
09-07-2015, 03:56 PM
|
 |
الإدارة
|
|
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 1,072
|
|
#بناء_لأسرة_المسلمة
______________________________ ________
1 - الزواج
----------------------------
يعتبر الزواج السبيل الشرعي الوحيد لبناء الأسرة المسلمة، وإنَّ إقامة العلاقات الجنسية خارج هذا الإطار من كبائر الإثم التي يسخطها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، لذلك فقد عمل الإسلام بقوة على قطع دابرها، ومحاربة أسبابها؛ فحرم الزنا، وما يدعو إليه من قول أو عمل، فحرم الخلوة المحرمة، والاختلاط المنكر، والخضوع بالقول، وسفر المرأة بغير محرم، وغير ذلك، كما حرم نكاح الزانية حتى تتوب.
وللزواج محاسن عديدة؛ فبه تحفظ الحُرُماتِ والأنسابَ، وتلبِّي الغرائزَ الطبيعية في إطار من العفَّة والخصوصية، ويحقق لطرفي الزواج ما يبحثان عنه من السكن والاستقرار، لذلك فقد امتنَّ عل الزوجين بإسباغ المودة والرحمة بينهما؛ فقال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21].
وهذه آية من آيات الله، ونعمة من نعمه على عباده حيث جعل زوج الإنسان من بني جنسه، من نفسه، حتى يتم التعايش، ويسهل التفاهم في هذه الحياة الدنيا، فإنه لو كانت زوجة أحدنا من الجان أو الحيوان فكيف ستكون العيشة؟ وكيف سيتم التفاهم على هذه الأرض؟ وفي هذه الآية دليل تكريم الله لهذا الإنسان، الذكر والأنثى، حيث جعل كل واحد منهما يسكن للآخر، قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} [الإسراء (70)]. وقوله تعالى: {خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} أي خلق لكم من جنسكم إناثاً تكون لكم أزواجاً، لتسكوا إليها كما قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} [الأعراف (189)] يعني بذلك حواء خلقها الله من آدم من ضلعه الأقصر الأيسر.
الزواج سنة الأنبياء والمرسلين قال الله تعالى : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً }[سورة الرعد: 38].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((النكاح سنتي، فمن رغب عن سنتي فليس مني))[رواه البخاري ومسلم].
وقال: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج...))[رواه البخاري ومسلم].
والزواج له مقاصد عدة؛ منها:
1- الزواج عماد الأسرة.
2- هو الوسيلة السوية للاستجابة لنداء الفطرة بالحلال.
3- حفظ النوع البشري من الانقراض.
4- تحقيق الاستقرار والراحة النفسية، وفي هذا يقول تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [سورة الروم، الآية 21].
5- حفظ المجتمع من المفاسد الأخلاقية.
6- حماية الأنساب من الضياع.
7- إرساء قواعد القرابة والمواريث.
8- تقوية العلاقات الاجتماعية بين الأسر.
9- تنمية روح المسؤولية عند المرأة والرجل.
10- تنمية مشاعر الأبوة والأمومة.
#بناء_لأسرة_المسلمة
______________________________ ________
2 - النساء شقائق الرجال
----------------------------
يقرر الدين الحنيف بأن النساء شقائق الرجال، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما النساء شقائق الرجال)[رواه أبو داود والترمذي وأحمد وصححه الألباني] يعني في الأحكام إلاّ ما دل الدليل على اختصاص الحكم بأحدهما.
ولقد كرم الإسلام المرأة أُمًّا وبنتًا وزوجةً وأختاً وذات رحم فأعطى كل ذي حق حقه، قال صلى الله عليه وسلم: ((استوصوا بالنساء خيرًا))[رواه مسلم].
#بناء_لأسرة_المسلمة
______________________________ ________
3 - الخطبة
----------------------------
يستحب لمن أراد خطبة امرأة أن ينظر منها ما يدعوه إلى نكاحها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا خطب أحدكم امرأة، فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل))[رواه أبو داود وحسنه الألباني].
من غير خلوة، ولا مصافحة، أو مس بدنها، ولا ينشر ما رأى منها، وللمرأة أن تنظر إلى خطيبها كذلك، فإن لم يتيسر له النظر إليها بعث امرأة ثقة تنظر إليها ثم تصفها له.
