للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
تفريغ الحلقة الثانية من سلسلة آل البيت والصحابة :حقوق آل البيت والصحابة وحكم محبتهم
حقوق آل البيت والصحابة وحكم محبتهم وبغضهم رضوان الله عليهم بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمدُ لله رَبِّ العالمين ، الحمدُ لله وليّ الصالحين ، الحمدُ لله إله الأوَّلين والآخرين ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على المبعوثِ رحمةً للعالمين نبيِّنا وإمامِنا وسيِّدنا وحبيبِنا وقُرَّةِ عينِنا محمَّد بنِ عبدِ الله وعلى آلهِ وصحابتهِ أجمعين . ما زلنا مع هذه السِّلسةِ المباركةِ وهو حديثنا عن أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وعن آلِ بيتهِ ، وذكرْنا أنَّ هذا الحديثَ سَيُسْرَدُ خلالَ اثنتي عشرةَ محاضرةً ، وقسَّمنا هذه المحاضراتِ إلى ما يلي : المحاضرة الأولى : التَّعريف بآلِ البيتِ وأصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وبيانِ مكانتِهم وفضلِهم ، وهذه قد مرَّت ثم المحاضرة الثانية : محاضرة هذه الليلة وهي عن بيانِ حقوقِ آلِ البيتِ وأصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، وحُكْم محبَّتهم وبغضِهم . والمحاضرة الثالثة : عن العلاقةِ بين آلِ البيتِ وأصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم منَ المصاهراتِ والأسماءِ . والمحاضرة الرابعة : هي عن حالِ آلِ البيتِ مع الصَّحابةِ منْ حيثُ الثَّناء المتبادَل بينهم والعلاقة الوطيدة . ثم المحاضرات الثَّمَان الأخرى : قلنا أربع محاضراتٍ نختارُ فيها أربعةً منَ الصَّحابةِ لهم علاقةٌ بآلِ البيتِوهم : أبو بكر وعمر وعثمان والزُّبير . وأربع شخصيَّاتٍ منَ الصَّحابةِ الذين هم منْ آلِ البيتِ وهم : عليّ وعائشة وفاطمة وابن عباس . هذه تقريباً مجملُ هذه المحاضراتِ . واللَّيلةُ إنْ شاءَ الله تعالى نتكلَّم عن المحاضرةِ الثَّانيةِ وهي : حقوق آل البيت والصَّحابة وكذلك حُكْم محبَّتنا لهم أوحُكْم مبغضهم سنقسمُ هذه المحاضرةَ إلى قسمين : *- قسم يخصُّ الصَّحابةَ *- وقسم يخصُّ آلَ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ونبدأُ بآلِ بيتِ النبيِّ إكراماً للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، واتِّباعاً لهديِ سلفِنا الصَّالحِ كما ذكرنا هذا عن شَريك وغيرهِ منْ أهلِ العِلْمِ أنه قالَ : " لو جاءَني أبو بكر وعمر وعليّ وكلٌّ سألني حاجةً لقدَّمتُ حاجةَ عليٍّ لقربهِ منْ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم وأبو بكر وعمر أفضلُ " لكنْ يُقَدَّمُ عليّ لقربهِ منَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، ولذلك فنسيرُ على هدي سلفِنا الصَّالحِ رحمهم الله تباركَ وتعالى فنتكلَّم ابتداءً عن حقوقِ آلِ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم . حقوقُ آلِ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم تنقسمُ إلى قسمين : *- حقوق معنويَّة أشياء معنويَّة وأشياء ماليَّة . *- ونبدأُ بالأشياءِ المعنويَّةِ لأنها أهمّ .. نبدأُ بالأشياءِ المعنويَّةِ لأنها أهمّ ، وهذه المعنويَّة تتمثَّل أوَّلاً في محبَّتهم وتوقيرِهم وتقديرِهم و تقديمهم و احترامِهم ، كلُّ هذا لقُربِهم منَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، فإكرامُنا لهم هو إكرامٌ للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم . ويُكْرَمُ شيخُ القبيلةِ فَتُكْرَمُ القبيلةُ كلُّها ، ويُكْرَمُ فردٌ منَ القبيلةِ إكراماً لهذا الشَّيخِ ولأجلِ عينٍ ألفُ عينٍ تُكْرَمُ فنُكْرِمُ هذا الجيلَ أو هذه المجموعةِ لقُربِهم منَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ومحبَّتهِ لهم ومحبَّةِ الله لهم سبحانه وتعالى . والفرقُ في كلامِنا عن آلِ البيتِ وعن أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في مسألةٍ مهمَّةٍ جِدّاً ألا وهي أنَّ أصحابَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم غيرُ موجودين الآن ، عاشوا في فترةٍ معيَّنةٍ وانتهى دورُهم في هذه الحياةِ . أمَّا آلُ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فينقسمون إلى قسمين : * إلى قسمٍ تُوُفِّيَ وقضى نَحْبَهُ *وإلى قسمٍ ما زالَ موجوداً وسيستمرُّ موجوداً إلى أنْ يشاءَ الله تباركَ وتعالى فهذا فرقٌ جوهريٌّ في كلامِنا عن أصحابِ النبيِّ وعن آلِ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، أنَّ أصحابَه مَنِ التقَوا به أمَّا آلُ بيتهِ كلُّ مَنْ يمتُّ إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بصلةِ قرابةٍ إلى يومِنا هذا ؛ إلى أنْ يشاءَ الله جلَّ وعلا . فأوَّل حقٍّ لآلِ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم منَ الحقوقِ المعنويَّةِ هو حقُّ محبَّتِهم وتوقيرِهم وتقديرِهم واحترامِهم وتقديِمهم على غيرِهم في المجالسِ وغيرِها ، وهذا اتِّباعاً لوصيَّةِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم عندما قالَ : " أذكِّرُكم اللهَ أهلَ بيتي ، أذكِّرُكم