلى خطوط كفه، أو تعرجات أثر القهوة على جدار الفنجان.
- تحضير أرواح الموتى، وهي ادعاء استحضار أرواح الموتى ومناجاتهم، والاستعانة بهم في علاج المرضى وكشف المغيبات والتنبؤ بالمستقبل.
- الضرب بالودع، وهو استعمال الأصداف وتحريكها بشكل عشوائي لمعرفة الطالع والمستقبل.
- الخط على الرمل، وهو ادعاء معرفة المستقبل لشخص ما من خلال قراءة ما يرسمه المنجم من خطوط على الرمل.
أمور مخالفة للتوحيد
خامساً : التمائم والحجب
1- تعريف التمائم:
التمائم في اللغة: جمع تميمة، وهي في الأصل خرزة كانت تعلق على الأطفال، يتقون بها من العين ونحوها، وكأن العرب سموها بهذا الاسم لأنهم يريدون أنها تمام الدواء والشفاء المطلوب.
وفي الاصطلاح: هي كل ما يعلق على المرضى، أو الأطفال، أو البهائم، أو غيرها من تعاويذ لدفع البلاء، أو رفعه.
2- حكم التمائم وأنواعها:
يختلف حكم تعليق التمائم، بحسب ما تشتمل عليه، وكذلك يختلف الحكم لتفاوتها في أسبابها وغاياتها واعتقاد معلِّقها بها، وعليه فإن التمائم أنواع مختلفة، وبالتالي يختلف الحكم الشرعي من نوعٍ لآخر، وهي كالآتي:
النوع الأول: تمائم تشتمل على الاستغاثة بالشياطين، أو غيرهم من المخلوقين، فهذا شرك أكبر، يخرج من الملة، ويُخَلَّد في النار، فالاستغاثة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله شركٌ، قال الله تعالى: {قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} [الزمر : 38].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من علَّق تميمة فقد أشرك))[رواه أحمد والحاكم وصححه الألباني].
وفي الحديث الصحيح أيضاً: ((مَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إِلَيْهِ))[رواه الترمذي وصححه الألباني] أي وكله اللّه إلى ذلك الشيء الذي تعلقه وخذله، ويا لخسارته، فإن التميمة لا تسمن ولا تغني من جوعٍ، ولا تملك له من دون، ضرّاً ولا نفعاً.
النوع الثاني: تمائم فيها رسوم وأشكال وطلاسم، وأسماء وألفاظ، لا يعقل معناها، فهذه محرمة؛ وهي من الشرك الأصغر.
النوع الثالث: أما التعاليق التي فيها قرآن، أو أحاديث نبوية، أو أدعية مأثورة، أو مشروعة، فهذه اختلف العلماء فيها، فرخَّص فيه بعض السلف، وبعضهم يمنعه، منهم ابن مسعود رضي الله عنه؛ لأنه داخل في عموم النهي، وصيانَةً للقرآن من استعماله في غير ما شرع الله سبحانه.
والأحوط عدم تعليقها لعدة أمور، أهمها:
1 - أن الأحاديث جاءت عامة في النهي عن التمائم، ولم يأت حديث واحد في استثناء شيء منها.
2 – أن تعليق التمائم من القرآن والأدعية والأذكار المشروعة نوع من الاستعاذة والدعاء، فهي على هذا عبادة من العبادات، وهي بهذه الصفة لم ترد في القرآن ولا في السنة، والأصل في العبادات التوقيف، فلا يجوز إحداث عبادة لا دليل عليها.
3 - أن في تعليقها تعريضا للقرآن وكلام الله تعالى وعموم الأذكار الشرعية للإهانة، إذ قد يدخل بالتميمة أماكن الخلاء، وقد ينام عليها الأطفال أو غيرهم، وقد تصيبها بعض النجاسات، وفي منع تعليقها صيانة للقرآن ولذكر الله تعالى عن الإهانة.
النوع الرابع: تعليق الخرزة والحلقة والخيط والخاتم ونحوه لرفع البلاء أو دفعه، وهذا النوع سنتناول حكمه بشيءٍ من التفصيل؛ إذ يتوقف فهمه على معرفة أحكام الأسباب، وخلاصة القول فيها –كما بيَّن العلماء– أنه يجب على العبد أن يعرف في الأسباب ثلاثة أمور:
أحدها: أن لا يجعل منها سبباً إلا ما ثبت أنه سبب شرعاً، أو قدراً.
ثانيها: أن لا يعتمد العبد عليها، بل يعتمد على مسببها ومقدرها سبحانه، مع قيامه بالمشروع منها.
ثالثها: أن يعلم أن الأسباب مهما عظمت وقويت، فإنها مرتبطة بقضاء الله وقدره لا خروج لها عنه، والله تعالى يتصرف فيها كيف يشاء.
فإذا فهمت ذلك فاعلم أن من لبس الحلقة أو الخيط أو نحوهما؛ قاصداً أنها تدفع البلاء او ترفعه بذاتها فهي الضارة النافعة فقد أشرك شركاً أكبر، حيث اعتقد شريكاً مع الله في الخلق والتدبير والتأثير، وهذا شرك في الربوبية، وهو شركٌ في الألوهية أيضاً من حيث تَألُّه تلك التميمة، وتعلُّق قلبه بها؛ طمعاً ورجاءً لنفعها.
وإن اعتقد أن الله هو النافع الضارُّ وحده ولكن اعتقدها سبباً، يُستدفع بها البلاء، فقد جعل ما ليس سبباً شرعياً، ولا قدرياً سبباً، وهذا من الشرك الأصغر، وهو محرمٌ وكذبٌ على القدر وعلى الشرع، بل الشرع ينهى عن ذلك أشد النهي، كما أنه نقصٌ في العقل، حيث تعلق بغير متعلق ولا نافع بوجه من الوجوه، بل هو ضررٌ محضٌ.
أمور مخالفة للتوحيد
سادساً : التطير والتشاؤم
1- تعريف التطير:
هو أن يتشاءم الإنسان بما يكره مما رآه، أو سمعه؛ كالتشاؤم بصوت الغراب، أو رؤية البومة.
2- صور من التطير والتشاؤم:
تتعدد صور التطير والتشاؤم عند الناس؛ ومن ذلك: التشاؤم من رؤية الأعور، أو الغراب والبومة، أو القط الأسود، أو وقوع حادث، أو التشاؤم من شهر معين، أو يوم معين، أو التشاؤم من عدد معين، أو التشاؤم من اضطراب عينه، أو غير ذلك.
3- حكم التطير:
التطير ينافي التوحيد؛ من وجهين:
أولا: أن المتطير قطع توكله على الله، واعتمد على غير الله، وقد عد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك من الشرك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الطيرة شرك، الطيرة شرك)) [رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني].
ثانيا: أنه تعلق بأمر لا حقيقة له، بل هو وهم وتخييل، ومن تعلق بغير الله وكله الله إليه..
والمتطير لا يخلو حاله من حالين:
الأول: أن يحجم ويستجيب لهذه الطيرة، ويدع العمل، وهذا من أعظم التطير والتشاؤم؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((من ردته الطيرة من حاجة فقد أشرك)[رواه أحمد، وصححه الألباني].
الثاني: أن يمضي في مراده، ولكنه في قلق وهم وغم يخشى من تأثير ما تطير به، فهذا أيضا من التشاؤم، لكنه أخف من الأول.
4- علاج التطير والتشاؤم:
إذا وقع في قلب الإنسان شيء من التطير؛ فكفارة ذلك أن يدعو بهذا الدعاء: ((اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك)) [رواه أحمد، وحسنه محققو المسند].
ثم يعتمد على الله، ويحقق التوكل عليه سبحانه، ويعزم على ما أراد؛ قال ابن مسعود رضي الله عنه: ((وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل))[رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة، وصححه الألباني].
أمور مخالفة للتوحيد
سابعاً : التشبه بالكفار
جاء التشريع بتحريم تشبه المسلمين بالكفار، سواء في عباداتهم، أو أعيادهم، أو أزيائهم الخاصة بهم، وهذه قاعدة عظيمة في الشريعة الإسلامية، خرج عنها اليوم - مع الأسف - كثير من المسلمين، جهلاً بدينهم، أو اتباعاً لأهوائهم، أو انجرافاً مع العادات والتقاليد المخالفة للشرع.
ومن العجيب أن هذا الأصل ـ الذي يجهله كثير من المسلمين اليوم ـ قد عرفه اليهود الذين كانوا في المدينة مع النبي صلى الله عليه وسلم، عرفوا أنه صلى الله عليه وسلم يريد أن يخالفهم في كل شؤونهم الخاصة بهم، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه: ((أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها، ولم يجامعوهن في البيوت، فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} إلى آخر الآية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اصنعوا كل شيء إلا النكاح، فبلغ ذلك اليهود، فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه))[رواه مسلم].
ولذلك يحرم التشبه بالكفار فيما هو من خصائصهم، الدينية والدنيوية؛ لما ورد في الآيات والأحاديث من النهي عن ذلك فعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من تشبه بقوم فهو منهم)).[رواه أبو داود وصححه الألباني]. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وهذا الحديث أقل أحواله أنه يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبِّه بهم، كما في قوله: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} فقد يحمل هذا على التشبه المطلق فإنه يوجب الكفر ، ويقتضي تحريم أبعاض ذلك ، وقد يحمل على أنه صار منهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه ، فإن كان كفراً أو معصية أو شعاراً للكفر أو للمعصية كان حكمه كذلك، وبكل حال، فهو يقتضي تحريم التشبه بهم بعلة كونه تشبهاً أي: تحريم التشبه بهم من أجل أنه تشبه، لا لسبب آخر"
وقول الله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ}(الحديد: 16). قال شيخ الإسلام رحمه الله: "فقوله: {وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} نهي مطلق عن مشابهتهم، وهو خاص أيضاً في النهي عن مشابهتهم في قسوة قلوبهم، وقسوة القلوب من ثمرات المعاصي". وقال ابن كثير رحمه الله عند تفسير هذه الآية: "ولهذا نهى الله المؤمنين أن يتشبهوا بهم في شيء من الأمور الأصلية والفرعية ". وعن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خالفوا اليهود، فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم))[رواه أبو داود وصححه الألباني]. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم علي ثوبين معصفرين، فقال: ((إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها))[رواه مسلم]. وقد علَّل الرسول صلى الله عليه وسلم النهي عن لبس هذه الثياب بأنها من لباس الكفار، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خالفوا المشركين، أحفوا الشوارب، وأوفوا اللحى))[رواه مسلم]. فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بمخالفة المشركين أمراً مطلقاً، ثم ذكر من ذلك: قص الشوارب، وإعفاء اللحي.
وقد أوجب الشرع الحنيف مخالفة الكافرين، وترك التشبه بهم فيما هو من خصائصهم، والتشبه يكون فيما يظهر ومن ذلك لبس الثياب التي هي علامة عليهم، والتكلم كطريقة كلامهم والتحدث بلغتهم بغير حاجة وقصات شعورهم ومشاركتهم أفراحهم وأحزانهم وتهنئتهم بأعيادهم ومشاركتهم في ذلك وغيرها.
والتشبه بالكفار وتقليدهم من أعظم ما يُحدث البدع بين المسلمين، ومما يدل على ذلك حديث أبي واقد الليثي - رضي الله عنه - قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى حنين، ونحن حديثو عهدٍ بكفر، وكانوا أسلموا يوم الفتح، قال: فمررنا بشجرة فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط؟ وكان للكفار سدرة يعكفون حولها، ويعلِّقون بها أسلحتهم، يدعونها ذات أنواط، فلما قلنا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الله أكبر قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: {اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} لتركبنَّ سنن من كان قبلكم))[اللفظ لابن أبي عاصم في السنة ورواه الترمذي بلفظ آخر وصححه الألباني]. وهذا الحديث فيه دلالة واضحة على أن التشبه بالكفار هو الذي حمل بني إسرائيل على أن يطلبوا هذا الطلب القبيح، وهو الذي حمل أصحاب النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - على أن يسألوه أن يجعل لهم شجرة يتبَّركون بها من دون الله - عز وجل -، وهكذا غالب الناس من المسلمين، قلّدوا الكفار في عمل البدع والشركيات، كأعياد المواليد، وبدع الجنائز، والبناء على القبور، ولا شك أن اتباع السَّنَن باب من أبواب الأهواء، والبدع، ويزيد ذلك وضوحاً حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((لتتبعن سنن من كان قبلكم: شِبراً بشبرٍ، وذراعاً بذراعٍ، حتى لو دخلوا جحر ضبٍّ تبعتموهم)) قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: ((فمن))؟[رواه البخاري]. قال الإمام النووي رحمه الله: " السَّنَن، بفتح السين والنون: وهو الطريق، والمراد بالشبر، والذراع، وجحر الضب: التمثيل بشدّة الموافقة في المعاصي والمخالفات، لا في الكفر، وفي هذا معجزة ظاهرة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -،فقد وقع ما أخبر به - صلى الله عليه وسلم –". فظهر أن الشبر، والذراع، والطريق، ودخول الجحر تمثيل للاقتداء بهم في كل شيء مما نهى الشرع عنه وذمّه، وقد حذّر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن التشبّه بغير أهل الإسلام، فقال: ((ومن تشبّه بقوم فهو منهم))[رواه أحمد وصححه الألباني].
والخلاصة: أن الأصل أن حكم التشبه بالكفار فيما هو من خصائصهم الدينية أو الدنيوية هو التحريم، وهناك حالات معينة قد تجعل المسلم يشارك الكفار في الهدي الظاهر، فلو أن المسلم بدار الحرب أو دار كفر غير حرب لم يكن مأموراً بالمخالفة لهم في الهدي الظاهر لما عليه في ذلك من الضرر بل يُباح للرجل وقد يستحب ذلك أو يجب أن يشاركهم أحياناً في هديهم الظاهر إذا كان في ذلك مصلحة دينية من دعوتهم إلى الدين والاطلاع على باطن أمرهم لإخبار المسلمين بذلك أو دفع ضررهم عن المسلمين ونحو ذلك من المقاصد الصالحة أما في دار الإسلام فيجب فيها المخالفة.
مصطفى طالب مصطفى
08-24-2015, 10:04 PM
1 - تعريف الطهارة
معنى الطهارة في اللغة: النظافة والنزاهة عن الأقذار والأوساخ، سواء كانت حسِّية، أو معنوية.
وفي الاصطلاح: ارتفاع الحدث وما في معناه ( والحدث وصف قائم بالبدن يمنع من الصلاة ونحوها مما تشترط له الطهارة ) ، وزوال الخبث (والخبث هو النجاسة ) في الثوب والمكان والبدن.
والحدث نوعان: حدث أصغر يوجب الوضوء، كخروج الريح، وحدث أكبر يوجب الغسل، كخروج المني بشهوة.
2 - أقسام المياه
القسم الأول: الماء الطهور.
وهو الماء المطلق الباقي على خلقته، سواء نبع من الأرض، أو نزل من السماء، كماء البحار والأنهار والآبار والأمطار.
وهو طاهر في نفسه مطهر لغيره، قال تعالى: {وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان:48]، وقال: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ} [الأنفال:11].
وقال صلى الله عليه وسلم عن ماء البحر: ((هو الطهور ماؤه الحل ميتته)) أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة.
القسم الثاني: الماء النجس.
وهو ما وقعت فيه نجاسة فتغيرت أحد أوصافه الثلاثة: طعمه، أو لونه، أو ريحه.
3 - أحكام الأنية
تعريف الآنية: الآنية هي الأوعية التي يحفظ فيها الماء وغيره، والأصل فيها الإباحة، لقوله سبحانه: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً}[البقرة: 29]. شروط الآنية:
يشترط في الآنية ثلاثة شروط:
الأول: أن لا يكون منهيا عن استعمالها، فلا يجوز استعمال آنية الذهب والفضة، والمطلي بمائهما في الطهارة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها؛ فإنها لهم في الدنيا ولنا في الآخرة)) متفق عليه.
الثاني: أن تكون طاهرة، فلا يجوز استعمال الآنية المصنوعة من جلد الخنزير أو الكلب في الطهارة؛ لأنهما لا يطهران بالذكاة ولا بالدبغ.
ولا يجوز استعمال الآنية المصنوعة من جلد الميتة، إلا إذا كانت لحيوان مأكول اللحم ودبغ جلده؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا دبغ الإهاب فقد طهر)) أخرجه مسلم.
الثالث: ألا تكون مغصوبة أو مسروقة، فلا يباح التطهر بالآنية المغصوبة، ولا التي لم يأذن مالكها في استعمالها، فإن تطهر بها صحت طهارة مع الإثم
آنية الكفار
الأصل في آنية الكفار الطهارة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ من مزادة- وهي نوع من الأواني- امرأة مشركة. أخرجه البخاري.
أما إذا عُلم عن الكفار استعمالهم الآنية في النجاسات، فإنه يجب غسلها قبل استعمالها؛ لما رواه أبو ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، إنا بأرض قوم أهل كتاب، أفنأكل في آنيتهم ؟ قال:(( إن وجدتم غير آنيتهم فلا تأكلوا فيها، وإن لم تجدوا فاغسلوها ثم كلوا فيها)) متفق عليه.
4 - أداب الخلاء
1- أن يقدم رجله اليسرى عند دخول الخلاء ويقول: (بسم الله اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث) ويقدم رجله اليمنى عند الخروج من الخلاء، ويقول : (غفرانك).
2- لا يستقبل القبلة عند البول والغائط في الفضاء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا جلس أحدكم على حاجته فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها)). أخرجه مسلم ، والأولى أيضا عدم استقبالها في البنيان .
3- لا يمس ذكَرَه بيمينه وهو يبول لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا بال أحدكم فلا يأخذن ذكره بيمينه ولا يستنجي بيمينه، ولا يتنفس في الإناء)) أخرجه البخاري.
4- أن لا يزيل النجاسة بيمينه بل يستخدم شماله لمباشرة النجاسة في إزالتها، لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا تمسح أحدكم فلا يتمسح بيمينه)) أخرجه البخاري.
5- أن يستتر عن أعين الناس عند قضاء الحاجة ، وإذا كان الإنسان في الفضاء وأراد قضاء حاجة ولم يجد شيئا يستره فليبتعد عمن حوله من الناس لما رواه المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: ((كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأتى النبي صلى الله عليه وسلم حاجته فأبعد في المذهب)) أخرجه الترمذي.
6- أن لا يكشف العورة إن كان في الفضاء إلا بعد أن يدنو من الأرض لأنّه أستر لما رواه أَنس رضي الله عنه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد الحاجة لم يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض)) أخرجه الترمذي وصححه الألباني.
7- الاعتناء بإزالة النجاسة بعد الفراغ من قضاء الحاجة لقوله صلى الله عليه وسلم محذّرا من التساهل في التطهّر من البول: ((أكثر عذاب القبر من البول)) أخرجه ابن ماجة وصححه الألباني.
8- أن لا يبول في الماء الراكد، لما رواه جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يبال في الماء الراكد. أخرجه مسلم.
9- أن لا يبول في طريق الناس ولا في ظل يستظل به النّاس؛ لأن في ذلك إيذاء لهم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا اللاعنين، قالوا وما اللاعنان يا رسول الله، قال الذي يتخلى في طريق الناس أو ظلهم)) أخرجه أبو داود وصححه الألباني.
10- أن لا يدخل معه حال قضاء الحاجة شيئاً فيه ذكر الله عز وجل.
11- لا يسلّم على من يقضي حاجته ولا يرد السلام وهو في مكان قضاء الحاجة تنزيهاً لله أن يُذكر اسمه في الأماكن المستقذرة، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رجلاً مر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رأيتني على مثل هذه الحالة فلا تسلم علي فإنك أن فعلت ذلك لم أرد عليك. أخرجه ابن ماجة، وصححه الألباني.
5 - أحكام الوضوء
1 - حكم الوضوء
يجب الوضوء للصلاة فرضاً كانت أو نفلاً:
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ}(سورة المائدة 6). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ)) [رواه البخاري]، ولفظ مسلم: ((لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)).
يجب الوضوء للطواف بالبيت .. ومس المصحف .. وتلاوة القرآن .. وذكر الله .. وعند النوم.
بل يسن الوضوء على الدوام؛ لما فيه من إجلال الله: عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال: ((يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام، فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة)) قال: ما عملت عملاً أرجى عندي: أني لم أتطهر طهوراً، في ساعة ليل أو نهار، إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي.[متفق عليه واللفظ للبخاري].
2 - فضل الوضوء
ورد في فضل الوضوء أحاديث كثيرة منها:
عن عبد الله الصنابجي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا توضأ العبد فمضمض خرجت الخطايا من فيه، فإذا استنشر خرجت الخطايا من أنفه، فإذا غسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه حتى تخرج من تحت أشفار عينيه، فإذا غسل يديه خرجت الخطايا من يديه حتى تخرج من تحت أظافر يديه، فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه، فإذا غسل رجليه خرجت الخطايا من رجليه حتى تخرج من تحت أظافر رجليه، ثم كان مشيه إلى المسجد وصلاته نافلة)) رواه مالك والنسائي وابن ماجه والحاكم. [رواه الحاكم وصححه الألباني]. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات. قالوا: بلى يا رسول الله، قال: (إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط)) رواه مالك ومسلم والترمذي والنسائي. [رواه مسلم].
3 - فروض الوضوء
فروض الوضوء ستة:
الأول: غسل الوجه والفم والأنف منه.
الثاني: غسل اليدين إلى المرفقين.
الثالث: مسح الرأس ومنه الأذنان.
الرابع: غسل الرجلين.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}(سورة المائدة: 6).
الخامس: الترتيب لأن الله جل شأنه ذكره مرتباً وأدخل ممسوحاً بين مغسولين.
السادس: الموالاة لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك.
4 - سنن الوضوء
هناك أفعال يستحب فعلها عند الوضوء ويؤجر عليها من فعلها، ومن تركها فلا حرج عليه، وتسمى هذه الأفعال بسنن الوضوء، وهي:
1 - التسمية في أوله: لقوله صلى اللّه عليه وسلم: ((لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه)).[رواه أبو داود وصححه الألباني].
2 - السواك: لقوله صلى اللّه عليه وسلم: ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء)). [رواه الطبراني في الأوسط وصححه الألباني].
3 - غسل الكفين ثلاثاً في أول الوضوء: لفعله صلى اللّه عليه وسلم ذلك، إذ كان يغسل كفيه ثلاثاً كما ورد في صفة وضوئه.
4 - المبالغة في المضمضة والاستنشاق لغير الصائم لقوله صلى اللّه عليه وسلم: ((وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً))[رواه أبو داود وصححه الألباني].
5 - الدلك، وتخليل اللحية الكثيفة بالماء حتى يدخل الماء في داخلها: لفعله صلى اللّه عليه وسلم، فإنه كان إذا توضأ يدلك ذراعيه[رواه الحاكم وصححه الألباني]. وكذلك كان يدخل الماء تحت حنكه ويخلل به لحيته[رواه أبو داود وصححه الألباني].
6 - تقديم اليمنى على اليسرى في اليدين والرجلين: لفعله صلى اللّه عليه وسلم، فإنه كان يحب التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله [متفق عليه].
7 - تثليث الغسل في الوجه واليدين والرجلين: فالواجب مرة واحدة، ويستحب ثلاثاً، لفعله صلى اللّه عليه وسلم فقد ثبت عنه: أنه توضأ مرة مرة ومرتين مرتين وثلاثاً ثلاثاً [رواه البخاري].
8 - الذكر الوارد بعد الوضوء: لقوله صلى اللّه عليه وسلم: ((ما منكم أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء)).[رواه مسلم].
5 - صفة الوضوء
1 - أن ينوي الوضوء.
2 - ثم يغسل كفيه بالماء ثلاث مرات.
3 - ثم يتمضمض ويستنشق بغرفة واحدة، نصف الغرفة لفمه والنصف الآخر لأنفه، يفعل ذلك ثلاث مرات.
4 - ثم يغسل وجهه من منابت شعر الرأس إلى ما انحدر من اللحيين طولاً، ومن الأذن إلى الأذن عرضاً، يفعل ذلك ثلاث مرات.
5 - ثم يغسل يده اليمنى من أطراف الأصابع إلى المرفق ثلاث مرات، ثم اليسرى كذلك.
6 - ثم يبلل يديه بالماء، ويمسح بهما رأسه، يبدأ من مُقَدَّمه إلى أن يصل قفاه، ثم يعيدهما إلى مُقَدَّمه مرة أخرى، يفعل ذلك مرة واحدة.
7 - ثم يغسل رجله اليمنى مع الكعب ثلاث مرات، ثم الرجل اليسرى كذلك، ويسبغ الوضوء في مواضعه. عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجله، وطهوره، وفي شأنه كله. متفق عليه[متفق عليه].
8 - ثم يدعو بما ورد في السنة من الذكر بعد الفراغ من الوضوء، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ (أو فيسبغ) الوضوء ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبدالله ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء))[رواه مسلم].
6 - نواقض الوضوء
1 - الخارج من السبيلين كالبول والغائط، والدم والمني، والريح وغير ذلك.
2 - زوال العقل بنوم طويل، أو إغماء، أو سكر، أو جنون.
3 - مس الفرج باليد من غير حائل.
4 - كل ما أوجب غسلاً كالجنابة والحيض والنفاس.
5 - الردة عن الإسلام.
6- أكل لحم الإبل .
6 - أحكام المسح على الخفين ونحوهم
1 - التعريف
المسح: لغة: الإمرار.
وفي الاصطلاح: إمرار اليد مبلولة على ما شرع المسح عليه.
والخفان: تثنية خف، وهما: ما يلبس على الرجلين من جلدٍ، بحيث يكون سائراً للقدمين والكعبين.
2 - الحكم
رخصة، فإذا كان الإنسان لابسًا كان أفضل من نزع الخفين وغسل الرجلين أخذاً برخصة الله -عز وجل-، واقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، ومخالفة للمبتدعة، وإن كان خالعًا فالأفضل غسل الرجلين، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يتكلف ضد حاله التي عليها قدماه، بل إن كانتا في الخفين مسح على الخفين، وإن كانتا مكشوفتين غسل القدمين، فلا يشرع لبس الخف؛ ليمسح عليه، ولا يخلع ليغسل.
3 - المدة
للمقيم أن يمسح يوماً وليلةً، وللمسافر سفراً يبيح له القصر أن يمسح ثلاثة أيام بلياليها، لما رواه علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ، ويوماً وليلة للمقيم "[رواه مسلم].
وحساب مدة المسح تبدأ في الحالتين يكون من المسح بعد الحدث.
4 - شروط المسح
يشترط للمسح على الخفين وما يقوم مقامهما من الجوارب، ونحوها:
1- أن يكون طاهراً، ولا يكون مصنوعاً من جلد خنزير أو كلب، أو ميتة.
2- أن يكون ملبوساً على طهارةً كاملةً.
3- أن يكون الخف مباحاً، ولا يكون مغصوباً، أو مسروقاً، أو حريراً بالنسبة للرجال..
4- أن يكون صفيقاً، لا يصف البشرة تحته.
5- أن يكون ساتراً للمغسول تحته.
6- أن يكون المسح عليه في الوقت المحدد شرعًا.
5 - صفة المسح
أن يضع أصابع يديه مبلولتين بالماء على أصابع رجليه ثم يمرهما إلى ساقه، يمسح الرجل اليمنى باليد اليمنى، والرجل اليسرى باليد اليسرى، ويفرج أصابعه إِذا مسح، ولا يكرر المسح، والمسح يكون على ظاهر الخف، لقول علي رضي الله عنه: " لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه"[رواه أبو داود، وصححه الألباني].
6 - مبطلات المسح
يبطل المسح على الخفين بأحد هذه الأمور:
أولا: حدوث موجب الغسل، كجنابة، أو حيض، أو نفاس.
ثانيا: نزعه من الرِّجل، ولو بخروج بعض القدم إلى ساق الخف.
رابعا: انقضاء مدة المسح.
7 - المسح ع الجبيرة
الجبيرة، هي أعواد ولفائف، ونحوها تربط على الكسر، ويمسح على الضماد الذي يكون على الجرح، وكذلك يمسح على اللصوق الذي يجعل على القروح، لورود ذلك عن ابن عمر -رضي الله عنهما- كل هذه الأشياء يمسح عليها، بشرط أن تكون على قدر الحاجة بحيث تكون على الكسر، أو الجرح، وما قرب منه مما لابد من وضعها عليه لتؤدي مهمتها، فإن تجاوزت قدر الحاجة، لزمه نزع ما زاد عن الحاجة، فإن تضرر بذلك، مسح على الزائد وأجزأه.
