عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 08-24-2015, 09:58 PM
الصورة الرمزية مصطفى طالب مصطفى
مصطفى طالب مصطفى مصطفى طالب مصطفى غير متواجد حالياً
الإدارة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 1,072
مصطفى طالب مصطفى is on a distinguished road
افتراضي

تعريف التوحيد وفضائله

أولا: تعريف التوحيد
التوحيد في الاصطلاح: إفراد الله تعالى بما يختص به من الألوهية والربوبية والأسماء والصفات .
ثانيا: فضائل التوحيد
التوحيد له فضائل كثيرة منها:
أولا: صاحبه يحصل على الأمن في الدنيا والآخرة، فالله تعالى يدفع عن الموحدين شرور الدنيا والآخرة، ويمن عليهم بالطمأنينة والحياة الطيبة.
ثانيا: التوحيد سبب لدخول الجنة وتكفير السيئات، فعن أبي ذر رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: أتاني جبريل فبشرني أنه من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، قلت: وإن سرق، وإن زنى، قال: وإن سرق، وإن زنى" متفق عليه.
ثالثا: يمنع من الخلود في النار إذا كان في القلب منه أدنى مثقال حبة خردل، وإذا كمل في القلب يمنع من دخول النار بالكلية.
رابعا: سبب للفوز بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة.
خامسا: يحرر الإنسان من عبودية المخلوقين وخوفهم والتعلق بهم ورجائهم، فلا يخشى الموحد إلا الله سبحانه، ولا ينيب إلا إليه.
سادسا: وعد الله أهل التوحيد بالفتح والنصر في الدنيا والعز والشرف وإصلاح الأحوال قال سبحانه: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}[النور: (55)].

أقسام التوحيد

القسم الأول: توحيد الربوبية
1-
تعريفه والأدلة عليه من الكتاب والسنة :
وهو إفراد الله تعالى بأفعاله، كالخلق والملك والتصرف والتدبير الجازم بأن الله تعالى رب كل شيء ومليكه، وهو مدبر العالم المتصرف فيه، وأنه خالق الخلق ورازقهم ومحييهم ومميتهم.
قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُم مِّن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الروم: 40].
وقال عز وجل:{أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ}[الطور:35-36].
أي: هل وجدوا من غير موجد ؟ أم هم أوجدوا أنفسهم ؟ أي: لا هذا ولا ذاك، بل الله هو الذي خلقهم وأنشأهم بعد أن لم يكونوا شيئاً مذكوراً.
وقال سبحانه: {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} [الأعراف: 54]، أي: له الملك وله التصرف، ولا راد لقضائه ولا معقب على حكمه، ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل.
وقال تعالى: {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طـه:50]، فهو الذي خلق الخلق وقدر القدر سبحانه وتعالى.
وهذا التوحيد هو الذي أقر به الكفار في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُون} [العنكبوت: 61]، وقوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ} [العنكبوت:63]وقوله جل شانه: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُون َ} [الزخرف: 87].
وقوله تعالى: {قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ} [يونس: (31)].
ولم يكف مشركي العرب إقرارهم بتوحيد الربوبية بل أمرهم الله بإفراده بالعبادة له سبحانه؛ لأن من كان رباً خالقاً رازقاً مالكاً وجب أن يكون إلهاً لا شريك له، وأن لا تصرف العبادة إلا إليه.
2-
دلالة الفطرة والمخلوقات والعقل عليه.
الإقرار بربوبية الله عز وجل أمر فطري ضروري يحسه في نفسه البر والفاجر، وهو شعور يملأ على الإنسان أقطار نفسه، إقراراً بخالقه وتألهاً له، لا يستطيع دفعه ولا يملك رده.
وهذه الفطرة عند كثير من المفسرين هي الميثاق الذي أخذه الله بربوبيته على بني آدم قبل أن يوجدوا، وجعل منه حجة قائمة عليهم لا يسعهم جهلها أو التنكر لها اعتذاراً بتقليد الآباء والأجداد قال سبحانه: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} [الأعراف: 172-173].