ويحرم على الرجل أن يخطب على خطبة أخيه حتى يترك أو يأذن له أو يُرد الأول.
ويجب على ولي المرأة أن يتحرى لنكاحها الرجل الصالح، ولا، بأس أن يعرض الإنسان ابنته أو أخته على أهل الخير والصلاح بقصد الزواج.
#بناء_لأسرة_المسلمة
______________________________ ________
4 - عقد النكاح
----------------------------
يعتبر عقد النكاح من أوثق العقود وأغلظها، قال تعالى: {وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا} [النساء(21)].
1- أركان العقد:
أولا: وجود الزوجين الخاليين من الموانع التي تمنع صحة النكاح كالرضاع، واختلاف الدين ونحوهما.
ثانيا: حصول الإيجاب وهو اللفظ الصادر من الولي أو من يقوم مقامه بأن يقول زوجتك أو أنكحتك أو ملَّكتك فلانة ونحوه.
ثالثا: حصول القبول، وهو اللفظ الصادر من الزوج أو من يقوم مقامه، بأن يقول: قبلت هذا النكاح ونحوه، فإذا حصل الإيجاب والقبول انعقد النكاح.
ولا يشترط في عقد النكاح أن يكون باللغة العربية، بل يصح باللغة التي يفهم بها كل طرف ما يقوله الطرف الآخر.
2- شروط صحة النكاح:
للنكاح شروط، وهي:
أولا: تعيين الزوجين، فلا يكفي أن يقول: "زوجتك بنتي" إذا كان له عدة بنات، أو يقول: "زوجتها ابنك" وله عدة أبناء، ويحصل التعيين بالإشارة إلى المتزوج، أو تسميته، أو وصفه بما يتميز به.
ثانيا: رضا الزوجين، لحديث أبي هريرة: ((لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا البكر حتى تستأذن))[رواه البخاري ومسلم].
ثالثا: الولي، فلا يجوز نكاح امرأة إلا بولي؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا نكاح إلا بولي))[رواه أبو داود وصححه الألباني].
ويشترط أن يكون الولي ذكراً، حراً، بالغاً عاقلاً، رشيداً، ويشترط الاتفاق في الدين، وللسلطان تزويج كافرة لا ولي لها، والولي: هو أبو المرأة، وهو أحق بتزويجها، ثم وصيُّه في النكاح، ثم جدها لأب، ثم ابنها، ثم أخوها، ثم عمها، ثم أقرب العصبة نسباً، ثم السلطان.
فالمرأة لا تتولى نكاح نفسها، وإنما يتولى ذلك وليها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((«أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها، فنكاحها باطل)) -مرتين - [رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة، وصححه الألباني].
ولكن لو أسلمت المرأة وبقي وليها على كفره؛ فلا يصح له أن يكون وليا لها في الزواج بعد إسلامها؛ لأن الشرع قد قطع ولاية الكافر على المسلمين؛ فقال تعالى: {وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً}[النساء(141)].
فلا يتولى أمر المرأة المسلمة إلا من كان مسلما من أوليائها، لقوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ} [التوبة(71)].
فيكون ولي المرأة المسلمة قريبها من المسلمين؛ فإن لم يوجد فيهم مسلمون؛ كان وليها الحاكم المسلم، أو من يمثله؛ كالقاضي، أو مسؤول الجالية المسلمة؛ فإن لم يوجد؛ فتوكل رجلا من صالح المسلمين يتولى عقد نكاحها.
ولا يصح أيضا أن يتولى الولي المسلم عقد نكاح ابنته غير المسلمة؛ لأنه لا ولاية له عليها؛ لأن الآية القرآنية بينت أن غير المسلمين إنما تكون ولايتهم على بعضهم البعض، هذا بالإضافة إلى أن الولاية مبنية على علاقة التوارث بين الآباء والأبناء، والشرع قد قطع هذه العلاقة عند اختلاف الدين؛ فانقطعت الولاية بذلك أيضا.
