المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نقد كلام بولس عن الكتاب " كل الكتاب موحى به من الله " من كلام بولس نفسه


مصطفى طالب مصطفى
09-14-2016, 07:20 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


مما لا شكَّ فيه أن النصارى[1] يعتقدون بعصمة كتابهم المُقدَّس من التحريف, ومن الأدلَّة على أن كتابهم موحى به من الله عز وجل نص ذكره بولس في رسالته الثانية إلى تيموثاوس قائلًا:

(Tm2-3-16): كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ.

وفي ذلك يقول الدكتور القس شنودة ماهر إسحاق[2]: الكتاب المقدس موحى به بكامله وحياً لفظياً. ومن كلام بولس الرسول نعرف أنه لا يوجد جزء من كلام المكتوب فى أسفار الكتاب غير موحى به. لأنه يقول: كُلُّ الْكِتَابِ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ. وكلمة [كل] أى كل الكتاب بدون استثناء أى جزء منه.. وكلمة.. [موحى به من الله] جاءت فى اليونانية بمعنى.. [متنفس به من الله] أى God_ breathed.

وعلى الرُّغم من أن النصَّ عليه اعتراضات حول كلمة "الكتاب" حيث في الأصول اليونانية "كتاب" نكرة وليس معرَّف, أو أن النص هذا لا يدلُّ ضرورة على وحي الكتاب المقدس كما يؤمن به النصارى اليوم فالنص موجود في كتاب يؤمن به البروتستانت وكتاب يؤمن به الكاثوليك والأرثوذكس وهناك اختلاف بعدد الأسفار بين الطوائف.

فهل ما حذفته البروتستانت هو من وحي الله عند الأرثوذكس بدلالة هذا النص؟ مع العلم أن كتابهم فيه النص نفسه مع حذف[3] هذه الأسفار !

لكن: لنفترض أن النص يتكلم عن الكتاب المقدس كما هو اليوم ولينظر كل شخص من منظور طائفته أي أن النص تكلم عن وحي كتابه.

فإن في الكتاب المقدس بعض النصوص التي من الواضح جدًا أنَّها ليست وحيًا من الله عز وجل, ولكي لا نأتي بنصوص ونقوم بالاستنتاج منها فيُصار إلى تأويل النصوص فيزعمون بطلان الحُجَّة سأكتفي بنص واحد وعلى لسان بولس الرَّسول وهذا النص صريح في المسألة المُشار إليها.

جاء في رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كرونثوس:

(Cor1-7-10): وَأَمَّا الْمُتَزَوِّجُونَ، فَأُوصِيهِمْ، لاَ أَنَا بَلِ الرَّبُّ، أَنْ لاَ تُفَارِقَ الْمَرْأَةُ رَجُلَهَا،

(Cor1-7-11): وَإِنْ فَارَقَتْهُ، فَلْتَلْبَثْ غَيْرَ مُتَزَوِّجَةٍ، أَوْ لِتُصَالِحْ رَجُلَهَا. وَلاَ يَتْرُكِ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ.

فهذا النص واضح أن الوصية ليست من بولس بل من الرَّب

(Cor1-7-12): وَأَمَّا الْبَاقُونَ، فَأَقُولُ لَهُمْ أَنَا، لاَ الرَّبُّ: إِنْ كَانَ أَخٌ لَهُ امْرَأَةٌ غَيْرُ مُؤْمِنَةٍ، وَهِيَ تَرْتَضِي أَنْ تَسْكُنَ مَعَهُ، فَلاَ يَتْرُكْهَا.

وقوله: (Cor1-7-25): وَأَمَّا الْعَذَارَى، فَلَيْسَ عِنْدِي أَمْرٌ مِنَ الرَّبِّ فِيهِنَّ، وَلكِنَّنِي أُعْطِي رَأْيًا كَمَنْ رَحِمَهُ الرَّبُّ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا.

فهذه النصوص توضح وبجلاء أن بولس الرسول كان يقدم بعض التشريعات من رأيه الشخصي بغير وحي من الرب له.

فهذه النصوص أو التشريعات ليست وحيًا من الله فكيف يكون كل الكتاب هو موحًى به من الله, والكتاب يحوي اجتهادات بولس الرسول ؟

-------------------

1 علماء النصرانية وخصوصًا من لديه علم بالنقد النصي للكتاب المقدس يكادون يتفقون على عدم عصمة نص الكتاب المقدس.
2 الدكتور القس شنودة ماهر إسحاق (أستاذ العهد القديم واللاهوت بالكلية الاكليريكية, والله القبطية بمعهد اللغة القبطية بالقاهرة): الكتاب المقدس أسلوب تفسيره وفقًا لفكر الآباء القويم صــ 42
3 ويسمونها الأبوكريفا ومن أثبتها يطلق عليها اسم الأسفار القانونية الثانية وهي سبعة أسفار وأجزاء من ثلاث أسفار موجودة في الكتاب المقدس