والعتاة الغلاظ من أكابر الملاحدة والكافرين لم يستطيعوا دفع هذه الحقيقة عن أنفسهم، ولا جحدها بأفئدتهم، وإن جحدتها ألسنتهم ظلماً وعلواً، كما قال تعالى عن قوم فرعون {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} [النمل:14].
وعند نزول الضر بهم سرعان ما انقلبوا متضرعين منيبين إلى ربهم داعين له، قال سبحانه:{وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ }[لقمان: 32].
ومن الدلائل على توحيد الربوبية: دلالة المخلوقات، فهي آيات بينات تحرق كل شبهة، وتخرس كل كفور، وترغم كل مكابر ومعاند، فهذه المخلوقات لم تخلق من غير شيء كما أنها لم تخلق نفسها، وذلك مما استقر بالفطرة وعلم بالضرورة والبداهة، فلم يبق إلا أنها خلقت بتقدير العزيز العليم الذي خلق فسوى وقدر فهدى، قال سبحانه: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ}[الطور:35].
3-
إجماع الأمم عليه
الأمم مجمعون على الإِقرار بتوحيد الربوبية. ولم يدع أحد من البشر أن للعالم صانعين متكافئين في الصفات والأفعال وحتى مشركو العرب وأهل الكتاب والمجوس{وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} [العنكبوت: 61]، قال تعالى: {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [إبراهيم: 10] فخاطبت الرسل قومهم في ذلك خطاب من لا يشك فيه، ولا يصلح الريب فيه.
القسم الثاني: توحيد الألوهية
1-
تعريفه والأدلة عليه من الكتاب والسنة.
هو إفراد الله تعالى بجميع أنواع العبادة الظاهرة والباطنة قولاً وعملاً، ونفي العبادة عن كل ما سوى الله كائناً من كان، فتصرف جميع أنواع العبادة لله وحده لا شريك له، سواء كانت قلبية، كالخوف والرجاء، والتوكل، أو قولية، كالدعاء ، أو فعلية، كالصلاة والحج والصيام، فلا نخاف ولا نرجو، ولا ندعو ولا نتوكل ولا نستعيذ ولا نصلي، ولا نصوم، ولا نحج إلا لله سبحانه.
وسمي بتوحيد والألوهية؛ لأنه مبني على التأله لله وهو التعبد المصاحب للمحبة والتعظيم، ويسمى توحيد العبادة؛ لأن العبد يتعبد لله بأداء ما أمره به واجتناب ما نهاه عنه.
وقد تضافرت النصوص وتظاهرت الأدلة علـى وجـوب إفـراد الله بالألوهية، وتنوعت في دلالتها، فمن ذلك قوله سبحانه: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام 162-163].
فأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يخبر المشركين الذين يعبدون غير الله ويذبحون لغير اسمه أنه مخالف لهم، وأنه متوجه بأعماله إلى الله وحده.
وقال تعالى:{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}[الكوثر:2]، أي: أخلص صلاتك وذبحك لله وحده.
وقال تعالى مبيناً الأساس من وجود الخليقة والمقصود من إيجاد الثقلين، كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56].
وقال سبحانه آمراً بإفراد العبادة له وحده: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقـرة:21]، وقال: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [النساء:36]، وقال: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء:23].
وبين تعالى أن المقصود من بعثة الرسل وإنزال الكتب هو الدعوة إلى توحيد الله سبحانه فقال: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ } [النحل:36]، وقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25]، وقال تعالى: {يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ} [النحل: 2].
وقال تعالى مشيرا إلى عبثية دعاء غير الله، وأن الأنداد لا يملكون لأنفسهم فضلاً عما يلوذ بهم شيئا {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ * إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ }[فاطر: 13-14].