مصطفى طالب مصطفى
08-24-2015, 10:06 PM
7 - أحكام الغسل
-
1 - التعريف
الغسل لغة: مصدر من غسل الشيء يغسله غَسلاً وغُسلاً، وهو تمام غسل الجسد كله.
ومعناه شرعا: تعميم البدن بالماء. أو استعمال مال طهور في جميع البدن على صفة مخصوصة، على وجه التعبد لله سبحانه
2 - الحكم
الغسل واجب إذا وجد سبب لوجوبه؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ}[النساء:43]، وقوله سبحانه: {وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ}[المائدة:6].
3 - موجبات الغسل
1- خروج المني من مخرجه من الذكر أو الأنثى لقوله تعالى: {وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ}[المائدة:6]، ولا يخلو: إما أن يخرج في حال اليقظة، أو حال النوم، فإن خرج في حال اليقظة؛ اشترط وجود اللذة بخروجه، فإن خرج بدون لذة؛ لم يوجب الغسل؛ كالذي يخرج بسبب مرض، وإن خرج في حال النوم، وهو ما يسمى بالاحتلام، وجب الغسل مطلقا؛ لفقد إدراكه، فقد لا يشعر باللذة؛ فالنائم إذا استيقظ ووجد أثر المني؛ وجب عليه الغسل، وإن احتلم، ولم يخرج منه مني، ولم يجد له أثرا؛ لم يجب عليه الغسل، لقوله صلى الله عليه وسلم لما سئل: هل على المرأة غسل إذا احتلمت ؟ قال: ((نعم إذا رأت الماء)) أخرجه مسلم.
2- إيلاج الذكر في الفرج، ولو لم يحصل إنزال؛ للحديث الذي رواه مسلم وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا قعد بين شعبها الأربع، ثم مس الختان الختان؛ فقد وجب الغسل)) فيجب الغسل على الواطئ والموطوءة بالإيلاج، ولو لم يحصل إنزال؛ لهذا الحديث، ولإجماع أهل العلم على ذلك.
3- انقطاع دم الحيض والنفاس: لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة بنت أبي حبيش: ((إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي)) أخرجه البخاري.
4- الموت، لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث غسل ابنته زينب حين توفيت: ((اغسلنها)) متفق عليه. وقال في المحرم: ((اغسلوه بماء وسدر)) [متفق عليه].
4 - فروض الغسل وسننه
فروض الغسل هي:
- النية، وهي أن ينوي رفع الحدث، سواء كان جنابة أو حيضاً أو نفاساً، أو ينوي ما أراده من غسل مستحب.
- تعميم البدن بالماء، ويشمل إيصال الماء إلى كل عضو في جسده.
- تخليل الشعر؛ لكي يصل الماء إلى أصوله.
- سنن الغسل هي:
- التسمية.
- غسل الكفين ثلاثا.
- الوضوء قبل الاغتسال.
- صب الماء على الرأس ثلاثاً.
- التيامن.
- غسل الرجلين بمكان آخر.
- عدم الاسراف في الماء.
- الدعاء في آخر الغسل كالوضوء.
5 - صفة الغسل
للغسل صفتان: صفة إجزاء وصفة كمال.
- صفة الغسل المجزئ:
أن ينوي الغسل، ثم يعم بدنه بالغسل مرة واحدة، ويتمضمض ويستنشق.
- صفة الغسل الكامل:
أن ينوي الغسل، ثم يغسل يديه ثلاثاً، ثم يغسل فرجه وما لوَّثه، ثم يتوضأ وضوءاً كاملاً، ثم يُروي رأسه ثلاثاً، ويخلِّل شعره بيده، ثم يغسل بقية جسده مرة واحدة، ويتيامن، ويدلكه، ولا يسرف في الماء.
6 - الأغسال المستحبة
تقدم بيان الأغسال الواجبة، وأما الأغسال المسنونة والمستحبة، فهي:
- الاغتسال عند كل جماع: لحديث أبي رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ذات ليلة يغتسل عند هذه وعند هذه قال: فقلت يا رسول الله ألا تجعله واحداً ؟ قال: ((هذا أزكى وأطيب وأطهر))، أخرجه أبو داود وابن ماجة وحسنه الألباني.
- الغسل للجمعة: لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل))، أخرجه البخاري.
وهو آكد الأغسال المستحبة.
- الاغتسال للعيدين.
- الاغتسال عند الإحرام بالعمرة والحج: فإنه صلى الله عليه وسلم اغتسل لإحرامه.
- الاغتسال لدخول مكة.
- الاغتسال للوقوف بعرفة.
- الغسل من غسل الميت: لقوله صلى الله عليه وسلم: ((من غسل ميتاً فليغتسل)). أخرجه ابن ماجة وصححه الألباني.
- الغسل من الإغماء.
- الاغتسال للدخول في الإسلام.
7 - ما يحرم ع المحدث حدثا أكبر
1- لا يجوز له المكث في المسجد إلا عابر سبيل؛ لقوله سبحانه: {وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ} [النساء: 43].
2- لا يجوز له مس المصحف؛ لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا يمس القرآن إلا طاهر)) رواه مالك في الموطأ ، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير .
3- لا يجوز له قراءة القرآن، فلا يقرأ الجنب شيئا من القرآن حتى يغتسل؛ لحديث علي رضي الله عنه قال: كان عليه الصلاة والسلام لا يمنعه من القرآن شيء إلا الجنابة)) أخرجه الترمذي وأحمد.
4- يحرم على الجنب الصلاة، والطواف.
8 - أحكام التيمم
1 - التعريف
التيمم لغة: القصد، قال تعالى: {وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ}(سورة المائدة 2). آمين أي: قاصدين.
وشرعا: مسح الوجه واليدين بتراب طهور على وجه مخصوص.
2 - الحكم
التيمم مشروع ورخصة من الله عز وجل لعباده، وهو من محاسن شريعة الإسلام ومن خصائص أمة محمد عليه الصلاة والسلام، ودليل مشروعيته قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}(سورة المائدة 6). ولقوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الصعيد الطيب طهور المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته، فإن ذلك خير))[رواه الترمذي وصححه الألباني] ولقوله صلى الله عليه وسلم: ((وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا))[رواه البخاري]. وقد أجمع أهل العلم على مشروعية التيمم إذا توافرت شرائطه، وأنه قائم مقام الطهارة بالماء، فيباح به ما يباح بالتطهر بالماء من الصلاة، والطواف، وقراءة القرآن، وغير ذلك. فمتى ما تيمم الإنسان بالتراب ونحوه ارتفع حدثه الأصغر والأكبر كما يرتفع بالماء، ويستمر ذلك إلى زوال العذر الذي أجاز له التيمم، فمتى ما زال العذر -كوجود الماء مثلاً- بطل تيممه.
3 - شروط جواز التيمم
شروط التيمم، والأسباب المبيحة له:
يباح التيمم عند العجز عن استعمال الماء: إما لعدمه؛ لقوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا}(سورة المائدة أو لخوفه الضرر باستعماله، إما لمرض يخشى زيادته، أو تأخر شفائه باستعمال الماء؛ لقوله تعالى: {وَإِن كُنتُم مَّرْضَى} ولحديث صاحب الشجة، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: ((قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذا لم يعلموا إنما شفاء العي السؤال))[رواه أبو داود وحسنه الألباني]. أو لشدة برد يخشى معه الضرر، أو الهلاك باستعمال الماء؛ لحديث عمرو بن العاص أنه لما بعث في غزوة ذات السلاسل قال: ((احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت، ثم صليت بأصحابي الصبح))[رواه أبو دواد وصححه الألباني].
4 - فروض التيمم وسننه
فروض التيمم:
1- النية.
2- مسح الوجه
3- مسح الكفين إلى الرسغين (الرسغ : مفصل اليد)
سنن التيمم:
1- التسمية.
2- الترتيب.
3- الموالاة.
5- صفة التيمم
أن ينوي المسلم التيمم .. ثم يضرب الأرض مرة بباطن يديه .. ثم ينفخهما لتخفيف الغبار عنهما .. ثم يمسح بهما وجهه .. ثم كفيه .. يمسح ظهر اليد اليمنى بباطن اليسرى .. ثم يمسح ظهر اليد اليسرى بباطن اليمنى .. وأحيانا يقدم مسح اليدين على الوجه.
عن عبدالرحمن بن أبزى قال: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب فقال: إني أجنبت فلم أصب الماء، فقال عمار بن ياسر لعمر بن الخطاب: أما تذكر أنا كنا في سفر أنا وأنت، فأما أنت فلم تصل، وأما أنا فتمعكت فصليت، فذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((إنما كان يكفيك هكذا)). فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بكفيه الأرض، ونفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه. متفق عليه.[متفق عليه واللفظ للبخاري] وعن عمار رضي الله عنه -في صفة التيمم- وفيه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنما كان يكفيك أن تصنع هكذا)). فضرب بكفه ضربة على الأرض، ثم نفضها، ثم مسح بهما ظهر كفه بشماله، أو ظهر شماله بكفه، ثم مسح بهما وجهه. متفق عليه [متفق عليه واللفظ للبخاري
6 - مبطلات التيمم
يبطل التيمم بما يلي:
1 - وجود الماء.
2 - زوال العذر من مرض أو حاجة ونحوهما.
3 - أحد نواقض الوضوء.
7 - حكم فاقد الطهورين
من عدم الماء والصعيد أي التراب بكل حال من الأحوال -أو وجدهما ولكن عجز عن استعمالهما- فإنه يصلي على حسب حاله ولا إعادة عليه لما رواه مسلم عن عائشة أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت. فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسا من أصحابه في طلبها، فأدركتهم الصلاة فصلوا بغير وضوء، فلما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم شكوا ذلك إليه، فنزلت آية التيمم، فقال أسيد بن حضير. جزاك الله خيرا، فو الله ما نزل بك أمر قط، إلا جعل الله لك منه مخرجا، وجعل للمسلمين منه بركة[متفق عليه]. فهؤلاء الصحابة صلوا حين عدموا ما جعل لهم طهورا، وشكوا ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فلم ينكره عليهم، ولم يأمرهم بالاعادة: قال النووي: وهو أقوى الاقوال دليلا. [فقه السنة (1/ 82)].
9 - أحكام الحيض والنفاس
1 - أحكام الحيض
1- تعريفه:
الحيض لغة: هو السيلان، يقال: حاض الوادي: إذا سال، وحاضت الشجرة: إذا سال صمغها. وحاضت المرأة إذا سال دمها.
وشرعاً: دم طبيعة لونه أسود خاثر، كريه الرائحة يخرج من قعر الرحم في أوقات معلومة، حال صحة المرأة، من غير سبب ولادة ولا مرض.
2- بداية وقت الحيض ونهاية:
الحيض علامة على بلوغ المرأة، فمتى رأت المرأة دم الحيض فقد بلغت، ويستمر في النزول حتى يحصل له الانقطاع وليس هناك سن محددة ينتهي معا الحيض فمتى رأت العجوز المسنة الدم، فهو حيض، لعموم قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} [البقرة: 222].
3- أقل مدة الحيض وأكثره:
ليس لأقل الحيض ولا لأكثره حدٌّ بالأيام على الصحيح ؛ لقول الله عز وجل : {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ } [البقرة:222].
فلم يجعل الله غاية المنع أياماً معلومة، بل جعل غاية المنع هي الطهر، فدل هذا على أن علة الحكم هي الحيض وجوداً أو عدماً، فمتى وجد الحيض ثبت الحكم، ومتى طهرت منه زالت أحكامه، ثم إن التحديد لا دليل عليه، مع أن الضرورة داعية إلى بيانه، فلو كان التحديد بسنٍّ أو زمن ثابتاً شرعاً لكان مبيَّناً في كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، فبناء عليه: فكل ما رأته المرأة من الدم المعروف عند النساء بأنه حيض فهو دم حيض من غير تقدير ذلك بزمن معين، إلا يكون الدم مستمراً مع المرأة لا ينقطع أبداً، أو ينقطع مدة يسيرة كاليوم واليومين في الشهر، فإنه حينئذٍ يكون دم استحاضة. مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(11/271).
4- ما يوجبه الحيض:
1- البلوغ: لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار)) أخرجه أبو داود والترمذي وصححه الألباني.
2- الغسل، لقوله صلى الله عليه وسلم: ((دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها، ثم اغتسلي وصلي)) متفق عليه.
3- الاعتداد به: فتنقضي العدة في حق المطلقة بالحيض لمن كانت تحيض، لقوله سبحانه: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ}[البقرة:228].
2 - أحكام النفاس
1- تعريفه:
النفاس لغة: هو الولادة يقال نفست المرأة إذا وضعت فهي نفساء إذا ولدت، فإذا حاضت قيل نفست.
النفاس شرعاً: هو الدم الخارج من المرأة بسبب الولادة.
2- مدة النفاس:
اتفق الفقهاء على أنه لا حد لأقل النفاس ، فمتى رأت المرأة الطهر اغتسلت.
وقال جمهور أهل العلم إن أكثر مدة النفاس أربعون يوما، قال الترمذي: أجمع أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يوما إلا أن ترى الطهر قبل ذلك، فتغتسل وتصلي.
ولحديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: ((كانت النفساء على عهد النبي صلى الله عليه وسلم تجلس أربعين يوما)) أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة.
3- ما يحرم بالحيض والنفاس:
1- الصلاة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش: ((إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة)) متفق عليه.
2- الصوم، لما ثبت في صحيح مسلم عن معاذة العدوية إنها سألت عائشة رضى الله عنها: ما بال الحائض تقضى الصوم ولا تقضى الصلاة؟ فقالت: : (( كان يصيبنا ذلك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة ")) أخرجه مسلم.
3- الطواف، لقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها لما حاضت: ((افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري)) متفق عليه.
4- مس المصحف، ؛ لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا يمس القرآن إلا طاهر)) رواه مالك في الموطأ ، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير .
5- دخول المسجد واللبث فيه، لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا أحل المسجد لجنب، ولا حائض)) أخرجه أبو داود.
6- الجماع، لقوله تعالى: {فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ} [البقرة:222].
7- الطلاق لقوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}[الطلاق:1]، وقوله صلى الله عليه وسلم لعمر لما طلق ابنه عبد الله امرأته في الحيض: ((مره فليراجعها)) متفق عليه.
3 - أحكام الإستحاضة
تعريف الاستحاضة: سيلان الدم في غير وقته على سبيل النزيف من عرق.
المستحاضة لها ثلاث حالات:
الأولى: أن تكون لها عادة معروفة لديها قبل إصابتها بالاستحاضة، فهذه تجلس قدر عادتها، وتدع الصلاة والصيام، وتعتبر لها أحكام الحيض، فإذا انتهت عادتها؛ اغتسلت وصلت، واعتبرت الدم الباقي دم استحاضة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لأم حبيبة: ((امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك، ثم اغتسلي وصلي)). أخرجه مسلم.
الثانية: إذا لم يكن لها عادة معروفة، لكن دمها متميز، بعضه يحمل صفة الحيض؛ بأن يكون أسودًا أو ثخينا أو له رائحة، وبقيته لا تحمل صفة الحيض؛ بأن يكون أحمر ليس له رائحة لا ثخينا؛ ففي هذه الحالة تعتبر الدم الذي يحمل صفة الحيض حيضا، فتجلس، وتدع الصلاة والصيام، وتعتبر ما عاداه استحاضة، تغتسل عند نهاية الذي يحمل صفة الحيض، وتصلي وتصوم، وتعتبر طاهرًا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش: ((إذا كان دم الحيض؛ فإنه أسود يُعرف؛ فأمسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر؛ فتوضئي وصلي)) أخرجه أبو داود والنسائي، وصححه ابن حبان والحاكم، ففيه أن المستحاضة تعتبر صفة الدم، فتميز بها بين الحيض وغيره.
الثالثة: إذا لم يكن لها عادة تعرفها ولا صفة تميز بها الحيض من غيره؛ فإنها تجلس غالب عادة النساء من قريباتها إن وجدن، وإلا جلست غالب الحيض ستة أيام أو سبعة أيام من كل شهر، لأن هذه عادة غالب النساء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لحمنة بنت جحش: ((إنما هي ركضة من الشيطان فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام، ثم اغتسلي، فإذا استنقأت؛ فصلي أربعة وعشرين أو ثلاثة وعشرين، وصومي وصلي، فإن ذلك يجزئك، وكذلك فافعلي كما تحيض النساء))[ أخرجه أبو داود والترمذي].
مصطفى طالب مصطفى
09-07-2015, 03:47 PM
فقه الصلاة
1 - التعريف
لغة: الدعاء، ومنه قوله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [التوبة(103)].
وشرعاً: أقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير، ومختتمة بالتسيلم، مع النية.
2 - الحكم
الصلاة ركن من أركان الإسلام ودعامة من دعائمه العظام، فرضها الله على كل مكلف ذكراً كان أو أنثى من أمة الإسلام، بل هي آكد ركن من أركان الإسلام بعد الشهادتين، قال الله تعالى: (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً) [النساء: 103)].
وقال الله تعالى: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)[البقرة: 238] أي مفروضاً.
وجاء في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، وإقام الصلاة))[رواه البخاري ومسلم واللفظ له].
وجاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً إلى اليمن فقال: ((ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة...))[رواه البخاري واللفظ له ومسلم].
وقد فرضها الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في أعلى مكان وصل إليه البشر، وفي أشرف ليلةٍ لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبدون واسطة لأحد، فرضها الله عز وجل على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم خمسين مرة في اليوم والليلة، ولكن الله سبحانه وتعالى خفَّف على عبادهِ حتى صارت خمساً بالفعل وخمسين في الميزان، وهذا يدل على أهميتها ومحبة الله لها، وأنها جديرة بأن يصرف الإنسان شيئاً كثيراً من وقته فيها.
وأجمع المسلمون على فرضيتها، فمن جحد وجوب الصلاة كفر، وكذا تاركها تهاوناً وكسلاً، فإن كان جاهلاً يعلم، وإن كان عالماً بوجوبها وتركها يستتاب ثلاثة أيام فإن تاب وإلا قتل بعد حكم المحكمة الشرعية بذلك ، قال الله تعالى: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ) [التوبة: 11].
عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن بين الرجل، وبين الشرك والكفر ترك الصلاة))[رواه مسلم].
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من بدَّل دينه فاقتلوه))[رواه البخاري].
3 - فضل الصلاة
للصلاة منزلة في الإسلام لا تعدلها منزلة عبادة أخرى، فهي منه بمنزلة الرأس من الجسد، وهي عماد الدين الذي لا يقوم إلا به يقول -صلى الله عليه وسلم-: ((رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله))[رواه الترمذي وابن ماجة، وصححه الألباني].
وهي أول ما أوجب الله تعالى من العبادات، فرضت على نبينا - صلى الله عليه وسلم – ليلة الإسراء والمعراج، قال أنس - رضي الله عنه-: "فرضت الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم – ليلة المعراج خمسين صلاة ثم نقصت حتى جعلت خمس ثم نودي يا محمد إنه لا يبدل القول لدي وأن لك بهذه الخمس خمسين"[رواه البخاري ومسلم].
وهي أول ما يحاسب عليه العبد من أعماله، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أول ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت صلح سائر عمله وأن فسدت فاسد سائر عمله)[رواه الطبراني في المعجم الأوسط، وصححه الألباني].
وهي آخر وصية أوصى بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند مفارقة الدنيا كان يقول وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة: ((الصلاة الصلاة، وما ملكت أيمانكم))[رواه أحمد وصححه الألباني].
وهي آخر ما يُفقد من الدين فإن ضاعت ضاع الدين كله، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لتنتقضن عرى الإسلام عروة عروة فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها فأولهن نقضًا الحكم وآخرهن الصلاة)[رواه ابن حبان، وصححه الألباني].
ومن فضائلها أيضا أنها تنهى عن الفحشاء والمنكر؛ قال اللَّه تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ}.
وهي أفضل الأعمال بعد الشهادتين؛ لحديث عبد اللَّه بن مسعود -رضى الله عنه- قال: سألت رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: أي العمل أفضل؟ قال: "الصلاة لوقتها..."[رواه البخاري ومسلم].
وتكفّر السيئات؛ لحديث أبي هريرة -رضى الله عنه- أن رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- قال: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن، إذا اجتنبت الكبائر"[رواه مسلم].
وهي نور لصاحبها في الدنيا والآخرة؛ لحديث عبد اللَّه ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه ذكر الصلاة يومًا فقال: "من حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا ونجاة يوم القيامة..."[رواه أحمد والدارمي، وصححه].
وبها يرفع اللَّه الدرجات، ويحط الخطايا؛ لحديث ثوبان مولى رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال له: "عليك بكثرة السجود، فإنك لا تسجد للَّه سجدةً إلا رفعك اللَّه بها درجة، وحطَّ عنك بها خطيئة"[رواه مسلم].
وهي من أعظم أسباب دخول الجنة برفقة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لحديث ربيعة بن كعب الأسلمي - رضى الله عنه - قال: كنت أبيت مع رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، فأتيته بوضوئه وحاجته، فقال لي: "سَلْ" فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: "أو غير ذلك؟" قلت: هو ذاك، قال: "فأعني على نفسك بكثرة السجود – يعني بكثرة الصلاة -"[رواه مسلم].
4 - عدد الصلوات المفروضة ومواقيتها
الصلوات المفروضة في اليوم والليلة على كل مسلم ومسلمة خمس صلوات، وهي: الظهر، وهي أربع ركعات، والعصر كذلك، والمغرب ثلاث ركعات، والعشاء أربع ركعات، والفجر ركعتان.
ولكل صلاة من هذه الصلوات وقت محدد تؤدى فيه، قال تعالى: : (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً) يعني مفروضاً في أوقات محددة.
1- وقت الظهر: يبدأ من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله غير ظل الاستواء، وتعجيلها أفضل إلا في شدة حر فيسن تأخيرها والإبراد بها.
وصلاة الجمعة في يوم الجمعة تقوم مقام صلاة الظهر، ووقت صلاة الجمعة: بعد زوال الشمس إلى آخر وقت صلاة الظهر، وتجوز قبل الزوال عند بعض أهل العلم.
2- وقت العصر: يبدأ من خروج وقت الظهر إلى اصفرار الشمس، والضرورة إلى غروبها، ويسن تعجيلها.
3- وقت المغرب: ويبدأ من غروب الشمس إلى مغيب الشفق الأحمر، ويسن تعجيلها.
4- وقت العشاء: ويبدأ من مغيب الشفق الأحمر إلى نصف الليل وتأخيرها إلى ثلث الليل أفضل إن تيسر.
5- وقت الفجر: ويبدأ من طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس، وتعجيلها أفضل.
ودليل هذا المواقيت حديث بريدة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلاً سأله عن وقت الصلاة؟ فقال له: ((صل معنا هذين)) -يعني اليومين- فلما زالت الشمس أمر بلالاً فأذن، ثم أمره فأقام الظهر، ثم أمره فأقام العصر، والشمس مرتفعة بيضاء نقية، ثم أمره فأقام المغرب حين غابت الشمس، ثم أمَرَه فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أمره فأقام الفجر حين طلع الفجر.
فلما أن كان اليوم الثاني أمره فأبرد بالظهر، فأبرد بها، فأنعم أن يُبرد بها، وصلى العصر والشمس مرتفعة، أخرها فوق الذي كان، وصلى المغرب قبل أن يغيب الشفق، وصلى العشاء بعدما ذهب ثلث الليل، وصلى الفجر فأسفر بها.
ثم قال: ((أين السائل عن وقت الصلاة؟)). فقال الرجل: أنا يا رسول الله! قال: ((وقت صلاتكم بين ما رأيتم))[رواه مسلم].
وإذا اشتد الحر فالسنة أن تؤخر صلاة الظهر إلى قرب العصر، لقوله عليه الصلاة والسلام: ((إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم))[رواه البخاري واللفظ له ومسلم].
ومن كان يقيم في بلاد لا تغيب الشمس عنها صيفاً، ولا تطلع فيها الشمس شتاء، أو في بلاد يستمر نهارها ستة أشهر وليلها ستة أشهر مثلاً، فعليهم أن يصلوا الصلوات الخمس في كل أربع وعشرين ساعة، ويقدرون أوقاتها على أقرب بلد إليهم تتميز فيه أوقات الصلوات المفروضة بعضها عن بعض.
5 - علي من تجب الصلاة
تجب الصلاة على كل مسلم، بالغ، عاقل، من ذكر أو أنثى خال من الموانع كالحيض .
فالمسلم ضده: الكافر، فالكافر لا تجب عليه الصلاة، بمعنى أنه لا يلزم بأدائها حال كفره ولا بقضائها إذا أسلم، لكنه يعاقب عليها يوم القيامة.
وأما البالغ فهو الذي حصل له واحدة من علامات البلوغ وهي ثلاث بالنسبة للرجل، وأربع بالنسبة للمرأة:
أحدها: تمام الخمس عشر سنة.
والثانية: إنزال المني بلذة يقظة كان أم مناماً.
والثالثة: إنبات العانة، وهي الشعر الخشن حول القُبُل، هذه الثلاث العلامات تكون للرجال والنساء.
وتزيد المرأة علامة رابعة وهي: الحيض فإن الحيض من علامات البلوغ.
ولكن يؤمر بها الأولاد إذا بلغوا سبع سنين؛ ليتعودوا عليها، ويضربون على تركها إذا بلغوا عشر سنين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع)[رواه أبو داود، وحسنه الألباني].
وأما العاقل فضده: المجنون الذي لا عقل له، ومنه الرجل الكبير أو المرأة الكبيرة إذا بلغ به الكبر إلى حدٍ فقد التمييز، فلا تجب عليه الصلاة حينئذ لعدم وجود العقل في حقه.
وأما الحيض أو النفاس فهو مانع من وجوب الصلاة، فإذا وجد الحيض أو النفاس فإن الصلاة لا تجب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في المرأة: "أليس إذا حاضت لم تُصَلِّ، ولم تَصُم؟".
6 - شروط الصلاة
أولاً: الإسلام، وضده الكفر، والكافر عمله مردود عليه.
ثانيا: العقل، فلا تصح الصلاة من المجنون، ولا السكران، قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل"[رواه أبو داود وابن ماجة وصححه الألباني].
ثالثا: الطهارة من الحدثين -الأصغر والأكبر-، فلا تصح الصلاة من غير متطهر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (( لا تقبل صلاة بغير طهور))[رواه مسلم].
والحدث الأصغر: هو الذي يجب منه الوضوء كالبول والغائط.
والأكبر: هو الذي يجب منه الغسل، كخروج المني.
رابعاً: طهارة البدن والثوب ومكان الصلاة من النجاسات.
خامساً: دخول وقت الصلاة، لقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} [النساء(103)] فلا تصح الصلاة قبل دخول وقتها.
سادساً: ستر العورة،؛ لقوله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف(31)] أي عند كل صلاة. وعورة الرجل البالغ ما بين السرة والركبة. والمرأة عورة إلا وجهها وكفيها.
سابعاً: استقبال القبلة، قال تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة(144)].
ثامناً: النية، بأن ينوي بقلبه الصلاة التي يصليها قبل تكبيرة الإحرام ولا يتلفظ بها بلسانه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يتلفظ بها.
7 - أركان الصلاة
أركان الصلاة، وهي:
أولاً: القيام في صلاة الفرض للقادر عليه ؛ لقوله تعالى: {وَقُومُوا لله قَانِتِينَ} [البقرة: 238], وقوله صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: (صَلِّ قَائِماً فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فقاعداً، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ) [رواه البخاري].
ثانياً: تكبيرة الإحرام، وهي أن يقول: "الله أكبر"، ولا يجزئه غيرها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث المسيء في صلاته: (إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاةِ فَكَبِّرْ ...) [رواه البخاري ومسلم].
ثالثاً: قراءة الفاتحة؛ فيلزمه أن يقرأ الفاتحة قراءةً صحيحةً مرتَّبةً غير ملحون فيها لحناً يُغيّر المعنى ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ) [رواه البخاري ومسلم].