رابعا: الشهادة على عقد النكاح؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل))[رواه ابن حبان والطبراني في الأوسط وصححه الألباني] فلا تصح إلا بشاهدين عدلين، ذكرين، مكلفين.
3- الصداق:
هو المال الذي يقدمه الرجل للمرأة بسبب عقد الزواج، أو المال الذي يجب للمرأة في عقد الزواج لقوله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً...}[النساء: 4].
وتستحقه المرأة كاملا في حالتين:
الأولى: إذا تم العقد ومات الزوج قبل الدخول.
الثانية: إذا تم العقد وتم الدخول أو الخلوة بها.
وتستحق نصفه إذا تم العقد وطلقها قبل الدخول أو الخلوة بها.
#بناء_لأسرة_المسلمة
______________________________ ________
5 - المحرمات في النكاح
----------------------------
المحرمات من النساء قسمان:
القسم الأول: محرمات إلى الأبد، وهن ثلاثة أقسام:
أولا: محرمات بالنسب فيحرم نكاح الأمهات، والبنات ، والأخوات ، وبنات الأخ ، وبنات الأخت، والعمات ، والخالات .
ثانيا: محرمات بالرضاع، فيحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، فكل امرأة حَرُمت من النسب حَرُمَ مثلها من الرضاع.
والرضاع المحرِّم: خمس رضعات فأكثر إذا كانت في الحولين.
ثالثا: محرمات بالمصاهرة، وهن: أم الزوجة، وبنت الزوجة من غيره إذا دخل بأمها، وزوجة الأب، وزوجة الابن.
فالمحرمات بالنسب سبع، والمحرمات بالرضاع سبع مثلهن، والمحرمات بالمصاهرة أربع.
قال الله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمْ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمْ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً) (النساء/23).
وأسباب التحريم المؤبد هي: النسب، والرضاع، والمصاهرة.
القسم الثاني: محرمات إلى أمد محدد، وهن:
1- يحرم الجمع بين الأختين، وبين المرأة وعمتها أو خالتها من نسب، أو رضاع.
2- المعتدة حتى تخرج من العدة.
3- مطلقته ثلاثاً حتى تنكح زوجاً غيره.
4- المُحْرِمَةُ حتى تَحِلّ من الإحرام.
5- تحرم المسلمة على الكافر حتى يسلم.
6- تحرم الكافرة غير الكتابية على المسلم حتى تسلم.
7- زوجة الغير ومعتدته .
#بناء_لأسرة_المسلمة
______________________________ ________
6 - حقوق الزوجين
----------------------------
الأسرة هي اللبنة الأولى في المجتمع، إذا صلحت صلح المجتمع كله، وإذا فسدت فسد المجتمع كله، لذا أولى الإِسلام الأسرة عناية كبيرة، وفرض لها ما يكفل سلامتها وسعادتها، وجعل الإِسلام لكل من الشريكين على صاحبه حقوقاً، تكفل بأدائها استقرار هذه المؤسسة واستمرارية هذه الشركة، وحث كلًا من الشريكين أن يؤدي ما عليه، وأن يغض الطرف عما يحدث من تقصير في حقوقه أحياناً.
- حقوق الزوجة على زوجها:
على الزوج القيام بالإنفاق على زوجته وأولاده، وما يتبعه من كسوة ومسكن بالمعروف، وأن يكون طيب النفس، حسن العشرة، حسن الصحبة، يعاشر زوجته باللطف، واللين، والبشاشة، يحلم إذا غضبت، ويرضيها إن سخطت، يتحمل الأذى منها، ويعتني بعلاجها إن مرضت، ويعينها في خدمة بيتها، ويأمرها بفعل الواجبات، وترك المحرمات، ويعلمها الدين إن جهلت أو أهملت، ولا يكلفها ما لا تطيق، ولا يحرمها ما تطلب من الممكن المباح، ويحفظ كرامة أهلها، ولا يمنعها عنهم، وقد أشار الله تعالى إلى حسن الصحبة والمعاشرة بالمعروف بقوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}(سورة النساء 19). وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر))[رواه مسلم]. لا يفرك أي: لا يكره أو يبغض، وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((استوصوا بالنساء خيراً فإنهن خلقن من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيراً))[متفق عليه].