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد؟)) قال: الله ورسوله أعلم. قال: ((أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، أتدري ما حقهم عليه؟)) قال: الله ورسـوله أعلم. قال: ((أن لا يعذبهم)) أخرجه البخاري.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من مات وهـو يدعو من دون الله ندًّا دخل النار)) أخرجه البخاري.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار)) أخرجه مسلم.
2-
من مقتضيات توحيد الألوهية:
-
لا حلال إلا ما أحله الله ولا حرام إلا ما حرمه الله.
التحليل والتحريم حق خالص لله وحده فالحلال ما أحله الله ورسوله والحرام ما حرمه الله ورسوله، ولا يجوز لأحد كائناً من كان أن يحلل أو يحرم إلا بمقتضى ما دلَّ عليه الدليل الشرعي من الكتاب والسنة وقد قال تعالى {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النحل: 116، 117].
وقد ذكر الله الكفر الأكبر في قوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة: 31] لما سمع عدي بن حاتم الآية قَالَ: قُلْتَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ قَالَ: " أَجَلْ، وَلَكِنْ يُحِلُّونَ لَهُمْ مَا حَرَّمَ اللهُ، فَيَسْتَحِلُّونَهُ، وَيُحَرِّمُونَ عَلَيْهِمْ مَا أَحَلَّ اللهُ، فَيُحَرِّمُونَهُ، فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ لَهُمْ " صححه الألباني.
وقد وصف الله المشركين بأنهم لا يحرمون ما حرم الله ورسوله {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} [التوبة: 29] {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} [يونس: 59].
-
الكتاب والسنة هي مصدر التلقي والتشريع لهذه الأمة.
الحجة القاطعة والحكم الأعلى هو الكتاب والسنة وإجماع الأمة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الحجرات: 1].
وقال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63].
وقال تعالى:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا}[الأحزاب: 36]، فإذا حكم الله ورسوله بشيء فليس لأحد مخالفته، ولا اختيار لأحد فيه ولا رأي ولا قول بل يجب على المؤمنين كافة أن يجعلوا رأيهم واختيارهم تبعا لهديه وقضائه صلى الله عليه وسلم.
وقال سبحانه: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}[النساء: 59]، فجعل رد الأمور إلى الله ورسوله مناط الإيمان بالله واليوم الآخر، فدل ذلك على أن من لم يرد الأمور المتنازع فيها إلى الله ورسوله فليس مؤمناً بالله ولا باليوم الآخر.
وتأسيساً على الإيمان بوحدة مصدر التلقي نؤمن بأن التحاكم الطوعي إلى غير ما أنزل الله نفاق لا يجتمع مع أصل الإيمان، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا}[النساء: 60].
وقال تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا}[النساء: 65].
والواجب على المسلم أن يعتقد أن ما انعقد عليه إجماع السلف فهو الحق الذي لا معدل عنه، ولا يجوز أن تفهم نصوص الوحي بمعزل عنه، قال تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا} [النساء: 115].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ)) أخرجه أبو داود والترمذي.
فاتباع سبيل المؤمنين، وما سنه الخلفاء الراشدون المهديون، وما عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هو العاصم من الانحراف والبدع والضلالات.
-
إن الحكم إلا لله
من مقتضيات الإيمان الإقرار بحق التشريع لله وحده، فالحكم لله وحده، قال تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ} [يوسف: 40].
والتولي والإعراض عن تحكيم شرع الله، من مسالك المنافقين والظالمين، قال سبحانه: {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [النور: 48-50].
وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً} [النساء: 60].