الله أهلَ بيتي ، أذكِّرُكم الله أهلَ بيتي " . فنبَّه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم على أهميَّةِ رعايةِ هذه الأسرةِ التي تنتسبُ إلى هذا النَّسَبِ الشَّريفِ ، وجاءَ في الحديثِ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قالَ لعليٍّ ( خاصة ) رضيَ الله عنه : " إنه لا يحبُّك إلا مؤمنٌ ولا يُبغضُك إلا منافقٌ " . فلأجلِ هذا نحن نحبُّ آلَ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم سواء كانَ عليّاً أو فاطمة أو العباس أو ابن عباس أو أزواج النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وغيرهم . وقد ذكرنا في المحاضرةِ السَّابقةِ أنَّ آلَ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم هم كلُّ مَنْ ينتسبُ إلى هاشم ..كلُّ مَنْ يرجعُ نسبُه إلى هاشم هم آلُ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم . وقلنا إنَّ نَسَبَ هاشم يرجعُ إلى عبد المطَّلب ، ونَسَبُ عبد المطَّلب يرجعُ إلى أربعةٍ : إلى العباس ، وإلى الحارث ، وإلى أبي طالب ، وإلى أبي لهب الذي هو عبد العُزَّى ، هؤلاء الأربعة منْ أولادِ عبد المطَّلب هم الوحيدون الذين ما زالَ لهم نَسْلٌ ، أمَّا جميعُ وَلَدِ عبد المطَّلب : عبد الله والزُّبير وحجل وعبد الكعبة وضرار والمقوِّم والحمزة كلّ هؤلاء انقطعَ نَسْلُهم ، وإنما بقيَ نَسْلُ أربعةٍ منْ أولادِ عبد المطَّلب وهم كما قلنا : أبو طالب والعباس والحارث وأبو لهب ، هؤلاء ما زالَ نَسْلُهم موجوداً . فكلُّ مَنِ انتسبَ إلى واحدٍ منْ هؤلاءِ الأربعةِ فإنه منْ آلِ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه و آلهِ وسلَّم . وقلنا كذلك آل بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم يدخلُ فيهم أزواجُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، فأزواجُ النبيِّ منْ آلِ بيتهِ كما في قولنا في التَّشَهُّد : " اللَّهم صَلِّ على محمَّد وعلى آلِ محمَّد " ، وفي الصَّحيحين : " اللَّهم صَلِّ على محمَّد وعلى أزواجهِ وذُرَّيتهِ " . فدلَّ على أنَّ هؤلاءِ منْ أهلِ بيتهِ ، وهذا هو أصلُ الكلمةِ كما ذكرنا ذلك في المرَّة السَّابقةِ . إذًا هذا هو منْ حيثُ التَّعريف وقد فصلناه . إذًا المحبَّةُ لهم والتَّقديرُ والتَّوقيرُ . يقولُ ابنُ تيمية رحمه الله تباركَ وتعالى : يجبُ محبَّتهم وموالاتُهم ورعايةُ حقوقِهم ، وهذان الثَّقلان اللذان وصَّى بهما النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم " في الحديثِ الذي ذكرناه قريباً وهو عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم : " إني تاركٌ فيكم ثقلينِ " ثم قالَ : " أوَّلهما كتاب الله " ، فذكَّر بكتابِ الله وأمرَ بالتَّمَسُّك به وحَثَّ عليه ، ثم قالَ :" وأهل بيتي ، أُذكِّرُكم الله أهلَ بيتي ، أُذكِّرُكم الله أهلَ بيتي، أُذكِّرُكم الله أهلَ بيتي " . فالقرآنُ ثقلٌ وأهلُ البيتِ الثقل الآخر . يقولُ القرطبيُّ رحمه الله : وجوبُ احترامِ أهله وإبرارِهم وتوقيرِهم ومحبَّتِهم وجوب الفُروضِ المؤكَّدة . يعني هذا واجبٌ ليس منَ السُّنَنِ .. ليس منَ المستحبَّات إنْ فعلَه الإنسانُ أُجِرَ وإنْ لم يفعلْه لم يأثم ، لا .. بل واجبٌ .. محبَّةُ آل النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم منَ الأمورِ الواجبةِ التي إذا قصَّر فيها الإنسانُ أَثِمَ على هذا الفعلِ . ولذلك قالَ أبو بكر رضيَ الله عنه بعد أنْ سمعَ قولَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم : " أُذكِّرُكم الله أهلَ بيتي " قالَ أبو بكر الصِّدِّيق رضيَ الله عنه : والذي نفسي بيدهِ لَقَرَابَةُ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أحبُّ إليَّ أنْ أَصِلَ منْ قرابتي . يقدِّم قرابةَ النبيِّ على قرابةِ نفسهِ ، وهكذا يجبُ علينا نحن جميعاً أنْ تكونَ قرابةُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم الأحياء منهم والميِّتين .. أنْ يكونوا أحبَّ إلينا منْ قراباتِنا الذين ينتسبون وننتسبُ إليهم . ويقولُ الحافظُ ابنُ كثيرٍ رحمه الله تباركَ وتعالى : لا نُنكرُ الوصايا بأهلِ البيتِ والأمرِ بالإحسانِ إليهم واحترامِهم وإكرامِهم فإنهم منْ ذُرِّيةٍ طاهرةٍ .. مِنْ أشرفِ بيتٍ وُجِدَ على وجهِ الأرضِ فَخْراً وحَسَباً ونَسَباً ولا سيَّما إذا كانوا متَّبعين للسُّنةِ النبويَّةِ الصَّحيحةِ الواضحةِ الجليَّةِ كما كانَ عليه سلفُهم كالعباس وبنيهِ وعليّ وأهلِ بيتهِ وذُرِّيتهِ . إذًا هذه القضية الأولى أو هذا هو الحقُّ الأوَّل ، وهو حقٌّ معنويٌّ محبَّتهم وذِكْرهم بكلِّ خيرٍ وتوقيرهم وتقديرهم واحترامهم . وهذا بالنِّسبةِ لمنْ سَلَفَ يكونُ بالحبِّ والثَّناءِ والذِّكْرِ الحَسَنِ ، أمَّا بالنَّسبةِ لمنْ هو يعيشُ معنا في زمانِنا هذا فإننا نحبُّهم لقرابتِهم منَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم .. نقرِّبهم .. نقدِّمهم .. نقدِّم حاجاتهم على حاجاتِ غيرهم .. إذا كانوا معنا في المجالسِ يُصدَّرون في المجالسِ لقُربِهم منَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم .. يُقدَّمون في الإطعامِ .. في الشَّرابِ .. في غيرِ ذلك منَ الأمورِ .. إذا كانتْ لهم حاجاتٌ تُسَدُّ هذه الحاجاتُ . كلُّ هذا إكراماً لهذا الرَّجُلِ الذي له فضلٌ علينا جميعاً صلواتُ ربي وسلامُه عليه . هذا الحقُّ الأول المعنويُّ . الحقُّ الثاني : الصَّلاة عليهم وذلك أنَّ الله تباركَ وتعالى قالَ في كتابهِ العزيزِ : " إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (56) " سورة الأحزاب . أصحابُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم جاؤوا إليه ، ككعب بن عجرة وأبي حُمَيْد السَّاعدي وغيرهم منْ أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أتوا إليه فقالوا : يا رسولَ الله عرفنا كيف نسلِّم عليك فكيف نصلِّي عليك ؟ لأنَّ الله يقولَ : " صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً " فجاؤوا يستفسرون عن هذه الصَّلاةِ . قالوا : كيف نُصلِّي عليك ؟ قالَ :قولوا : اللَّهمَّ صَلِّ على محمَّد وعلى آلِ محمَّد كما صلَّيتَ على إبراهيم وعلى آلِ إبراهيم ، اللَّهمَّ باركْ على محمَّد وعلى آلِ محمَّد كما باركتَ على إبراهيم وعلى آلِ إبراهيم " فإذاً منْ حقِّهم علينا أنْ نُصلِّيَ عليهم ، فإذا صلَّينا على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قلنا صلَّى الله عليه وآلهِ وسلَّم ، أو صلَّى الله عليه وعلى آلهِ وصحبهِ ، أو صلَّى الله عليه وعلى أزواجهِ وذُرِّيتهِ ، أو نقولُ الصَّلاة الإبراهيميَّة كاملةً ، اللَّهمَّ صَلِّ على محمَّد وعلى آلِ محمَّد كما صلَّيتَ على إبراهيم وعلى آلِ إبراهيم ، اللَّهمَّ باركْ على محمَّد وعلى آلِ محمَّد كما باركتَ على إبراهيم وعلى آلِ إبراهيم .. المهم أننا نُصلِّي عليهم . ولذلك قالَ بعضُ أهلِ العِلْمِ : يا آلَ بيتِ رسولِ الله حُبُّكمُ *** فرضٌ منَ الرَّحمنِ في القرآنِ أنزلَهُ يكفيكمُ فَخْراً عند اللهِ أنكمُ *** مَنْ لم يُصَلِّ عليكم لا صلاةَ لهُ وهذه مسألةُ خِلافيَّةٌ بين أهلِ العِلْمِ ؛ قضيَّة الصَّلاة على النبيِّ وآلهِ هل هي ركنٌ منْ أركانِ الصَّلاةِ أو ليس كذلك ؟ بعضُ أهلِ العِلْمِ قالَ : إنَّ الصَّلاةَ على النبيِّ وحدَه تكفي ، لو قلتَ مثلاً في التَّحيَّات " التَّحيَّات لله والصَّلوات والطَّيِّبات ، السَّلامُ عليك أيُّها النبيُّ ورحمةُ الله وبركاته ، السَّلامُ علينا وعلى عبادِ الله الصَّالحين أشهدُ أنْ لا إلهَ إلا الله وأشهدُ أنَّ محمَّداً عبدُه ورسولُه .. اللَّهمَّ صَلِّ على محمَّد " قالوا : يكفي . وقالَ بعضُ أهلِ العِلْمِ : لا يكفي حتى تقولَ : اللَّهمَّ صَلِّ على محمَّد وعلى آلِ محمَّد .. معه . فالقصدُ إذاً أنَّ الصَّلاةَ عليهم مِنْ حقِّهم علينا .. أنْ نُصلِّيَ عليهم إذا ذكرناهم أو ذكرنا النبيِّ صلَّى الله عليه و آلهِ و سلم . هذا بالنِّسبةِ للحقوقِ المعنويَّةِ .. الحبُّ ، التَّقديرُ ، الذِّكْرُ الحَسَنُ ، الثَّناء ، ومعرفة فضلِهم ومكانتهم وقدرِهم ونسبِهم الذي ينتسبون به إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أو إلى هاشم كما قلنا . *- الحقوق الأخرى هي حقوقٌ ماليَّةٌ .. حقوقٌ ماليَّةٌ ، وهذه الحقوقُ الماليَّةُ تنقسمُ إلى قسمين : الزَّكاة والخُمس الله تباركَ وتعالى أكرمَ هذه الأسرةَ بأنْ حرَّم عليها الزَّكاةَ . ولذلك قالَ أهلُ العِلْمِ : تحريمُ الزَّكاةِ عليهم لا مِنْ بابِ الحرمانِ بل منْ بابِ الإكرامِ . يعني ما حرَّم الله عليهم الزَّكاةَ حرماناً وإنما حرَّم عليهمُ الزَّكاةَ إكراماً ، لأنَّ الله تباركَ وتعالى يقولُ : " خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا (103)" سورة التوبة . فالزَّكاةُ إذا أُخْرِجَتْ منَ المالِ طَهُرَ ، وإذا لم تُخْرَجْ منَ المالِ خَبُثَ هذا المالُ ، فهذه إذاً التي هي اثنان ونصف في المئة ، هذه إذا بقيتْ في المالِ خَبُثَ هذا المالُ ، وإذا أُخْرِجَتْ مِنَ المالِ زَكَا هذا المالُ وطَهُرَ . إذاً عندما نُخْرِجُها يَطْهُرُ المالُ . إذًا ما هي هذه التي أخرجناها ؟؟ يقولُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم : " هذه أوساخُ النَّاسِ" أوساخُ النَّاسِ لأنها إذا أُخْرِجَتْ طَهُرَ المالُ وإذا بقيتْ خَبُثَ المالُ ، فهي أوساخٌ يُخْرِجُها النَّاسُ منْ أموالهم حتى تَطْهُر . الله تباركَ وتعالى أكرمَ هذه الأسرةَ بأنها لا تأخذُ أوساخَ النَّاسِ .. لا تأخذُ أوساخَ النَّاسِ ، إكراماً لها . ولذلك النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم قالَ عن الصَّدَقَةِ :" لا تحلُّ لمحمَّدٍ ولا لآلِ محمَّدٍ " ، وقالَ : " إنما هي أوساخُ النَّاسِ " . ولما جاءَ الفضلُ بنُ العبَّاسِ والمطَّلب بنُ ربيعةَ بنِ الحارث بنِ عبد المطَّلب - وهما أبناء عمِّ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم – جاءا يسألان النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنْ يجعلَهما منَ العاملينَ على الزَّكاةِ ليأخذوا منَ الزَّكاةِ . فقالَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم : " إنها لا تحلُّ لمحمَّدٍ ولا لآلِ محمَّدٍ " وقالَ : " إنما هي أوساخُ النَّاسِ " . ولما أرادَ الحَسَنُ بنُ عليّ أنْ يأخذَ تمرةً منَ الصَّدقةِ أخذَها منه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وقالَ : " إنها لا تحلُّ لمحمَّدٍ ولا لآلِ محمَّدٍ " . فإذاً محمَّدٌ صلَّى الله عليه وسلَّم وآلُ بيتهِ سواءً كانَ هؤلاءِ منْ نسائهِ أو منْ أقاربهِ فلا تحلُّ لهم الزَّكاةُ ، منْ بابِ الإكرامِ لا منْ بابِ الحِرمانِ فتَحْرُمُ عليهمُ الزَّكاةُ . واختلفَ أهلُ العِلْمِ مَنِ الذين تَحْرُمُ عليهمُ الزَّكاةُ ؟ بعضُ أهلِ العلمِ أو أكثرُ أهلِ العلم على عن أنهم بنو هاشم . بعضُ أهل العلمِ أدخلَ مع بني هاشم بني المطَّلب لأنهم أبناءُ عمومةٍ لبني هاشم لأنَّ المطَّلب أخو هاشم . والصَّحيحُ الذي عليه أكثرُ أهلِ العِلْمِ أنَّ هذا خاصٌّ ببني هاشم ، هم الذين تَحْرُمُ عليهم الزَّكاةُ . طيِّب .. حَرُمَتْ عليهمُ الزَّكاةُ طيب .. الصَّدقةُ ؟؟ التي هي صدقةُ التَّطَوُّع ليستِ الزَّكاةُ ؟؟؟ لأنك تُخْرِجُ مالكَ على ثلاثةِ أصنافٍ : إمَّا أنْ تُخْرِجَ زكاةً وإمَّا أنْ تُخْرِجَ صدقةً وإمَّا أنْ تُخْرِجَ هديَّةً *- الزَّكاةُ أمرٌ واجبٌ تُخْرِجُهُ منْ مَالِكَ ، وتُعطى لثمانيةِ أصنافٍ ذكرَهمُ الله تباركَ وتعالى في كتابهِ : " إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ .....(60) " سورة التوبة . هؤلاء أهلُ الزَّكاةِ . *- ثم هناك الصَّدقةُ التي هي الصَّدقة غير الواجبة .. الصَّدقة المستحبَّة .. التَّبرُّعات نسمِّيها ، هذه يجوزُ تعطيها لأيِّ أحدٍ حتى للكافر . ولذلكَ قالَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم : " في كلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أجرٌ " بل حتى تُعطي للحيوان ، هذه هي صدقةُ التَّطَوُّع تُعطى لكلِّ أحدٍ . *- الثالثة الهديَّة ، والهديَّة هذه عادةُ الإنسانِ يُعطيها ليتقرَّب منْ إنسانٍ يحبُّه فيعطيه هذه الهديَّة منَ المالِ أو غيرهِ . بالاتِّفاق أنَّ الهديَّة تجوزُ لمحمَّدٍ وآلِ محمَّدٍ ، وبالاتِّفاق أنَّ الزَّكاةَ محرَّمةٌ على محمَّدٍ وآلِ محمَّدٍ . بقيَ النِّصفُ وهي الصَّدقةُ هذه ، صدقةُ التَّطوُّع أو التَّبرُّع هذه ، هل تجوزُ لمحمَّدٍ وآلِ محمَّدٍ أو لا تجوزُ ؟ أمَّا محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم فالصَّحيحُ أنها لا تحلُّ له صلَّى الله عليه وسلَّم ، ولذلك لما جاءَ سلمانُ الفارسيُّ لِيُسْلِمَ قالوا له : لهذا النبيُّ له ثلاثُ صفاتٍ منها أنه لا يقبلُ الصَّدَقَةَ أو لا يأكلُ الصَّدقةَ ويأكلُ الهديَّةَ . فجاءَ سلمانُ يختبرُ ، فأعطى النبيَّ طعاماً . فقالَ له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم :ما هذا الطَّعامُ ؟ قالَ : صَدَقَة . فقالَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لأصحابهِ :تعالوا فكُلُوا . ولم يأكلْ صلَّى الله عليه وسلَّم فقالَ سلمانُ : هذه واحدةٌ . ثم جاءَ بعد أيامٍ وقدَّم للنبيِّ طعاماً فقالَ له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم : ما هذا الطعامُ ؟ قالَ : هديَّة . فأكلَ منه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ودعا أصحابَه فأكلُوا فقالَ : هذه الثَّانيةُ . إذاً النبيُّ لا يأكلُ الصَّدقةَ صلَّى الله عليه وسلَّم وإنْ كانتْ مستحبَّةً ليستْ واجبة ، لكنه لا يأكلُها صلَّى الله عليه وسلَّم . طيب .. آل بيتهِ هل هم كحالهِ أو لا ؟ اختلفَ أهلُ العِلْمِ جمهورُ أهلِ العِلْمِ على أنَّ الصَّدقةَ تحلُّ لآلِ البيتِ وإنما تحرمُ عليهم الزَّكاةُ الواجبةُ ، أمَّا الصَّدقةُ فيجوزُ أنْ يأخذوا منها . وذهبَ بعضُ أهلِ العِلْمِ كأبي حنيفة وغيره أنه تحرمُ عليهم حتى الصَّدقةُ اقتداءً بالنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم . والأظهرُ والعِلْمُ عند الله تباركَ وتعالى أنَّ *- الصَّدقة المفروضة وهي الزَّكاة لا تحلُّ للنبيِّ ولا لآلِ بيتهِ . *- الصَّدقة المستحبَّة التي هي تبرعُ لا تحلُّ للنبيِّ و تحلُّ لآلِ بيتهِ . *-الهديَّة تحلُّ للنبيِّ وآلِ بيتهِ صلواتُ ربي وسلامُه عليه . متى يأخذون منَ الزَّكاةِ ؟ قالَ أهلُ العِلْمِ : يأخذون منَ الزَّكاةِ إذا احتاجوا . طيب .. آل بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ليس بالضَّرورةِ يكونون كلّهم أغنياء كما أنَّ عامَّة النَّاسِ فيهم الغنيّ وفيهم الفقير ، كذلك آل بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فيهم الغنيُّ وفيهم الفقيرُ فكيف يفعلون إذا احتاجوا إلى المالِ وهم فقراء ؟ قالَ بعضُ أهلِ العِلْمِ : يأخذون منَ الزَّكاةِ إذا لم يجدوا سبيلاً آخرَ . مع أنَّ الواجبَ أنْ يُغْنَوا .. يعني يجبُ على وليِّ أمرِ المسلمين أنْ يُغنيَهم . يعني في الكويت عندنا مثلاً يجبُ أنْ يكونَ تخصيصٌ منْ وزارةِ الماليَّةِ لهذه الأُسَرِ إذا ثبتتْ أنسابُها ؛ أنهم إذا احتاجوا يأخذون منها ولا يلجؤون إلى الزَّكاةِ إكراماً للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، لا يأخذون منَ الزَّكاةِ وإنما يُصْرَفُ لهم منْ بيتِ المالِ مبلغاً وقَدْرُهُ حتى لا ينزلوا إلى الزَّكاةِ ، لكنْ إذا احتاجوا ولم يُصْرَفْ لهم منْ بيتِ المالِ . طيب ماذا يفعلون ؟ يموتون ؟ لا .. يأخذون منَ الزَّكاةِ .. عند ذلك يجوزُ لهم أنْ يأخذوا منَ الزَّكاةِ . وإنْ كانَ بعضُ أهلِ العِلْمِ قالَ : يأخذُ بعضُهم منْ زكاةَ بعضٍ . يعني يأخذون منْ زكاةِ بني هاشم وليس منْ زكاةِ عامَّة النَّاسِ ، أصلاً هذا الكلامُ لا دليلَ عليه ، والصَّحيحُ أنهم إذا حرموا .. يعني منْ بيتِ المالِ لم يُعطوا حقَّهم فإنهم يأخذون منَ الزَّكاةِ ولا شيءَ عليهم . طبعاً الله تباركَ وتعالى لما حرَّم عليهمُ الزَّكاةَ أعطاهمُ البَدَلَ .. أعطاهم البديلَ وهو ما يُسَمَّى بالخُمس ، وهذا الخُمسُ يكونُ في الجهادِ .. هذا الخُمسُ يكونُ في الجهادِ . يقولُ الله تباركَ وتعالى : " وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْء فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ..... (41) " سورة الأنفال . هؤلاء خمسة ، خمسة أصناف " وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْء فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ " هذا خمس " وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ " . ويقولُ في الآيةِ الأخرى : " مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ....(7) " سورة الحشر . فالله تباركَ وتعالى جعلَ ذوي القربى لهم نصيباً في الخُمسِ . وذلك أنَّ المسلمين إذا جاهدوا في سبيلِ الله تباركَ وتعالى يغنمون .. تكونُ هناك غنيمة . هذه الغنيمةُ تُقَسَّمُ إلى خمسةِ أخماسٍ .. الغنيمةُ في الجهادِ تُقَسَّمُ إلى خمسةِ أخماسٍ ، أربعةِ أخماسٍ التي هي ثمانون في المئة تُقَسَّمُ على الذين شاركوا في القتالِ .. الجندُ الذين شاركوا في القتالِ . يبقى خُمُسٌ الذي هو عشرون في المئة .. هذا الخمسُ الذي هو عشرون في المئةِ يُقَسَّمُ خمسةِ أخماسٍ : لله والرسولِ خمسٌ ، لذوي القربى خمسٌ ، لليتامى خمسٌ ، للمساكين خمسٌ ، لابنِ السَّبيلِ خمسٌ .. يعني أربعة بالمئة ، أربعة بالمئة ، أربعة بالمئة ، أربعة بالمئة ، أربعة بالمئة ، فهذه الأربعةُ بالمئةِ تُغنيهم عن الزَّكاةِ .. الأربعة بالمئة هذه التي هي خمس الخُمس تُغنيهم عن زكاةِ النَّاسِ ، ويكونون بذلك غير محتاجين لأموالِ النَّاسِ . وهذا الخمسُ الذي هو أربعة بالمئة يُقَسَّمُ على آلِ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ،كلُّ مَنْ أثبتَ نسبَه إلى هاشم فإنه يُعطى منْ هذه الأربعةِ بالمئةِ . وعندما يُعْطَون منْ هذه الأربعةِ بالمئةِ يُعطى الذَّكَرُ كالأنثى ، والصَّغير والكبير ، والغنيُّ والفقيرُ ، يعني لا تُعطى للفقراءِ منهم ، يعني هذه الأربعة بالمئة أحياناً تصلُ ملايين أو دون أو حول .. يعني حَسَب المبلغ الذي غنمناه في الجهادِ . فهذه المبالغُ تُوْضَعُ في مكانٍ ثم تكونُ أسماءُ أقاربِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم منْ آلِ بيتهِ معروفةً فينادَون بأسمائِهم للرِّجالِ والنِّساءِ ، الذُّكور والإناث ، الصِّغار والكبار ، الأغنياء والفقراء ، يُعْطَون منْ هذا الخُمس حتى يُغْنَوا عن الزَّكاةِ وغيره ، وهذا منْ حقِّهم . وكانَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لما أتاه خمس خيبر قسَّمَه على أقاربهِ . الخمس هنا .. ذكرَ أكثرُ أهلِ العِلْمِ أنه لا يُقَسَّمُ على بني هاشم فقط وإنما يُقَسَّمُ على بني المطَّلب أيضاً . وذلك أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم لما جاءَه خمسُ خيبر أعطى بني هاشم وأعطى بني المطَّلب ، وبنو المطلب غير عبد المطلب ، المطَّلب عمّ عبد المطَّلب أخو هاشم . فالمهمّ أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أعطى بني هاشم وأعطى بني المطَّلِب . طبعاً بنو المطَّلب منهم الإمام الشافعيّ رحمه الله تعالى ، يقالُ له الإمام المطَّلبيّ لأنه ينتسبُ إلى المطَّلب أخي هاشم ، فالشَّاهدُ أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أعطى بني المطَّلب وأعطى بني هاشم . فجاءَ للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم عثمان بن عفان وجبير بن مُطْعِم . جبير بن مطعم يرجعُ نسبُه إلى نوفل .. جبير بن مطعم يرجعُ نسبُه إلى نوفل عثمان بن عفان يرجعُ نسبُه إلى عبد شمس . عبد شمس ونوفل وهاشم والمطَّلب أخوان .. إخوة .. كانوا أربعة إخوة ، إذاً المطَّلب وهاشم وعبد شمس ونوفل إخوة . عبد شمس والمطَّلب وهاشم أشقَّاء . ونوفل أخوهم مِنْ أبيهم . لكن إخوة .. أربعة أخوة . فالنبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أعطى بني هاشم وأعطى بني المطَّلب ولم يعطِ بني عبد شمس ولم يعطِ بني نوفل . عثمان منْ بني عبد شمس وجبير بن مطعم من بني نوفل فأتيا النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم . قالا : يا رسولَ الله ، جاءتك هذه الأموالُ أعطيتً بني هاشم ..