رابعاً: الركوع؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج 77 ]، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث المسيء في صلاته: (... ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعاً ...) [رواه البخاري ومسلم].
خامساً: الرفع من الركوع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته: (..ثُمَّ ارْفَعْ ...) [رواه البخاري ومسلم].
سادساً: الاعتدال قائماً؛ لقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته: (... ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِماً)، ولا تبطل الصلاة إن طال هذا الاعتدال؛ لقول أنس رضي الله عنه: (...وَكَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا قَالَ : سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ، قَامَ حَتَّى نَقُولَ قَدْ أَوْهَمَ ...) [رواه مسلم].
سابعاً: السجود؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج 77 ]. وقوله صلى الله عليه وسلم : (... ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِداً).
ثامناً: الرفع من السجود؛ لقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته: (... ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِداً ، ثُمَّ ارْفَعْ ...) [رواه البخاري ومسلم].
تاسعاً: الجلوس بين السجدتين؛ للحديث السابق: (... ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِساً...).
عاشراً: الطمأنينة؛ وهي سكون الأعضاء وإن قلَّ بقدر الإتيان بالواجب في كل ركن فِعْلِيٍّ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته: (ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعاً ، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِماً، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِداً، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِساً...)، ولمَّا أخلَّ بها قال له : (... ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ ...).
الحادي عشر: التشهد الأخير، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعده: أما ركنية التشهد الأخير: فلحديث ابن مسعود رضي الله عنه: كُنَّا نَقُولُ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ التَّشَهُّدُ: السَّلامُ عَلَى الله, السَّلامُ عَلَى جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لا تَقُولُوا هَكَذَا, فَإِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ هُوَ السَّلامُ, وَلَكِنْ قُولُوا: التَّحِيَّاتُ لله...) [رواه النسائي والدارقطني، وصححه الألباني]. وهذا يدل على أنه فُرِض بعد أن لم يكن مفروضاً.
وأما ركنية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فلقوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}[الحج 56]، ولحديث فَضَالَة بن عُبَيد: سَمِعَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم رَجُلًا يَدْعُو فِي صَلاتِهِ لَمْ يُمَجِّدِ الله وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: (عَجِلَ هَذَا)، ثُمَّ دَعَاهُ، فَقَالَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ: (إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحَمِيدِ رَبِّه جَلَّ وَعَزَّ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ، ثُمَّ يَدْعُوا بَعْدُ بِمَا شَاءَ)[رواه داود والنسائي والترمذي، وصححه الألباني].
الثاني عشر: الجلوس للتشهد والتسليم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم فعله وداوم عليه كما جاء في صفة صلاته, وقد قال: (... صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي.. ) [رواه البخاري]. فلو تشهد غير جالس أو سَلَّم الأولى جالساً والثانية غير جالس لم تصح صلاته.
الثالث عشر: التسليم، وهو أن يقول: "السلام عليكم ورحمة الله"؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (.. وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ)[رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة، وصححه الألباني]. ولحديث ابن مسعود رضي الله عنه: "أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ: "السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ الله، السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ الله" [رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة، وصحح إسناده الألباني].
الرابع عشر: ترتيب الأركان على هذا النحو الذي ذُكر؛ فلو سجد مثلاً قبل ركوعه عمداً بطلت صلاته, أما إذا فعل ذلك سهواً لزمه الرجوع ليركع ثم يسجد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها مرتبة، وقال: (...صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي ...)، وعَلَّمَها المُسيءَ في صلاته هكذا مرتبة.
8 - واجبات الصلاة
قبل الحديث عن واجبات الصلاة ينبغي أن نعرج على معرفة الفرق بين والركن والواجب، فالركن لا يسقط عمداً، ولا سهواً، ولا جهلاً، بل لابد من الإتيان به، ثم بعد الإتيان به يسجد سجود السهو، وأما الواجب، فيسقط بالجهل والنسيان، ويجبر بسجود السهو.
وواجبات الصلاة ثمانية هي:
1- التكبيرات غير تكبيرة الإحرام،
2- قول: "سمع الله لمن حمده" للإمام والمنفرد.
3- قول: "ربنا ولك الحمد" للإمام والمأموم والمنفرد.
4- قول: "سبحان ربي العظيم" مرة في الركوع.
5- قول: "سبحان ربي الأعلى" مرة في السجود.
6- قول: "رب اغفر لي" بين السجدتين.
7- التشهد الأول.
8- الجلوس للتشهد الأول.
9 - سنن الصلاة
-------------------
المقصود بالسنن: ما عدا الأركان والواجبات، ولا تبطل الصلاة بترك شيء من السنن، ولو عمداً، بخلاف الأركان والواجبات، وهذه السنن تارة تكون قولية وتارة تكون فعليه، فمن سنن الصلاة :
1- دعاء الاستفتاح، وهو قول: "سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك" أو غيره من الأدعية المأثورة، وذلك يكون بعد تكبيرة الإحرام.
2- الاستعاذة، وهو قول: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم".
3- البسملة، وهي قول: "بسم الله الرحمن الرحيم".
4- التأمين، وهو قول: "آمين" بعد قراءة: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} [الفاتحة (7)].
5- قراءة ما تيسر من القرآن بعد الفاتحة.
6- الجهر بالقراءة في الصلاة الجهرية.
7- ما زاد على المرة في تسبيح الركوع، أي التسبيحة الثانية والثالثة، وما زاد على ذلك.
8- ما زاد على المرة في تسبيح السجود.
9- ما زاد على المرة في قوله بين السجدتين: "رب اغفر لي".
10- رفع اليدين مع تكبيرة الإحرام، وعند الركوع ، وعند الرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول.
11- وضع اليد اليمين على الشمال.
12- نظر المصلي إلى موضع سجوده.
13- اتخاذ المصلي سترة بين يديه .
مصطفى طالب مصطفى
09-07-2015, 03:50 PM
10 - صفة الصلاة
صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم:
ينوي من أراد الصلاة بقلبه فعل الصلاة، ويقف مستقبلاً القبلة، ثم يكبر تكبيرة الإحرام قائلاً "الله أكبر"، ويرفع يديه إلى حذو منكبيه، وأحياناً يحاذي بهما أذنيه، ثم يضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى ويجعلهما على صدره، وينظر بخشوع إلى موضع سجوده قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة، فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها، إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب، ما لم يؤت كبيرة، وذلك الدهر كله)) أخرجه مسلم. ثم يستفتح صلاته بما ورد من الأدعية والأذكار، ومنها:
1 - ((اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد)). [متفق عليه واللفظ للبخاري].
2 - ((سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك)) [رواه أبو داود وصححه الألباني].
3 - ((اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم)) [رواه مسلم].
ثم يقول: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" أو يقول: ((أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه)) [رواه أبو داود وصححه الألباني]. ثم يقول: ((بسم الله الرحمن الرحيم)). متفق عليه. ثم يقرأ سورة الفاتحة، ولا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب، وتجب قراءة الفاتحة على الإمام والمأموم والمنفرد في جميع الصلوات والركعات السرية والجهرية، فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)). [متفق عليه]. فإذا انتهى من قراءة الفاتحة قال الإمام والمأموم والمنفرد: "آمين" يمد بها صوته، ويجهر بها الإمام والمأموم معاً في الصلوات الجهرية، فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أمن الإمام فأمنوا، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة، غفر له ما تقدم من ذنبه))[متفق عليه]. ثم يقرأ بعد الفاتحة ما تيسر من القرآن في كل من الركعتين الأوليين يطيل أحياناً ويقصر أحياناً، ويجهر الإمام بالقراءة في صلاة الفجر، وفي الركعتين الأوليين من المغرب والعشاء، ويسر بالقراءة في صلاة الظهر والعصر، والثالثة من المغرب، والأخريين من العشاء إماماً أو مأموماً أو منفرداً. ثم إذا فرغ من القراءة سكت سكتة لطيفة، ثم يرفع يديه حذو منكبيه، أو حذو أذنيه، ويقول: "الله أكبر" ويركع واضعاً كفيه على ركبتيه كأنه قابض عليهما، ويفرج بين أصابعه، ويجافي مرفقيه عن جنبيه، ويبسط ظهره، ويجعل رأسه حيال ظهره، ويطمئن في ركوعه. ثم يقول في ركوعه ما ورد من الأذكار والأدعية، ومنها: ((سبحان ربي العظيم)) [رواه مسلم]. أو يقول: ((سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي)) متفق عليه [متفق عليه]. أو يقول: ((سبوح قدوس، رب الملائكة والروح)) [رواه مسلم]. ثم يرفع رأسه من الركوع حتى يعتدل قائماً، ويرفع يديه إلى حذو منكبيه، أو حذو أذنيه كما سبق ويقول إن كان إماماً أو منفرداً: ((سمع الله لمن حمده)) [متفق عليه]. فإذا اعتدل قائماً قال: إماماً، أو مأموماً، أو منفرداً: ((ربنا ولك الحمد)) [متفق عليه]. أو يقول: ((ربنا لك الحمد)) [رواه البخاري]. وتارة يزيد على ذلك: ((حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه)) ثم يكبر ويهوي للسجود قائلاً: "الله أكبر"، ويسجد على سبعة أعضاء: الكفان، والركبتان، والقدمان، والجبهة والأنف، ويمكّن أنفه وجبهته من الأرض، ويجافي عضديه عن جنبيه، وبطنه عن فخذيه، ويرفع مرفقيه وذراعيه عن الأرض، ويمكّن ركبتيه وأطراف قدميه من الأرض، ويطمئن في سجوده، ويكثر من الدعاء، ولا يقرأ القرآن في الركوع ولا في السجود، ثم يقول في سجوده ما ورد من الأدعية والأذكار، ومنها: ((سبحان ربي الأعلى)) [رواه مسلم]. أو يقول: ((سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي)) [متفق عليه]. أو يقول: ((سبوح قدوس، رب الملائكة والروح)) [رواه مسلم]. ثم يرفع رأسه من السجود قائلا: "الله أكبر"، ثم يجلس مفترشاً رجله اليسرى ناصبا رجله اليمنى، ويضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، أو على الركبة، واليسرى كذلك، ثم يقول في هذه الجلسة ما يلي: ((رب اغفر لي رب اغفر لي)) [رواه أبو داود وصححه الألباني]. ثم يكبر ويسجد السجدة الثانية قائلا: "الله أكبر"، ويصنع في هذه السجدة مثل ما صنع في الأولى، ثم ينهض مكبراً إلى الركعة الثانية، ويصنع في هذه الركعة مثل ما صنع في الأولى، إلا أنه يجعلها أقصر من الأولى ولا يذكر دعاء الاستفتاح. ثم يجلس للتشهد الأول، ومكانه بعد الفراغ من الركعة الثانية من صلاة المغرب والعشاء والظهر والعصر، يجلس مفترشاً رجله اليسرى، ناصباً رجله اليمنى كما يجلس بين السجدتين، ويفعل بيديه وأصابعه كما سبق في الجلسة بين السجدتين، لكن هنا يقبض أصابع كفه اليمنى كلها، ويشير بأصبعه السبابة -وهي التي تلي الإبهام- ويجعل نظره إليها ، ثم يتشهد سراً بما ورد من الصيغ، ومنها: تشهد ابن مسعود رضي الله عنه الذي علمه إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو: ((التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله)) [متفق عليه]. ثم إن كانت الصلاة ثلاثية كالمغرب، أو رباعية كالظهر والعصر والعشاء، فإنه ينهض إلى الركعة الثالثة قائلا: "الله أكبر"، ويقرأ في كل من الركعة الثالثة من المغرب، والأخيرتين من الظهر والعصر والعشاء بفاتحة الكتاب. ثم يجلس للتشهد الأخير، وذلك بعد الثالثة من المغرب، والرابعة من الظهر والعصر والعشاء ثم يقرأ التشهد فيقول: ((التحيات ... )) كما سبق، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بما ورد من الصيغ، ومنها: ((اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد)) [متفق عليه]. ثم يقول: ((اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال)) [رواه مسلم]. ثم يتخير مما ورد من الأدعية أعجبه إليه فيدعو به، ومنه: ((اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)) أخرجه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود . ((اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيراً، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم)) [متفق عليه].
ثم يسلم عن يمينه قائلا: "السلام عليكم ورحمة الله" حتى يرى بياض خده الأيمن، وعن يساره "السلام عليكم ورحمة الله" حتى يرى بياض خده الأيسر [رواه مسلم].
(https://www.facebook.com/hashtag/%D9%81%D9%82%D9%87_%D8%A7%D9%8 4%D8%B5%D9%84%D8%A7%D8%A9?sour ce=feed_text&story_id=1443358475982956)
11 - مبطلات الصلاة
تبطل الصلاة بما يلي:
1 - إذا ترك ركناً أو شرطاً عمداً أو سهواً.
2 - إذا ترك واجباً عمداً.
3 - الكلام والضحك عمداً.
4 - الأكل والشرب عمداً.
5 - زيادة شيء في الصلاة كركعة أو سجدة عمداً.
6 - قطع نية الصلاة.
7 - حصول ما يبطل الطهارة.
8 - الانحراف الكبير عن جهة القبلة.
9 - تعمد كشف العورة
10- الحركة الكثيرة دون حاجة.
(https://www.facebook.com/hashtag/%D9%81%D9%82%D9%87_%D8%A7%D9%8 4%D8%B5%D9%84%D8%A7%D8%A9?sour ce=feed_text&story_id=1443360629316074)
12 - سجود السهو
1- تعريفه:
سجدتان يسجدهما المصلِ في آخر صلاته لجبر الخلل الحاصل فيها سهواً.
وسجود السهو مشروع؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين))[رواه مسلم]. ولفعله صلى الله عليه وسلم ذلك، وقد أجمع أهل العلم على مشروعية سجود السهو.
وأسبابه ثلاثة: الزيادة، والنقص، والشك.
2- حالات وجوب سجود السهو
ويجب سجود السهو لما يأتي:
1 - إذا زاد فعلاً من جنس الصلاة، كأن يزيد ركوعاً أو سجوداً أو قياماً أو قعوداً ؛ لحديث ابن مسعود: "صلى بنا الرسول صلى الله عليه وسلم خمساً فلما انفتل من الصلاة توشوش القوم بينهم فقال: ((ما شأنكم؟)) فقالوا: يا رسول الله هل زيد في الصلاة شيء؟ قال: ((لا)) قالوا: فإنك صليت خمساً، فانفتل، فسجد سجدتين، ثم سلم، ثم قال: ((إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، فإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين))[رواه مسلم]. فإذا علم بالزيادة وهو في الصلاة وجب عليه الجلوس حال علمه، حتى لو كان في أثناء الركوع، لأنه لو استمر في الزيادة مع علمه لزاد في الصلاة شيئاً عمداً، وهذا لا يجوز.
2 – إذا سلم قبل إتمام صلاته؛ لحديث عمران بن حصين قال: "سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاث ركعات من العصر، ثم قام فدخل الحجرة، فقام رجل بسيط اليدين فقال: أقصرت الصلاة؟ فخرج مغضباً، فصلى الركعة التي كان ترك، ثم سلم، ثم سجد سجدتي السهو، ثم سلم"[رواه مسلم].
3 - إذا ترك ركناً من اركان الصلاة غير تكبيرة الإحرام كركوع أو سجود ففي هذه الحالة إن ذكر ما تركه قبل أن يبدأ في قراءة الركعة الأخرى وجب عليه أن يعود فيأتي بما ترك ويكمل صلاته ويسجد للسهو، أما إن ذكر ما تركه بعد أن شرع في قراءة الركعة الأخرى بطلت الركعة التي ترك فيها الركن ويجعل الركعة التي تليها مكانها، ويكمل صلاته ويسجد للسهو.
أما إن كان ما تركه هو تكبيرة الإحرام ففي هذه الحالة لم تنعقد صلاته أصلا، فعليه أن يكبر تكبيرة الإحرام ويستأنف الصلاة من جديد.
4 – إذا ترك واجباً؛ كالتشهد الأول؛ لحديث ابن بحينة قال: "صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين من بعض الصلوات ثم قام فلم يجلس، فقام الناس معه، فلما قضى صلاته ونظرنا تسليمه كبر قبل التسليم فسجد سجدتين وهو جالس، ثم سلم" [رواه البخاري]. ويقاس على الحديث سائر الواجبات، كترك التسبيح في الركوع والسجود، وقوله بين السجدتين: رب اغفر لي، وتكبيرات الانتقال.
5 - ويجب سجود السهو إذا شك في عدد الركعات فلم يدر كم صلى؟ وذلك أثناء الصلاة؛ لأنه أدى جزءاً من صلاته متردداً في كونه منها أو زائداً عليها، فضعفت النية، واحتاجت للجبر بالسجود؛ لعموم حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أحدكم إذا قام يصلي جاءه الشيطان فلبس عليه، حتى لا يدري كم صلى، فإذا وجد ذلك أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس))[رواه مسلم].
وهو في هذه الحالة بين أمرين: إما أن يكون الشك بدون ترجيح لأحد الاحتمالين، ففي هذه الحالة يأخذ بالأقل ويبني عليه، ويسجد للسهو؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثاً أم أربعاً، فليطرح الشك، وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم))[رواه مسلم].
أما إذا غلب على ظنه وترجح أحد الاحتمالين، فإنه يعمل به، ويبني عليه، ويسجد سجدتين للسهو؛ لقوله صلى الله عليه وسلم فيمن شك وتردد: ((فليتحر الصواب، فليتم عليه -أي على التحري- ثم ليسلم، ثم ليسجد سجدتين))[متفق عليه].
3- موضع سجود السهو وصفته
الأحاديث وردت في موضع سجود السهو على قسمين:
قسم دل على مشروعيته قبل السلام، والقسم الآخر دل على مشروعيته بعد السلام؛ فالمصلي مخير إن شاء سجد قبل السلام أو بعده؛ لأن الأحاديث وردت بكلا الأمرين، فلو سجد للكل قبل السلام أو بعده جاز.
وصفة سجود السهو: سجدتان كسجود الصلاة، يكبر في كل سجدة للسجود وللرفع منه، ثم يسلم.
13 - صلاة التطوع
الحكمة من مشروعية صلاة التطوع:
من نعم الله على عباده أن هيَّأ لهم من العبادات ما يتلاءم مع طبيعتهم البشرية ويحقق ما أراده من أداء الأعمال على الوجه الصحيح، وحيث أن الإنسان معرض للخطأ والتقصير شرع سبحانه وتعالى ما يكمل ذلك ويكون عوضاً عنه، ومن ذلك صلاة التطوع، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن صلاة التطوع تكمل صلاة الفرض، إن لم يكن المصلي أتمها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة»، قال: " يقول ربنا جل وعز لملائكته وهو أعلم: انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها؟ فإن كانت تامة كتبت له تامة، وإن كان انتقص منها شيئا، قال: انظروا هل لعبدي من تطوع؟ فإن كان له تطوع، قال: أتموا لعبدي فريضته من تطوعه، ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم))[رواه أبو داود وصححه الألباني].
ومن صلاة التطوع:
أ- السنن الرواتب: وأفضل الرواتب سنة الفجر لحديث عائشة مرفوعا: ((ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها))[رواه مسلم والترمذي وصححه] [رواه مسلم]. والرواتب المؤكدة اثنتا عشرة ركعة: أربع قبل الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان بعد الفجر، ويسن قضاء الرواتب إذا فاتت، وقضاء الوتر مشفوعاً إلا ما فات مع فرضه وكثر فالأولى تركه؛ لحصول المشقة به إلا سنة الفجر فيقضيها مطلقا لتأكيدها، وفعل الكل ببيت أفضل عكس المكتوبة وما تشرع له الجماعة. [رسالة في الفقه الميسر (ص: 43-45)].
ب- الوتر: والوتر سنة مؤكدة فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر به، وأقله ركعة، وأدنى الكمال ثلاث، وأكثره إحدى عشرة ركعة، ووقته: ما بين صلاة العشاء وطلوع الفجر .
صفاته:
1 - أن يصليه ثلاث ركعات أو خمساً أو سبعاً سرداً فلا يجلس للتشهد إلا في آخر ركعة.
2 - أن يصلي تسع ركعات فيجلس فيتشهد في الركعة الثامنة ثم يقوم من غير سلام ثم يأتي بالركعة التاسعة ويتشهد ويسلم.
3 - أن يسلم من كل ركعتين ثم يختم بركعة واحدة ويتشهد ويسلم وهذه أفضل الصفات؛ لأنها هي التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم وداوم عليها.
ج- صلاة الليل: وصلاة الليل أفضل من صلاة النهار والثلث الأخير من الليل أفضل لقوله صلى الله عليه وسلم: ((ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له))[متفق عليه].
د- صلاة الضحى: وتسن صلاة الضحى، وأقلها ركعتان وأكثرها ثمان.
ه- تحية المسجد: وتسن تحية المسجد، لحديث أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) [رواه الجماعة]. [متفق عليه واللفظ للبخاري].
(https://www.facebook.com/hashtag/%D9%81%D9%82%D9%87_%D8%A7%D9%8 4%D8%B5%D9%84%D8%A7%D8%A9?sour ce=feed_text&story_id=1443361962649274)
14 - صلاة المسافر
السفر: هو مفارقة محل الإقامة، ولأن في السفر المشقة غالباً، أباح الشرع للمسافر أحكاماً في السفر منها الجمع والقصر في السفر، والإسلام دين رحمة وتيسير، عن يعلى بن أمية قال: قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ}(سورة النساء 101) فقد أمن الناس!، فقال: عجبت مما عجبت منه، فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال: ((صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته))[رواه مسلم].
حكم القصر والجمع:
القصر في السفر سنة مؤكدة وهو قصر الصلاة الرباعية (الظهر والعصر والعشاء) إلى ركعتين، أما المغرب والفجر فلا تقصران أبداً، وفعل كل صلاة في وقتها في السفر هو الأفضل إن لم يكن هناك سبب يوجب الجمع كمواصلة السير ونحوه، وأما الجمع فيجوز في الحضر والسفر عند وجود سببه، فتجمع الظهر مع العصر، وتجمع المغرب مع العشاء، في وقت إحداهما، وإذا سافر المسلم ماشياً، أو راكباً، براً، أو بحراً، أو جواً، سن له قصر الصلاة الرباعية ركعتين، ويجوز له أن يجمع بين الصلاتين في وقت إحداهما إذا احتاج إلى ذلك حتى ينتهي سفره قالت عائشة رضي الله عنها: "الصلاة أول ما فرضت ركعتين فأقرت صلاة السفر وأتمت صلاة الحضر[متفق عليه].
ويبدأ المسافر في أحكام السفر من القصر والجمع والفطر والمسح إذا فارق عامر قريته، ولا حد للمسافة في السفر، وإنما يرجع ذلك إلى العرف، فما عده الناس سفراً تعلقت به أحكام السفر، فمتى سافر الإنسان ولم ينو الإقامة المطلقة أو الاستيطان فهو مسافر تنطبق عليه أحكام السفر حتى يعود إلى بلده، ويقصر المسافر في كل ما يسمى سفراً، وإن أتم فصلاته صحيحة، لكنه ترك الأفضل، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المدينة إلى مكة، فصلى ركعتين ركعتين، حتى رجع [رواه مسلم]. والعبرة في قصر الصلاة اعتبار المكان لا الزمان، فإذا نسي المسافر صلاة حضر ثم ذكرها في سفر قصرها، وإن ذكر صلاة سفر في حضر أتمها، وإذا دخل وقت الصلاة ثم سافر فله أن يقصر ويجمع، وإن دخل وقت الصلاة وهو في السفر ثم دخل بلده فإنه يتم ولا يقصر ولا يجمع، ومن أراد أن يجمع بين الظهر والعصر، أو بين المغرب والعشاء، يؤذن ثم يقيم ويصلي الأولى، ثم يقيم ويصلي الثانية، والصلوات التي تقصر في السفر هي: الظهر والعصر والعشاء، وأما الصلوات التي تجمع في السفر فهي: الظهر والعصر معاً، والمغرب والعشاء معاً، أما الفجر فتصلى سفراً وحضراً وحدها بلا جمع، عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر بالمدينة أربعا، وصلى العصر بذي الحليفة ركعتين. [متفق عليه].
وإذا صلى مقيم خلف مسافر فالسنة أن يقصر المسافر ويتم المقيم صلاته بعد سلام الإمام، وإذا صلى المسافر خلف المقيم لزم المسافر الإتمام كالمقيم ، وأما النوافل في السفر فالسنة ترك السنن الرواتب في السفر ما عدا الوتر، وسنة الفجر.
مصطفى طالب مصطفى
09-07-2015, 03:52 PM
الجنائز
1 - حال المسلم عند الإحتضار
يُسنُّ للمسلم أن يكثر من تذكُّر الموت، وأن يستعد لملاقاته بالمبادرة إلى التوبة والإقبال على الخير، ومجانبة الشر، خشية أن يفجأه؛ فيمتثل أوامر ربه ويجتنب نواهيه؛ وقد ثبت عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أَكْثرُوا مِنْ ذِكْرِ هَادِم اللَّذَّات)) يَعْنِي المَوْت [رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة، وصححه الألباني].
ويجب على المريض أن يرضى بقضاء الله ويصبر على مرضه ووجعه؛ لما وعد الله الصابرين من الأجر؛ قال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10] وعليه أن يحسن الظن بربه، فذلك خير له.
وينبغي عليه أن يكون بين الخوف والرجاء، يخاف عقاب الله على ذنوبه، ويرجو رحمة ربه.
وإذا كان عليه حقوق فليؤدها إلى، أصحابها، إن تيسر له ذلك. وإلا أوصى بذلك، وعليه أن يستعجل بمثل هذه الوصية،
ويسن له إذا دخل المسلم على أخيه في هذه الحال أن يدعو له ويرقيه؛ لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم: (كَانَ يُعَوِّذُ بَعْضَ أَهْلِهِ يَمْسَحُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ أَذْهِبْ الْبَاسَ، اشْفِهِ وَأَنْتَ الشَّافِي، لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا) [رواه البخاري].
ويستحب لمن حضر عند المحتضر أن يلقنه قول: "لا إله إلا الله" مرة واحدة عند مرض موته؛ لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ) [رواه مسلم].
ولا ينبغي له أن يزيد عن مرة واحدة، حتى لا يتسبب في ضجره وملله، إلا إذا تكلم المريض، فيعيد تلقينه لتكون آخر كلامه؛ كما في حديث معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ) [رواه أبو داود وأحمد، وصححه الألباني].
وعلى من حضر عند الميت، فعليه: تغميض عيني الميت ؛ لحديث أم سلمة قالت : (دَخَلَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبي سَلَمَةَ وَقَدْ شَقَّ بَصَرُهُ فَأَغْمَضَهُ...) [رواه مسلم].
وأن يغطوا جسده بشيء يستره؛ حتى لا يكون عرضة للناظرين.
ولا بأس بتقبيل الميت والنظر إليه، ولو كان ذلك بعد تكفينه؛ لما ثبت عن عائشة وابن عباس رضي الله عنهما: (أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَبَّلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مَيِّتٌ) [رواه البخاري].
(https://www.facebook.com/hashtag/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%A7 %D8%A6%D8%B2?source=feed_text&story_id=1443839869268150)
2 - تغسيل الميت
وهو فرض كفاية، إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين.
وينبغي أن يراعى عند غسله الأمور الآتية:
أولاً: أن يتولى غسل الذكر الرجال، والأنثى النساء؛ إلا الزوجان فإنه يجوز لكل منهما أن يتولى غسل الآخر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((ما ضرك لو مت قبلي فغسلتك...))[رواه أحمد وابن ماجة والنسائي، وحسنه الألباني]. وغسلت أسماء بنت عميس زوجها أبا بكر الصديق [رواه مالك].
ثانياً: إذا كان الميت رجلاً بين نساء أجنبيات، أو امرأة بين رجال أجانب ، فإنه ييمم؛ فيضرب الميمم له التراب بيديه، ثم يمسح بهما وجهه وكفيه.
ثالثاً: أن يجرد الميت عند غسله من ثيابه، ويوضع عليه ما يستر عورته، ويجعل في مكان يستره عن أعين الناس.
