
08-24-2015, 10:00 PM
|
 |
الإدارة
|
|
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 1,072
|
|
أمور مخالفة للتوحيد
أولاً : صرف العبادة لغير الله
يجب على المسلم أن يفرد الله تعالى بالعبادة وحده لا شريك له، وترك عبادة كل ما سواه، وأن يتبرأ من كل ما يعبد من دونه، وأن يعلم أن العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة، وأنها غاية الخضوع والتذلل، وغاية الحب والرجاء لله سبحانه وتعالى، وأنها تشمل جميع ما أمر الله أن يتقرب إليه به من جميع القربات، فيخلص المسلم تقربه بذلك إلى الله، ولا يصرف شيئا منه لغير الله كائنا ما كان، لأن صرف العبادة لغير الله تعالى نقض للتوحيد وكفر بالإيمان، وخروج عن العبودية لله تعالى، قال سبحانه: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}(سورة الأنعام 162-163) فهذا أمر من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم أن يبيّن للمشركين الذين يعبدون غير الله، ويذبحون لغيره سبحانه وتعالى، أنه بريء من عملهم، مخالف لهم في شركهم، وأنه موحد مخلص لله وحده بكل أعماله.
ولما كان المشركون يعبدون الأصنام من دون الله ويذبحون لها، أمره الله تعالى بإخلاص ذلك له، قال تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}(سورة الكوثر 2). ويبيّن الله سبحانه وتعالى عجز هذه الآلهة، وأنها لا تملك لنفسها ضرا ولا نفعا، وأنها لا تستطيع أن تفعل شيئا لنفسها، فكيف يعقل أن تعبد من دون الله! قال تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا}(سورة الفرقان 3). وقال تعالى: {قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً}(سورة الإسراء 56). فإذا كانت هذه الآلهة لا تملك أن تكشف الضر عن عابديها، فكيف تستحق أن تعبد من دون الله؟
وقد ذم الله سبحانه وتعالى من أحب من دونه شيئا غيره كما يحبه سبحانه وتعالى فقال سبحانه: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ}(سورة البقرة 165). فهذا تنديد للذين يشركون في المحبة مع الله تعالى غيره، وعدم إخلاصها له كمحبة المؤمنين.
وأما الشرك فقد كان أساسه وأصله الغلو في الصالحين فالأصنام التي عبدها قوم نوح في العرب وكانت في أصلها صور رجال صالحين فلم يزل الشيطان بأوليائه حتى زين لهم عبادتها من دون الله قال تعالى {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا}(سورة نوح 23). وفي البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما، ((صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد أما ود كانت لكلب بدومة الجندل، وأما سواع كانت لهذيل، وأما يغوث فكانت لمراد، ثم لبني غطيف بالجوف، عند سبإ، وأما يعوق فكانت لهمدان، وأما نسر فكانت لحمير لآل ذي الكلاع، أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم، أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا وسموها بأسمائهم، ففعلوا، فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم عبدت)) ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغلو فقال: ((لا تطروني، كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا عبد الله، ورسوله))[متفق عليه]. وقال صلى الله عليه وسلم ((وإياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين))[رواه ابن ماجه وصححه الألباني].
أمور مخالفة للتوحيد
ثانياً : التبرك
1- تعريف التبرك:
التّبرُّك: هو طلب البركة، وأصل البركة: الثبوت واللزوم، وتطلق على النماء والزيادة، والتبرك هو: طلب الخير الكثير وثباته ولزومه.