-
موالاة أولياء الله ومعاداة أعدائه
من كان مؤمناً بالله ورسوله وجبت موالاته، ومن كان كافراً بالله ورسوله وجبت البراءة منه أياً كان، وهذه البراءة والكراهية للكفار ليست لذواتهم وإنما لما اقترفوه من معصية الله عز وجل والكفر به، كما أن هذه البراءة لا تستوجب الظلم والجور عليهم ومنع الإحسان إلى من يستحق الإحسان منهم، قال تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } [سورة الممتحنة 8] ، ومن كان فيه إيمان وفيه فجور فله من الموالاة بحسب إيمانه ومن البراءة بحسب فجوره، ومن والى على ملة غير ملة الإسلام حاد عن التوحيد وجانبه، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّه مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[المائدة:51].
ولما نهى الله المؤمنين عن مولاة الكافرين بين لهم أن الولاية المستحق للولاية، فقال سبحانه: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}[المائدة:55].
ونهى الله عز وجل عن اتخاذ المشركين والكفار المحاربين لله ورسوله أولياء ، فقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ}[الممتحنة:1].
وبين أن من اتخذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين فقد برئ من الله وبرئ الله منه، فقال تعالى:{لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ}[آل عمران:28].
وأمرنا الله بالتأسي بإبراهيم عليه السلام والمؤمنين معه في عداوة المشركين فقال تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة:4].
وعن عمرو بن العاص قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ألا إن آل أبي - يعني فلان - ليسوا لي بأولياء، إنما وليي الله وصالح المؤمنين)) أخرجه مسلم.
القسم الثالث: توحيد الأسماء والصفات
1-
تعريفه والأدلة عليه من الكتاب والسنة.
هو إفراد الله سبحانه وتعالى بما سمى الله به نفسه ووصفه به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، وذلك بإثبات ما أثبته من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل. كما جمع الله تعالى بين إثباتها ونفي التكييف عنها في كتابه في غير موضع كقوله تعالى: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [طه: 110]، وقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]، وقوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: 103].
وعن أبي بن كعب رضي الله عنه ((أن المشركين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم - يعنى لما ذكر آلهتهم - انسب لنا ربك، فأنزل الله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ - اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص: 1- 2] والصمد الذي {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص: 3]؛ لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت، وليس شيء يموت إلا سيورث، وإن الله تعالى لا يموت ولا يورث {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 4] قال: لم يكن له شبيه ولا عديل، وليس كمثله شيء. أخرجه الترمذي.
2-
لا تلازم بين الاشتراك في اسم الصفة والتماثل في الموصوفات
الاشتراك في الأسماء والصفات لا يستلزم بالضرورة تماثل المسميات والموصوفات فالمعاني والأوصاف إنما تتميز بحسب ما تضاف إليه، فللذباب جسم وقوة، وللفيل جسم وقوة، وفرق بين القوتين والجسمين.
وإذا كان الاسم والصفة لا يستلزم التماثل في الحقيقة بين المخلوقات، فانتفاء التماثل في ذك بين الخالق والمخلوق من باب أولى.
فعلى سبيل المثال نجد أن الله قد أثبت العلم لنفسه، فقال سبحانه: {عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ} [البقرة:235]، وأثبت لعباده العلم في مثل قوله تعالى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: 10]، وليس علم الإنسان كعلم الله عز وجل، فقد قال الله تعالى عن نفسه، {وسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا}[طـه:98]، وخاطب بني آدم فقال: {وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} [الإسراء:85].
3-
وسطية أهل السنة والجماعة في باب الأسماء والصفات.
أهل السنة والجماعة وسط في باب أسماء الله وصفاته بين أهل التعطيل الذين يلحدون في أسماء الله وصفاته ويعطلون حقائق ما نعت الله به نفسه، حتى يشبهوه بالعدم والموات، وبين أهل التمثيل الذين يضربون له الأمثال، ويشبهونه بالمخلوقات، فأهل السنة يصفون الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسله من غير تعطيل، ولا تمثيل، إثباتاً لصفات الكمال، وتنزيهاً له عن أن يكون له فيها أنداد، وأمثال، إثبات بلا تمثيل، وتنزيه بلا تعطيل.
__________________
[align=center]

[/align]
رد مع اقتباس