رابعاً: يستحب للمغسل أن يلين مفاصل الميت إن سهل عليه ذلك، وإلا ترك ذلك إذا خشي أن تنكسر أعضاؤه.
خامساً: يرفع المغسل رأس الميت حتى يصل إلى هيئة قريبة من الجلوس، ويعصر بطنه برفق ليخرج ما به من الفضلات.
سادساً: يقوم المغسل بغسل عورة الميت؛ فيلف على يديه خرقة، أو يلبس قفازا يدلك به العورة، من غير أن يلمسها بيده مباشرة، أو ينظر إليها.
سابعاً: بعد غسل عورة الميت، يسمي الغاسل ويوضئ الميت؛ كوضوء الصلاة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لمن غسل ابنته زينب: (ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها))[رواه البخاري ومسلم].
ثامناً: يجتنب إدخال الماء إلى أنف الميت وفمه، ولكن يلف أصبعه بخرقة مبلولة ينظف بها أسنانه ومنخريه..
تاسعاً: يجعل المغسل في الماء شيئاً من السدر -أو شيئا من المنظفات- لغسل الميت، فيبدأ بغسل رأسه ولحيته ثلاث مرات.
عاشراً: يقوم بغسل جسد الميت بدءاً بالجنب الأيمن؛ فيجعل شقه الأيسر، ويغسل جنبه الأيمن من الأمام والخلف، ثم يجعل على شقه الأيمن، ويغسل الجنب الأيسر من الأمام والخلف..
الحادي عشر: يستحب أن يعيد المغسل غسل جسد الميت ثلاثا، وله أن يزيد عن ثلاث إذا احتاج إلى ذلك، ولو بلغ سبع مرات، أو أكثر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لمن غسل ابنته: (اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً، أو أكثر من ذلك إذا رأيتن ذلك))[رواه البخاري ومسلم].
الثاني عشر: إذا خرج شيء من القذر من الميت بعد الغسل، فينظف الموضع الذي خرج منه القذر، ثم يحشى بقطن، ثم يوضأ الميت كوضوء الصلاة. أما إذا خرج شيء بعد تكفينه، فلا يعاد غسله..
الثالث عشر: يسن للغاسل أن يجعل في الغسلة الأخيرة كافوراً أو شيئاً من الطيب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لمن غسل ابنته: (( اجعلن في الغسلة الأخيرة كافورا، أو شيئا من كافور))[رواه البخاري ومسلم] والكافور: طيب بارد تطرد رائحته الحشرات.
أما إذا كان المميت محرماً، فلا يطيب لا في جسده ولا في كفنه.
الرابع عشر: إذا كان الميت رجلاً فلا يستحب تسريح شعره، أو تقليم أظفاره، أو حلق عانته، أو نتف إبطه، أما المرأة فيجعل شعرها بعد الانتهاء من الغسل ثلاث ضفائر، ويجعل وراء ظهرها.
الخامس عشر: السقط -وهو الجنين الذي سقط من بطن أمه قبل تمامه- إذا لم يبلغ أربعة أشهر ولم يتبين خلقه، فإنه لا يغسل، ولا يصلى عليه، وإنما يلف في خرقة ويدفن، فإذا بلغ أربعة أشهر أو أكثر؛ فإنه يغسل ويصلى عليه؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "والسقط يصلى عليه، ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة) [رواه أبو داود، وأحمد وصححه الألباني].
السادس عشر: وينبغي على من تولى غسله أن يفعل ذلك مبتغيا به وجه الله، لا يريد جزاءاً ولا شكوراً، ويجب عليه أن يستر عليه، ولا يحدث بما قد يرى من المكروه.
(https://www.facebook.com/hashtag/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%A7 %D8%A6%D8%B2?source=feed_text&story_id=1443840109268126)
3 - تكفين الميت
بعد الفراغ من غسل الميت، يجب تكفينه؛ وذلك فرض كفاية، إذا قام به البعض سقط على الباقين، لقوله صلى الله عليه وسلم في المحرم: ((كفنوه في ثوبيه))[رواه البخاري ومسلم].
ونفقات التكفين ومؤنة التجهيز؛ من حمل للمقبرة ودفن ونحوه، من تركة الميت، أي من ماله الخاص فإن لم يكن له مال فعلى من تلزمه نفقته في حال الحياة، فإن لم يوجد أحد ممن تلزمه نفقة الميت، فنفقة تكفينه وتجهيزه من بيت مال المسلمين إن وجد، وإلا فعلى جماعة المسلمين المستطيعين.
وينبغي أن يكون الكفن طائلاً سابغاً يستر جميع بدن الميت؛ لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوماً فذكر رجلاً من أصحابه قبض فكفن في كفن غير طائل، وقبر ليلاً فزجر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبر الرجل بالليل حتى يُصلى عليه، إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه))[رواه مسلم]. وزيادة عند أحمد: ((إن استطاع)).
والمراد بإحسان الكفن نظافته وكثافته وستره وتوسطه، وليس المراد به السرف فيه والمغالاة ونفاسته.
ويستحب أن يكون أبيضاً ؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((البسوا من ثيابكم البياض، فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم))[رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني].
ومقدار الكفن الواجب ثوب يستر جميع الميت، إلا المحرم فإنه يستر جميع بدنه إلا رأسه، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينما رجل واقف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة إذ وقع عن راحلته فوقصته، أو قال: فأوقصته فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبين، ولا تمسوه طيباً، ولا تخمروا رأسه، ولا تحنطوه، فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبياً))[رواه البخاري].
ويستحب تكفين الرجل في ثلاث لفائف؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: "كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض سَحُولية جُدَد يمانية ليس فيها قميص ولا عمامة"[رواه البخاري ومسلم].
والسنة أن يكفن الرجل في ثلاثة أثواب بيض، كما كفن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، وإن كفن في ثوب واحد واسع يعمه ويستره كفى، أما المرأة فالأفضل تكفينها في خمسة أثواب: إزار، وخمار، وقميص، ولفافتين، فهذا هو الأفضل كما ذكره أهل العلم، وإن كفنت في أقل من ذلك فلا بأس.
ويستحب تطييب الأكفان بالبخور أو العطور ثلاثاً، لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أجمرتم الميت فأجمروه ثلاثاً))[رواه أحمد، وصححه الألباني].
ويتم تكفين الرجل بأن تبسط اللفائف الثلاث بعضها فوق بعض, ثم يؤتى بالميت مستورًا وجوباً بثوب ونحوه، ويوضع فوق اللفائف مستلقياً, ثم يؤتى بالحنوط وهو الطيب ويجعل منه في قطن بين أليتي الميت, ويشد فوقه خرقة, ثم يجعل باقي القطن المطيب على عينيه ومنخريه وفمه وأذنيه وعلى مواضع سجوده: جبهته, وأنفه, ويديه, وركبتيه, وأطراف قدميه, ومغابن البدن: الإبطين, وطي الركبتين وسرته, ويجعل من الطيب بين الأكفان وفي رأس الميت, ثم يرد طرف اللفافة العليا من الجانب الأيسر على شقه الأيمن, ثم طرفها الأيمن على شقه الأيسر, ثم الثانية كذلك، ثم الثالثة كذلك, ويكون الفاضل من طول اللفائف عند رأسه أكثر مما عند رجليه, ثم يجمع الفاضل عند رأسه ويرد على وجهه, ويجمع الفاضل عند رجليه فيرد على رجليه, ثم يعقد على اللفائف أحزمة.
وأما المرأة فتكفن في خمسة أثواب، يبدأ تكفينها بالإزار على العورة وما حولها، ثم تلبس قميصاً على الجسد، ثم القناع على الرأس وما حوله، ثم تلف بلفافتين على النحو المذكور بالنسبة للرجل..
وينبغي أن يكون الكفن حسناً دون مغالاة في ثمنه، لأن في المغالاة فيه إضاعة للمال وقد نهينا عن ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله كره لكم ثلاثاً: قيل وقال وإضاعة المال وكثرة السؤال))[رواه البخاري ومسلم].
(https://www.facebook.com/hashtag/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%A7 %D8%A6%D8%B2?source=feed_text&story_id=1443840202601450)
4 - الصلاة ع الميت
بعد الانتهاء من تكفين الميت؛ يجب على من حضره من المسلمين أن يصلوا عليه، وصفتها؛ كما يلي:
يوضع الميت على الأرض جهة القبلة.
ثم يقف الإمام عند رأس الميت إذا كان رجلاً، وعند وسطه إذا كان الميت امرأة، ويكون رأس الميت عن يمين الإمام.
ويصطف المصلون خلف الإمام، ويجوز عند ضيق المكان أن يقفوا عن يمين الإمام ويساره، ويستحب أن يقف المصلون خلف الإمام ثلاثة صفوف.
ثم يكبر المصلي التكبيرة الأولى، ويستفتح، ويقرأ الفاتحة سراً لا جهراً، ثم يكبر الثانية ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة الإبراهيمية التي نقرؤها في الصلاة، ثم يكبر الثالثة ويجتهد في الدعاء للميت بالمغفرة ورفع الدرجات، وأن يبدله الله خيراً من أهله، وأن يخلفه في أهله بخير، ثم يكبر الرابعة ويسلم.
وأفضل الدعاء ما ثبت في صحيح مسلم وغيره: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة فكان دعاؤه قوله: "اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خير من أهله وزوجاً خيراً من زوجه وأدخله الجنة وقه فتنة القبر وعذاب النار".
وما ثبت في السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى على جنازة قال: "اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان".
ثم يكبر الرابعة ثم يسلم تسليمة واحدة عن يمينه، ويجوز أن يسلم تسليمتين كما في الصلاة المكتوبة إحداهما عن يمينه، والأخرى عن يساره.
ومن فاتته الصلاة على الميت مع الإمام، جاز له أن يصلي على القبر، فيجعل القبر بينه وبين القبلة، ويصلي عليه على النحو المذكور سابقا.
(https://www.facebook.com/hashtag/%D8%B3%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A9 _%D8%AF%D9%84%D9%8A%D9%84_%D8% A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9% 85?source=feed_text&story_id=1443840282601442)
5 - حمل الجنازة ودفنها
بعد الفراغ من الصلاة على الميت يجب تشيعه إلى المقبرة لدفنه، وذلك من فروض الكفاية على من علم بحاله من المسلمين، قال تعالى: {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} [عبس(21)] أي: جعله مقبورًا، والأحاديث في دفن الميت مستفيضة، وهو بر وطاعة وإكرام للميت واعتناء به. ويسن إتباع الجنازة وتشييعها إلى قبرها؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((من شهد جنازة حتى يصلى عليها؛ فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن؛ فله قيراطان)). قيل: وما القيراطان؟ قال: ((مثل الجبلين العظيمين))[رواه البخاري ومسلم]. ويسن لمن تبعها المشاركة في حملها إن أمكن، ولا بأس بحملها في سيارة لا سيما إذا كانت المقبرة بعيدة. ويسن الإسراع بالجنازة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((أسرعوا بالجنازة، فإن تك صالحة؛ فخير تقدمونها إليه، وإن تك سوى ذلك؛ فشر تضعونه عن رقابكم))[رواه البخاري ومسلم].
لكن لا يكون الإسراع شديدًا، ويكون على حامليها ومشيعيها السكينة، ولا يرفعون أصواتهم؛ لا بقراءة ولا غيرها من تهليل وذكر لأن هذا بدعة.
ويحرم خروج النساء مع الجنائز؛ لحديث أم عطية: "نهينا عن إتباع الجنائز"، ولم تكن النساء يخرجن مع الجنائز على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؛ فتشييع الجنائز خاص بالرجال. ويسن أن يعمق القبر ويوسع؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((احفروا وأوسعوا وأعمقوا))[رواه أبو داود وابن ماجة، وصححه الألباني]. ويسن ستر قبر المرأة عند إنزالها فيه لأنها عورة. ويسن أن يقول من ينزل الميت في القبر: ((بسم الله، وعلى ملة رسول الله)) لما جاء في ذلك في الحديث الذي رواه الترمذي؛ وصححه الألباني]. ويوضع الميت في لحده على شقه الأيمن مستقبل القبلة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الكعبة: ((قبلتكم أحياءً وأمواتاً))[رواه أبو دود، وحسنه الألباني].
ويجعل تحت رأسه لبنة، أو حجر، أو تراب، ويُدنى من حائط القبر الأمامي، ويجعل خلف ظهره ما يسنده من تراب، حتى لا ينكب على وجهه، أو ينقلب على ظهره.
ثم تسد عليه فتحة اللحد باللبِن والطين حتى يلتحم، ثم يهال عليه التراب، ولا يزاد عليه من غير ترابه.
ويرفع القبر عن الأرض قدر شبر، ويكون مسنماً، أي: محدباً كهيئة السنام لتنزل عنه مياه السيول، ويوضع عليه حصباء، ويرش بالماء ليتماسك ترابه ولا يتطاير، والحكمة في رفعه بهذا المقدار؛ ليعلم أنه قبر فلا يداس، ولا بأس بوضع النصائب على طرفيه لبيان حدوده، وليعرف بها، من غير أن يكتب عليها.
ويستحب إذا فرغ من دفنه أن يقف المسلمون على قبره ويدعوا له ويستغفروا له؛ لأنه عليه الصلاة والسلام كان إذا فرغ من دفن الميت؛ وقف عليه، وقال: ((استغفروا لأخيكم، واسألوا له التثبيت؛ فإنه الآن يسأل))[رواه أبو داود، وصححه الألباني]. وأما قراءة شيء من القرآن عند القبر؛ فإن هذا بدعة؛ لأنه لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا صحابته الكرام، وكل بدعه ضلالة. ويحرم البناء على القبور وتجصيصها –الجِصُّ هو الجِبْس) والكتابة عليها؛ لقول جابر: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبني عليه"[رواه مسلم].
وروى الترمذي وصححه من حديث جابر مرفوعا: "نهى أن تجصص القبور، وأن يكتب عليها، وأن توطأ" ولأن هذا من وسائل الشرك والتعلق بالأضرحة؛ لأن الجهال إذا رأوا البناء والزخرفة على القبر؛ تعلقوا به.
ويحرم إسراج القبور، أي: إضاءتها بالأنوار الكهربائية وغيرها، ويحرم اتخاذ المساجد عليها، أي: ببناء المساجد عليها، والصلاة عندها أو إليها، وتحرم زيارة النساء للقبور؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لعن الله زوارات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج"[رواه أبو داود، والنسائي، ].
وفي "الصحيح": ((لعن الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد))، ولأن تعظيم القبور بالبناء عليها ونحوه هو أصل شرك العالم.
وتحرم إهانة القبور بالمشي عليها، ووطئها بالنعال، والجلوس عليها، وجعلها مجتمعاً للقمامات، أو إرسال المياه عليها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لأن يجلس أحدكم على جمرة، فتخرق ثيابه، فتخلص إلى جلده: خير من أن يجلس على قبر))[رواه مسلم].
ولا يدفن مسلم مع كافر، ولا كافر مع مسلم، بل يدفن المسلم في مقابر المسلمين، والكافر في مقابر المشركين، كذلك كان الأمر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، واستمر إلى عصرنا هذا.
ولا بأس من أن يدفن في القبر الواحد اثنان أو أكثر عند الضرورة، ويقدم أفضلهم.
Bottom of Form
Top of Form
Bottom of Form
(https://www.facebook.com/hashtag/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%A7 %D8%A6%D8%B2?source=feed_text&story_id=1443840322601438)
6 - التعزية والزيارة
يقصد بالتعزية: تسليةُ أهلِ الميّتِ، وحثُّهم على الصّبرِ بوعدِ الأجرِ، والدُّعاءِ للميّتِ المسلمِ والمصابِ.
وتُسنُّ تعزيةُ المسلمِ المصابِ بميّتٍ؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَزِّي أَخَاهُ بِمُصِيبَةٍ إلَّا كَسَاهُ اللهُ عز وجل مِنْ حُلَلِ الْكَرَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ))[رواه ابن ماجة، وحسنه الألباني].
وهي مشروعة قبل الدّفنِ وبعده.
وتمتدُّ التّعزيةُ ثلاثةَ أيّامٍ بليالِيهنّ؛ لإذنِ الشّارعِ في الإحدادِ إلى ثلاثٍ؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا)) [رواه البخاري ومسلم].
وتكرهُ بعدها إلا لغائبٍ؛ حتّى لا يتجدَّدَ له الحُزنُ.
ويُقالُ للمسلمِ المُصابِ بميّتٍ في التّعزيةِ: ((أَعْظَمَ اللهُ أَجْرَكَ، وَأَحْسَنَ عَزَاءَكَ، وَغَفَرَ لِمَيّتِكَ)).
ولا يتعيّنُ ذلك؛ بل إن شاءَ قالَهُ، وإن شاءَ قالَ غيرَه؛ إذ الغرضُ الدُّعاءُ للمصابِ وميّتِهِ. ويقولُ المُصابُ: "اسْتَجَابَ اللهُ دُعَاءَكَ، وَرَحِمَنَا وَإِيَّاكَ".
ولا بأسَ بالبُكاءِ على الميّتِ قبلَ الموتِ وبعدَهُ؛ بلا ندبٍ، ولا نياحةٍ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ اللهَ لاَ يُعَذِّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ وَلاَ بِحُزْنِ الْقَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا - وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ - أَوْ يَرْحَمُ))[رواه البخاري ومسلم]. ويَحرمُ النَّدبُ، وهو: البُكاءُ مع تَعدادِ مَحاسنِ الميّتِ. والنِّياحةُ، وهي: رفعُ الصّوتِ بذلكَ برَنّةٍ؛ لحديثِ أمّ عطيّة رضي الله عنها قالت: "لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لاَ يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئًا}. {وَلاَ يَعْصِينَكَ فيِ مَعْرُوفٍ} كَانَ مِنْهُ النِّيَاحَةُ))[رواه مسلم]؛ فسمّاهُ معصيةً.
وعنها رضي الله عنها قالت: ((أَخَذَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الْبَيْعَةِ أَنْ لَا نَنُوحَ))[رواه البخاري ومسلم].
ويَحرمُ شَقُّ الثّوبِ، ولَطمُ الخدِّ، والصُّراخُ، ونَتفُ الشَّعرِ، ونَشْرُهُ، وحَلْقُهُ؛ لحديثِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ((لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ))[رواه البخاري ومسلم].
وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: ((أَنَا بَرِيءٌ مِمَّنْ بَرِئَ مِنْهُ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، إِنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بَرِئَ مِنْ الصَّالِقَةِ، وَالحَالِقَةِ، وَالشَّاقَّةِ))[رواه البخاري ومسلم].
والصّالقةُ: بالصّادِ أي: الّتي ترفعُ صوتَها عند المصيبةِ، وقيل: الّتي تضربُ وَجْهَها.
والحالقةُ: الّتي تحلِقُ شعرَها.
والشّاقّةُ: الّتي تَشُقُّ ثوبَها.
وتُسَنُّ زيارةُ القبورِ للرِّجالِ؛ لحديث سليمان بن بريدة عن أبيه قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((قَدْ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ؛ فَقَدْ أَذِنَ لمُحَمَّدٍ فِي زِيَارَةِ قَبْرِ أُمِّهِ؛ فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمْ الْآخِرَةَ)) [رواه التّرمذي، وأصلُه في مسلمٍ]. وتُكرَهُ زِيارةُ القُبُورِ للنِّساءِ؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: ((لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ زَائِرَاتِ الْقُبُورِ... ))[رواه أبو داود وسكت عنه، والنسائي، والتّرمذيّ وحسّنه، وضعّفه آخرون].
ولأنّ المرأةَ قليلةُ الصّبرِ، كثيرةُ الجزعِ، وفي زيارتِها للقبورِ تهييجٌ للحزنِ، وتجديدٌ لذكرِ مصابِها؛ فلا يؤمنُ أن يفضيَ بها ذلك إلى فعلِ ما لا يحلُّ؛ بخلافِ الرّجلِ.
وإنْ مرَّتِ المرأةُ بقبرٍ فِي طريقِها فسلّمتْ عليهِ، ودعتْ لهُ فحسنٌ؛ لأنّها لمْ تخرجْ لذلك.
ويُسَنُّ لمنْ زارَ القبورَ أو مرَّ بها أن يقولَ: ((السّلامُ عليكُمْ دارَ قومٍ مؤمنينَ، وإنّا إنْ شاءَ اللهُ بكم للَاحِقُونَ، ويرحمُ اللهُ المُستقدِمينَ منكُمْ والمستأخِرينَ، نسألُ اللهَ لنا ولكُم العافيةَ، اللّهُمّ لا تحرِمْنا أجرَهم، ولا تفتِنّا بعدَهُم، واغفرْ لنا ولهُم)[رواه مسلم]. والسُّنة أن يُصنع لأهل الميِّت طعامًا يُشبعهم؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لَمَّا جاء نعْي جعفر: ((اصْنَعوا لآل جعفر طعامًا، فقد أتاهم أمرٌ يَشغلهم، أو أتاهم ما يَشغلهم))[رواه ابن ماجة وأحمد، وحسنه الألباني].
وينبغي أن نَجتنب من ذلك أن يُصنع الطعام لأهل الميِّت بكثرة، بحيث يَجتمع الناس عندهم للطعام، لكن إذا كان المعزُّون من أماكنَ بعيدة، جاز إعداد طعامٍ لهم؛ لأن هذا لا يكون شبيهًا باجتماع النياحة.
مصطفى طالب مصطفى
09-07-2015, 03:52 PM
الزكاة
1 - التعريف
حق يجب في المال الذي بلغ نصابا معينا، بشروط مخصوصة، لطائفة مخصوصة، وهي تزكية للنفس، وطهرة للعبد.
2 - الحكم
الزكاة ركن من أركان الإسلام الخمسة، قال سبحانه: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا} [التوبة: 103]. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان)) [متفق عليه].
3 - الحكمة من مشروعيتها
1- الزكاة دليل على صدق إيمان المزكي، ودليل على طلب صاحبها لرضا الله عز وجل.
2- تزكي أخلاق المزكي، فتنتشله من بين البخلاء، وتدخله بين الكرماء.
3- هي سبب من أسباب دخول الجنة، فإن الجنة ((لمن أطاب الكلام، وأفشى السلام، وأطعم الطعام وصلى بالليل والناس نيام))، وكلنا يسعى إلى دخول الجنة.
4- الزكاة تلحق الإنسان بالمؤمن الكامل ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) أخرجه البخاري. فكما أنك تحب أن يبذل لك المال الذي تسد به حاجتك، فأنت تحب أن تعطيه أخاك، فتكون بذلك كامل الإيمان.
5- أنها تجعل المجتمع المسلم كالأسرة الواحدة، فيعطف فيه القادر على العاجز، والغني على الفقير، فيصبح الإنسان يشعر بأن له إخواناً يجب عليه أن يحسن إليهم كما أحسن الله إليه، قال تعالى: {وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} [القصص: 77].
6- تزكي مال العبد وتنميه، فإذا تصدق الإنسان من ماله فإن ذلك يقيه الآفات، وربما يفتح الله له زيادة رزق بسبب هذه الصدقة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما نقصت صدقة من مال))[ أخرجه مسلم].
4 - شروط وجوب الزكاة
1- الإسلام، فلا تجب على الكافر؛ لأنها عبادة يتقرب بها العبد إلى ربه سبحانه وتعالى، والكافر لا تقبل منه العبادة حتى يدخل في دين الإسلام، قال تعالى: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ} [التوبة: 54].
2- الحرية: فالعبد لا يملك شيئا، وما في يد العبد ملك لسيده، فتجب زكاته على سيده.
3- أن يبلغ المال النصاب، فلو نقص عنه لم تجب فيه الزكاة.
4- أن يمر الحول-أي السنة الهجرية الكاملة- على المال، فلا بد أن يمر على المال الذي بلغ النصاب في حوزة مالكه اثنا عشر شهرا قمريا، وهذا الشرط خاص ببهيمة الأنعام، والذهب والفضة وعروض التجارة، أما الزروع والثمار والمعادن والركاز فلا يشترط لها الحول، لقوله سبحانه: {وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141]، والمعادن والركاز مال مستفاد من الأرض، فلا يعتبر في وجوب زكاته حول.
(https://www.facebook.com/hashtag/%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%83%D8%A7 %D8%A9?source=feed_text&story_id=1443840645934739)
5 - الأموال التي تجب فيها الزكاة
1- الأثمان: وهي الذهب والفضة وما يقوم مقامهما من العملات الورقية، يقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة:34].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما من صاحب ذهب ولا فضة، لا يؤدي منها حقها، إلا إذا كان يوم القيامة، صفحت له صفائح من نار، فأحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت أعيدت له، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله، إما إلى الجنة، وإما إلى النار)) أخرجه مسلم.
فتجب فيها الزكاة إذا بلغت النصاب، وهو عشرون مثقالا من الذهب، ويساوي بالجرامات (85) جراما، فإذا بلغ هذا القدر من الوزن أو أكثر فزكاته ربع العشر.
ونصاب الفضة مائتا درهم من الفضة لقوله صلى الله عليه وسلم: ((ليس فيما دون خمس أواق صدقة)) والأوقية أربعون درهما، فخمس أواق تساوي مائتي درهم، وهو ما يعادل (595) جراما من الفضة، فإذا بلغ هذا القدر من الوزن أو أكثر فزكاته ربع العشر.
أما الأوراق المالية فإنها تقدر وتقوم على أساس ما يعادل الذهب والفضة، وزكاته ربع العشر أيضا.
2- بهيمة الأنعام: وهي الإبل، والبقر، والغنم، قال صلى الله عليه وسلم: ((ما من صاحب إبل، ولا بقر، ولا غنم لا يؤدي زكاتها إلا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت، وأسمنه تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها، كلما نفدت أخراها، عادت عليه أولاها، حتى يقضى بين الناس)) أخرجه مسلم.
ويشترط لوجوب الزكاة في بهيمة الأنعام الشروط التالية:
أ- أن تتخذ للدر والنسل لا للعمل.
ب- أن تبلغ النصاب، وهو في الإبل خمس، وفي البقر ثلاثون، وفي الغنم أربعون.
ج- أن يحول عليها الحول، عند مالكها وهي نصاب.
د- أن تكون سائمة، وهي التي ترعى في المراعي التي ينبت فيها الزرع بفعل الله دون أن يزرعه أحد لقوله صلى الله عليه وسلم: ((وفي صدقة الغنم في سائمتها، إذا كانت أربعين إلى مائة وعشرين شاة)) أخرجه البخاري.
3- عروض التجارة: وهي كل ما أعد للبيع والشراء من أجل الربح، يقول سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة: 267].
وقوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: ((أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم)) متفق عليه.
ويشترط لوجوب الزكاة في عروض التجارة شروط:
أولاً: أن يملكها بنية التجارة؛ بأن يقصد التكسب بها؛ لأن الأعمال بالنيات؛ والتجارة عمل؛ فوجب اقتران النية به كسائر الأعمال.
ثانياً: أن تبلغ قيمتها نصابا من أحد النقدين.
ثالثاً: تمام الحول عليها لقوله صلى الله عليه وسلم.
وكيفية إخراج زكاة العروض: أنها تقوَّم عند تمام الحول بأحد النقدين: الذهب أو الفضة، فإذا قومت وبلغت قيمتها نصابا بأحد النقدين؛ أخرج ربع العشر من قيمتها، ولا يعتبر ما اشتريت به، بل يعتبر ما تساوي عند تمام الحول؛ لأنه هو عين العدل بالنسبة للتاجر وبالنسبة لأهل الزكاة.
4- الخارج من الأرض، فتجب الزكاة في كل مكيل مدخر من الحبوب والثمار، كالحنطة والشعير والذرة والأرز والتمر والزبيب، ولا تجب في الفواكه والخضروات.
ويشترط لوجوب الزكاة في الحبوب الثمار أن يبلغ النصاب وهو خمسة أوسق، لقوله صلى الله عليه وسلم: ((ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة)) متفق عليه.
والوسق ستون صاعا، والخمسة الأوسق ثلاثمائة صاع، أي ما يعادل (624) كيلو جرام تقريبا.
فإذا كان الزرع أو الثمر يسقى بماء السماء ولا كلفة في سقيه، ففيه العشر، وإذا كان الزرع أو الثمر يسقى بكلفة ومؤونة، كمياه الآبار، ففيه نصف العشر.