2-أنواع التبرك:
اعلم أخي المسلم أن البركة لا تكون إلا من الله تعالى وهو الذي يعطي البركة من يشاء ويضعها حيث شاء سبحانه وتعالى وقد خص الله بها بعض الأمور فوضع فيها البركة وجعل فيها الخير والفضل قال سبحانه: {وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَقَ}(سورة الصافات 113). وقال: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ}(سورة مريم 31). فالذي يبارك هو الله - جل وعلا -، وقد دلت النصوص في الكتاب والسنة على أن الأشياء التي أحل الله - جل وعلا - البركة فيها قد تكون أمكنة أو أزمنة؛ وقد تكون مخلوقات آدمية وقد تكون أعمال أو أقوال ومنها:
البركة في الأمكنة: أي أن الله - تعالى - بارك بعض الأماكن كبيت الله الحرام، وحول بيت المقدس، كما قال سبحانه: {الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ}(سورة الإسراء 1). ومعنى كون الأرض مباركة: أن يكون فيها الخير الكثير كذلك بيت الله الحرام هو مبارك لا من جهة ذاته، يعني: ليس كما يعتقد البعض أن من تمسح به انتقلت إليه البركة وإنما هو مبارك من جهة المعنى، يعني: اجتمعت فيه البركة التي جعلها الله في الكعبة ، من جهة: تعلق القلوب بها، وكثرة الخير الذي يكون لمن أرادها، وأتاها، وطاف بها، وتعبد عندها، وكذلك الحجر الأسود هو حجر مبارك، ولكن بركته لأجل العبادة، يعني أن من استلمه تعبدا مطيعا للنبي صلى الله عليه وسلم في استلامه له، وفي تقبيله، فإنه يناله به بركة الاتباع، وقد قال عمر رضي الله عنه لما قبّل الحجر: "إني لأعلم أنك حجر لا تنفع ولا تضر، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك"[رواه أحمد]. فقوله: لا تنفع ولا تضر، يعني لا يجلب لمن قبله شيئا من النفع، ولا يدفع عن أحد شيئا من الضر، وإنما الحامل على التقبيل مجرد الاقتداء برسول الله، تعبدا لله، فهذا معنى البركة التي جعلت في الأمكنة.
البركة في الأزمنة: ومعنى كون الزمان مباركا - مثل شهر رمضان، وليلة القدر فيه، ويوم عرفة ويوم الجمعة والثلث الأخير من الليل وغيرها من الأزمنة فيعني: أن من تعبد فيها، ورام الخير فيها، فإنه ينال من كثرة الثواب ما لا يناله في غيرها من الأزمنة.
البركة في الأشخاص: وهي البركة التي جعلها الله - جل وعلا - في الأنبياء والرسل فهؤلاء بركتهم بركة ذاتية، يعني: أن أجسامهم مباركة، بمعنى: أنه لو تبرك أحد من أقوامهم بأجسادهم، إما بالتمسح بها، أو بأخذ عرقها، أو التبرك ببعض أشعارهم، فهذا جائز؛ لأن الله جعل أجسادهم مباركة بركة متعدية، وهكذا نبينا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم جسده أيضا جسد مبارك؛ ولهذا ورد في السنة أن الصحابة كانوا يتبركون بعرقه، ويتبركون بشعره، وإذا توضأ اقتتلوا على وضوئه، إلى آخر ما ورد في ذلك؛ وذلك لأن أجساد الأنبياء فيها بركة ذاتية ينتقل أثرها إلى غيرهم، وهذا مخصوص بالأنبياء والرسل، في حال حياتهم.
أما غيرهم فلم يرد دليل على أن من أصحاب الأنبياء والرسل والصالحين مَن بركتهم بركة ذاتية، إنما هذه البركة راجعة إلى الإيمان، وإلى العلم، والدعوة، والعمل، فكل مسلم فيه بركة، وهذه البركة ليست بركة ذات، وإنما هي بركة عمل، وبركة ما معه من الإسلام والإيمان، وما في قلبه من اليقين والتعظيم لله - جل وعلا - والإجلال له، والاتباع لرسوله صلى الله عليه وسلم، فهذه البركة التي في العلم، أو العمل، أو الصلاح: لا تنتقل من شخص إلى آخر وعليه فيكون معنى التبرك بأهل الصلاح هو الاقتداء بهم في صلاحهم، والتبرك بأهل العلم هو الأخذ من علمهم والاستفادة منه وهكذا، ولا يجوز أن يُتبرك بهم بمعنى أن يُتمسح بهم، أو يُتبرك بريقهم؛ لأن أفضل الخلق من هذه الأمة وهم الصحابة لم يفعلوا ذلك مع خير هذه الأمة أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وهذا أمر مقطوع به.
