03-07-2016, 07:03 AM
|
|
الإدارة
|
|
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 1,072
|
|
بن القيم يبين حجج الله القولية في قوله تعالى: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى : قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ [سبأ : 22-23]
يقول ابن القيم[1]: فَحُجَجُهُ سُبْحَانَهُ الْعَقْلِيَّةُ الَّتِي فِي كِتَابِهِ جَمَعَتْ بَيْنَ كَوْنِهَا عَقْلِيَّةً سَمْعِيَّةً ظَاهِرَةً وَاضِحَةً قَلِيلَةَ الْمُقْدِمَاتِ، مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى فِيمَا حَاجَّ بِهِ عِبَادَهُ مِنْ إِقَامَةِ التَّوْحِيدِ وَبُطْلَانِ الشِّرْكِ وَقَطْعِ أَسْبَابِهِ وَحُسْنِ مَوَادِّهِ كُلِّهَا: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ [سبأ: 22 - 23]
فَتَأَمَّلْ كَيْفَ أَخَذَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَجَامِعَ الطُّرُقِ الَّتِي دَخَلُوا مِنْهَا إِلَى الشِّرْكِ وَسُدَّ بِهَا عَلَيْهِمْ أَبْلَغَ سَدٍّ وَأَحْكَمَهُ، فَإِنَّ الْعَابِدَ إِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَعْبُودِ لِمَا يَرْجُو مِنْ نَفْعِهِ، وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ لَا يَرْجُو مَنْفَعَةً لَمْ يَتَعَلَّقْ قَلْبُهُ بِهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَعْبُودُ مَالِكًا لِلْأَسْبَابِ الَّتِي يَنْفَعُ بِهَا عَابِدَهُ، أَوْ شَرِيكًا لِمَالِكِهَا، أَوْ ظَهِيرًا أَوْ وَزِيرًا أَوْ مُعَاوِنًا لَهُ أَوْ وَجِيهًا ذَا حُرْمَةٍ وَقَدْرٍ يَشْفَعُ عِنْدَهُ، فَإِذَا انْتَفَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ الْأَرْبَعَةُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ انْتَفَتْ أَسْبَابُ الشِّرْكِ وَانْقَطَعَتْ مَوَادُّهُ، فَنَفَى سُبْحَانَهُ عَنْ آلِهَتِهِمْ أَنْ تَمْلِكَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ،
فَقَدْ يَقُولُ الْمُشْرِكُ: هِيَ شَرِيكَةُ الْمَالِكِ الْحَقِّ، فَنَفَى شِرْكَهَا لَهُ،
فَيَقُولُ الْمُشْرِكُ: قَدْ يَكُونُ ظَهِيرًا أَوْ وَزِيرًا أَوْ مُعَاوِنًا فَقَالَ: وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ [سبأ: 22]
وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الشَّفَاعَةُ فَنَفَاهَا عَنْ آلِهَتِهِمْ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يَشْفَعُ أَحَدٌ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ، فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لِلشَّافِعِ لَمْ يَتَقَدَّمْ بِالشَّفَاعَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ، كَمَا يَكُونُ فِي حَقِّ الْمَخْلُوقِينَ، فَإِنَّ الْمَشْفُوعَ عِنْدَهُ يَحْتَاجُ إِلَى الشَّافِعِ وَمُعَاوَنَتِهِ لَهُ، فَيَقْبَلُ شَفَاعَتَهُ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهَا، وَأَمَّا مَنْ كُلُّ مَا سِوَاهُ فَقِيرٌ إِلَيْهِ بِذَاتِهِ، فَهُوَ الْغِنِيُّ بِذَاتِهِ عَنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ، فَكَيْفَ يَشْفَعُ عِنْدَهُ أَحَدٌ بِغَيْرِ إِذْنِهِ؟
-----------
1 مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ) اختصره: محمد بن محمد بن عبد الكريم بن رضوان البعلي شمس الدين، ابن الموصلي (المتوفى: 774هـ) المحقق: سيد إبراهيم , دار الحديث، القاهرة - مصر , الطبعة: الأولى، 1422هـ - 2001م صـ 82_83
__________________
[align=center] [/align]
|