وتجب الزكاة في الرِّكاز وهو ما وجد مدفوناً في الأرض من مال الجاهلية ، وأهل الجاهلية هم من كانوا موجودين قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم على أي دين كانوا ، وقد أوجب الشرع فيه عند استخراجه الخُمس.
لقوله صلى الله عليه وسلم: ((وفي الرِّكازِ الخُمْس )) [متفق عليه].
(https://www.facebook.com/hashtag/%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%83%D8%A7 %D8%A9?source=feed_text&story_id=1443840705934733)
6 - إخراج الزكاة وأهلها
إذا تحققت شروط الزكاة، وجب على المسلم أن يخرجها على الفور عند حلول وقتها، وهو انتهاء الحول، ويجوز تعجيلها إذا كان مال المزكي قد بلغ النصاب، لمدة لا تزيد عن عامين، لحديث علي رضي الله عنه ((أن النبي صلى الله عليه وسلم تعجل من العباس صدقة سنتين)) أخرجه أبو داود والترمذي.
ويخرجها المسلم لأهلها المستحقين لها الذين حصرهم الله تعالى في قوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة:60].
فهؤلاء ثمانية أصناف هم أهل الزكاة الذين تدفع إليهم:
الأول: الفقراء وهم من ليس لديهم ما يسد حاجتهم ولا حاجة عيالهم فلا يجدون شيئا، أو يجدون أقل من نصف كفايتهم.
الثاني: المساكين وهم الذين يجدون نصف كفايتهم أو أكثر من النصف.
فيعطون ما يكفيهم وعائلتهم لمدة سنة؛ لأن السنة إذا دارت وجبت الزكاة في الأموال ، فكما أن الحول هو تقدير الزمن الذي تجب فيه الزكاة ، فكذلك ينبغي أن يكون الحول هو تقدير الزمن الذي تدفع فيه حاجة الفقراء والمساكين الذين هم أهل الزكاة.
الثالث: العاملون عليها: أي الذين لهم ولاية عليها من قبل ولي الأمر، فيعطون من الزكاة بقدر عملهم فيها، سواء كانوا أغنياء أم فقراء، لأنهم يأخذون الزكاة لعملهم لا لحاجتهم، وعلى هذا فيعطون ما يقتضيه العمل من الزكاة، فإن قدر أن العاملين عليها فقراء، فإنهم يعطون بالعمالة، ويعطون ما يكفيهم لمدة سنة لفقرهم. لأنهم يستحقون الزكاة بوصفين العمالة عليها والفقر .
الرابع: المؤلفة قلوبهم: وهم الذين يعطون لتأليفهم على الإسلام: إما كافر يرجى إسلامه، وإما مسلم نعطيه لتقوية الإيمان في قلبه، وإما شرير نعطيه لدفع شره عن المسلمين.
الخامس: الرقاب، والرقاب فسرها العلماء بثلاثة أشياء :
أ- مكاتب اشترى نفسه من سيده بدراهم مؤجلة في ذمته، فيعطى ما يوفي به سيده.
ب- رقيق مملوك اشْتُرِيَ من الزكاة ليعتق.
ج- أسير مسلم أسره الكفار فيعطى الكفار من الزكاة لفكهم هذا الأسير .
السادس: الغارمون، والغرم هو الدين، وهم الذين تغرموا الديون سواء كان ذلك لأنفسهم أو لإصلاح ذات البين.
السابع: في سبيل الله: والمراد بهم الغزاة في سبيل الله المتطوعون الذين ليس لهم راتب في بيت المال فيعطون من الزكاة سواء كانوا أغنياء أم فقراء.
الثامن: ابن السبيل، وهو المسافر الذي انقطع به السفر ونفدت نفقته، فإنه يعطى من الزكاة ما يوصله لبلده، وإن كان في بلده غنيًّا؛ لأنه محتاج.
(https://www.facebook.com/hashtag/%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%83%D8%A7 %D8%A9?source=feed_text&story_id=1443840805934723)
7 - زكاة الدين
الدَّين الذي للمسلم على غيره لا يخلو من أن يكون على أحد حالين:
الأولى: أن يكون عند مقرٍّ به، معترف بمقداره، باذل له.
والثانية: أن يكون عند معترف به، لكنه معسر، أو مماطل، أو يكون عند جاحد له.
ففي الحال الأولى: يزكي الدَّين بإضافته إلى ما معه من مال، فيزكي عن جميع ماله، وذلك كل عام، ولو لم يقبضه من المدين؛ ويجوز له أن يؤجل أداء زكاة الدَّيْن لحين قبضه، ويؤدي زكاته عن الأعوام كلها.
وفي الحال الثانية: ليس عليه زكاة، وإذا قبضه زكّاه مرة واحدة لسنة واحدة عن كل ما مضى من السنين.
8 - صدقة التطوع وفضلها
من أعظم الأعمال الصالحة وأجلها: صدقة التطوع وهي صدقة اختيارية خارجة عن نطاق الوجوب، وقد تضافرت الأدلة والنصوص القرآنية والنبوية في الحث على هذه الصدقة بأنواعها، مرغبة وداعية إلى الإنفاق ومحذرة من الشح والبخل، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ } [البقرة: 254].
قال سبحانه: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 261].
وقال سبحانه: {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ} [الحديد: 7].
وقال: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [آل عمران: 92].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب - ولا يقبل الله إلا الطيب - وإن الله يتقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبه كما يربي أحدكم فَلوَّه حتى تكون مثل الجبل)) [متفق عليه].
وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله أنفق يا ابن آدم أنفق عليك. [متفق عليه].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((ما من يوم يصبح العباد فيه، إلا وملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: الله أعط ممسكا تلفا)) متفق عليه.
وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي الصدقة أفضل؟ قال: (( أن تصدق وأنت صحيح شحيح، تخشى الفقر، وتأمل الغنى ، ولا تهمل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا ، ولفلان كذا ، وقد كان لفلان))[ متفق عليه].
مصطفى طالب مصطفى
09-07-2015, 03:54 PM
فقه الصيام
1 - التعريف
هو: التعبد لله سبحانه وتعالى بالإمساك عن الأكل والشرب، وسائر المفطرات، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
2 - فضل الصيام
1 - عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث يومئذ ولا يسخب، فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله، يوم القيامة، من ريح المسك، وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه))[رواه مسلم].
2 - وعن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام أي رب منعته الطعام والشهوات، بالنهار، فشفعني به، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل، فشفعني فيه فيشفعان))[رواه أحمد وصححه الألباني] .
3 - وعن أبي أمامة قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: مرني بعمل يدخلني الجنة، قال: ((عليك بالصوم فإنه لا عدل له))[رواه النسائي وصححه الألباني].
4 - وعن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن في الجنة بابا يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد))[رواه البخاري ومسلم].
(https://www.facebook.com/hashtag/%D9%81%D9%82%D9%87_%D8%A7%D9%8 4%D8%B5%D9%8A%D8%A7%D9%85?sour ce=feed_text&story_id=1443840995934704)
3 - فضل شهر رمضان
1 - قال الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}(سورة البقرة 185).
2 - وقال الله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}(سورة القدر 1-5).
3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين))[رواه مسلم].
فضل من صام رمضان إيماناً واحتساباً: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صام رمضان، إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه))[رواه البخاري ومسلم].
فضل من قام رمضان إيماناً واحتساباً: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قام رمضان، إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه))[رواه البخاري ومسلم].
فضل من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه))[رواه البخاري ومسلم].
(https://www.facebook.com/hashtag/%D9%81%D9%82%D9%87_%D8%A7%D9%8 4%D8%B5%D9%8A%D8%A7%D9%85?sour ce=feed_text&story_id=1443841055934698)
4 - حكم صيام شهر رمضان
فرض الله عز وجل صيام شهر رمضان، وجعله أحد أركان الإسلام الخمسة؛ وذلك في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}(سورة البقرة 183) وقوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}(سورة البقرة 185). ولما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام من استطاع إليه سبيلا))[متفق عليه].
وقد أجمعت الأمة على وجوب صيام رمضان، وأنه أحد أركان الإسلام التي عُلِمَت من الدين بالضرورة، وأن منكره كافر، مرتد عن الإسلام.
(https://www.facebook.com/hashtag/%D9%81%D9%82%D9%87_%D8%A7%D9%8 4%D8%B5%D9%8A%D8%A7%D9%85?sour ce=feed_text&story_id=1443841065934697)
5 - ثبوت شهر رمضان
يثبت دخول رمضان بأحد أمرين:
أولهما: كمال الشهر السابق عنه وهو شعبان، فإذا تم لشعبان ثلاثون يوماً، فيوم الواحد والثلاثين هو أول يوم من رمضان قطعاً.
وثانيهما: رؤية هلاله، فإذا رؤي هلال رمضان ليلة الثلاثين من شعبان فقد دخل شهر رمضان، ووجب صومه؛ لقوله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}(سورة البقرة 185). وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين))[رواه النسائي وصححه الألباني]..
(https://www.facebook.com/hashtag/%D9%81%D9%82%D9%87_%D8%A7%D9%8 4%D8%B5%D9%8A%D8%A7%D9%85?sour ce=feed_text&story_id=1443841189268018)
6 - من يجب عليهم صيام رمضان
الذين يجب عليهم الصيام هم: كل مسلم، بالغ، عاقل، صحيح غير مريض، مقيم غير مسافر، والمرأة الطاهرة من الحيض والنفاس.
7 - الأعذار المبيحة للفطر ف رمضان
----------------------------------------------
يباح الفطر في رمضان لأحد الأعذار التالية:
الأول: المرض والكبر، فيجوز للمريض الذي يرجى شفاؤه الفطر، فإذا شفي وجب عليه قضاء الأيام التي أفطرها؛ لقوله تعالى: {أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}(سورة البقرة 184). وقوله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}(سورة البقرة 185). والمرض الذي يرخص معه في الفطر هو: المرض الذي يشق على المريض الصيام بسببه،
أما المريض الذي لا يرجى شفاؤه ، أو العاجز عن الصيام عجزاً مستمراً كالكبير: فإنه يفطر، ولا يجب عليه القضاء، وإنما تلزمه فدية، بأن يطعم عن كل يوم مسكيناً.
الثاني: السفر، فيباح للمسافر الفطر في رمضان، ويجب عليه القضاء؛ لقوله تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}(سورة البقرة 184). ولقوله صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن الصيام في السفر: ((إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر))[متفق عليه]. وإن صام المسافر صح صومه وأجزأه، لحديث أنس رضي الله عنه: "كنا نسافر مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم" [متفق عليه]. ولكن بشرط ألا يشق عليه الصوم في السفر، فإن شق عليه، أو أضر به، فالفطر في حقه أفضل؛ أخذاً بالرخصة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في السفر رجلاً صائماً قد ظلل عليه من شدة الحر، وتجمع الناس حوله، فقال صلى الله عليه وسلم: ((ليس من البر الصوم في السفر))[متفق عليه].
الثالث: الحيض والنفاس، فالمرأة التي أتاها الحيض أو النفاس تفطر في رمضان وجوباً، ويحرم عليها الصوم، ولو صامت لم يصح منها؛ لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟ فذلك من نقصان دينها))[رواه البخاري]. ويجب عليهما القضاء؛ لقول عائشة رضي الله عنها: كان يصيبنا ذلك، فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة [رواه مسلم].
الرابع: الحمل والرضاع: فالمرأة إذا كانت حاملاً أو مرضعاً، وخافت على نفسها أو ولدها بسبب الصوم جاز لها الفطر؛ لما رواه أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إن الله عز وجل وضع عن المسافر شطر الصلاة، وعن المسافر والحامل والمرضع الصوم أو الصيام))[رواه ابن ماجه وصححه الألباني]. وتقضي الحامل والمرضع مكان الأيام التي أفطرتاها، وذلك إن خافتا على نفسيهما، فإن خافت الحامل مع ذلك على جنينها، أو المرضع على رضيعها؛ أطعمت مع القضاء عن كل يوم مسكينا؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما: "والمرضع والحبلى إذا خافتا على أولادهما أفطرتا، وأطعمتا" [رواه أبو داود وصححه الألباني].
فتلخص من ذلك أن الأسباب المبيحة للفطر: السفر، والمرض، والحيض والنفاس، والخوف من الهلاك، كما في الحامل والمرضع، والعجز عن الصيام لكبر السن.
(https://www.facebook.com/hashtag/%D9%81%D9%82%D9%87_%D8%A7%D9%8 4%D8%B5%D9%8A%D8%A7%D9%85?sour ce=feed_text&story_id=1443841309268006)
8 - ما يسن ويكره ف الصيام
سنن الصيام:
للصيام سنن وآداب ينبغي للمسلم فعلها والحرص عليها، ليكمل صيامه، ويزيد أجره، ويحصل له كمال التقوى، وأهم سنن الصيام في رمضان ما يلي:
أكل السحور، وتأخير السحور، وتعجيل الفطر، والفطر على الرطب أو التمر، والدعاء عند الفطر، والجود بأنواع الخير، والإكثار من الصدقة والإطعام، وقراءة القرآن ومدارسته، والمحافظة على صلاة التراويح في رمضان، وقيام الليل، وإحياء الليل في العشر الأواخر من رمضان بأنواع العبادة، وتحري ليلة القدر، وقيام ليلتها، والاعتكاف، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}(سورة البقرة 183).
ويكره في حق الصائم بعض الأمور التي قد تؤدي إلى جرح صومه، ونقص أجره، وهي:
1 - المبالغة في المضمضة والاستنشاق: وذلك خشية أن يذهب الماء إلى جوفه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً))[رواه الترمذي وصححه الألباني].
2 - القبلة لمن تحرك شهوته، وكان ممن لا يأمن على نفسه: فيكره للصائم أن يقبل زوجته ؛ لأنها قد تؤدي إلى إثارة الشهوة التي تجر إلى فساد الصوم بالإمناء أو الجماع، فإن أمن على نفسه من فساد صومه فلا بأس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم، قالت عائشة رضي الله عنها: "وكان أملككم لأربه"[متفق عليه] أي: حاجته، وكذلك عليه تجنب كل ما من شأنه إثارة شهوته وتحريكها.
3 - بلع النخامة: للاستقذار والضرر الذي يحصل من هذا الفعل.
4 - ذوق الطعام لغير الحاجة: فإن كان محتاجاً إلى ذلك كأن يكون طباخاً يحتاج لذوق ملحه وما أشبهه فلا بأس، مع الحذر من وصول شيء من ذلك إلى حلقه.
ومن أهم ما ينبغي أن يترفع عنه الصائم ويحذره: ما يحبط صومه من المعاصي الظاهرة والباطنة، فيصون لسانه عن اللغو، والهذيان، والكذب، والغيبة، والنميمة، والفحش، والجفاء، والخصومة، والمراء، ويكف جوارحه عن جميع الشهوات، والمحرمات، ويشتغل بالعبادة، وذكر الله، وتلاوة القرآن، وهذا كما يقول الغزالي: "هو سر الصوم" وفي الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال الله تعالى: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة، وإذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم)) [رواه البخاري]. وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من لم يدع قول الزور، والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه))[رواه البخاري].
(https://www.facebook.com/hashtag/%D9%81%D9%82%D9%87_%D8%A7%D9%8 4%D8%B5%D9%8A%D8%A7%D9%85?sour ce=feed_text&story_id=1443841445934659)
9 - مباحات الصيام
يجوز للصائم ما يلي:
1 - تقبيل الزوجة ومباشرتها إن أمن نزول المني، ولو تحركت شهوته، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم، ويباشر وهو صائم، ولكنه أملككم لإربه" [متفق عليه] .
2 - أن يصبح يوم الصيام جنباً، فمن أجنب ليلاً، ثم أصبح صائماً، فصومه صحيح، ولا قضاء عليه، ولا إثم عليه، ومن احتلم وهو صائم فصومه صحيح، ولا قضاء عليه، فعن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله، ثم يغتسل ويصوم [متفق عليه] .
3 - الأكل والشرب في نهار رمضان ناسياً لا يفسد الصوم، ولا يوجب القضاء، وكذلك الجماع ناسياً، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من نسي وهو صائم، فأكل أو شرب، فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه))[متفق عليه] .
4 - الاغتسال وصب الماء على الرأس للتبرد من الحر والعطش، عن أبي بكر بن عبدالرحمن عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الناس في سفره عام الفتح بالفطر وقال: ((تقووا لعدوكم)) وصام رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أبو بكر: قال الذي حدثني: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرج يصب على رأسه الماء وهو صائم من العطش أو من الحر [رواه أبو داود وصححه الألباني].
5 - المضمضة والاستنشاق من غير مبالغة، عن لقيط بن صبرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما))[رواه الترمذي وصححه الألباني].
6 - الحجامة إن كانت لا تضعفه، والتبرع بالدم إن كان لا يضعفه ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم [رواه البخاري].
- أحوال أخذ الدم:
الحجامة والفصد والتبرع بالدم لا يفطر الصائم: ويجوز ذلك في حق الصائم الذي لا يضعف به، ويكره في حق من يضعف به، ويحرم في حق من بلغ به الضعف إلى أن تكون سبباً في إفطاره، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه سئل: أكنتم تكرهون الحجامة للصائم؟ قال: لا، إلا من أجل الضعف. [رواه البخاري]
7 - خروج القيء، فمن غلبه القيء، أو استقاء لحاجة، فصومه صحيح، ولا قضاء عليه ولا كفارة.
8 - كل ما لا يسمى أكلاً ولا شرباً، ولا يقصد به الأكل والشرب كالكحل والقطرة والحقنة والأدهان والطيب والبخور والحنا ونحو ذلك.
9 - كل ما لا يمكن التحرز منه كغبار الطريق، والطحين، والدخان، ونحو ذلك مما لا يمكن التحرز منه إذا بلعه الصائم، والرعاف والنزيف.
10 - بلع النخامة والبلغم لا يفطر الصائم، لكن ذلك مستقذر، فينبغي للإنسان لفظه لقذارته وضرره.
11 - ذوق الطعام للحاجة ما لم يصل إلى الجوف فيفطر به.
12- ومما يباح فعله للصائم قطرة العين، والأذن، وبخاخ الربو، وبخاخ الأنف، والكحل، والتحاميل، والحقن الشرجية، وتحليل الدم، والدهانات، والمراهم، وإبر الأنسولين، والإبر العلاجية غير المغذية، والأقراص التي توضع تحت اللسان لعلاج الأزمات القلبية، والتخدير إن أفاق جزءا من النهار، ومنظار الكشف على المعدة ما لم يصحب المنظار شيء من المحاليل والكريمات التي تدخل المعدة، ونحو ذلك مما هو ليس بأكل ولا شرب.
(https://www.facebook.com/hashtag/%D9%81%D9%82%D9%87_%D8%A7%D9%8 4%D8%B5%D9%8A%D8%A7%D9%85?sour ce=feed_text&story_id=1443841489267988)
10 - مبطلات الصيام
ما يبطل الصيام قسمان:
1 - ما يبطله، ويوجب القضاء.
2 - وما يبطله، ويوجب القضاء، والكفارة.
فأماما يبطله، ويوجب القضاء فقط فهو ما يأتي:
* الأكل والشرب عمداً أو ما يقوم مقامها كالمحاليل والإبر المغذيه: فإن أكل أو شرب ناسياً، أو مخطئاً، أو مكرهاً، فلا قضاء عليه ولا كفارة، فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من نسي فأكل أو شرب، فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه))[متفق عليه]. رواه الجماعة. وقال الترمذي: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم.
* القئ عمداً: فإن غلبه القئ، فلا قضاء عليه ولا كفارة، فعن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من ذرعه القئ فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمداً فليقض))[رواه الترمذي وصححه الألباني]
* الحيض، والنفاس: ولو في اللحظة الاخيرة، قبل غروب الشمس، وهذا مما أجمع العلماء عليه.
* الاستمناء: سواء أكان سببه تقبيل الرجل لزوجته أو ضمها إليه، أو كان باليد، فهذا يبطل الصوم، ويوجب القضاء.
* ومن نوى الفطر - وهو صائم - بطل صومه وإن لم يتناول مفطراً، فإن النية ركن من أركان الصيام، فإذا نقضها - قاصداً الفطر ومعتمداً له - انتقض صيامه لا محالة.
وأماما يبطله ويوجب القضاء والكفارة: فهو الجماع فعن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: هلكت يا رسول الله، قال: ((ما أهلكك؟)) قال: وقعت على امرأتي في رمضان، فقال: ((هل تجد ما تعتق رقبة؟)) قال: لا، قال: ((فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟)) قال: لا، قال: ((فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا؟)) قال: لا، قال: ثم جلس فأُتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر، فقال: ((تصدق بهذا)) قال: فهل على أفقر منا؟ فما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منا، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم، حتى بدت أنيابه، وقال: ((اذهب فأطعمه أهلك))[رواه مسلم].
والمرأة، والرجل سواء، في وجوب الكفارة عليهما ما داما قد تعمدا الجماع، مختارين، في نهار رمضان ناويين الصيام، فإن وقع الجماع نسياناً، أو لم يكونا مختارين، بأن أكرها عليه فلا كفارة على واحد منهما.
#فقه_الصيام (https://www.facebook.com/hashtag/%D9%81%D9%82%D9%87_%D8%A7%D9%8 4%D8%B5%D9%8A%D8%A7%D9%85?sour ce=feed_text&story_id=1443841572601313)
_____________
11 - قضاء رمضان
إذا أفطر المسلم في رمضان بغير عذر وجب عليه القضاء على الفور؛ لأنه غير مرخص له في الفطر، وعليه بالمبادرة إلى التوبة إلى الله تعالى والاستغفار.
وإن أفطر المسلم في رمضان بسبب عذر كسفر أو مرض أو فطر المرأة بسبب الحيض والنفاس، فإنه يجب عليه القضاء، غير أنه لا يجب على الفور، ويستحب له التعجيل بالقضاء؛ لأنه الأحوط للعبد، ولا يجوز تأجيل القضاء إلى رمضان آخر من غير عذر، فإن فعل فعليه القضاء مع الكفارة.
والقضاء كالأداء من حيث العدد، ولا يجب التتابع في القضاء، لقوله تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:184]، فلم يشترط سبحانه في هذه الأيام التتابع، ولو كان شرطا لبينه سبحانه وتعالى.
ومن مات وعليه صوم استحب لوليه قضاؤه، لما ثبت في الصحيحين من حديث لابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من مات وعليه صوم صام عنه وليه)) متفق عليه.
(https://www.facebook.com/hashtag/%D9%81%D9%82%D9%87_%D8%A7%D9%8 4%D8%B5%D9%8A%D8%A7%D9%85?sour ce=feed_text&story_id=1443841629267974)
12 - زكاة الفطر
زكاة الفطر واجبة على كل مسلم تلزمه مؤنة نفسه إذا فضل عنده عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته صاع.
والأصل في ذلك ما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ((فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير ، على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة ) متفق عليه، واللفظ للبخاري.
وما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال : ((كنا نخرج زكاة الفطر إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام أو صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير أو صاعاً من زبيب أو صاعاً من أقط )) متفق عليه.
ويجزئ صاع من قوت بلده مثل الأرز ونحوه.
والمقصود بالصاع هنا: صاع النبي صلى الله عليه وسلم وهو أربع حفنات بكفي رجل معتدل الخلقة.
وهو ما يعادل بالموازين المعاصرة نحو (2.5كجم)
وتجب على كل مسلم كبير وصغير، ذكر وأنثى، حر وعبد، ويستحب إخراجها عن الجنين إذا نفخت فيه الروح.
وتجب زكاة الفطر من غروب شمس آخر يوم من رمضان، وهو أول ليلة من شهر شوال ، وينتهي وقتها بصلاة العيد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإخراجها قبل الصلاة، ولما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات)) أخرجه أبو داود، وابن ماجه، وحسنه الألباني.
ويجوز إخراجها قبل ذلك بيوم أو يومين لفعل ابن عمر وغيره من الصحابة رضوان الله عليهم.
وهي طُهرة للصائم مما عسى أن يكون وقع فيه في صيامه من اللغو والرفث، وفيها إظهار شكر نعم الله تعالى على العبد بإتمام صيام شهر رمضان.
وهي إغناء للفقراء والمساكين عن السؤال في يوم العيد، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين)) أخرجه أبو داود وابن ماجة، وحسنه الألباني.
(https://www.facebook.com/hashtag/%D9%81%D9%82%D9%87_%D8%A7%D9%8 4%D8%B5%D9%8A%D8%A7%D9%85?sour ce=feed_text&story_id=1443841689267968)
13 - صيام التطوع
صوم التطوع فيه ثواب عظيم، وزيادة في الأجر، وجبر لما يحصل في الصيام الواجب من نقص أو خلل، وحصول التقوى، وفي صيام التطوع حفظ جوارح المسلم من الآثام على مدار العام، والتقرب إلى الله بما يحب. وهو أقسام:
الأول: صيام شهر الله المحرم: وهو أفضل الصيام بعد رمضان، وآكد أيامه يوم عاشوراء وهو اليوم العاشر ، وصوم العاشر يكفر ذنوب السنة الماضية، ويسن أن يصوم التاسع ثم العاشر مخالفة لليهود.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل)). أخرجه مسلم.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ((ما هذا)). قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم، فصامه موسى. قال: ((فأنا أحق بموسى منكم)). فصامه وأمر بصيامه. [متفق عليه].
الثاني: صيام ست من شوال: فعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من صام رمضان، ثم أتبعه ستا من شوال، كان كصيام الدهر)). [أخرجه مسلم].
الثالث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((أوصاني خليلي بثلاث، لا أدعهن حتى أموت: صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، ونوم على وتر)). متفق عليه.
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا ذر إذا صمت من الشهر ثلاثة أيام فصم ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة)). أخرجه الترمذي.
الرابع: صيام يوم الاثنين والخميس من كل أسبوع، فعن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم الاثنين؟ فقال: ((فيه ولدت وفيه أنزل علي))[أخرجه مسلم].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم)) [أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة، وصححه الألباني].
الخامس: صيام تسعة أيام من أول شهر ذي الحجة، وأفضلها التاسع، وهو يوم عرفة، ويسن صيامه لغير حاج، وصيام يوم عرفة يكفر السنة الماضية والباقية، ويستحب للمسافر صوم يوم عرفة وعاشوراء؛ لأنه يفوت وقتهما.
عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما العمل في أيام أفضل منها في هذه)). قالوا: ولا الجهاد؟ قال: ((ولا الجهاد، إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله، فلم يرجع بشيء))[أخرجه البخاري].
14 - الأيام التي يكره صيامها
1- صيام الدهر، وهو أن يصوم كل أيام السنة من غير أن يفطر، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا صام من صام الدهر)) [متفق عليه].
2- الوصال في الصوم، وهو أن يصل بين الأيام من غير أن يفطر بينها، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يواصل الصيام ، وكان الله تعالى يعطيه القوة على ذلك ، ولكنه نهى أمته عن ذلك شفقة عليهم ، ورحمة بهم .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تواصلوا، قالوا: إنك تواصل. قال: إني لست مثلكم، إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني. فلم ينتهوا عن الوصال، قال: فواصل بهم النبي صلى الله عليه وسلم يومين أو ليلتين ثم رأوا الهلال، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو تأخر الهلال لزدتكم، كالمنكل لهم)) [متفق عليه].
3- إفراد يوم الجمعة بالصيام، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يصم أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم قبله أو يصوم بعده)) [متفق عليه].
(https://www.facebook.com/hashtag/%D9%81%D9%82%D9%87_%D8%A7%D9%8 4%D8%B5%D9%8A%D8%A7%D9%85?sour ce=feed_text&story_id=1443841972601273)
15 - الأيام التي يحرم صيامها
1- يحرم صيام يومي عيد الفطر وعيد الأضحى، لحديث عمر رضي الله عنه قال: ((هذان يومان نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهما، يوم فطركم من صيامكم، واليوم الآخر تأكلون فيه من نسككم)) [متفق عليه].
2- يحرم صيام أيام التشريق الثلاثة، وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة التي تكون بعد عيد الأضحى، فعن نبيشة الهذلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله)) [أخرجه مسلم].
3-صوم يوم الشك، وهو اليوم الذي يلي التاسع والعشرين من شعبان، إذا لم يتبين هلال رمضان، وسمي يوم الشك لأنه مشكوك فيه، هل هو آخر يوم من شعبان أو أول يوم من رمضان، لما ثبت عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال : ((من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم)) [رواه النسائي، وصححه الألباني في إرواء الغليل].