3- حكم التبرك الممنوع:
إن التبرك من الأمور التعبدية التي لا بد للمسلم أن يرجع فيها إلى دليل شرعي من الكتاب والسنة وذلك لأن التبرك عبادة والعبادة مبناها على الاتباع فالتبرك بالأشجار، أو بالأحجار أو ببعض القبور، أو ببقاع مختلفة، أو نوع معين من أنواع التراب أو بعض الجبال والكهوف أو بالأولياء والصالحين والتمسح بها أو أخذ شيء من آثارها من غير دليل شرعي محرم، وتارة يكون مثل هذا الفعل شركاً أكبر وتارة شركاً أصغر:
فيكون شركا أكبر: إذا طلب بركتها، معتقدا أنه بتمسحه بهذا الشجر، أو الحجر أو القبر، أو تمرغه عليه، أو التصاقه به يحصل له ما تبرك لأجله ، وأن هؤلاء الذين يتبرك بهم بيدهم الضر والنفع ، فيتخذهم وسائط له عند الله وقد قال سبحانه: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}(سورة الزمر 3).
ويكون شركا أصغر: إذا كان يتخذ هذا التبرك بنثر التراب عليه، أو إلصاق الجسم به، أو التبرك بعين ماء ونحوها سباباً لحصول البركة كما يفعل لابس التميمة، أو الحرز أو الحلقة، أو الخيط؛ فكذلك هذا المتبرك، يجعل تلك الأشياء أسبابا مع اعتقاده أن الضار والنافع هو الله عز وجل فإذا أخذ - مَن هذه حاله - تراب القبر، ونثره عليه لاعتقاده أن هذا التراب مبارك، وإذا لامس جسمه فإن جسمه يتبارك به أي: من جهة السببية: فهذا شرك أصغر؛ لأنه لا يكون عبادة لغير الله - جل وعلا - وإنما اعتقد ما ليس سببا مأذونا به شرعا سببا.
أمور مخالفة للتوحيد
ثالثاً : السحر
1- تعريف السحر:
السحر: عبارة عن عقد ينفث فيها، ورقي شركية يتكلم بها، أو يكتبها، أو يعمل شيئا يؤثر في بدن المسحور، أو قلبه، أو عقله، من غير مباشرة له.
2- أقسام السحر وحكمه:
1- شرك أكبر: وهو الذي يكون بواسطة الجن والشياطين يعبدهم ويتقرب إليهم ويسجد لهم ليسلطهم على المسحور.
وحكم من صنع ذلك أنه كافر يقتل ردة.
2- فسق: وهو الذي يكون بواسطة الأدوية والعقاقير، ونحوها، ومن ذلك أيضا خفة اليد، والتلاعب على الأعين.
فيصنع ذلك فإنه لا يكفر، ولكنه يعد فاسقا عاصيا، ويقتل من باب دفع الصائل إذا رأى ذلك ولي الأمر ذلك.
3- حكم الذهاب إلى السحرة:
الذهاب إلى السحرة لا يخرج عن أحد أمرين:
1- أن يطلب علاج مريض من الساحر.
2- أن يقصده لعمل سحر بقصد إلحاق الأذى بغيره، أو تقريب حبيب، أو البحث عن شيء مفقود.
وأيا كان السبب، فالذهاب إليهم محرم في دين الله؛ لما روى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: ((من أتى عرافا أو ساحرا أو كاهنا؛ فصدق بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم))[رواه أبو يعلى وصححه الألباني].
وعن عمران بن حصين رضي الله عن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس منا من تَطير أو تُطير له، أو تَكهن أو تُكهن له، أو سَحر أو سُحر له، ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم))[رواه البزار بإسناد جيد، وصححه الألباني].
وعن جابر رضي الله عنه قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن النشرة، فقال: ((من عمل الشيطان))[واه أحمد وأبو داود وصححه الألباني].
قال الحسن: "النشرة من السحر" والنشرة هي: حل السحر عن المسحور.