بل علّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرشدنا إلى حسن المعاشرة والمعاملة بقوله وفعله عليه الصلاة والسلام فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي))[رواه ابن ماجه وصححه الألباني]. وتحكي لنا عائشة رضي الله تعالى عنها عن حال النبي صلى الله عليه وسلم في بيته فتقول: عندما سئلت ما كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته؟ قالت: "كان يكون في مهنة أهله -تعني خدمة أهله- فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة"[رواه البخاري].
وعليه أن يطعمها إذا طعم، ويكسوها إذا اكتسى، ولا يضرب الوجه، ولا يقبح، ولا يهجر إلا في الفراش؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت))[رواه أحمد وحسنه الألباني]. وعليه أن يقسم لها بالعدل إذا كان له أكثر من زوجة؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((من كانت له امرأتان يميل لإحداهما على الأخرى، جاء يوم القيامة يجر أحد شقيه ساقطاً أو مائلاً))[رواه أحمد وصححه الألباني].
ويجب على الزوج أن يُبعد أهله عن النار؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}(سورة التحريم 6). قال قتادة رحمه الله: "تأمرهم بطاعة الله وتنهاهم عن معصية الله وأن تقوم عليهم بأمر الله وتأمرهم به وتساعدهم عليه" وفي الحديث عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام الذي على الناس راع وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته، وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية على أهل بيت زوجها، وولده وهي مسئولة عنهم، وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسئول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته))[متفق عليه].
- حقوق الزوج على زوجته:
إن للزوج حقوقاً على زوجته كما للزوجة حقوقاً على زوجها قال الله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}(سورة البقرة 228). فعلى الزوجة أن تقوم بخدمة زوجها، وإصلاح بيته، وتدبير منزله، وتربية أولاده، والنصح له، وأن تحفظ زوجها في نفسها وماله وبيته، وأن تقابله بالطلاقة والبشاشة، وتتزين له، وأن تجله وتوقره وتعاشره بالحسنى، وتهيئ له أسباب الراحة، وتدخل على نفسه السرور؛ ليجد في بيته السعادة والانشراح، وإلى ذلك يشير الله تعالى بقوله: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ}(سورة النساء 34). وسئل رسول صلى الله عليه وسلم: أي النساء خير؟ قال: ((التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ومالها بما يكره))[رواه النسائي وصححه الألباني]. وعليها أن تطيعه في غير معصية الله؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وأن تتجنب ما يغضبه، ولا تخرج من بيته إلا بإذنه، ولا تفشي له سراً، ولا تتصرف في ماله إلا بإذنه، ولا تدخل بيته إلا من يحب، وأن تحافظ على كرامة أهله، وتعينه ما أمكن عند مرضه، أو عجزه.
ومن حق الزوج على زوجته أن تلزم بيته فلا تخرج منه إلا بإذنه؛ لقوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}(سورة الأحزاب 33). ولقوله صلى الله عليه وسلم: ((ولا تأذن في بيته إلا بإذنه))[رواه البخاري].
ومن حق الزوج على زوجته أن لا تصوم تطوعًا وهو شاهد إلا بإذنه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه))[رواه البخاري].
ومن حق الزوج على زوجته أن ترضى باليسير، وأن تقنع بالموجود، وأن لا تكلفه من النفقة ما لا يطيق، فقد قال تعالى: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا}(سورة الطلاق 7).
ومن حق الزوج على زوجته أن تحرص عليه وتحافظ على الحياة معه، ولا تسأله الطلاق من غير سبب، عن ثوبان رضي الله عنه قال -صلي الله عليه وسلم-: ((أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة))[رواه ابن ماجه وصححه الألباني].