مصطفى طالب مصطفى
09-07-2015, 03:55 PM
#الحج_و_العمرة (https://www.facebook.com/hashtag/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AC_%D9%8 8_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D8% B1%D8%A9?source=feed_text&story_id=1443847439267393)
_________________
1- تعريف الحج:
الحج لغة: القصد، ومنه قوله: {وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ} [المائدة(2)] أي قاصدين.
وشرعا: قصد البيت الحرام والمشاعر العظام وإتيانها، في وقت مخصوص، على وجه مخصوص، وهو الصفة المعلومة في الشرع من: الإحرام، والتلبية، والوقوف بعرفة، والطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بالمشاعر ورمي الجمرات وما يتبع ذلك من الأفعال المشروعة فيه، فإن ذلك كله من تمام قصد البيت.
2- تعريف العُمرة:
زيارة بيت الله الحرام على وَجْهٍ مخصوص، وهو النُّسك المعروف المتركِّب من الإحرام والتلبية، والطَّواف بالبيت، والسَّعي بين الصفا والمروة، والحلْق أو التقصير..
#الحج_و_العمرة (https://www.facebook.com/hashtag/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AC_%D9%8 8_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D8% B1%D8%A9?source=feed_text&story_id=1443847515934052)
_________________
شروط وجوب الحج
-----------------------
أولاً: الإسلام، فغير المسلم لا يجب عليه الحج، بل ولا يصح منه لو حج، بل ولا يجوز له دخوله مكة لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [سورة التوبة:28].
ثانياً: العقل، فالمجنون لا يجب عليه الحج.
ثالثاً: البلوغ: فمن كان دون البلوغ فإنّه لا يجب عليه، لكن لو حج فإنّ حجه صحيح، لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة التي رفعت إليه صبياً وقالت: ألهذا حج؟ قال: ((نعم ولك أجر)) [رواه مسلم] لكنّه لا يُجزئه عن حجة الإسلام، لأنّه لم يُوجَّه إليه الأمر بها، حتى يجزئه عنها، ولا يتوجه الأمر إليه إلاّ بعد البلوغ.
رابعاً: الحرية: فالرقيق المملوك لا يجب عليه الحج، لأنّه مملوك مشغول بسيده، فهو معذور بترك الحج لا يستطيع السبيلَ إليه.
خامساً: القدرة على الحج بالمال والبدن: فإن كان الإنسان قادراً بماله دون بدنه، فإنّه يُنيب من يحج عنه لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان الفضل رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءت امرأة من خثعم فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، فقالت: يا رسول الله إنّ فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: ((نعم)) وذلك في حجة الوداع [رواه البخاري].
وألحق بعض العلماء بهذا الشرط أمن الطريق، بحيث يكون الطريق آمناً لا خوف فيه فإن عُدم هذا الشرط لم يجب عليه الحج.
وهناك شرطان خاصان بالنساء :
أحدهما: أن يكون معها محرم لها، فإن لم يكن لها محرم فلا يجب عليها الحج.
الثاني: أن لا تكون معتدة عن وفاة؛ لوجوب لزومها البيت في عدة الوفاة، ولأنّ الحج يمكن أداؤه في وقت آخر.
#الحج_و_العمرة (https://www.facebook.com/hashtag/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AC_%D9%8 8_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D8% B1%D8%A9?source=feed_text&story_id=1443847705934033)
_________________
صفة العمرة
---------------------------
إذا أراد أن يحرم بالعمرة فالمشروع أن يتجرد من ثيابه، ويغتسل كما يغتسل للجنابة، ويتطيب بأطيب ما يجد من دهن عود أو غيره في رأسه ولحيته، ولا يضره بقاء ذلك بعد الإحرام لما في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يحرم يتطيب بأطيب ما يجد ثم أرى وبيص الدهن في رأسه ولحيته بعد ذلك ". [متفق عليه واللفظ لمسلم]. والوبيص هو: البريق واللمعان، والاغتسال عند الإحرام سنة في حق الرجال والنساء حتى النفساء والحائض؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أسماء بنت عميس حين نفست أن تغتسل عند إحرامها وتستثفر بثوب وتحرم [رواه مسلم].
ثم بعد الاغتسال والتطيب يلبس ثياب الإحرام، ثم يصلي - غير الحائض والنفساء - الفريضة إن كان في وقت فريضة وإلا صلى ركعتين ينوي بهما سنة الوضوء، فإذا فرغ من الصلاة أحرم وقال: لبيك عمرة، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك. يرفع الرجل صوته بذلك، والمرأة تقوله بقدر ما يسمع من بجنبها.
وإذا كان من يريد الإحرام خائفاً من عائق يعوقه عن إتمام نسكه فإن له أن يشترط عند الإحرام فيقول عند عقده: إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني أي: منعني مانع عن إتمام نسكي من مرض، أو تأخر، أو غيرهما فإني أحل من إحرامي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ضباعة بنت الزبير حين أرادت الإحرام وهي مريضة أن تشترط [متفق عليه]. وقال: ((فإن لك على ربك ما استثنيت))[رواه النسائي وصححه الألباني]. فمتى اشترط وحصل له ما يمنعه من إتمام نسكه فإنه يحل ولا شيء عليه، وأما من لا يخاف من عائق يعوقه عن إتمام نسكه فإنه لا ينبغي له أن يشترط؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشترط، ولم يأمر بالاشتراط كل أحد، وإنما أمر به ضباعة بنت الزبير لوجود المرض بها.
وينبغي للمحرم أن يكثر من التلبية خصوصاً عند تغير الأحوال والأزمان مثل أن يعلو مرتفعاً، أو ينزل منخفضاً، أو يقبل الليل أو النهار، وأن يسأل الله بعدها رضوانه والجنة، ويستعيذ برحمته من النار، والتلبية مشروعة في العمرة من الإحرام إلى أن يبتدئ بالطواف، وفي الحج من الإحرام إلى أن يبتدئ برمي جمرة العقبة يوم العيد.
وينبغي إذا قرب من مكة أن يغتسل لدخولها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل عند دخوله، فإذا دخل المسجد الحرام قدم رجله اليمنى وقال: "بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك، أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وبسلطانه القديم من الشيطان الرجيم" ثم يتقدم إلى الحجر الأسود ليبتدئ الطواف فيستلم الحجر بيده اليمنى ويقبله، فإن لم يتيسر تقبيله قبل يده إن استلمه بها، فإن لم يتيسر استلامه بيده فإنه يستقبل الحجر ويشير إليه بيده إشارة ولا يقبلها، والأفضل ألا يزاحم فيؤذي الناس ويتأذى بهم لما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعمر: ((يا عمر، إنك رجل قوي لا تزاحم على الحجر فتؤذي الضعيف، إن وجدت خلوة فاستلمه وإلا فاستقبله فهلل وكبر))[رواه أحمد]، ثم يأخذ ذات اليمين ويجعل البيت عن يساره، فإذا بلغ الركن اليماني استلمه من غير تقبيل، فإن لم يتيسر فلا يزاحم عليه ويقول بينه وبين الحجر الأسود: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}(سورة البقرة 201)، وكلما مر بالحجر الأسود كبر، ويقول في بقية طوافه ما أحب من ذكر، ودعاء، وقراءة القرآن، فإنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله.
وفي هذا الطواف -أعني الطواف أول ما يقدم- ينبغي للرجل أن يفعل شيئين:
أحدهما: الاضطباع من ابتداء الطواف إلى انتهائه، وصفة الاضطباع أن يجعل وسط ردائه داخل إبطه الأيمن وطرفيه على كتفه الأيسر، فإذا فرغ من الطواف أعاد رداءه إلى حالته قبل الطواف؛ لأن الاضطباع محله الطواف فقط.
الثاني: الرَمَل في الأشواط الثلاثة الأولى فقط، والرمل إسراع المشي مع مقاربة الخطوات، وأما الأشواط الأربعة الباقية فليس فيها رمل وإنما يمشي كعادته، فإذا أتم الطواف سبعة أشواط تقدم إلى مقام إبراهيم فقرأ: {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}(سورة البقرة 125). ثم صلى ركعتين خلفه يقرأ في الأولى بعد الفاتحة: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وفي الثانية: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} بعد الفاتحة، فإذا فرغ من صلاة الركعتين رجع إلى الحجر الأسود فاستلمه إن تيسر له.
ثم يخرج إلى المسعى فإذا دنا من الصفا قرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ}(سورة البقرة 158). ثم يرقى على الصفا حتى يرى الكعبة فيستقبلها، ويرفع يديه فيحمد الله ويدعو ما شاء أن يدعو، وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم هنا: " لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، يكرر ذلك ثلاث مرات ويدعو بين ذلك" [رواه مسلم]. ثم ينزل من الصفا إلى المروة ماشياً، فإذا بلغ العلم الأخضر ركض ركضاً شديداً بقدر ما يستطيع ولا يؤذي أحداً، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سعى بين الصفا والمروة وهو يقول: ((لا يُقطع الأبطحُ، إلا شدا))[رواه ابن ماجه وصححه الألباني]. أي: إلا عدواً، والأبطح هو: المسافة بين العلمين الأخضرين الموجودين الآن، وأنه كان يسعى حتى ترى ركبتاه من شدة السعي يدور به إزاره، وفي لفظ: وإن مئزره ليدور من شدة السعي [أخرجه البغوي في شرح السنة]. فإذا بلغ العلم الأخضر الثاني مشى كعادته حتى يصل إلى المروة فيرقى عليها، ويستقبل القبلة، ويرفع يديه ويقول ما قاله على الصفا، ثم ينزل من المروة إلى الصفا فيمشي في موضع مشيه، ويسعى في موضع سعيه، فإذا وصل الصفا فعل كما فعل أول مرة، وهكذا المروة حتى يكمل سبعة أشواط، ذهابه من الصفا إلى المروة شوط، ورجوعه من المروة إلى الصفا شوط آخر، ويقول في سعيه ما أحب من ذكر ودعاء وقراءة.
فإذا أتم سعيه سبعة أشواط حلق رأسه أو قصره إن كان رجلاً، وإن كانت امرأة فإنها تقصر من شعرها قدر أنملة، ويجب أن يكون الحلق شاملاً لجميع الرأس، وكذلك التقصير يعم به جميع جهات الرأس، والحلق أفضل من التقصير؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين ثلاثاً، وللمقصرين مرة [متفق عليه]. إلا أن يكون وقت الحج قريباً بحيث لا يتسع لنبات شعر الرأس فإن الأفضل التقصير؛ ليبقى الرأس للحلق في الحج بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه في حجة الوداع أن يقصروا للعمرة؛ لأن قدومهم كان صبيحة الرابع من ذي الحجة.
وبهذه الأعمال تمت العمرة فتكون العمرة: الإحرام، والطواف، والسعي، والحلق أو التقصير، ثم بعد ذلك يحل منها إحلالاً كاملاً ويفعل كما يفعله المحلون من اللباس والطيب وإتيان النساء وغير ذلك [المنهج لمريد العمرة والحج (ص: 18-21)].
#الحج_و_العمرة (https://www.facebook.com/hashtag/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AC_%D9%8 8_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D8% B1%D8%A9?source=feed_text&story_id=1443847769267360)
_________________
صفة الحج
---------------------------
1 - أنواع النسك ف الحج الإحرام والتلبية
يخير الشخص بين أنواع النسك الثلاثة، وهي:
1- التمتع:
وهو أن يحرم بالعمرة وحدها في أشهر الحج: وهي شوال وذو القعدة وذو الحجة، فيقول: لبيك عمرة، وإنما يقع التمتع فيها قبل غروب الشمس يوم عرفة.
فإذا وصل مكة طاف وسعى للعمرة، وحلق أو قصر، فإذا كان يوم التروية -وهو اليوم الثامن من ذي الحجة- أحرم بالحج وحده، وأتى بجميع أفعاله.
2- الإفراد:
وهو أن يحرم بالحج وحده في أشهر الحج، فيقول: لبيك حجا، فإذا وصل مكة طاف للقدوم، ثم سعى للحج، ولا يحلق ولا يقصر ولا يحل من إحرامه، بل يبقى محرما حتى يحل منه بعد رمي جمرة العقبة، والحلق يوم العيد، وإن أخر سعي الحج إلى ما بعد طواف الحج يوم العيد أو بعده فلا بأس.
3- القِران:
وهو أن يحرم بالعمرة والحج جميعًا فيقول: لبيك عمرة وحجاً وعمل القارن كعمل المفرد، إلا أن القارن يلبي بالعمرة والحج معًا، وعليه الهدى شكرًا لله تعالى؛ إذ يسر له العمرة والحج عبادتين في سفر واحد، والمفرد يلبي بالحج وحده، وليس عليه هدي.
ودليل التخيير بين هذه الأنساك الثلاثة: حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: ((خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع، فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحج وعمرة، ومنا من أهل بالحج...))[متفق عليه]. الحديث.
الاشتراط في الإحرام:
إذا خاف المحرم ألا يتمكن من أداء نسكه لعارض من مرض، أو مطر، أو غلب على ظنه أن يمنع من قبل ولاة الأمر بسبب الإجراءات النظاميَّة، ونحو ذلك من العوائق، يستحب له أن يشترط عند الإحرام، فيقول ما ورد في الحديث: ((لبيك اللهم لبيك ومحلي من الأرض حيث حبستني))[رواه أبو داود وصححه الألباني]. وفي الصحيحين عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: أن ضباعة بنت الزبير قالت: يا رسول الله، إني أريد الحجَّ وأنا شاكية -أي: مريضة- فقال لها النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((حجِّي واشترطي أن محلي حيث حبستني))[متفق عليه]. ولأحمد قال صلى الله عليه وسلم: ((فإن حبست أو مرضت فقد حللت من ذلك بشرطك على ربك))[رواه أحمد وصححه الألباني]. فمتى حُبِسَ عن الحجِّ بمرض أو عدو أو مطر أو نظام، حلَّ من إحرامه، ولا شيء عليه، وهذه فائدة الاشتراط عند الإحرام، وأما من لا يخاف من عائق يعوقه عن أداء الحجِّ أو العمرة، فإنه لا ينبغي له أن يشترط؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يشترط ولم يأمر به إلا من كان مريضًا.
صفة التلبية وما ينبغي لها:
ثبت في الصحيحين عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن تلبية النبي صلى الله عليه وسلم : ((لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك))[متفق عليه]. وقد أجمع المسلمون على لفظ التلبية في حديث ابن عمر -كما حكاه غير واحد- واختلفوا في الزيادة عليه، لكن الاقتصار على تلبية النبي صلى الله عليه وسلم أفضل.
يستحب الإكثار من التلبية والاستمرار حال الإحرام، فلا يقطعها في العمرة إلا عند الشروع في الطواف، ولا يقطعها في الحج إلا إذا شرع في رمي جمرة العقبة، كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
#الحج_و_العمرة (https://www.facebook.com/hashtag/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AC_%D9%8 8_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D8% B1%D8%A9?source=feed_text&story_id=1443849015933902)
_________________
صفة الحج
--------------------------
2 محظورات الإحرام والفدية
---------------------------------
محظورات الإحرام: هي ما يُمنع منه المُحرم بحج أو عمرة.
وهي ثلاثة أقسام:
القسم الأول: محرّمٌ على الذكور والإناث معا.
القسم الثاني: محرّمٌ على الذكور فقط.
القسم الثالث: محرّمٌ على الإناث فقط.
القسم الأول: المحرم على الذكور والإناث معا، فهو ما يلي:
أولا: إزالةُ شعر الرأس بحلق أو غيره؛ لقوله تعالى: (وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) [البقرة:196)]. وقد بيّن الله سبحانه وتعالى فدية حلق الرأس بقوله: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) [البقرة:196].
وأوضح النبي صلى الله عليه وسلّم أن الصيام مقداره ثلاثة أيام، وأن الصدقة مقدارُها ثلاثة آصع من الطعام لستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع، وأن النسك شاة.
ويُسمّي العلماء هذه الفدية فدية الأذى لقوله تعالى: (أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ).
ثانيا: تقليم الأظافر أو قلعُها أو قصُّها قياساً على حلق الشعر.
ولا فرق بين أظفار اليدين والرجلين، لكن لو انكسر ظُفُرهُ وتأذى به فلا بأسَ أن يقص القدر المؤذي منه، ولا فدية عليه.
ثالثا: استعمال الطيب بعد الإحرام في ثوبه أو بدنه أو غيرهما مما يتصل به؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال في المُحرِم: « لا يلبس ثوباً مسه زعفران ولا ورس»، وقال في المُحرم الذي وقَصَتْهُ راحلته وهو واقف بعرفة: « لا تُقربوه طيباً» وعلل ذلك بكونه يُبعث يوم القيامة مُلبياً. والحديثان صحيحان.
رابعا: عقد النكاح؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلّم: ((لا يَنكح المحرم ولا يُنكح ولا يخطب))[رواه مسلم].
فلا يجوز للمُحرم أن يتزوج امرأةً ولا أن يعقدَ لها النكاحَ بولايةٍ ولا بوكالةٍ، ولا يخطبُ امرأةً حتى يُحِلَّ من إحرامه.
ولا تُزوَّج المرأةُ وهي محرمةٌ.
خامسا: المباشرةُ لشهوةٍ بتقبيل أو لمسٍّ أو ضمٍّ أو نحوه؛ لقوله تعالى: (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) [البقرة:197)].
ويدخل في الرّفث مقدمات الجماع كالتقبيل والغمز والمُداعبة لشهوة.
سادسا: الجماع؛ لقوله تعالى: (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) [البقرة:197)].
والرفث الجماع ومقدماته..
وهو أشد محظورات الإحرام تأثيراً على الحج..
سابعا: من محظورات الإحرام: قتل الصيد، والصيد: كل حيوان بري حلال متوحش طبعاً كالظباء والأرانب والحمام؛ لقوله تعالى: (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً) (المائدة:96). وقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) [المائدة:95)].
فلا يجوز للمُحْرِم اصطياد الصيد المذكور، ولا قتلُه بمباشرةٍ أو تسبب أو إعانةٍ على قتلهِ بدلالةٍ أو إشارةٍ أو مناولةِ سلاحٍ أو نحو ذلك.
وإذا قتل المُحرمُ الصيد متعمداً فعليه جزاؤه، لقوله تعالى: (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً) [المائدة:95)].
فإذا قتلَ حمامة مثلاً فمثلها يقول العلماء الشاة فَيُخير بين أن يذبح الشاة ويُفرقها على الفقراء فديةً عن الحمامة، وبين أن يُقومها ويُخرج ما يقابل القيمة طعاماً للمساكين، لكل مسكين نصف صاع، وبين أن يصوم عن إطعام كل مسكين يوماً.
القسم الثاني: المحرم على الرجال فقط، وهما:
أولا: تغطية الرأس، لقول النبي صلى الله عليه وسلّم في المُحرِم الذي وقصته راحلته بعرفة: ((اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تُخَمِّروا رأسَه -أي لا تُغطوه-))[رواه البخاري ومسلم].
فلا يجوز للرجل أن يُغطي رأسَه بما يلاصقه كالعمامة ـ والقُبعة والطاقية والغُترة ونحوها، فأما غير الملاصق كالشمسية وسقف السيارة والخيمة ونحوها فلا بأسَ به؛ لقول أم حصين رضي الله عنها: "حجَجنا مع النبي صلى الله عليه وسلّم حجة الوداع فرأيته حين رمى جمرة العقبة وانصرف وهو على راحلته ومعه بلالٌ وأسامة أحدُهما يقود راحلته والآخر رافعٌ ثوبه على رأس النبي صلى الله عليه وسلّم يُظلله من الشمس"[رواه مسلم] ولا بأس أن يحمل متاعه على رأسه وإن تغطى بعض الرأس؛ لأن ذلك لا يُقصد به الستر غالباً. ولا بأسَ أن يغوص في الماء ولو تغطى رأسه بالماء.
ثانيا: لُبس المخيط: وهو أن يلبس ما يلبس عادةً على الهيئة المُعتادة، سواء كان شاملاً للجسم كله، كالبرنس والقميص، أو لجزء منه كالسراويل والفنايل والخفاف والجوارب وشراب اليدين والرجلين؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلّم سُئل: ما يلبس المُحرِم من الثياب ؟ قال: ((لا يلبسُ القميص ولا العمامة ولا البرانس ولا السراويل ولا الخفاف ولا ثوباً مسّه زعفرانٌ ولا ورس))[رواه البخاري ومسلم].
القسم الثالث: المحرم على النساء فقط
وهو النقاب بحيث تستر وجهها بشيء، وتفتح لعينيها ما تنظر به، وكذلك يحرم عليها لبس القفازين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ((لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين)) رواه البخاري، يعني حال إحرامها.
وإذا فعل المُحرم شيئاً من المحظورات السابقة من الجماع، أو قتلِ الصيد، أو غيرهما، فله ثلاث حالاتٍ:
الأولى: أن يكون ناسياً أو جاهلاً أو مُكرَهاً أو نائماً، فلا شيء عليه، لا إثم ولا فدية ولا فساد نسك، لقوله تعالى: (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ) (البقرة:286)] وقوله: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) (الأحزاب:5)].
الثانية: أن يفعل المحظور عمداً لكن لِعُذرٍ يبيحُه، فعليه ما يترتب على فعل المحظور من فدية ولا إثم عليه لقوله تعالى: ( وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) [البقرة:196)].
الثالثة: أن يفعل المحظور عَمداً بلا عُذرٍ يبيحه، فعليه ما يترتب على فعله من فدية مع الإثم.
#الحج_و_العمرة (https://www.facebook.com/hashtag/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AC_%D9%8 8_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D8% B1%D8%A9?source=feed_text&story_id=1443849212600549)
_________________
صفة الحج
--------------------------
3 - أعمال الحج ف اليوم الثامن من ذي الحجة
------------------------------------------------------
أولا: يحرم المتمتع من مكة، أو من مكان نزوله، ويهل بالحج، قائلا: ((لبيك حجا)).
ثانيا: يخرج الحاج إلى منى، فيصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وفجر يوم التاسع، قصرا للرباعية من غير جمع.
ثالثا: يسن للحاج المبيت بمنى ليلة التاسع.
4- أعمال الحج ف اليوم التاسع من ذي الحجة
---------------------------------------------------------
أولا: يتوجه الحاج بعد طلوع الشمس من منى إلى عرفة.
ثانيا: يسن النزول بنمرة إلى الزوال ثم يدخل عرفة بعد الزوال لمن تيسر له ذلك، وإلا فلا حرج من دخول عرفة قبل الزوال.
ثالثا: يصلي الحاج الظهر والعصر جمعا وقصرا.
رابعا: يجتهد الحاج في هذا اليوم بالدعاء والذكر والاستغفار إلى أن تغرب الشمس.
خامسا: يجب الوقوف بعرفة إلى غروب الشمس لمن أتى عرفة نهاراً.
سادسا: إذا غربت الشمس يتوجه الحاج إلى مزدلفة.
سابعا: يصلي الحاج المغرب والعشاء في مزدلفة جمعا وقصرا. فإن خشي خروج الوقت جمع وقصر في الطريق.
ثامنا: يبيت بمزدلفة ليلة العاشر، ويجوز الدفع منها بعد منتصف الليل للنساء والضعفة من الرجال، ومن يرافقهم..
تاسعا: من لم يقف بعرفة يوم التاسع حتى طلع فجر اليوم العاشر فقد فاته الحج.
5 - أعمال الحج ف اليوم العاشر من ذي الحجة
---------------------------------------------------------
أولا: يصلي الحاج فجر العاشر بمزدلفة، ويسن له الدعاء حتى يسفر الصبح جدا.
ثانيا: يتوجه قبل أن تطلع الشمس من مزدلفة إلى منى.
ثالثا: يرمي جمرة العقبة الكبرى وهي التي تلي مكة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة.
رابعا: بعد رميه لجمرة العقبة يذبح الحاج هديه، إن كان متمتعا أو قارناً، أما المفرد فلا هدي عليه.
خامساً: يقوم الحاج بحلق رأسه أو يقصره والحلق أفضل، والمرأة تأخذ من أطراف شعرها قدر أنملة.
سادساً: يتجه الحاج إلى مكة ليؤدي طواف الإفاضة، ويسعى للحج إن كان متمتعا، أو كان مفردا أو قارنا، ولم يسع للحج مع طواف القدوم.
سابعاً: يحصل التحلل الأول للحاج إذا فعل اثنين من ثلاثة: رمي جمرة العقبة، الحلق أو التقصير، طواف الإفاضة .
ثامناً: ويحصل التحلل الثاني برمي جمرة العقبة والحلق وطواف الإضافة، وسعي الحج.
تاسعاً: يرجع الحاج إلى منى ليبيت فيها ليلة الحادي عشر.
6 - أعمال الحج ف أيام التشريق
------------------------------------------
أولا: يرمي الحاج الجمرات الثلاث بعد الزوال، يبدأ بالصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى، يرمي كل واحدة بسبع حصيات، يفعل ذلك كل يوم من أيام التشريق.
ثانيا: يسن للحاج الوقوف للدعاء بعد الصغرى والوسطى طويلا.
ثالثا: يبيت الحاج بمنى ليلة الثاني عشر.
رابعا: يرمي الحاج المتعجل الجمرات ثم ينفر من منى إلى مكة قبل غروب الشمس يوم الثاني عشر.
خامسا: يطوف الحاج المتعجل طواف الوداع إذا أراد السفر، ليكون آخر عهده بالبيت.
سادسا: يبيت الحاج غير المتعجل بمنى ليلة الثالث عشر.
سابعاً: يرمي الحاج غير المتعجل بعد الزوال يوم الثالث عشر الجمرات ثم يطوف طواف الوداع إذا أراد السفر.
مصطفى طالب مصطفى
09-07-2015, 03:55 PM
#المرأة_المسلمة (https://www.facebook.com/hashtag/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A3 %D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B 3%D9%84%D9%85%D8%A9?source=fee d_text&story_id=1443851939266943)
_______________
1 - حجاب المرأة المسلمة
------------------------------
الحجاب هو ما ستر عموم جسم المرأة من ثياب واسعة لا تصف جسدها، ولا تبين مفاتنها، ولا تظهر شيء من بدنها.
والحجاب واجب على المرأة المسلمة البالغة لقوله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [الأحزاب: 59].
ويشترط في الحجاب عدة شروط:
1- استيعاب جميع البدن، يقول سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [الأحزاب:59].
وهذا دليل على وجوب ستر الزينة كلها وعدم إظهار شيء منها أمام الأجانب إلا ما ظهر بغير قصد منهن فلا يؤاخذن عليه إذا بادرن إلى ستره .
2- أن يكون صفيقا لا يشف؛ لأن الستر لا يتحقق إلا به، وأما الشفاف فإنه يزيد المرأة فتنة وزينة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)) أخرجه مسلم.
3- أن لا يكون زينة في نفسه، لقوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ}[النور:31] فإنه بعمومه يشمل الثياب الظاهرة إذا كانت مزينة تلفت أنظار الرجال إليها.
4- أن يكون فضفاضا غير ضيق فيصف شيئا من جسمها؛ لأن الغرض من الثوب إنما هو رفع الفتنة ولا يحصل ذلك إلا بالفضفاض الواسع، وأما الضيق فإنه وإن ستر لون البشرة فإنه يصف حجم جسمها أو بعضه ويصوره في أعين الرجال وفي ذلك من الفساد والدعوة إليه ما لا يخفى فوجب أن يكون واسعا.
5- أن لا يكون مطيبا؛ لأحاديث كثيرة تنهى النساء عن التطيب إذا خرجن من بيوتهن، قال صلى الله عليه وسلم: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، ولكن ليخرجن وهن تَفِلات) رواه ابو داود ، وتفلات: جمع تفله، أي غير متطيبات.
6- أن لا يشبه لباس الرجل، فعن ابن عباس رضي الله عنه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل))، أخرجه أحمد في مسنده، وصححه محققوا المسند.
7- أن لا يشبه لباس الكافرات، فلا يجوز للمسلمين رجالاً ونساءً التشبه بالكفار سواء في عباداتهم أو أعيادهم أو أزيائهم الخاصة بهم.
8- أن لا يكون لباس شهرة، لحديث ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة ثم ألهب فيه ناراً)) أخرجه ابن ماجة وأحمد وحسنه الألباني.