وبالإضافة إلى النهي الصريح عن الذهاب إلى السحرة؛ فإن الذهاب إليهم للأغراض السابقة فيه تعلق بغير الله تعالى الذي بيده النفع والضر، وفيه إقرار للسحرة على فعلهم، وما يمارسونه من كفر، وهذا لا ينبغي أن يكون من مسلم يؤمن بالله تعالى.
أمور مخالفة للتوحيد
رابعاً : الكهانة والعرافة
1- تعريفها
الكهانة: هي الإخبار عن الأمور المغيبة في المستقبل.
العرافة: هي ادعاء علم المغيبات من الأمور الماضية أو الحاضرة – مثل ادعاء علمه بمكان المسروق، أو الضاله ونحوها- بطرق خفية .
2- حكم الكهانة والعرافة
الكهانة والعرافة محرمة، وهي باب من أبواب الكفر بالله سبحانه، ونوع من أنواع السحر، وادعاء لعلم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، وفتح لباب الخرافة والدجل والتعلق بغير الله سبحانه. فلا يجوز للمسلم أن يتعلمها ولا يمارسها، أو يذهب إلى أهلها.
والكهان والعراف من الطواغيت وهم أولياء الشياطين الذين يوحون إليهم كما قال تعالى: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ} [الأنعام: 121].
وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم خطورة خطورة إتيان الكهنة والعرافين على إيمان العبد، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد)) أخرجه أحمد والحاكم.
وعن صفية عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من أتى عرافا فسأله عن شيء، لم تقبل منه صلاة أربعين يوما)) أخرجه مسلم.
3- أعمال وصور تدخل في الكهانة والعرافة
- قراءة الكف والفنجان، وهي ادعاء معرفة صفات الشخص من خلال النظر إلى خطوط كفه، أو تعرجات أثر القهوة على جدار الفنجان.
- تحضير أرواح الموتى، وهي ادعاء استحضار أرواح الموتى ومناجاتهم، والاستعانة بهم في علاج المرضى وكشف المغيبات والتنبؤ بالمستقبل.
- الضرب بالودع، وهو استعمال الأصداف وتحريكها بشكل عشوائي لمعرفة الطالع والمستقبل.
- الخط على الرمل، وهو ادعاء معرفة المستقبل لشخص ما من خلال قراءة ما يرسمه المنجم من خطوط على الرمل.
أمور مخالفة للتوحيد
خامساً : التمائم والحجب
1- تعريف التمائم:
التمائم في اللغة: جمع تميمة، وهي في الأصل خرزة كانت تعلق على الأطفال، يتقون بها من العين ونحوها، وكأن العرب سموها بهذا الاسم لأنهم يريدون أنها تمام الدواء والشفاء المطلوب.
وفي الاصطلاح: هي كل ما يعلق على المرضى، أو الأطفال، أو البهائم، أو غيرها من تعاويذ لدفع البلاء، أو رفعه.
2- حكم التمائم وأنواعها:
يختلف حكم تعليق التمائم، بحسب ما تشتمل عليه، وكذلك يختلف الحكم لتفاوتها في أسبابها وغاياتها واعتقاد معلِّقها بها، وعليه فإن التمائم أنواع مختلفة، وبالتالي يختلف الحكم الشرعي من نوعٍ لآخر، وهي كالآتي:
النوع الأول: تمائم تشتمل على الاستغاثة بالشياطين، أو غيرهم من المخلوقين، فهذا شرك أكبر، يخرج من الملة، ويُخَلَّد في النار، فالاستغاثة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله شركٌ، قال الله تعالى: {قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} [الزمر : 38].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من علَّق تميمة فقد أشرك))[رواه أحمد والحاكم وصححه الألباني].
وفي الحديث الصحيح أيضاً: ((مَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إِلَيْهِ))[رواه الترمذي وصححه الألباني] أي وكله اللّه إلى ذلك الشيء الذي تعلقه وخذله، ويا لخسارته، فإن التميمة لا تسمن ولا تغني من جوعٍ، ولا تملك له من دون، ضرّاً ولا نفعاً.