ومن حق الزوج على زوجته أن تكتم سرّه وسرّ بيته، ولا تفشى من ذلك شيئًا، ومن أخطر الأسرار التي تتهاون النساء بإذاعتها أسرار الفراش وما يكون بين الزوجين فيه، وقد نهى النبي صلي الله عليه وسلم عن ذلك: فعن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها أنها قالت : كنا عند النبي صلي الله علي وسلم الرجال والنساء، فقال صلي الله عليه وسلم: ((عسى رجل يحدث بما يكون بينه وبين أهله، أو عسى امرأة تحدث بما يكون بينها وبين زوجها)) فسكت القوم فقلت: إي والله يا رسول الله، إنهم ليفعلون وإنهن ليفعلن، قال: ((فلا تفعلوا، فإن مثل ذلك مثل شيطان لقي شيطانة في ظهر الطريق فغشيها والناس ينظرون))[رواه الطبراني في الكبير وحسنه الألباني]. وبهذا نعلم أن المرأة في بيتها تؤدي لزوجها ومجتمعها أعمالاً كبيرة لا تقل عن عمل الرجل خارج البيت، فالذين يريدون إخراجها من بيتها ومكان عملها لتشارك الرجال في أعمالهم وتزاحمهم قد ضلوا عن معرفة مصالح الدين والدنيا ضلالا بعيدا، وأضلوا غيرهم ففسدت مجتمعاتهم.
#بناء_لأسرة_المسلمة
______________________________ ________
7 - النشوز والشقاق بين الزوجين
----------------------------
النفوس مجبولة على الحرص على الحق الذي لها، وعدم الرغبة في بذل ما عليها، وبذلك تصعب الحياة وتفسد، ويقع النشوز، وتعلن راية العصيان، وتتمزق أواصر العلاقة بين الزوج وزوجه ولكي تصلح الأمور بين الزوجين لا بد من قلع هذا الخلق الدنيء، واستبداله بضده، وهو السماحة ببذل الحق الذي عليه، والقناعة ببعض الحق الذي له، فنشوز الزوجة: هو معصية الزوجة لزوجها فيما يجب عليها، ونشوز الزوج: هو جفوة الزوج لزوجته، وإعراضه عنها والنشوز إما أن يكون بالقول، أو الفعل، أو بهما معاً، والكل محرم، فالنشوز بالفعل: كإعراض الزوجين عن بعضهما، أو العبوس في وجه الآخر، وعدم طاعة الزوجة لزوجها فيما يجب، والتثاقل والامتناع إذا دعاها لفراشه، والنشوز بالقول كرفع الصوت، أو الإجابة بشدة، أو بكلام خشن، أو بالسب والشتم، والكلام البذيء والكل مذموم، والجمع بينهما يجعل الحياة الزوجية ناراً لا يمكن الاقتراب منها، أو الاستمتاع بها.
وقد جعل الإسلام للنشوز والشقاق بين الزوجين وسائل لتفادي تلك الأمور وحلها والصلح بين الزوجين فإن كان النشوز من الزوجة فالوسائل التي أعطاها الله وأرشد إليها الرجال لتقويم نشوز زوجاتهم يتلخص في الأمور الأربعة الآتية:
1- الوعظ: وهو كلام رقيق يصيب القلب، والوعظ نافع للزوجة إذا جاء في الوقت المناسب، بالقدر المناسب، وأما أن يجعل الرجل من نفسه خطيباً بالليل والنهار فذاك يقتل الشعور والإحساس.
2- الهجران في المضاجع: وهو ترك فراش الزوجة وقت النوم فقط، وهو نافع إذا لم تفلح الوسيلة السابقة.
3- الضرب: والمقصود به إيقاظ شعور امرأة بليدة الطبع لم تستفد شيئاً بالوسيلتين الآنفتين، وهي وسيلة لا يلجأ إليها الأخيار عادة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم عندما اشتكى إليه بعض النساء من ضرب أزواجهم لهم، وعظ الرجال وقال: ((إنه قد طاف بآل محمد نساء يشتكين أزواجهن)) ثم قال: ((ليس أولئك بخياركم))[رواه أبو داود وصححه الألباني]. أي من يضرب زوجته، وبالطبع فالمقصود بالضرب هو غير المبرح الذي يتقي صاحبه به الوجه وفي تحريم ضرب الوجه قال عليه الصلاة والسلام: ((ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت))[رواه أحمد وحسنه الألباني]. وغيرها من الأحاديث التي تنهى عن ذلك.