#المرأة_المسلمة (https://www.facebook.com/hashtag/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A3 %D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B 3%D9%84%D9%85%D8%A9?source=fee d_text&story_id=1443851982600272)
_______________
2 - لباس المرأة في الصلاة
------------------------------
يجب على المرأة تغطية سائر بدنها في صلاتها، غير وجهها وكفيها، فعن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار)) أخرجه أبو داود وابن ماجة، وصححه الألباني. فدل الحديث على أنَّ المرأة لا تقبل صلاتها إلا بخمار يستر رأسها، والمراد بالحائض المكلفة التي بلغت.
وعلى المرأة إذا صلّت وعندها غير محارمها، أو يمر عليها أجانب كما في المسجد الحرام أن تستر جميع بدنها بما في ذلك الوجه والكفان ، لا لأجل الصلاة، وإنما لأجل النظر.
#المرأة_المسلمة (https://www.facebook.com/hashtag/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A3 %D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B 3%D9%84%D9%85%D8%A9?source=fee d_text&story_id=1443852079266929)
_______________
3 - أحكام زينة المرأة
------------------------------
الإسلام دين الفطرة واليسر، والإنسان مفطور على حب الزينة والجمال، وقد شرع الله لعباده التزين والعناية بالمظهر، وعُني الإسلام بزينة المرأة مراعاةً لأنوثتها، وتلبيةً لنداء الفطرة فيها، فرخص لها ما لم يرخص للرجل، فأبيح لها الحرير والتحلي بالذهب دون الرجال، وهذه بعض الأحكام المتعلقة بزينة المرأة:
1- يستحب للمرأة أن تحافظ على خصال الفطرة التي حث عليها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: ((خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، ونتف الإبط، وتقليم الأظافر، وقص الشارب)) متفق عليه.
ولا ينبغي للمسلم ترك شعر العانة وشعر الإبطين أكثر من أربعين يوما، لقول أنس رضي الله عنه: ((وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قص الشارب، وتقليم الأظفار، وحلق العانة، ونتف الإبط أن لا نترك أكثر من أربعين يوما)) أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجة.
2- قص الشعر وحلقه: طول شعر المرأة ووفوره زينة وجمال وبهاء، وهذا أمر معروف منذ القدم، وإذا احتاجت المرأة إلى قصه مثل أن تعجز عن مؤنته، ويشق عليها كلفته فلها أن تقصه إذا كان هذا ليس فيه تشبه بالفاسقات والكافرات أو الرجال، ولا يكون في ذلك تلاعب وإتباع للموضات، وقد ورد أن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن قد قصصن شعورهن بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فعن أبي سلمة بن عبد الرحمن رضي الله عنه قال: دخلت على عائشة أنا وأخوها من الرضاعة فسألها عن غسل النبي صلى الله عليه وسلم من الجنابة ؟ فدعت بإناء قدر الصاع فاغتسلت وبيننا وبينها ستر وأفرغت على رأسها ثلاثا، قال: وكان أزواج النبي صلى الله عليه و سلم يأخذن من رؤوسهن حتى تكون كالوفرة. أخرجه مسلم.
أما حلق شعرها بالكلية وإزالته بالموسى فلا يجوز إلا عند الضرورة وتقدر الضرورة بقدرها، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس على النساء حلق إنما على النساء التقصير)) أخرجه أبو داود، وصححه الألباني.
3- الوشم، والنمص، وتفليج الأسنان: لا يجوز للمرأة المسلمة الوشم في شيء من جسدها، ولا يجوز لها الأخذ من شعر حاجبيها، ولا المباعدة بين أسنانها؛ لما في ذلك من تغيير لخلق الله سبحانه، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم من تفعل هذا الفعل، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: ((لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتمصات، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله)) متفق عليه.
والوشم هو غرز إبرة ونحوها في ظهر الكف أو المعصم أو غير ذلك من بدن المرأة حتى يسيل الدم ثم يحشى ذلك الموضع بالكحل أو غيره فيخضر، والواشمة هي التي تفعل الوشم بغيرها، والمستوشمة هي التي تطلب من غيرها أن تفعل بها ذلك.
والنمص: إزالة شعر الحاجبين أو بعضه، والنامصة هي التي تفعل النمص بغيرها، والمتنمصة هي التي تطلب من غيرها أن تفعل بها ذلك.
والتفليج بين الأسنان بردها بالمبرد حتى يحدث بينها فرجا يسيرة رغبة في التحسين، والمتفلجة هي التي تطلب الفلج.
4- وصل الشعر: وصل المرأة شعرها لا يجوز ففي الحديث: ((لعن الله الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة)) متفق عليه.
الواصلة: هي التي تصل الشعر بغيره والمستوصلة التي تطلب فعل ذلك أو يفعل لها.
ويدخل في ذلك لبس ما يسمى بالباروكة، إلا لمن بها عيب كأن تكون المرأة صلعاء ليس على رأسها شعر فلا حرج من استخدام الباروكة لستر العيب.
يستحب للمرأة أن تخضب يديها ورجليها بالحناء، وتكتحل في بيتها. ولا ينبغي للمرأة أن تصبغ أظفارها بما يتجمد عليها، ويمنع وصول الماء عند الطهارة، ولو فعلت فعليها إزالته عند الطهارة.
5- يجوز للمرأة أن تصبغ شعرها بالحناء أو غيرها ، ولكن يكره أن تصبغه بالسواد لنهيه صلى الله عليه وسلم عن الصبغ بالسواد، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، قال: أتي بأبي قحافة يوم فتح مكة ورأسه ولحيته كالثغامة بياضا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((غيروا هذا بشيء، واجتنبوا السواد)) أخرجه مسلم.
#المرأة_المسلمة (https://www.facebook.com/hashtag/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A3 %D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B 3%D9%84%D9%85%D8%A9?source=fee d_text&story_id=1443852169266920)
_______________
4 - أحكام خروج المرأة من بيتها وضوابط تعاملها مع الرجال الأجانب
----------------------------------------------------------------
إذا خرجت المرأة من بيتها فلا بد عليها أن تلتزم بأحكام وآداب الخروج من البيت، وهي على النحو التالي:
1- الالتزام بالحجاب الشرعي بشروطه.
2- غض البصر، قال الله سبحانه: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور: 31].
3- الحذر من مزاحمة الرجال في الأماكن العامة، والخلوة بالرجل الأجنبي، قال صلى الله عليه وسلم: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم منها فإن ثالثهما الشيطان)) [أخرجه أحمد، وصححه الألباني].
4- الحذر من الخلوة بالسائق والطبيب والخادم، والاختلاط مع الأقارب من غير المحارم ، لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إياكم والدخول على النساء فقال رجل من الأنصار يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال الحمو الموت)) أخرجه مسلم.
5- الحذر عند الكلام مع الرجال الأجانب من ترخيم صوتها، وعند المشي من الضرب برجلها ليعلم الرجال بها، فقد نهى الله جل وعلا النساء عن ذلك، فقال سبحانه: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا}[الأحزاب: 32].
وقال سبحانه: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ}[النور: 31].
6- أن لا تصافح الرجال، فقد جاء الوعيد الشديد في التحذير من مصافحة الرجال من غير محارمها، فعن معقل بن يسار رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لأن يُطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمسّ امرأة لا تحلّ له)) [أخرجه الطبراني وصححه الألباني].
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة إلا امرأة يملكها[ أخرجه البخاري].
مصطفى طالب مصطفى
09-07-2015, 03:56 PM
#بناء_لأسرة_المسلمة (https://www.facebook.com/hashtag/%D8%A8%D9%86%D8%A7%D8%A1_%D9%8 4%D8%A3%D8%B3%D8%B1%D8%A9_%D8% A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9% 85%D8%A9?source=feed_text&story_id=1443852872600183)
______________________________ ________
1 - الزواج
----------------------------
يعتبر الزواج السبيل الشرعي الوحيد لبناء الأسرة المسلمة، وإنَّ إقامة العلاقات الجنسية خارج هذا الإطار من كبائر الإثم التي يسخطها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، لذلك فقد عمل الإسلام بقوة على قطع دابرها، ومحاربة أسبابها؛ فحرم الزنا، وما يدعو إليه من قول أو عمل، فحرم الخلوة المحرمة، والاختلاط المنكر، والخضوع بالقول، وسفر المرأة بغير محرم، وغير ذلك، كما حرم نكاح الزانية حتى تتوب.
وللزواج محاسن عديدة؛ فبه تحفظ الحُرُماتِ والأنسابَ، وتلبِّي الغرائزَ الطبيعية في إطار من العفَّة والخصوصية، ويحقق لطرفي الزواج ما يبحثان عنه من السكن والاستقرار، لذلك فقد امتنَّ عل الزوجين بإسباغ المودة والرحمة بينهما؛ فقال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21].
وهذه آية من آيات الله، ونعمة من نعمه على عباده حيث جعل زوج الإنسان من بني جنسه، من نفسه، حتى يتم التعايش، ويسهل التفاهم في هذه الحياة الدنيا، فإنه لو كانت زوجة أحدنا من الجان أو الحيوان فكيف ستكون العيشة؟ وكيف سيتم التفاهم على هذه الأرض؟ وفي هذه الآية دليل تكريم الله لهذا الإنسان، الذكر والأنثى، حيث جعل كل واحد منهما يسكن للآخر، قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} [الإسراء (70)]. وقوله تعالى: {خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} أي خلق لكم من جنسكم إناثاً تكون لكم أزواجاً، لتسكوا إليها كما قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} [الأعراف (189)] يعني بذلك حواء خلقها الله من آدم من ضلعه الأقصر الأيسر.
الزواج سنة الأنبياء والمرسلين قال الله تعالى : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً }[سورة الرعد: 38].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((النكاح سنتي، فمن رغب عن سنتي فليس مني))[رواه البخاري ومسلم].
وقال: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج...))[رواه البخاري ومسلم].
والزواج له مقاصد عدة؛ منها:
1- الزواج عماد الأسرة.
2- هو الوسيلة السوية للاستجابة لنداء الفطرة بالحلال.
3- حفظ النوع البشري من الانقراض.
4- تحقيق الاستقرار والراحة النفسية، وفي هذا يقول تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [سورة الروم، الآية 21].
5- حفظ المجتمع من المفاسد الأخلاقية.
6- حماية الأنساب من الضياع.
7- إرساء قواعد القرابة والمواريث.
8- تقوية العلاقات الاجتماعية بين الأسر.
9- تنمية روح المسؤولية عند المرأة والرجل.
10- تنمية مشاعر الأبوة والأمومة.
#بناء_لأسرة_المسلمة (https://www.facebook.com/hashtag/%D8%A8%D9%86%D8%A7%D8%A1_%D9%8 4%D8%A3%D8%B3%D8%B1%D8%A9_%D8% A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9% 85%D8%A9?source=feed_text&story_id=1443852905933513)
______________________________ ________
2 - النساء شقائق الرجال
----------------------------
يقرر الدين الحنيف بأن النساء شقائق الرجال، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما النساء شقائق الرجال)[رواه أبو داود والترمذي وأحمد وصححه الألباني] يعني في الأحكام إلاّ ما دل الدليل على اختصاص الحكم بأحدهما.
ولقد كرم الإسلام المرأة أُمًّا وبنتًا وزوجةً وأختاً وذات رحم فأعطى كل ذي حق حقه، قال صلى الله عليه وسلم: ((استوصوا بالنساء خيرًا))[رواه مسلم].
#بناء_لأسرة_المسلمة (https://www.facebook.com/hashtag/%D8%A8%D9%86%D8%A7%D8%A1_%D9%8 4%D8%A3%D8%B3%D8%B1%D8%A9_%D8% A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9% 85%D8%A9?source=feed_text&story_id=1443852935933510)
______________________________ ________
3 - الخطبة
----------------------------
يستحب لمن أراد خطبة امرأة أن ينظر منها ما يدعوه إلى نكاحها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا خطب أحدكم امرأة، فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل))[رواه أبو داود وحسنه الألباني].
من غير خلوة، ولا مصافحة، أو مس بدنها، ولا ينشر ما رأى منها، وللمرأة أن تنظر إلى خطيبها كذلك، فإن لم يتيسر له النظر إليها بعث امرأة ثقة تنظر إليها ثم تصفها له.
ويحرم على الرجل أن يخطب على خطبة أخيه حتى يترك أو يأذن له أو يُرد الأول.
ويجب على ولي المرأة أن يتحرى لنكاحها الرجل الصالح، ولا، بأس أن يعرض الإنسان ابنته أو أخته على أهل الخير والصلاح بقصد الزواج.
#بناء_لأسرة_المسلمة (https://www.facebook.com/hashtag/%D8%A8%D9%86%D8%A7%D8%A1_%D9%8 4%D8%A3%D8%B3%D8%B1%D8%A9_%D8% A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9% 85%D8%A9?source=feed_text&story_id=1443853045933499)
______________________________ ________
4 - عقد النكاح
----------------------------
يعتبر عقد النكاح من أوثق العقود وأغلظها، قال تعالى: {وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا} [النساء(21)].
1- أركان العقد:
أولا: وجود الزوجين الخاليين من الموانع التي تمنع صحة النكاح كالرضاع، واختلاف الدين ونحوهما.
ثانيا: حصول الإيجاب وهو اللفظ الصادر من الولي أو من يقوم مقامه بأن يقول زوجتك أو أنكحتك أو ملَّكتك فلانة ونحوه.
ثالثا: حصول القبول، وهو اللفظ الصادر من الزوج أو من يقوم مقامه، بأن يقول: قبلت هذا النكاح ونحوه، فإذا حصل الإيجاب والقبول انعقد النكاح.
ولا يشترط في عقد النكاح أن يكون باللغة العربية، بل يصح باللغة التي يفهم بها كل طرف ما يقوله الطرف الآخر.
2- شروط صحة النكاح:
للنكاح شروط، وهي:
أولا: تعيين الزوجين، فلا يكفي أن يقول: "زوجتك بنتي" إذا كان له عدة بنات، أو يقول: "زوجتها ابنك" وله عدة أبناء، ويحصل التعيين بالإشارة إلى المتزوج، أو تسميته، أو وصفه بما يتميز به.
ثانيا: رضا الزوجين، لحديث أبي هريرة: ((لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا البكر حتى تستأذن))[رواه البخاري ومسلم].
ثالثا: الولي، فلا يجوز نكاح امرأة إلا بولي؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا نكاح إلا بولي))[رواه أبو داود وصححه الألباني].
ويشترط أن يكون الولي ذكراً، حراً، بالغاً عاقلاً، رشيداً، ويشترط الاتفاق في الدين، وللسلطان تزويج كافرة لا ولي لها، والولي: هو أبو المرأة، وهو أحق بتزويجها، ثم وصيُّه في النكاح، ثم جدها لأب، ثم ابنها، ثم أخوها، ثم عمها، ثم أقرب العصبة نسباً، ثم السلطان.
فالمرأة لا تتولى نكاح نفسها، وإنما يتولى ذلك وليها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((«أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها، فنكاحها باطل)) -مرتين - [رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة، وصححه الألباني].
ولكن لو أسلمت المرأة وبقي وليها على كفره؛ فلا يصح له أن يكون وليا لها في الزواج بعد إسلامها؛ لأن الشرع قد قطع ولاية الكافر على المسلمين؛ فقال تعالى: {وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً}[النساء(141)].
فلا يتولى أمر المرأة المسلمة إلا من كان مسلما من أوليائها، لقوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ} [التوبة(71)].
فيكون ولي المرأة المسلمة قريبها من المسلمين؛ فإن لم يوجد فيهم مسلمون؛ كان وليها الحاكم المسلم، أو من يمثله؛ كالقاضي، أو مسؤول الجالية المسلمة؛ فإن لم يوجد؛ فتوكل رجلا من صالح المسلمين يتولى عقد نكاحها.
ولا يصح أيضا أن يتولى الولي المسلم عقد نكاح ابنته غير المسلمة؛ لأنه لا ولاية له عليها؛ لأن الآية القرآنية بينت أن غير المسلمين إنما تكون ولايتهم على بعضهم البعض، هذا بالإضافة إلى أن الولاية مبنية على علاقة التوارث بين الآباء والأبناء، والشرع قد قطع هذه العلاقة عند اختلاف الدين؛ فانقطعت الولاية بذلك أيضا.
رابعا: الشهادة على عقد النكاح؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل))[رواه ابن حبان والطبراني في الأوسط وصححه الألباني] فلا تصح إلا بشاهدين عدلين، ذكرين، مكلفين.
3- الصداق:
هو المال الذي يقدمه الرجل للمرأة بسبب عقد الزواج، أو المال الذي يجب للمرأة في عقد الزواج لقوله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً...}[النساء: 4].
وتستحقه المرأة كاملا في حالتين:
الأولى: إذا تم العقد ومات الزوج قبل الدخول.
الثانية: إذا تم العقد وتم الدخول أو الخلوة بها.
وتستحق نصفه إذا تم العقد وطلقها قبل الدخول أو الخلوة بها.
#بناء_لأسرة_المسلمة (https://www.facebook.com/hashtag/%D8%A8%D9%86%D8%A7%D8%A1_%D9%8 4%D8%A3%D8%B3%D8%B1%D8%A9_%D8% A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9% 85%D8%A9?source=feed_text&story_id=1443853092600161)
______________________________ ________
5 - المحرمات في النكاح
----------------------------
المحرمات من النساء قسمان:
القسم الأول: محرمات إلى الأبد، وهن ثلاثة أقسام:
أولا: محرمات بالنسب فيحرم نكاح الأمهات، والبنات ، والأخوات ، وبنات الأخ ، وبنات الأخت، والعمات ، والخالات .
ثانيا: محرمات بالرضاع، فيحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، فكل امرأة حَرُمت من النسب حَرُمَ مثلها من الرضاع.
والرضاع المحرِّم: خمس رضعات فأكثر إذا كانت في الحولين.
ثالثا: محرمات بالمصاهرة، وهن: أم الزوجة، وبنت الزوجة من غيره إذا دخل بأمها، وزوجة الأب، وزوجة الابن.
فالمحرمات بالنسب سبع، والمحرمات بالرضاع سبع مثلهن، والمحرمات بالمصاهرة أربع.
قال الله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمْ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمْ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً) (النساء/23).
وأسباب التحريم المؤبد هي: النسب، والرضاع، والمصاهرة.
القسم الثاني: محرمات إلى أمد محدد، وهن:
1- يحرم الجمع بين الأختين، وبين المرأة وعمتها أو خالتها من نسب، أو رضاع.
2- المعتدة حتى تخرج من العدة.
3- مطلقته ثلاثاً حتى تنكح زوجاً غيره.
4- المُحْرِمَةُ حتى تَحِلّ من الإحرام.
5- تحرم المسلمة على الكافر حتى يسلم.
6- تحرم الكافرة غير الكتابية على المسلم حتى تسلم.
7- زوجة الغير ومعتدته .
#بناء_لأسرة_المسلمة (https://www.facebook.com/hashtag/%D8%A8%D9%86%D8%A7%D8%A1_%D9%8 4%D8%A3%D8%B3%D8%B1%D8%A9_%D8% A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9% 85%D8%A9?source=feed_text&story_id=1443853145933489)
______________________________ ________
6 - حقوق الزوجين
----------------------------
الأسرة هي اللبنة الأولى في المجتمع، إذا صلحت صلح المجتمع كله، وإذا فسدت فسد المجتمع كله، لذا أولى الإِسلام الأسرة عناية كبيرة، وفرض لها ما يكفل سلامتها وسعادتها، وجعل الإِسلام لكل من الشريكين على صاحبه حقوقاً، تكفل بأدائها استقرار هذه المؤسسة واستمرارية هذه الشركة، وحث كلًا من الشريكين أن يؤدي ما عليه، وأن يغض الطرف عما يحدث من تقصير في حقوقه أحياناً.
- حقوق الزوجة على زوجها:
على الزوج القيام بالإنفاق على زوجته وأولاده، وما يتبعه من كسوة ومسكن بالمعروف، وأن يكون طيب النفس، حسن العشرة، حسن الصحبة، يعاشر زوجته باللطف، واللين، والبشاشة، يحلم إذا غضبت، ويرضيها إن سخطت، يتحمل الأذى منها، ويعتني بعلاجها إن مرضت، ويعينها في خدمة بيتها، ويأمرها بفعل الواجبات، وترك المحرمات، ويعلمها الدين إن جهلت أو أهملت، ولا يكلفها ما لا تطيق، ولا يحرمها ما تطلب من الممكن المباح، ويحفظ كرامة أهلها، ولا يمنعها عنهم، وقد أشار الله تعالى إلى حسن الصحبة والمعاشرة بالمعروف بقوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}(سورة النساء 19). وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر))[رواه مسلم]. لا يفرك أي: لا يكره أو يبغض، وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((استوصوا بالنساء خيراً فإنهن خلقن من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيراً))[متفق عليه].
بل علّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرشدنا إلى حسن المعاشرة والمعاملة بقوله وفعله عليه الصلاة والسلام فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي))[رواه ابن ماجه وصححه الألباني]. وتحكي لنا عائشة رضي الله تعالى عنها عن حال النبي صلى الله عليه وسلم في بيته فتقول: عندما سئلت ما كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته؟ قالت: "كان يكون في مهنة أهله -تعني خدمة أهله- فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة"[رواه البخاري].
وعليه أن يطعمها إذا طعم، ويكسوها إذا اكتسى، ولا يضرب الوجه، ولا يقبح، ولا يهجر إلا في الفراش؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت))[رواه أحمد وحسنه الألباني]. وعليه أن يقسم لها بالعدل إذا كان له أكثر من زوجة؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((من كانت له امرأتان يميل لإحداهما على الأخرى، جاء يوم القيامة يجر أحد شقيه ساقطاً أو مائلاً))[رواه أحمد وصححه الألباني].
ويجب على الزوج أن يُبعد أهله عن النار؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}(سورة التحريم 6). قال قتادة رحمه الله: "تأمرهم بطاعة الله وتنهاهم عن معصية الله وأن تقوم عليهم بأمر الله وتأمرهم به وتساعدهم عليه" وفي الحديث عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام الذي على الناس راع وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته، وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية على أهل بيت زوجها، وولده وهي مسئولة عنهم، وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسئول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته))[متفق عليه].
- حقوق الزوج على زوجته:
إن للزوج حقوقاً على زوجته كما للزوجة حقوقاً على زوجها قال الله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}(سورة البقرة 228). فعلى الزوجة أن تقوم بخدمة زوجها، وإصلاح بيته، وتدبير منزله، وتربية أولاده، والنصح له، وأن تحفظ زوجها في نفسها وماله وبيته، وأن تقابله بالطلاقة والبشاشة، وتتزين له، وأن تجله وتوقره وتعاشره بالحسنى، وتهيئ له أسباب الراحة، وتدخل على نفسه السرور؛ ليجد في بيته السعادة والانشراح، وإلى ذلك يشير الله تعالى بقوله: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ}(سورة النساء 34). وسئل رسول صلى الله عليه وسلم: أي النساء خير؟ قال: ((التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ومالها بما يكره))[رواه النسائي وصححه الألباني]. وعليها أن تطيعه في غير معصية الله؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وأن تتجنب ما يغضبه، ولا تخرج من بيته إلا بإذنه، ولا تفشي له سراً، ولا تتصرف في ماله إلا بإذنه، ولا تدخل بيته إلا من يحب، وأن تحافظ على كرامة أهله، وتعينه ما أمكن عند مرضه، أو عجزه.
ومن حق الزوج على زوجته أن تلزم بيته فلا تخرج منه إلا بإذنه؛ لقوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}(سورة الأحزاب 33). ولقوله صلى الله عليه وسلم: ((ولا تأذن في بيته إلا بإذنه))[رواه البخاري].
ومن حق الزوج على زوجته أن لا تصوم تطوعًا وهو شاهد إلا بإذنه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه))[رواه البخاري].
ومن حق الزوج على زوجته أن ترضى باليسير، وأن تقنع بالموجود، وأن لا تكلفه من النفقة ما لا يطيق، فقد قال تعالى: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا}(سورة الطلاق 7).
ومن حق الزوج على زوجته أن تحرص عليه وتحافظ على الحياة معه، ولا تسأله الطلاق من غير سبب، عن ثوبان رضي الله عنه قال -صلي الله عليه وسلم-: ((أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة))[رواه ابن ماجه وصححه الألباني].
ومن حق الزوج على زوجته أن تكتم سرّه وسرّ بيته، ولا تفشى من ذلك شيئًا، ومن أخطر الأسرار التي تتهاون النساء بإذاعتها أسرار الفراش وما يكون بين الزوجين فيه، وقد نهى النبي صلي الله عليه وسلم عن ذلك: فعن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها أنها قالت : كنا عند النبي صلي الله علي وسلم الرجال والنساء، فقال صلي الله عليه وسلم: ((عسى رجل يحدث بما يكون بينه وبين أهله، أو عسى امرأة تحدث بما يكون بينها وبين زوجها)) فسكت القوم فقلت: إي والله يا رسول الله، إنهم ليفعلون وإنهن ليفعلن، قال: ((فلا تفعلوا، فإن مثل ذلك مثل شيطان لقي شيطانة في ظهر الطريق فغشيها والناس ينظرون))[رواه الطبراني في الكبير وحسنه الألباني]. وبهذا نعلم أن المرأة في بيتها تؤدي لزوجها ومجتمعها أعمالاً كبيرة لا تقل عن عمل الرجل خارج البيت، فالذين يريدون إخراجها من بيتها ومكان عملها لتشارك الرجال في أعمالهم وتزاحمهم قد ضلوا عن معرفة مصالح الدين والدنيا ضلالا بعيدا، وأضلوا غيرهم ففسدت مجتمعاتهم.
#بناء_لأسرة_المسلمة (https://www.facebook.com/hashtag/%D8%A8%D9%86%D8%A7%D8%A1_%D9%8 4%D8%A3%D8%B3%D8%B1%D8%A9_%D8% A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9% 85%D8%A9?source=feed_text&story_id=1443853249266812)
______________________________ ________
7 - النشوز والشقاق بين الزوجين
----------------------------
النفوس مجبولة على الحرص على الحق الذي لها، وعدم الرغبة في بذل ما عليها، وبذلك تصعب الحياة وتفسد، ويقع النشوز، وتعلن راية العصيان، وتتمزق أواصر العلاقة بين الزوج وزوجه ولكي تصلح الأمور بين الزوجين لا بد من قلع هذا الخلق الدنيء، واستبداله بضده، وهو السماحة ببذل الحق الذي عليه، والقناعة ببعض الحق الذي له، فنشوز الزوجة: هو معصية الزوجة لزوجها فيما يجب عليها، ونشوز الزوج: هو جفوة الزوج لزوجته، وإعراضه عنها والنشوز إما أن يكون بالقول، أو الفعل، أو بهما معاً، والكل محرم، فالنشوز بالفعل: كإعراض الزوجين عن بعضهما، أو العبوس في وجه الآخر، وعدم طاعة الزوجة لزوجها فيما يجب، والتثاقل والامتناع إذا دعاها لفراشه، والنشوز بالقول كرفع الصوت، أو الإجابة بشدة، أو بكلام خشن، أو بالسب والشتم، والكلام البذيء والكل مذموم، والجمع بينهما يجعل الحياة الزوجية ناراً لا يمكن الاقتراب منها، أو الاستمتاع بها.
وقد جعل الإسلام للنشوز والشقاق بين الزوجين وسائل لتفادي تلك الأمور وحلها والصلح بين الزوجين فإن كان النشوز من الزوجة فالوسائل التي أعطاها الله وأرشد إليها الرجال لتقويم نشوز زوجاتهم يتلخص في الأمور الأربعة الآتية:
1- الوعظ: وهو كلام رقيق يصيب القلب، والوعظ نافع للزوجة إذا جاء في الوقت المناسب، بالقدر المناسب، وأما أن يجعل الرجل من نفسه خطيباً بالليل والنهار فذاك يقتل الشعور والإحساس.
2- الهجران في المضاجع: وهو ترك فراش الزوجة وقت النوم فقط، وهو نافع إذا لم تفلح الوسيلة السابقة.