النوع الثاني: تمائم فيها رسوم وأشكال وطلاسم، وأسماء وألفاظ، لا يعقل معناها، فهذه محرمة؛ وهي من الشرك الأصغر.
النوع الثالث: أما التعاليق التي فيها قرآن، أو أحاديث نبوية، أو أدعية مأثورة، أو مشروعة، فهذه اختلف العلماء فيها، فرخَّص فيه بعض السلف، وبعضهم يمنعه، منهم ابن مسعود رضي الله عنه؛ لأنه داخل في عموم النهي، وصيانَةً للقرآن من استعماله في غير ما شرع الله سبحانه.
والأحوط عدم تعليقها لعدة أمور، أهمها:
1 - أن الأحاديث جاءت عامة في النهي عن التمائم، ولم يأت حديث واحد في استثناء شيء منها.
2 – أن تعليق التمائم من القرآن والأدعية والأذكار المشروعة نوع من الاستعاذة والدعاء، فهي على هذا عبادة من العبادات، وهي بهذه الصفة لم ترد في القرآن ولا في السنة، والأصل في العبادات التوقيف، فلا يجوز إحداث عبادة لا دليل عليها.
3 - أن في تعليقها تعريضا للقرآن وكلام الله تعالى وعموم الأذكار الشرعية للإهانة، إذ قد يدخل بالتميمة أماكن الخلاء، وقد ينام عليها الأطفال أو غيرهم، وقد تصيبها بعض النجاسات، وفي منع تعليقها صيانة للقرآن ولذكر الله تعالى عن الإهانة.
النوع الرابع: تعليق الخرزة والحلقة والخيط والخاتم ونحوه لرفع البلاء أو دفعه، وهذا النوع سنتناول حكمه بشيءٍ من التفصيل؛ إذ يتوقف فهمه على معرفة أحكام الأسباب، وخلاصة القول فيها –كما بيَّن العلماء– أنه يجب على العبد أن يعرف في الأسباب ثلاثة أمور:
أحدها: أن لا يجعل منها سبباً إلا ما ثبت أنه سبب شرعاً، أو قدراً.
ثانيها: أن لا يعتمد العبد عليها، بل يعتمد على مسببها ومقدرها سبحانه، مع قيامه بالمشروع منها.
ثالثها: أن يعلم أن الأسباب مهما عظمت وقويت، فإنها مرتبطة بقضاء الله وقدره لا خروج لها عنه، والله تعالى يتصرف فيها كيف يشاء.
فإذا فهمت ذلك فاعلم أن من لبس الحلقة أو الخيط أو نحوهما؛ قاصداً أنها تدفع البلاء او ترفعه بذاتها فهي الضارة النافعة فقد أشرك شركاً أكبر، حيث اعتقد شريكاً مع الله في الخلق والتدبير والتأثير، وهذا شرك في الربوبية، وهو شركٌ في الألوهية أيضاً من حيث تَألُّه تلك التميمة، وتعلُّق قلبه بها؛ طمعاً ورجاءً لنفعها.
وإن اعتقد أن الله هو النافع الضارُّ وحده ولكن اعتقدها سبباً، يُستدفع بها البلاء، فقد جعل ما ليس سبباً شرعياً، ولا قدرياً سبباً، وهذا من الشرك الأصغر، وهو محرمٌ وكذبٌ على القدر وعلى الشرع، بل الشرع ينهى عن ذلك أشد النهي، كما أنه نقصٌ في العقل، حيث تعلق بغير متعلق ولا نافع بوجه من الوجوه، بل هو ضررٌ محضٌ.
أمور مخالفة للتوحيد
سادساً : التطير والتشاؤم
1- تعريف التطير:
هو أن يتشاءم الإنسان بما يكره مما رآه، أو سمعه؛ كالتشاؤم بصوت الغراب، أو رؤية البومة.
2- صور من التطير والتشاؤم:
تتعدد صور التطير والتشاؤم عند الناس؛ ومن ذلك: التشاؤم من رؤية الأعور، أو الغراب والبومة، أو القط الأسود، أو وقوع حادث، أو التشاؤم من شهر معين، أو يوم معين، أو التشاؤم من عدد معين، أو التشاؤم من اضطراب عينه، أو غير ذلك.
3- حكم التطير:
التطير ينافي التوحيد؛ من وجهين:
أولا: أن المتطير قطع توكله على الله، واعتمد على غير الله، وقد عد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك من الشرك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الطيرة شرك، الطيرة شرك)) [رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني].
ثانيا: أنه تعلق بأمر لا حقيقة له، بل هو وهم وتخييل، ومن تعلق بغير الله وكله الله إليه..
والمتطير لا يخلو حاله من حالين:
الأول: أن يحجم ويستجيب لهذه الطيرة، ويدع العمل، وهذا من أعظم التطير والتشاؤم؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((من ردته الطيرة من حاجة فقد أشرك)[رواه أحمد، وصححه الألباني].
الثاني: أن يمضي في مراده، ولكنه في قلق وهم وغم يخشى من تأثير ما تطير به، فهذا أيضا من التشاؤم، لكنه أخف من الأول.
4- علاج التطير والتشاؤم:
إذا وقع في قلب الإنسان شيء من التطير؛ فكفارة ذلك أن يدعو بهذا الدعاء: ((اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك)) [رواه أحمد، وحسنه محققو المسند].
ثم يعتمد على الله، ويحقق التوكل عليه سبحانه، ويعزم على ما أراد؛ قال ابن مسعود رضي الله عنه: ((وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل))[رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة، وصححه الألباني].
أمور مخالفة للتوحيد
سابعاً : التشبه بالكفار
جاء التشريع بتحريم تشبه المسلمين بالكفار، سواء في عباداتهم، أو أعيادهم، أو أزيائهم الخاصة بهم، وهذه قاعدة عظيمة في الشريعة الإسلامية، خرج عنها اليوم - مع الأسف - كثير من المسلمين، جهلاً بدينهم، أو اتباعاً لأهوائهم، أو انجرافاً مع العادات والتقاليد المخالفة للشرع.
ومن العجيب أن هذا الأصل ـ الذي يجهله كثير من المسلمين اليوم ـ قد عرفه اليهود الذين كانوا في المدينة مع النبي صلى الله عليه وسلم، عرفوا أنه صلى الله عليه وسلم يريد أن يخالفهم في كل شؤونهم الخاصة بهم، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه: ((أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها، ولم يجامعوهن في البيوت، فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} إلى آخر الآية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اصنعوا كل شيء إلا النكاح، فبلغ ذلك اليهود، فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه))[رواه مسلم].
ولذلك يحرم التشبه بالكفار فيما هو من خصائصهم، الدينية والدنيوية؛ لما ورد في الآيات والأحاديث من النهي عن ذلك فعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من تشبه بقوم فهو منهم)).[رواه أبو داود وصححه الألباني]. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وهذا الحديث أقل أحواله أنه يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبِّه بهم، كما في قوله: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} فقد يحمل هذا على التشبه المطلق فإنه يوجب الكفر ، ويقتضي تحريم أبعاض ذلك ، وقد يحمل على أنه صار منهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه ، فإن كان كفراً أو معصية أو شعاراً للكفر أو للمعصية كان حكمه كذلك، وبكل حال، فهو يقتضي تحريم التشبه بهم بعلة كونه تشبهاً أي: تحريم التشبه بهم من أجل أنه تشبه، لا لسبب آخر"
وقول الله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ}(الحديد: 16). قال شيخ الإسلام رحمه الله: "فقوله: {وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} نهي مطلق عن مشابهتهم، وهو خاص أيضاً في النهي عن مشابهتهم في قسوة قلوبهم، وقسوة القلوب من ثمرات المعاصي". وقال ابن كثير رحمه الله عند تفسير هذه الآية: "ولهذا نهى الله المؤمنين أن يتشبهوا بهم في شيء من الأمور الأصلية والفرعية ". وعن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خالفوا اليهود، فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم))[رواه أبو داود وصححه الألباني]. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم علي ثوبين معصفرين، فقال: ((إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها))[رواه مسلم]. وقد علَّل الرسول صلى الله عليه وسلم النهي عن لبس هذه الثياب بأنها من لباس الكفار، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خالفوا المشركين، أحفوا الشوارب، وأوفوا اللحى))[رواه مسلم]. فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بمخالفة المشركين أمراً مطلقاً، ثم ذكر من ذلك: قص الشوارب، وإعفاء اللحي.
