مقدمة
يقوم الإسلام على خمسة أركان، جاء ذكرها في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان. أخرجه البخاري ومسلم
الركن الأول
شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله
الشهادة هي الركن الأول من أركان الإسلام؛ وهي عنوان الدخول في الإسلام، فلابد لمن أراد الدخول في الإسلام أن ينطق بها، قال الله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ [النور:62]
وكلمة "لا إله إلا الله" هي سبيل السعادة في الدارين فبالتزامها النجاة من النار وبعدم التزامها البقاء في النار، وبها تثقل الموازين ولأجلها خلقت الدنيا والآخرة، والجنة والنار.
وقد دلت نصوص الكتاب والسنة على أهميتها وفضلها؛ قال تعالى: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [آل عمران:18] وقال تعالى :فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ [محمد:19] وقال تعالى: وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ [آل عمران:62] وقال تعالى: مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ [المؤمنون[91:، وقال تعالى: قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا [الإسراء:[42
ومعنى "شهادة أن لا إله إلا الله"، أي لا معبود بحق إلا الله، فهي تنفي عبادة ما سوى الله عز وجل، وتثبتها لله وحده لا شريك له.
لذا كانت هذه الكلمة عنوان الإسلام وشعاره، ومفتاح الدخول فيه؛ لأنها تعني أن الإنسان يقر بطاعة الله، وينقاد لعبوديته، ويتبرأ من عبادة ما سواه، ويعتقد أن من عبد غيره فهو على باطل، قال الله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ [الحج:62]
وشهادة أن محمدا رسول الله تتضمن ثلاثة أمور مهمة، وهي:
أولا: الإقرار بأن الله أرسل محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق بشيراً ونذيراً إلى الناس كافة، يدعوهم إلى عبادة الله وحده، ونبذ الشرك والكفر، قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا [سبأ:28]
ثانيا: وجوب تصديق النبي محمد صلى الله عليه وسلم في كل ما أخبر به؛ لأنه وحي من الله، كما قال تعالى: وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم: 3-4]
ثالثا: وجوب طاعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في كل ما أمر به، واجتناب كل ما نهى عنه وزجر؛ لأنه مبلغ عن الله، والله أمر بطاعته، قال تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا [الحشر:7]
الركن الثاني
الصلاة
الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام، وبها يعرف المطيع من العاصي، ويفرق بين الكافر والمسلم، لذلك قال عليه الصلاة والسلام: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر .رواه أحمد والترمذي والنسائي وهو حديث صحيح.
وهي صلة بين العبد وربه، وأول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، ولذا كانت أمرا مفروضا من الله تعال: إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا [النساء:103]
ولأهميتها وشرفها وفضلها، وعظيم قدرها، فقد فرضها الله تعالى في السماوات العلى.
وقد أمر لله بإقامتها والمحافظة عليها في آيات عديدة؛ كقوله: وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ [البقرة:43]
وقال: حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ [البقرة 238].
وإقامتها تكون بتأديتها بإخلاص وخشوع وحضور قلب، مع مراعاة شروطها وأركانها وواجباتها وسننها، فمن أداها بهذه الصفة حاز على الفضائل الجمة، والعطايا الكثيرة.
الركن الثالث
إيتاء الزكاة
تحتل الزكاة في الإسلام مكانة رفيعة، ومنزلة سامية، ومرتبة عالية، فهي ركن من أركانه الأساسية، وشعيرة من شعائره العظيمة؛ لحديث ابن عمر المشهور: بُني الإسلام على خمس... وذكر منها: وإيتاء الزكاة [رواه البخاري ومسلم].
وقد ذكرت في القرآن ثلاثين مرّة، وقرنت مع الصلاة في سبع وعشرين مرة، منها قوله: وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [النــور:56]
وهي فريضة أوجبها الله تعالى في مال الغني، إذا توفرت شروطها المعروفة، قال تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا [التوبة 103]، وقال صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حينما أرسله إلى اليمن: فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم. رواه البخاري ومسلم
فمن أداها طيبة بها نفسه نال الأجر والثواب من الله تعالى، وفاز برضوانه، وبورك له في ماله، ومن امتنع عن أدائها، أو تهاون في إخراجها فهو آثم، وأما من أنكر وجوبها فقد كفر بالله تعالى.
الركن الرابع
صوم رمضان
صيام شهر رمضان فرض بنص الكتاب والسنة وإجماع المسلمين، قال تعالى: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:183] وقال: فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [185]
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: بني الإسلام على خمس, وذكر منها: وصوم رمضان. رواه البخاري ومسلم
وأجمع المسلمون على أن صيام رمضان فرض، وأنه أحد أركان الإسلام، فمن أنكر فرضيته كفر، إلا أن يكون ناشئاً في بلاد بعيدة، لا يعرف فيها أحكام الإسلام فيُعرَّف بذلك، ثم إن أصر بعد إقامة الحجة عليه كفر، ومن تركه تهاوناً بفرضيته فهو على خطر عظيم.
وقد شرع الله الصوم لغايات عظيمة، وأهداف نبيلة، ومن أهمها: تحقيق تقوى الله، ومراقبته، والإخلاص له، والانتصار على النفس الأمارة بالسوء، وما أشبه ذلك
الركن الخامس
حج بيت الله الحرام
الحج أحد أركان الإسلام، ومبانيه العظام، ودعائمه الخمس، وفرض من فروضه؛ دل عليه الكتاب والسنة والإجماع، وهو فرض عين على المكلف المستطيع مرة واحدة في العمر، ومن أنكر ذلك فقد كفر إلا إذا كان حديث عهد بالإسلام، أو نشأ في بلد بعيدة عن العلم وأهله، قال تعالى: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً[آل عمران:97].
وحديث: بُني الإسلام على خمس, وذكر منها: وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً. رواه البخاري ومسلم
وقال صلى الله عليه وسلم: يا أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا. رواه مسلم
وأجمع العلماء على فرضية الحج وأنه ركن من أركان الإسلام.
وقد شرع الحج لغايات عظيمة، ومقاصد سامية؛ منها: تحقيق التوحيد، والولاء والبراء، وتعظيم حرمات الله وشعائره، وتحقيق الأخوة الإسلامية، والتخلق بأخلاق الإسلام النبيلة، والابتعاد عن الأخلاق الذميمة.