ويجدر بنا أن نذكر في هذه السطور أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يضرب بيده امرأة ولا خادماً قط، ولا ضرب بيده شيئاً قط إلا أن يجاهد في سبيل الله، وبيّن صلى الله عليه وسلم أن الذين يضربون نسائهم ليسوا بخيار المسلمين، كما في الحديثين السابقين، وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعها في آخر اليوم))[رواه البخاري].
4- الاستعانة بالمصلحين من أقارب الزوج والزوجة: وهذا آخر المطاف إذا عجز الرجل عن التقويم فعليه أن يستعين بحكم من أهله وحكم من أهل زوجته فيكونان أقدر على تفهم مشاكلهما لأن صاحب المشكلة كثيراً ما يعمى عن حلها.
وفي هذه الأمور الأربعة الآنفة جاء قول الله تبارك وتعالى: {اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا * وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا}(سورة النساء 34-35).
وإن كان النشوز من الزوج فقد جعل الإسلام لذلك حلاً مخرجاً، فلو خافت المرأة نشوز زوجها وإعراضه عنها، إما لمرضها، أو لكبر سنها أو نحو ذلك فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما، ولو كان في الصلح تنازل الزوجة عن بعض حقوقها ترضيةً لزوجها؛ لقول الله سبحانه وتعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}(سورة النساء 128). وروى البخاري عن عائشة قالت في هذه الآية: "هي المرأة تكون عند الرجل، لا يستكثر منها، فيريد طلاقها، ويتزوج غيرها، تقول له: أمسكني ولا تطلقني، وتزوج غيري، فأنت في حل من النفقة علي والقسمة لي". [رواه البخاري]. وروى أبو داود عن عائشة أن سودة بنت زمعة حين أسنت –أي كبرت سنها- وفرقت –أي: خافت- أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: "يارسول الله يومي لعائشة " فقبل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: في ذلك أنزل الله جل ثناؤه، وفي أشباهها قوله: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا}(سورة النساء 128). [رواه أبو داود وصححه الألباني].
#بناء_لأسرة_المسلمة
____________________________
9 - عدد الطلقات وأنواع العدد
----------------------------
لقد أباح الله تعالى للرجل أن يطلق امرأته، وجعل له ثلاث طلقات فقط، فإذا طلق الأولى والثانية فيباح له مراجعتها، وإذا طلقها الثالثة، فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غير زوجها، قال تعالى: في الطلقتين: {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}(سورة البقرة 229). وقال تعالى: في الثالثة: {فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}(سورة البقرة 230).
أنواع العدد:
1 - عدة المرأة التي تحيض: ثلاثة قروء؛ لقول الله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ}(سورة البقرة 228). أي: ثلاث حيض.
2 - عدة المرأة التي لا تحيض: ثلاثة أشهر، ويصدق ذلك على الصغيرة التي لم تبلغ، والكبيرة التي لا تحيض سواءً أكان الحيض لم يسبق لها، أو انقطع حيضها بعد وجوده؛ لقول الله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}(سورة الطلاق 4).
3 - عدة المرأة التي مات عنها زوجها، وهي أربعة أشهر وعشراً، ما لم تكن حاملاً لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}(سورة البقرة 234).
4 - عدة الحامل تنتهي بوضع الحمل، سواء أكانت مطلقة أو متوفى عنها زوجها؛ لقول الله تعالى: {وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}(سورة الطلاق 4).
#بناء_لأسرة_المسلمة
____________________________
10 - علاقة المسلم بوالديه
----------------------------
الإسلام دين التسامح والرحمة والصلة والبر والإحسان، ولذلك أمر الله تعالى الأبناء بطاعة والديهم والإحسان إليهم ولو كانوا غير مسلمين، قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}(سورة الإسراء 23).
وكثيراً ما يقرن الله عز وجل حق الوالدين بحقه كما في هذه الآية، وكما في آيات أخر كقوله سبحانه: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ}(سورة لقمان 14). والرسول صلى الله عليه وسلم استأذنه رجل في الجهاد في سبيل الله فقال له: ((أحي والداك؟)) فقال: نعم، قال: ((ففيهما فجاهد)). [متفق عليه].