وقد أوجب الشرع الحنيف مخالفة الكافرين، وترك التشبه بهم فيما هو من خصائصهم، والتشبه يكون فيما يظهر ومن ذلك لبس الثياب التي هي علامة عليهم، والتكلم كطريقة كلامهم والتحدث بلغتهم بغير حاجة وقصات شعورهم ومشاركتهم أفراحهم وأحزانهم وتهنئتهم بأعيادهم ومشاركتهم في ذلك وغيرها.
والتشبه بالكفار وتقليدهم من أعظم ما يُحدث البدع بين المسلمين، ومما يدل على ذلك حديث أبي واقد الليثي - رضي الله عنه - قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى حنين، ونحن حديثو عهدٍ بكفر، وكانوا أسلموا يوم الفتح، قال: فمررنا بشجرة فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط؟ وكان للكفار سدرة يعكفون حولها، ويعلِّقون بها أسلحتهم، يدعونها ذات أنواط، فلما قلنا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الله أكبر قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: {اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} لتركبنَّ سنن من كان قبلكم))[اللفظ لابن أبي عاصم في السنة ورواه الترمذي بلفظ آخر وصححه الألباني]. وهذا الحديث فيه دلالة واضحة على أن التشبه بالكفار هو الذي حمل بني إسرائيل على أن يطلبوا هذا الطلب القبيح، وهو الذي حمل أصحاب النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - على أن يسألوه أن يجعل لهم شجرة يتبَّركون بها من دون الله - عز وجل -، وهكذا غالب الناس من المسلمين، قلّدوا الكفار في عمل البدع والشركيات، كأعياد المواليد، وبدع الجنائز، والبناء على القبور، ولا شك أن اتباع السَّنَن باب من أبواب الأهواء، والبدع، ويزيد ذلك وضوحاً حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((لتتبعن سنن من كان قبلكم: شِبراً بشبرٍ، وذراعاً بذراعٍ، حتى لو دخلوا جحر ضبٍّ تبعتموهم)) قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: ((فمن))؟[رواه البخاري]. قال الإمام النووي رحمه الله: " السَّنَن، بفتح السين والنون: وهو الطريق، والمراد بالشبر، والذراع، وجحر الضب: التمثيل بشدّة الموافقة في المعاصي والمخالفات، لا في الكفر، وفي هذا معجزة ظاهرة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -،فقد وقع ما أخبر به - صلى الله عليه وسلم –". فظهر أن الشبر، والذراع، والطريق، ودخول الجحر تمثيل للاقتداء بهم في كل شيء مما نهى الشرع عنه وذمّه، وقد حذّر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن التشبّه بغير أهل الإسلام، فقال: ((ومن تشبّه بقوم فهو منهم))[رواه أحمد وصححه الألباني].
والخلاصة: أن الأصل أن حكم التشبه بالكفار فيما هو من خصائصهم الدينية أو الدنيوية هو التحريم، وهناك حالات معينة قد تجعل المسلم يشارك الكفار في الهدي الظاهر، فلو أن المسلم بدار الحرب أو دار كفر غير حرب لم يكن مأموراً بالمخالفة لهم في الهدي الظاهر لما عليه في ذلك من الضرر بل يُباح للرجل وقد يستحب ذلك أو يجب أن يشاركهم أحياناً في هديهم الظاهر إذا كان في ذلك مصلحة دينية من دعوتهم إلى الدين والاطلاع على باطن أمرهم لإخبار المسلمين بذلك أو دفع ضررهم عن المسلمين ونحو ذلك من المقاصد الصالحة أما في دار الإسلام فيجب فيها المخالفة.
__________________
[align=center] [/align]
|