المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دلالة حديث قاتل المئة على فضل ومكانة علماء الأمة


مصطفى طالب مصطفى
03-21-2016, 03:45 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:

فلا يزال المسلمون ينهلون من المعين الصافي والسنَّة المطهرة ما يزيد إيمانهم ويقوي عزائمهم ويرسخ معرفتهم لله بارئهم وفاطرهم, ومن تلك الدرر البهية واللآلئ المنتخبة في فضل ومنزلة علماء الأمة ما جرى لذلك الرجل الذي قتل مئة نفس حتى منَّ الله عليه بالجَنَّة !

وإليكم الحديث كما روه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال[1]: كان فيمن كان قبلكم رجلٌ قتل تسعةً وتسعين نفسًا .
فسأل عن أعلمِ أهلِ الأرضِ فدُلَّ على راهبٍ فأتاه فقال : إنَّه قتل تسعةً وتسعين نفسًا . فهل له من توبةٍ ؟ فقال : لا . فقتله . فكمَّل به مائةً .
ثمَّ سأل عن أعلمِ أهلِ الأرضِ فدُلَّ على رجلٍ عالمٍ . فقال : إنَّه قتل مائةَ نفسٍ . فهل له من توبةٍ ؟ فقال : نعم . ومن يحولُ بينه وبين التَّوبةِ ؟
انطلق إلى أرضِ كذا وكذا . فإنَّ بها أُناسًا يعبدون اللهَ فاعبُدِ اللهَ معهم . ولا ترجِعْ إلى أرضِك فإنَّها أرضُ سوءٍ . فانطلق حتَّى إذا نصَف الطَّريقَ أتاه الموتُ . فاختصمت فيه ملائكةُ الرَّحمةِ وملائكةُ العذابِ . فقالت ملائكةُ الرَّحمةِ : جاء تائبًا مقبلًا بقلبِه إلى اللهِ . وقالت ملائكةُ العذابِ : إنَّه لم يعمَلْ خيرًا قطُّ . فأتاه ملَكٌ في صورةِ آدميٍّ . فجعلوه بينهم . فقال : قِيسوا ما بين الأرضين . فإلى أيَّتِهما كان أدنَى ، فهو له . فقاسوه فوجدوه أدنَى إلى الأرضِ الَّتي أراد . فقبضته ملائكةُ الرَّحمةِ .

قال قتادةُ : فقال الحسنُ : ذُكِر لنا ؛ أنَّه لمَّا أتاه الموتُ نأَى بصدرِه .

لو تأملت حال العامَّة في الأمم السابقة لوجدته عندنا تماماً, فذاك التائب عندما سأل عن أعلم أهل الأرض - وفي ذلك دلالة على أن هذه المسألة شاغلة لتفكيره ومؤرقته ويريد الحل الحاسم - دلَّه العوام على راهبٍ عابدٍ زاهدٍ في الدنيا, فهذا هو المنظار نفسه الذي يستعمله الناس الآن وبسببه حدثت الكوارث فأصبح الناس كلما وجدوا ملتحياً عاصياً لله لاموه لأنه عالم بل ولاموا الدين الذي يتقيد به ! فهذا ليس هو المعيار الصحيح فالرجال يُعرفون بالحق وليس العكس.

ويا ترى كيف ستستقيم الحياة بدون العلماء؟ وها نحن نرى ذلك التائب الحائر كيف قام بجريمة قتل نتيجة لفتوى ظالمة من عابد زاهد لا يريد من الدنيا شيئ !


ذلك العابد الزاهد لا يتخيل أن يعصي الله في الصغائر فهاله أمر تلك الكبائر فاستصعبها, ولكن: لقد حَجَّر واسعاً


وانظر إلى ذلك العالم المتيقظ, والحاذق المتمكن الذي لم يفه بسعة رحمة الله فحسب بل دلَّه على الطريق المستقيم الذي يثبته على توبته التي طلبها بصدق.


وفي ذلك أعظم الإشارة إلى تلك المنزلة التي حبا الله علماء الأمة حتى قال:إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ [فاطر : 28]


-------------
1 أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: صحيح مسلم (2766)

سفير المحبة
04-04-2016, 11:03 PM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

مصطفى طالب مصطفى
04-11-2016, 02:45 AM
وفيكم بارك الله, أسعدني مرورك