لا تتكلَّم يعني هؤلاء أقربُ لك نَسَباً ، ولكنْ أعطيتَ بني المطَّلب ونحن والمطَّلب سواء .. نحن وبني المطَّلب سواء ، ما فيه فرقٌ بيننا وبين المطَّلب ، فقالَ له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم : " لا .. إنَّ بني هاشم والمطَّلب لم يفترقوا في جاهليَّة ولا إسلام " ، وشَبَّكَ بين أصابعهِ صلَّى الله عليه وسلَّم . لماذا ؟ لأنَّ بني المطَّلب حتى قبل الإسلام ، لما قُوْطِعَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم المقاطعةَ المشهورةَ التي استمرَّت ثلاثَ سنواتٍ ؛ لما خرجَ بنو هاشم والمسلمون إلى شِعْبِ أبي طالب لمدَّة ثلاثِ سنواتٍ أكلوا ورقَ الشَّجَرَ .. حتى نقضت الصَّحيفة ، في القِصَّةِ المشهورةِ في السِّيرةِ ، لما خرجتْ بنو هاشم خرجَ المسلمون والكفار منْ بني هاشم منْ باب فزعة لأبناءِ عمومتِهم .. فزعة للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، فخرجتْ بنو هاشم كلُّها ما عدا أبي لهب عمِّ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مع أنه منْ بني هاشم لم يخرج ، وخرجَ بنو المطَّلب مؤمنُهم وكافرُهم كذلك مع بني هاشم ، أما بنو عبد شمس وبنو نوفل خرجَ المسلمون منهم فقط ولم يخرجِ الكفَّارُ منهم فعلاقةُ هاشم مع المطَّلب أقوى منْ علاقةِ نوفل وعبد شمس معهما . فلذلك النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لما جاءَ خمسُ خيبر أعطى بني هاشم وأعطى بني المطَّلب وقالَ : " لم يفترقوا في جاهلية ولا إسلام " . ولذلك يقولُ أهلُ العِلْمِ : أعطي بني هاشم لقرابتِهم وأعطي بني المطلب لنصرتِهم . يعني لو كانَ أعطاهم للقرابةِ كانَ أعطى بني عبد شمس وأعطى بني نوفل ، لأنَّ القرابةَ واحدةٌ ، ولكنْ قدَّمهم لنصرتِهم ، لأنهم نصروا النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم وإنْ لم يُؤمنوا به صلواتُ ربي وسلامُه عليه . إذًا الحقُّ الماليُّ الذي لهم هو الخمسُ نؤكِّد *- الحقّ الأوَّل معنويّ وينقسمُ إلى قسمين توقيرهم واحترامهم وذكرهم بكلِّ حَسَنٍ ثم الثاني وهو الصَّلاة عليهم . *- الحقّ الماليّ ينقسم إلى قسمين حقّ حرمان وهو الزَّكاة إكراماً لهم والثاني حقّ عطاء وهو الخمسُ في الغنائم ، وقلنا هو خمسُ الخمسِ . طيب .. مَنْ الذي يُعْطَى ؟؟؟ أو كما يقالُ : ما شروطُ الاستحقاقِ ؟؟ هل كلُّ مَنْ هَبَّ ودَبَّ يأخذُ ؟؟؟ أو هناك شروطٌ للاستحقاقِ ؟؟؟ هناك شرطان أساسيَّان *الشَّرط الأوَّل : الإسلام ، أنْ يكونَ مسلماً . يعني لو جاءَنا إنسانٌ وأثبتَ نسبَه إلى هاشم مثلاً ..سواء الحارث أو أبي لهب أو أبي طالب أو العباس ، وأثبتَ هذا النَّسَبَ ولكنه كافرٌ لا يُؤمنُ بالله تباركَ وتعالى ، لا يُعْطَى ، لا حقّ الاحترام ولا التَّقدير ولا التَّبجيل ولا التَّقديم ولا الصَّلاة ولا الخُمس .. أبداً .. لأنه لا بُدَّ لمنْ يستحقُّ هذا الحقَّ أنْ يكونَ مسلماً ، أنْ يكونُ موحداً لله تباركَ وتعالى . ولذلك ما نفعتْ أبا لهب قرابتُه منَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم . إذًا لا بُدَّ منَ الإسلام ، والله تباركَ وتعالى لو ترون في كتابهِ العزيزِ ما ذكرَ أحداً باسمهِ ذمّاً غير أبي لهبٍ ممنْ عاصرَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مع امرأته : " تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (4)" سورة المسد . وذلك أنَّ هؤلاء لقرابتهم منَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم يجبُ أنْ يكونوا قدوةً . ولذلك الله تباركَ وتعالى لما ذكرَ نساءَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قالَ : " يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ...(30) " سورة الأحزاب . لماذا ؟؟ لأنك غير .. أنتِ غير " يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَالنِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَالَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ(32) " سورة الأحزاب . فقرابةُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم غير . ولذلك قالَ الحسنُ بنُ عليّ - وقيلَ إنه الحسن بنُ الحسن بنِ عليّ بنِ أبي طالب - أيّاً كانَ المهم أنه قالَ : أحبُّونا لله ، فإنْ أطعنا الله فأحبُّونا ، وإنْ عصينا الله فأبغضونا ، لو كانَ اللهُ نافعاً لقرابةِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم بغيرِ عملٍ لنفعَ بذلك مَنْ هو أقرب إليه منَّا - يعني أبا لهب - والله إني أخافُ أنْ يُضَاعِفَ الله المعاصي عليَّ ضعفين " يعني في العذاب . لماذا ؟ لأنه يجبُ أنْ يكونَ أبعدَ و أنزهَ و أتقى لقرابتهِ منَ النبيِّ صلَّى الله عليه و آلهِ وسلَّم . إذاً *- الشَّرط الأوَّل للاستحقاق : هو الإسلام ، أنْ يكونَ مسلماً . طيب .. إنْ كانَ مسلماً فاسقاً ، عنده معاصي .. عنده تقصير .. عنده كذا ؟ نحبُّه بقدرِ إيمانهِ ونُبغضُه بقدرِ فِسْقِهِ ، ونُقدِّره لقرابتهِ منَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم . *الشَّرط الثاني للاستحقاق : هو ثبوت النَّسَب يعني ليس كلّ مَنْ جاءَ وادَّعى قالَ أنا منْ أقاربِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أو أنا يرجعُ نسبي إلى أبي طالب أو إلى أبي لهب أو إلى العباس أو إلى الحارث نقولُ له تم ! صحيح النَّاس مؤتمنُّون على أنسابِهم ، هذا أصل .. النَّاسُ مؤتمنون على أنسابِهم ، ولكن هذا النَّسَب الشَّريف مَنِ ادَّعاه يجبُ عليه أنْ يُثْبِتَ بهذه الدَّعوى الأدلَّة لينالَ الإكرامَ والتَّقدير ثم بعد ذلك ينال الخمس أو العطاء منْ بيتِ المالِ إذا كانَ يحتاجُ وهو منْ أهلِ الزَّكاةِ . ولذلك يقولُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم : " ليسَ منْ رجلٍ ادَّعى لغير أبيه وهو يعلمُه إلا كفرَ بالله ، ومَنِ ادَّعى قوماً ليسَ له فيهم نسبٌ فليتبوَّأ مقعده منَ النَّارِ " فالقضيَّةُ حرجةٌ جِدّاً . ولذلك الإمام مالك رحمه الله تباركَ وتعالى قالَ : " مَنِ انتسبَ إلى بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وليس كذلك فإنه يضربُ ضرباً وجيعاً ويُشَهَّر ويحبس طويلاً حتى تظهر توبتُه لأنه استخفافٌ بحقِّ الرَّسولِ صلَّى الله عليه وسلَّم " ، هكذا يقولُ الإمامُ مالك رحمه الله تباركَ وتعالى . إذًا شرطان : الأوَّل : الإسلام ثم ثبوت النَّسب ، هذا بالنِّسبةِ لحقوقِ آلِ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم . أمَّا حقوقُ أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فأوَّلاً : محبَّتهم الله تباركَ وتعالى يقولُ في كتابهِ العزيز : " لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8) " ، سورة الحشر ثم قالََ :" وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9) " ، سورة الحشر ثم قالَ : " وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10) " ، سورة الحشر إذاً مَنْ جاءَ بعد أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم الذين ذُكروا بالآيتين الأوليين يجبُ أنْ يقولَ هذا الكلامَ : " وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا " فإنْ لم يجعلْ في قلوبنا غِلا فما هو بدل الغِلّ ؟ الحبّ .. لذلك يجبُ أنْ نحبَّ أصحابَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم سواء كانوا منْ أهلِ بيتهِ أو منْ غيرِ أهلِ بيتهِ . وقالَ صلَّى الله عليه وسلَّم عن الأنصارِ : " الأنصار حبُّهم إيمانٌ وبُغضُهم نفاقٌ " إذاً لا بُدَّ أنْ نحبَّ أصحابَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، فإذا كانَ المهاجرون أفضل منَ الأنصار فحبُّهم منْ باب أولى . كذلك لا بُدَّ أنْ نعرفَ لهم قَدْرَهم وفَضْلَهم لأنهم نقلةُ الكتابِ والسُّنةِ .. فهمُ الذين نقلوا لنا الكتابَ والسُّنةَ . كيف أكرمَنا الله بالكتابِ ؟ كيف أكرمَنا الله بالسُّنة ؟ عن طريق هؤلاء .. هم الذين أوصلوا هذا الخيرَ لنا ... أوصلوه للتابعين .. أوصلوه لأتباع التابعين .. أوصلوه لأتباع أتباع التابعين .. ولمنْ بعدهم ، وهكذا حتى وصلَ إلينا هذا الخيرَ . فلا بُدَّ أنْ نعرفَ لهم فضلَهم وقَدْرَهم حيثُ إنَّ لهم علينا فضلاً عظيماً . كذلك أنْ نَذُبَّ عنهم وأنْ نردَّ على كلِّ مَنْ أرادَ أنْ يطعنَ فيهم لأنَّ الطَّعْنَ فيهم في النهايةِ هو طعنٌ في الدِّين الذي نقلوه ؛ ليس طعناً فيهم لذاتهم وإنما هو طعنٌ في الدِّين الذي نقلوه . لماذا ؟؟ لأننا إذا قلنا إنهم كفَّار أو فَسَقَة أو فجَّار أو أو أو غيرها منَ الألفاظِ القبيحةِ .. إذا قلنا أنهم بهذا الوصفِ السيئ إذاً كيف يُؤتمنون على القرآن والسُّنة ؟؟؟!!!! لا نأتمنُهم على القرآن والسُّنة إذا كانوا سيِّئين . بل ائتمنَّاهم وائتمنَهم الله جلَّ وعلا قبلنا على الكتابِ والسُّنة لأنهم أمناء . ولذلك يقولُ أبو زرعة الرَّازي رحمه الله تباركَ وتعالى : إذا رأيتَ الرَّجُلَ ينتقصُ منْ أصحابِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم فاعلمْ أنه زنديق ، وذلك أنَّ القرآنَ عندنا حقٌّ والسُّنَن عندنا حقٌّ وإنما نقلَ لنا القرآنَ والسُّنَنَ أصحابُ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ، وهؤلاء (يعني الطاعنين) يريدون أنْ يجرِّحوا شهودَنا.. النَّقَلَة .. الصَّحابة الذين نقلوا القرآنَ والسُّنة .. وهؤلاء يريدون أنْ يجرحوا شهودَنا .. لماذا ؟؟ ليُبطلوا القرآنَ والسُّننَ ، والجرحُ بهم أولى وهم زنادقة ( أي الذين يطعنون بأصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ) . منْ حقِّهم علينا أنْ نذكرَهم بالثَّناءِ الحَسَنِ وأنْ نشكرَ لهم سَعْيَهم رضيَ الله عنهم وأرضاهم . الكفّ عمَّا شجرَ بينهم لأنهم بشرٌ يُصيبون ويخطئون سواء كانوا منْ أصحابِ النبيِّ أو منْ آلِ بيتهِ .. يُصيبون ويخطئون فنكفّ ألسنتَنا كما قالَ عمرُ بنُ عبد العزيز والشَّافعيّ وغيرهما : تلك فتنةٌ عصمَ الله منها سيوفَنا فلنعصمْ منها ألسنتَنا . فنكفّ عما شجرَ بينهم ونقولُ : " تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ(134)(141) " ، سورة البقرة فلا نخوضُ في هذا إلا بخيرٍ أو نسكت ونكفّ ولا نتكلَّم في أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم . بعد هذا كلّه فمَنْ جاءَنا اليومَ وتنقَّص أصحابَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أو آل بيتهِ وسبَّهم وتعرَّض لهم فنقولُ : هؤلاء ينقسمون إلى قسمين : إذا كانوا منْ أصحابِ النبيِّ وآلِ بيتهِ ، يعني جمعوا الصُّحبةَ والقَرابةَ أو الصُّحبةَ فقط فهؤلاء لهم حُكْم ، ومَنْ جمعوا القرابةَ فقط ولم يكنْ لهم شرفُ الصُّحبةِ ممنْ هم في زمانِنا أو منْ قبلِ زمانِنا أو بعد زماننا هؤلاء أيضاً لهم حُكْمٌ آخر . فمَنْ تشرَّف بصُحبةِ النبيِّ سواء كانَ منْ قرابتهِ أو منْ غيرِ قرابتهِ فهؤلاء لهم حُكْمٌ . يقولُ القاضي عياض : نقطعُ بتكفيرِ كلِّ قائلٍ قولاً يتوصَّل به إلى تضليلِ الأُمَّةِ وتكفيرِ جميعِ الصَّحابةِ . وذُكِرَ عند مالك رجلٌ يتنقَّصُ الصَّحابةَ رضيَ الله عنهم .. فقرأ الإمامُ مالك قولَ الله تباركَ وتعالى : " مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ.....(29)" سورة الفتح . " بِهِمُ ".." مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ " فقالَ الإمامُ مالك : فمَنْ أبغضَهم فقد كفرَ لأنَّ الله قالَ " لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ " فلا يغتاظُ منْ أصحابِ نبيِّنا إلا الكفَّار . وسُئِلَ الإمام أحمد عن رَجُلٍ يشتمُ أبا بكر وعمر وعائشة فقالَ : ما أراه على الإسلام .. ما أراه على الإسلام . طيب .. فما حُكْمُ سَبَّهم إذًا ؟ يقولُ أهلُ العِلْمِ : *- إذا قالَ بكفرِهم ، أطلقَ القولَ بِكُفْرٍ أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم جملةً فهذا كافرٌ قولاً واحداً . *- وإذا قالَ بِكُفْرِ أغلبِهم فهذا كافرٌ . *- وإذا قالَ بِكُفْرِ أبي بكرٍ وعمرَ وعليّ وعائشةَ كافرٌ بلا كلامٍ . *- أو طعنَ في عرضِ أمَّهاتِ المؤمنين فهذا كافرٌ بلا كلامٍ . لكنْ مَنْ سبَّهم بغيرِ هذا ..كانَ سَبَّ أبا بكر كان اتهمه بالزِّنا أو عمر بالسَّرقةِ أو بالجبنِ ، اتَّهمَ عليّاً بالخوفِ أو البُخْلِ أو غير ذلك ، اتَّهمَ غيرَهم منَ الصَّحابةِ .. المهم اتَّهمَ الصَّحابةَ بأشياءَ دون الكُفْرِ فما حُكْمُ هذا ؟ اختلفَ أهلُ العِلْمِ هنا فبعضُهم قالَ :كافر كسابقهِ . وبعضُهم قالَ : فاسق وليس بكافرٍ ، وهذا هو الصَّحيحُ ، لأنَّ الله فرَّق قالَّ الله تباركَ وتعالى عن الذين يُؤذون الرَّسولَ ، فقالَ :" إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (57) " سورة الأحزاب . ولا يُذْكَرُ العذابُ المهينُ إلا للكفَّار ، فدلَّ على أنَّ مَنْ آذى الله ورسولَه فإنه كافرٌ . لكنْ لما ذكرَ أذيَّةَ المؤمنين - والصَّحابةُ على رأسِ هؤلاء المؤمنين - قالَ : " وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (58) " سورة الاحزاب . لم يذكرِ اللَّعنَ ولم يذكرِ العذابَ المهينَ . ففرَّق .. فدلَّ على أنَّ سَبَّ أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ليس بِكُفْرٍ إلا إذا سَبَّ أمَّهاتِ المؤمنين بالزِّنا لأنَّ هذا سَبٌّ للنبيِّ ، لأنهنَّ عِرْضُ النبيِّ صلَّى الله عليه و آلهِ وسلَّم . فالقصدُ إذاً أنَّ بُغْضَ أصحابِ النبيِّ وبُغْضَ آلِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لا شكَّ أنه نفاقٌ . ولذلك قالَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن الأنصارِ : " الأنصار حبُّهم إيمانٌ وبُغضُهم نفاقٌ " وقالَ عن عليّ : " لا يحبُّك إلا مؤمنٌ ولا يُبغضُك إلا منافقٌ " . إذاً ما هو الواجبُ علينا ؟؟ الواجبُ علينا أنْ نُحِبَّهم ، وأنْ نُكْرِمَ ذِكرَهم ، وأنْ نذكرَهم بكلِّ خيرٍ ومَنْ عاشَ منهم اليوم منْ أقاربِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فنعرفُ لهم قَدْرَهم الذي ذكرناه لهم . وأمَّا البُغْضُ والسَّبُّ فهذا ليس منْ دينِنا وللهِ الحمدُ والمِنَّةُ . والله أعلى وأعلمُ ، وصلَّى الله وسلَّم وباركَ على نبيِّنا محمَّد . |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
آل البيت, الصحابة, خقوق, سلسلة, عثمان الخميس |
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
تفريغ الحلقة التاسعة: سلسلة آل البيت والصحابة: عائشة رضي الله عنها | مصطفى طالب مصطفى | قصص هادفة | 0 | 05-29-2015 04:03 PM |
تفريغ الحلقة السادسة: سلسلة آل البيت والصحابة: أبو بكر الجزء 2 | مصطفى طالب مصطفى | قصص هادفة | 0 | 05-29-2015 03:51 PM |
تفريغ الحلقة الخامسة: سلسلة آل البيت والصحابة: أبو بكر الجزء 1 | مصطفى طالب مصطفى | قصص هادفة | 0 | 05-29-2015 03:45 PM |
تفريغ الحلقة الثالثة من سلسلة آل البيت والصحابة :العلاقة بين آل بيت النبي والصحابة | مصطفى طالب مصطفى | قصص هادفة | 0 | 05-29-2015 12:18 AM |
تفريغ الحلقة الأولى من سلسلة آل البيت والصحابة للشيخ عثمان الخميس | مصطفى طالب مصطفى | قصص هادفة | 0 | 05-29-2015 12:01 AM |
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
دليل السياح |
تقنية تك |
بروفيشنال برامج |
موقع . كوم |
شو ون شو |
أفضل كورس سيو أونلاين بالعربي |
المشرق كلين |
الضمان |
Technology News |
خدمات منزلية بالسعودية |
فور رياض |
الحياة لك |
كوبون ملكي |
اعرف دوت كوم |
طبيبك |
شركة المدينة الذهبية للخدمات المنزلية
|