ومعنى البر بالنسبة للأبناء: أن يحسنوا علاقاتهم بآبائهم، وأن يقوموا بما أوجب الله عليهم من الطاعة في حدود طاعة الله تعالى، أما إذا كانت طاعة الوالدين أو أي مخلوق مخالفة لطاعة الله تعالى؛ فإنه لا طاعة حينئذٍ لمخلوق في معصية الخالق؛ ولذلك يقول الله تعالى: {وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}(سورة العنكبوت 8). ولقد نزلت هذه الآية حينما أسلم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، فعن مصعب بن سعد عن أبيه قال: حلفت أم سعد أن لا تكلمه أبداً حتى يكفر بدينه، ولا تأكل ولا تشرب، قالت: زعمت أن الله وصاك بوالديك، وأنا أمك، وأنا آمرك بهذا، قال: مكثت ثلاثاً حتى غشي عليها من الجهد، فقام ابن لها يقال له عمارة، فسقاها، فجعلت تدعو على سعد، فأنزل الله عز وجل في القرآن هذه الآية: {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا}(سورة العنكبوت 8). وفيها {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}(سورة لقمان 15).[رواه مسلم].
وعن أسماء بنت أبي بكر قالت: قدمت أمي وهي مشركة، في عهد قريش ومدتهم إذ عاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم، مع ابنها، فاستفتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: إن أمي قدمت وهي راغبة؟ أفأصلها؟ قال: ((نعم، صلي أمك))[رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري].
#بناء_لأسرة_المسلمة
____________________________
11 - علاقة المسلم بأقاربه
----------------------------
لقد أمر الله سبحانه وتعالى بصلة الأرحام والإحسان إلى ذوي القربى في كتابه في آيات كثيرة، وعطف ذلك على الإيمان به سبحانه وتعالى فقال تعالى: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى}(سورة النساء 36). وقال تعالى: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا}(سورة الإسراء 26). وبيّن الله سبحانه وتعالى دخول صلة الرحم في البر، فقال تعالى: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ}(سورة البقرة 177).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله خلق الخلق، فلما فرغ من خلقهم قامت الرحم فأمسكت بساق العرش، فقالت: يا رب! هذا مقام العائذ بك من القطيعة، فقال الله تعالى: أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ فقالت: بلى. فقال: ذلك لك))[متفق عليه]. هذا ضمان من الله عز وجل للرحم أن يصل من وصلها وأن يقطع من قطعها، وصح عنه صلى الله عليه وسلم في وصفه أنه كان وصولاً للرحم، فقد أخبرته خديجة بذلك عندما أرادت تثبيته عند أول نزول الوحي، فقالت له: "كلا والله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق". [متفق عليه].
ومن أسباب الرزق والبركة في العمر صلة الرحم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من أحب أن يُبْسَط له في رزقه، ويُنْسأ له في أثره؛ فليصل رحمه))[متفق عليه]. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، فإن صلة الرحم محبة في الأهل، مثراة في المال، مَنسأة في العمر)) [رواه الترمذي وصححه الألباني]. يعني: تطيل عمر الإنسان، فهذه صلة الرحم بما فيها من هذا الفضل العظيم، حتى لو كان الإنسان فاسقاً، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن أعجل الطاعة ثواباً صلة الرحم، حتى إن أهل البيت لَيَكونوا فَجَرَة -مقيمين على مَعاصٍ- فتنمو أموالهم، ويكثر عددهم، إذا تواصلوا)) [رواه ابن حبان وحسنه الألباني].
وأولى ما يصل به رحمه أن ينصح لهم، وأن يرشدهم إلى عدم تضييع ما أمر الله بالحفاظ عليه، وينبغي على المسلم أن يحسن معاملة أقاربه وأرحامه فيقوم بصلتهم والإحسان إليهم ولو قطعوه فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها)) [رواه البخاري]. وعلى المسلم أن يسعى جاهداً في أن ينقذ أقاربه وأرحامه من جحيم الكفر وعذاب الله وسخطه في الدنيا والآخرة فيحرص على دعوتهم إلى الإسلام بالكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة كما قال تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}(سورة النحل 125). وليعلم المسلم أن صلة الرحم سبب في دخول الجنة فعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((تعبد الله لا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم،)) [رواه البخاري].
__________________
[align=center] [/align]
|