3- الضرب: والمقصود به إيقاظ شعور امرأة بليدة الطبع لم تستفد شيئاً بالوسيلتين الآنفتين، وهي وسيلة لا يلجأ إليها الأخيار عادة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم عندما اشتكى إليه بعض النساء من ضرب أزواجهم لهم، وعظ الرجال وقال: ((إنه قد طاف بآل محمد نساء يشتكين أزواجهن)) ثم قال: ((ليس أولئك بخياركم))[رواه أبو داود وصححه الألباني]. أي من يضرب زوجته، وبالطبع فالمقصود بالضرب هو غير المبرح الذي يتقي صاحبه به الوجه وفي تحريم ضرب الوجه قال عليه الصلاة والسلام: ((ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت))[رواه أحمد وحسنه الألباني]. وغيرها من الأحاديث التي تنهى عن ذلك.
ويجدر بنا أن نذكر في هذه السطور أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يضرب بيده امرأة ولا خادماً قط، ولا ضرب بيده شيئاً قط إلا أن يجاهد في سبيل الله، وبيّن صلى الله عليه وسلم أن الذين يضربون نسائهم ليسوا بخيار المسلمين، كما في الحديثين السابقين، وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعها في آخر اليوم))[رواه البخاري].
4- الاستعانة بالمصلحين من أقارب الزوج والزوجة: وهذا آخر المطاف إذا عجز الرجل عن التقويم فعليه أن يستعين بحكم من أهله وحكم من أهل زوجته فيكونان أقدر على تفهم مشاكلهما لأن صاحب المشكلة كثيراً ما يعمى عن حلها.
وفي هذه الأمور الأربعة الآنفة جاء قول الله تبارك وتعالى: {اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا * وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا}(سورة النساء 34-35).
وإن كان النشوز من الزوج فقد جعل الإسلام لذلك حلاً مخرجاً، فلو خافت المرأة نشوز زوجها وإعراضه عنها، إما لمرضها، أو لكبر سنها أو نحو ذلك فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما، ولو كان في الصلح تنازل الزوجة عن بعض حقوقها ترضيةً لزوجها؛ لقول الله سبحانه وتعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}(سورة النساء 128). وروى البخاري عن عائشة قالت في هذه الآية: "هي المرأة تكون عند الرجل، لا يستكثر منها، فيريد طلاقها، ويتزوج غيرها، تقول له: أمسكني ولا تطلقني، وتزوج غيري، فأنت في حل من النفقة علي والقسمة لي". [رواه البخاري]. وروى أبو داود عن عائشة أن سودة بنت زمعة حين أسنت –أي كبرت سنها- وفرقت –أي: خافت- أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: "يارسول الله يومي لعائشة " فقبل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: في ذلك أنزل الله جل ثناؤه، وفي أشباهها قوله: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا}(سورة النساء 128). [رواه أبو داود وصححه الألباني].
#بناء_لأسرة_المسلمة (https://www.facebook.com/hashtag/%D8%A8%D9%86%D8%A7%D8%A1_%D9%8 4%D8%A3%D8%B3%D8%B1%D8%A9_%D8% A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9% 85%D8%A9?source=feed_text&story_id=1443853432600127)
____________________________
9 - عدد الطلقات وأنواع العدد
----------------------------
لقد أباح الله تعالى للرجل أن يطلق امرأته، وجعل له ثلاث طلقات فقط، فإذا طلق الأولى والثانية فيباح له مراجعتها، وإذا طلقها الثالثة، فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غير زوجها، قال تعالى: في الطلقتين: {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}(سورة البقرة 229). وقال تعالى: في الثالثة: {فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}(سورة البقرة 230).
أنواع العدد:
1 - عدة المرأة التي تحيض: ثلاثة قروء؛ لقول الله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ}(سورة البقرة 228). أي: ثلاث حيض.
2 - عدة المرأة التي لا تحيض: ثلاثة أشهر، ويصدق ذلك على الصغيرة التي لم تبلغ، والكبيرة التي لا تحيض سواءً أكان الحيض لم يسبق لها، أو انقطع حيضها بعد وجوده؛ لقول الله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}(سورة الطلاق 4).
3 - عدة المرأة التي مات عنها زوجها، وهي أربعة أشهر وعشراً، ما لم تكن حاملاً لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}(سورة البقرة 234).
4 - عدة الحامل تنتهي بوضع الحمل، سواء أكانت مطلقة أو متوفى عنها زوجها؛ لقول الله تعالى: {وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}(سورة الطلاق 4).
#بناء_لأسرة_المسلمة (https://www.facebook.com/hashtag/%D8%A8%D9%86%D8%A7%D8%A1_%D9%8 4%D8%A3%D8%B3%D8%B1%D8%A9_%D8% A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9% 85%D8%A9?source=feed_text&story_id=1443853495933454)
____________________________
10 - علاقة المسلم بوالديه
----------------------------
الإسلام دين التسامح والرحمة والصلة والبر والإحسان، ولذلك أمر الله تعالى الأبناء بطاعة والديهم والإحسان إليهم ولو كانوا غير مسلمين، قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}(سورة الإسراء 23).
وكثيراً ما يقرن الله عز وجل حق الوالدين بحقه كما في هذه الآية، وكما في آيات أخر كقوله سبحانه: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ}(سورة لقمان 14). والرسول صلى الله عليه وسلم استأذنه رجل في الجهاد في سبيل الله فقال له: ((أحي والداك؟)) فقال: نعم، قال: ((ففيهما فجاهد)). [متفق عليه].
ومعنى البر بالنسبة للأبناء: أن يحسنوا علاقاتهم بآبائهم، وأن يقوموا بما أوجب الله عليهم من الطاعة في حدود طاعة الله تعالى، أما إذا كانت طاعة الوالدين أو أي مخلوق مخالفة لطاعة الله تعالى؛ فإنه لا طاعة حينئذٍ لمخلوق في معصية الخالق؛ ولذلك يقول الله تعالى: {وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}(سورة العنكبوت 8). ولقد نزلت هذه الآية حينما أسلم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، فعن مصعب بن سعد عن أبيه قال: حلفت أم سعد أن لا تكلمه أبداً حتى يكفر بدينه، ولا تأكل ولا تشرب، قالت: زعمت أن الله وصاك بوالديك، وأنا أمك، وأنا آمرك بهذا، قال: مكثت ثلاثاً حتى غشي عليها من الجهد، فقام ابن لها يقال له عمارة، فسقاها، فجعلت تدعو على سعد، فأنزل الله عز وجل في القرآن هذه الآية: {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا}(سورة العنكبوت 8). وفيها {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}(سورة لقمان 15).[رواه مسلم].
وعن أسماء بنت أبي بكر قالت: قدمت أمي وهي مشركة، في عهد قريش ومدتهم إذ عاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم، مع ابنها، فاستفتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: إن أمي قدمت وهي راغبة؟ أفأصلها؟ قال: ((نعم، صلي أمك))[رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري].
#بناء_لأسرة_المسلمة (https://www.facebook.com/hashtag/%D8%A8%D9%86%D8%A7%D8%A1_%D9%8 4%D8%A3%D8%B3%D8%B1%D8%A9_%D8% A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9% 85%D8%A9?source=feed_text&story_id=1443853672600103)
____________________________
11 - علاقة المسلم بأقاربه
----------------------------
لقد أمر الله سبحانه وتعالى بصلة الأرحام والإحسان إلى ذوي القربى في كتابه في آيات كثيرة، وعطف ذلك على الإيمان به سبحانه وتعالى فقال تعالى: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى}(سورة النساء 36). وقال تعالى: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا}(سورة الإسراء 26). وبيّن الله سبحانه وتعالى دخول صلة الرحم في البر، فقال تعالى: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ}(سورة البقرة 177).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله خلق الخلق، فلما فرغ من خلقهم قامت الرحم فأمسكت بساق العرش، فقالت: يا رب! هذا مقام العائذ بك من القطيعة، فقال الله تعالى: أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ فقالت: بلى. فقال: ذلك لك))[متفق عليه]. هذا ضمان من الله عز وجل للرحم أن يصل من وصلها وأن يقطع من قطعها، وصح عنه صلى الله عليه وسلم في وصفه أنه كان وصولاً للرحم، فقد أخبرته خديجة بذلك عندما أرادت تثبيته عند أول نزول الوحي، فقالت له: "كلا والله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق". [متفق عليه].
ومن أسباب الرزق والبركة في العمر صلة الرحم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من أحب أن يُبْسَط له في رزقه، ويُنْسأ له في أثره؛ فليصل رحمه))[متفق عليه]. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، فإن صلة الرحم محبة في الأهل، مثراة في المال، مَنسأة في العمر)) [رواه الترمذي وصححه الألباني]. يعني: تطيل عمر الإنسان، فهذه صلة الرحم بما فيها من هذا الفضل العظيم، حتى لو كان الإنسان فاسقاً، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن أعجل الطاعة ثواباً صلة الرحم، حتى إن أهل البيت لَيَكونوا فَجَرَة -مقيمين على مَعاصٍ- فتنمو أموالهم، ويكثر عددهم، إذا تواصلوا)) [رواه ابن حبان وحسنه الألباني].
وأولى ما يصل به رحمه أن ينصح لهم، وأن يرشدهم إلى عدم تضييع ما أمر الله بالحفاظ عليه، وينبغي على المسلم أن يحسن معاملة أقاربه وأرحامه فيقوم بصلتهم والإحسان إليهم ولو قطعوه فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها)) [رواه البخاري]. وعلى المسلم أن يسعى جاهداً في أن ينقذ أقاربه وأرحامه من جحيم الكفر وعذاب الله وسخطه في الدنيا والآخرة فيحرص على دعوتهم إلى الإسلام بالكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة كما قال تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}(سورة النحل 125). وليعلم المسلم أن صلة الرحم سبب في دخول الجنة فعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((تعبد الله لا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم،)) [رواه البخاري].
مصطفى طالب مصطفى
09-07-2015, 03:57 PM
#قضايا_مالية (https://www.facebook.com/hashtag/%D9%82%D8%B6%D8%A7%D9%8A%D8%A7 _%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A 9?source=feed_text&story_id=1443853879266749)
__________________
1 - النفقات الواجبة ع المسلم
--------------------------------------
أولا: النفقة على النفس، فيجب على الإنسان أن ينفق على نفسه، فعن جابر رضي الله عنه، قال: أعتق رجل عبدا له عن دبر، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((ألك مال غيره؟)) فقال: لا، فقال: ((من يشتريه مني؟)) فاشتراه نعيم بن عبد الله العدوي بثمان مائة درهم، فجاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفعها إليه، ثم قال: ((ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا)) أخرجه مسلم.
ثانيا: النفقة على الزوجة، فيجب على الزوج نفقة زوجته قوتا، وسكنى، وكسوة بما يصلح لمثلها، يقول الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ}[النساء: 34].
ويجب على الزوج النفقة على زوجته المطلقة رجعيا، فمن باب أولى النفقة على الزوجة غير المطلقة قال سبحانه: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى * لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [الطلاق: 7-6].
وقال تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[النساء:19]، ومن أهم دلائل المعاشرة بالمعروف الإنفاق على الزوجة بالشكل المتعارف عليه من حيث الطعام والمسكن والملبس.
وقال صلى الله عليه وسلم: ((ألا واستوصوا بالنساء خيرا، فإنما هن عوان – أي: أسيرات- عندكم، ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع، واضربوهن ضربا غير مبرح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا، ألا إن لكم على نسائكم حقا، ولنسائكم عليكم حقا، فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن)) أخرجه الترمذي، وحسنه الألباني.
ثالثا: يجب على الوالد نفقة ولده؛ لقوله تعالى:{وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[البقرة: 233].
ولحديث عائشة رضي الله عنها أن هند بنت عتبة قالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال: ((خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف)) متفق عليه.
رابعا: النفقة على الوالدين، يقول الله سبحانه:{وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}[لقمان:15]، وقال تعالى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء: 23].
وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أنت ومالك لوالدك، إن أولادكم من طيب كسبكم، فكلوا من كسب أولادكم)) [أخرجه أبو داود وصححه الألباني].
ولحديث عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وولده من كسبه)) [أخرجه الترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجة، وصححه الألباني].
وقال ابن المنذر رحمه الله: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين الذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد.
سادسا: النفقة على البهائم: فيجب على من ملك بهيمة إطعامها ورعايتها، لقوله صلى الله عليه وسلم: ((دخلت امرأة النار في هرة ربطتها، فلا هي أطعمتها، ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض، حتى ماتت هزلا))[ أخرجه مسلم].
#قضايا_مالية (https://www.facebook.com/hashtag/%D9%82%D8%B6%D8%A7%D9%8A%D8%A7 _%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A 9?source=feed_text&story_id=1443854159266721)
__________________
2 - الميراث في الإسلام
--------------------------------------
1- تعريفه
الإرث: هو انتقال مال الميت من بعده إلى حي بشروط مخصوصة، حسبما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
2- الحكمة من الميراث في الإسلام:
كرَّم الله تعالى الإنسان وفضله على كثير من المخلوقات، قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء: 70]، وجعل الله تعالى المال وسيلة لتحقيق مصالح الإنسان وقياما له، قال تعالى {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا ...} [النساء: 5]، فإذا مات انقطعت حاجتـه، فكـان من الضروري أن يخلفه في ماله مالك جديد.
فلو جُعل ذلك المالك الجديد من يحوز المال ويستولي عليه ويغلب، لأدَّى هذا إلى التنازع بين الناس، وتغدو الملكية حينها تابعة للقوة والبطش.
وحسمت الشريعة أسباب النزاع بين أقرباء المورث؛ لأن القريب الممنوع من الميراث إذا علم أن منعه آت من قبل الله سكنت نفسه ورضي بقسمة الله، بخلاف ما لو ترك الميراث للناس يمنعون من يشاؤون ويعطون من يشاؤون مما يكون سببا للفرقة والنزاع.
وبالميراث أُزيل الغبن الذي كان لاحقا بالمرأة في العصور الغابرة، فأعطاها نصيبا من الميراث، ولكنه على النصف من نصيب الرجل في بعض الأحيان، وفي أحيان أخرى سوى بينهما، وهذه التفرقة لمصلحة المرأة، فلو سوت الشريعة بين الرجل والمرأة لكانت المرأة مطالبة بالإنفاق على الأسرة وعلى نفسها ما دام نصيبها مساويا لنصيبه، وأيضا فإن وضع المال في يد الرجل أدعى إلى استثماره وتنميته بخلاف المرأة.
وصدق الله العظيم القائل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} [المائدة:3].
3- أركان الإرث.
للإرث ثلاثة أركان.
1- موتُ المورِّثِ.
2- حياة الوارث عند موت المورث.
3- أن يكون الميت قد ترك شيئاً بعده، فإن لم يترك شيئاً فلا إرث.
4- أسباب الإرث.
1- النكاح.
فعقد الزواج الصحيح على المسلمة الحرة يتوارث به الزوجان وإن لم يحصل جماع ولا خلوة، قال تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12].
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: في رجل تزوج امرأة فمات عنها ولم يدخل بها، ولم يفرض لها الصداق، فقال لها الصداق كاملا، وعليها العدة ولها الميراث. فقال معقل بن سنان سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى به في بروع بنت واشق)) أخرجه أبو داود، وصححه الألباني.
2- النسب، أي: قرابة الميت، ويشمل الأصول: وهم الآباء والأجداد وإن علو. والفروع:هم الأولاد وأولاد البنين وإن نزلوا.
والحواشي: وهم الإخوة وبنوهم وإن نزلوا، والأعمام وإن علوا، وبنوهم وإن نزلوا.
3- الولاء.
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب)) أخرجه ابن حبان والحاكم وصححه الألباني، فالولاء يرث به المسلم عبده المسلم الذي أعتقه لا الكافر لاختلاف الدين.
5- موانع الإرث:
1- الرق، فالرقيق لا يرث من زوجه ولا من قرابته لأنه لا يملك إذ هو مملوك لسيده.
2- القتل، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: ((ليس للقاتل شيء وإن لم يكن له وارث فوارثه أقرب الناس إليه ولا يرث القاتل شيئا)). أخرجه أبو داود وصححه الألباني.
3- اختلاف الدين، عن أسامة بن زيد رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم)) [متفق عليه].
#قضايا_مالية (https://www.facebook.com/hashtag/%D9%82%D8%B6%D8%A7%D9%8A%D8%A7 _%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A 9?source=feed_text&story_id=1443854229266714)
__________________
3 - الكسب في الإسلام وضوابطه
--------------------------------------
رغب الإسلام على العمل والكسب، وجاءت الآيات في ذلك واضحة، لا لبْس فيها ولا غموض، ترغِّب في العمل الشريف والمكاسب الطيبة، قال تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ }[الجُمُعَة: 10].
وقال سبحانه:{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}[المُلك: 15].
وقرن الإسلام بين العمل والجهاد في قوله سبحانه: {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [المزمل: 20].
وجعَل الله تعالى العمل سنَّة أنبيائه ورسله بالرغم من انشِغالهم بالدعوة إلى الله وتبليغ رسالته إلى أممهم وأقوامهم؛ يقول سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ }[الفرقان: 20]، يقول الإمام القرطبي في تفسير هذه الآية: "أي: يبتَغُون المعايش في الدنيا...وهذه الآية أصلٌ في تناوُل الأسباب وطلَب المعاش بالتجارة والصناعة وغير ذلك. تفسير القرطبي (13/13).
وهذا نبي الله داود عليه السلام كان حدادا يصنع الدروع وغيرها، قال تعالى: {وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [سبأ: 10 - 11]. وقال تعالى:{وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ} [الأنبياء: 80].
وهذا نبي الله موسى عليه السلام عمل في رعي الغنم قال الله عز وجل: {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ}[القصص: 27].
وأخبر نبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم أنَّه كان يعمَل برعي الأغنام؛ حيث يقول: ((ما بعث الله نبيًّا إلا رعى الغنم))، فقال أصحابه: وأنت؟ قال: ((نعم، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة)) أخرجه البخاري.
وجاء الحديث على العمل وطلب الرزق في أحاديث كثيرة، فعن الزبير بن العوام رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لأن يأخذ أحدكم حبله، فيأتي بحزمة الحطب على ظهره، فيبيعها، فيكف الله بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه)) أخرجه البخاري.
وسئل النبي صلى الله عليه وسلم: عن أفضل الكسب فقال: ((بيع مبرور، وعمل الرجل بيده)) أخرجه أحمد، وصححه الألباني.
وعن المقدام رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((ما أكل أحد طعاما قط، خيرا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود عليه السلام، كان يأكل من عمل يده)) أخرجه البخاري.
وقد فقه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، فاجتَهدوا في العمل لكسب الرزق، فقد كان أبو بكر رضي الله عنه بزازا، وكان عمر بن الخطاب يعمل بالأدم، وكان عثمان بن عفَّان يعمل بالتجارة، وقد أجر علي بن أبي طالب نفسه أكثر من مرَّة ليكسب قوت يومِه، وكان عبد الرحمن بن عوف يعمَل في البز، وكذا طلحة بن عبيد الله، وكان الزبير بن العوَّام وعمرو بن العاص خرازين، وعمل خبَّاب بن الأرتِّ حدادًا، وقام سعد بن أبي وقاص بصنع النِّبال، وعمل عثمان بن طلحة خيَّاطًا، وغيرهم كثيرٌ رضي الله عنهم أجمعين.
والواجب على كلِّ مسلم تحرِّي العمل المشروع المباح واجتِناب جميع الأعمال التي نهى عنها الإسلام وحذَّر منها؛ يقول تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [البقرة: 172].
فلا يجوز العمل في صنع الأصنام، وإنتاج الخمر، والعمل بالقمار، والميسر، والربا، والرشوة والسحر، وبيع الخنزير، والسرقة، وقطع الطريق، وخداع الناس والتغرير بهم، ولا يجوز التكسب من الأعمال التي تؤدي إلى فعل الحرام، كجمع العنب وبيعه لمن يجعله خمرا، وبيع السلاح لمن يحارب المسلمين، والعمل في أندية وملاهي فساد الأخلاق، وغيرها من الأعمال المحرمة.
ويوجِّه الإسلام إلى عدم إسناد العمل إلا لِمَن تتوافر فيه الأهليَّة والكفاءة لهذا العمل، والقوة والأمانة، وإتقان العمل، والإخلاص، والالتزام بأنظمة العمل، والالتزام بأداء الواجبات الشرعية
#قضايا_مالية (https://www.facebook.com/hashtag/%D9%82%D8%B6%D8%A7%D9%8A%D8%A7 _%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A 9?source=feed_text&story_id=1443854249266712)
__________________
4 - تحريم الربا
--------------------------------------
حرم الإسلام الربا قليله وكثيره، وتوعد أصحابه بالمحق وعذاب الخلد، وآذنهم بحرب من الله ورسوله، قال تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ}[البقرة:276].
وقال عز وجل : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ}[البقرة:278 - 279].
قال ابن عباس رضي الله عنه: ((هذه آخر آية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم)) أخرجه البخاري.
وقال تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلاّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[البقرة: 275].
وقال سبحانه وتعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[آل عمران:130].
وقال عز وجل: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ}[الروم:39].
وعن جابر رضي الله عنه قال: ((لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء)) أخرجه مسلم.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما أحدٌ أكثر من الربا إلا كان عاقبة أمره إلى قِلَّة)) أخرجه ابن ماجة وصححه الألباني.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشدُّ من ستٍّ وثلاثين زنية)) أخرجه أحمد وصححه الألباني.
مصطفى طالب مصطفى
09-07-2015, 03:58 PM
#آداب_إسلامية (https://www.facebook.com/hashtag/%D8%A2%D8%AF%D8%A7%D8%A8_%D8%A 5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8 A%D8%A9?source=feed_text&story_id=1443908285927975)
________________________
1 - العدل والإنصاف
______________________
لقد أمر الله تعالى عباده المؤمنين بإقامة العدل في جميع شؤون حياتهم؛ فقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [النساء(135)].
ونبه سبحانه إلى أن معاداة بعض الناس لا ينبغي أن تحمل على الظلم والجور؛ بل ينبغي عليك أن تكون عادلا حتى مع الخصوم والأعداء؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة8].
#آداب_إسلامية (https://www.facebook.com/hashtag/%D8%A2%D8%AF%D8%A7%D8%A8_%D8%A 5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8 A%D8%A9?source=feed_text&story_id=1443908322594638)
________________________
2 - الوفاء بالعهود والعقود
______________________
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ} [المائدة(1)] وقال تعالى: {وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً} [الإسراء(34)].
وليس الوفاء بالعقود والعهود مقصورا على التعامل بين المسلمين فقط، بل يجب ذلك مع غير المسلمين؛ قال عز وجل: {إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}[التوبة(4)].
وقد رتب الله على الوفاء بالعهود والعقود ثمرات عظيمة؛ منها:
1- أن الوفاء بالعهد من أعظم أسباب تحصيل التقوى، قال تعالى: {بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 76].
2- الوفاء بالعهد سبب لحصول الأمن في الدنيا وصيانة الدماء، وحفظ حقوق العباد مسلمهم وكافرهم، كما قال تعالى: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}[الأنفال/72].
3- أنه سبب لتكفير السيئات ودخول الجنات؛ كما نجد هذا في قوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ}[البقرة: 40]. قال ابن جرير: "وعهده إياهم أنهم إذا فعلوا ذلك أدخلهم الجنة".
#آداب_إسلامية (https://www.facebook.com/hashtag/%D8%A2%D8%AF%D8%A7%D8%A8_%D8%A 5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8 A%D8%A9?source=feed_text&story_id=1443908349261302)
________________________
3 - المحبة والنصرة
______________________
حث الإسلام على محبة المؤمنين ونصرة المظلومين، وموالاة المؤمنين؛ فقال تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ} [المائدة: 55)] و"إنما" تفيد الحصر والقصر.
وحث سبحانه على معاداة الكافرين، وحذر من محبتهم وموالاتهم؛ فقال تعالى: {لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران(28)].
وقال سبحانه مخاطبا المؤمنين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: 51].
وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ}[الممتحنة: 1].
ولا يدخل في الموالاة المنهي عنها ما يكون بين المسلم وغير المسلم من المحبة الطبيعية لقرابة، كحب الوالد لولده، والأم لابنها ونحو ذلك، قال تعال: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ * بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ * لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ * وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ}[سورة الواقعة 17-21].
ولا يدخل فيها أيضا التعامل مع غير المسلمين بالتعاملات المالية كالتجارة، والبيع، و الشراء.
#آداب_إسلامية (https://www.facebook.com/hashtag/%D8%A2%D8%AF%D8%A7%D8%A8_%D8%A 5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8 A%D8%A9?source=feed_text&story_id=1443908379261299)
________________________
4 - إلقاء التحية والسلام
______________________
إن إلقاء السلام ورده أحد الحقوق التي كفلها الشرع للمسلم على أخيه المسلم، أما إلقاء السلام ففيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه"[رواه أبو داود وصححه الألباني].
وأما رد السلام ففيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "خمسٌ تجب للمسلم على أخيه: رد السلام، وتشميت العاطس، وإجابة الدعوة، وعيادة المريض، واتباع الجنائز"[رواه مسلم].
وبإفشاء السلام تنفتح القلوب المغلقة؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم"[رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة وصححه الألباني].
وهذا فيما يخص المسلم بأخيه المسلم، أما ما يخص المسلم مع الكفار فلا يجوز ابتداءهم بالسلام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام)[رواه الترمذي وصححه الألباني].
ولكنهم إذا سلموا وجب علينا أن نردّ عليهم؛ لعموم قوله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا}[النساء86].
وكان اليهود يسلّمون على النبي صلى الله عليه وسلم، فيقولون: السام عليك يا محمد، والسام بمعنى الموت، يدعون على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالموت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن اليهود يقولون: السام عليكم، فإذا سلموا عليكم، فقولوا: وعليكم)[رواه مسلم].
وإذا كانت هناك حاجة داعية إلى بدء الكافر بالتحية فلا حرج فيها حينئذٍ، ولتكن بغير السلام، كما لو قال له: أهلاً وسهلاً، أو كيف حالك ونحو ذلك؛ لأن التحية حينئذ لأجل الحاجة لا لتعظيمه.
#آداب_إسلامية (https://www.facebook.com/hashtag/%D8%A2%D8%AF%D8%A7%D8%A8_%D8%A 5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8 A%D8%A9?source=feed_text&story_id=1443908432594627)
________________________
5 - آداب وأخلاق عامة جاءت بها الشريعة
-------------------------------------
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا متفحشاً، وكان يقول: ((إن خياركم أحسنكم أخلاقاً)) [متفق عليه]. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (لم يكن النبي صلى الله علي وسلم سباباً ولا فاحشاً ولا لعاناً) أخرجه البخاري. والفحش: كل ما خرج عن مقداره حتى يستقبح، ويدخل في القول والفعل والصفة، لكن استعماله في القول أكثر، والتفحش بالتشديد: الذي يتعمد ذلك ويكثر منه ويتكلفه. وعنه رضي الله عنه قال: خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما قال لي: أف، ولا لم صنعت؟ ولا: ألا صنعت؟! متفق عليه. وقال تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف(199)]. فأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأخذ العفو من أخلاق الناس، وأن يعفو عمن ظلمه، ويعطي من حرمه، ويصل من قطعه. جاء القرآن بالأمر بالصبر عند الغضب، والحلم عند الجهل، والعفو عند الإساءة قال تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت: 34-35]. أمر الله تعالى بالإنفاق في سبيله في الرخاء والشدة ، وكظم الغيظ، والعفو عن الناس فقال تعالى: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران(134)]. حث صلى الله عليه وسلم على الرحمة بالصغير، وتوقير الكبير، فقال صلى الله عليه وسلم عندما اختصم له القوم فأراد أن يبدأ أصغرهم بالكلام: ((كبر الكبر))، أي ليبدأ بالكلام الأكبر (أخرجه البخاري). وقال صلى الله عليه وسلم: ((ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف شرف كبيرنا))[أخرجه أبو داود والترمذي]. ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغضب فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني، قال: ((لا تغضب))، فردد مراراً، قال: ((لا تغضب)). أخرجه البخاري. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب))[متفق عليه].
لاميس
09-08-2015, 09:22 PM
رائع
سفير المحبة
10-25-2015, 12:11 PM
جميل جدا
مصطفى طالب مصطفى
10-25-2015, 12:25 PM
الشكر لمن أعطتني إياه لنشره
vBulletin® Jelsoft Enterprises Ltd , Copyright ©2000-2025