خطأ المأموم المسبوق في ترتيب ركعات صلاة المغرب

[مصطفى طالب مصطفى]

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:

أهلا بكم مجدداً في شبكة ومنتديات شباب الأمة, اليوم سأتكلم عن موضوع مهم جداً, كيف لا وهو يتعلق بالصلاة ؟!

موضوعنا اليوم عن خطأ يقع فيه كثيرٌ من المسلمين, فقد رأيت الكثير من الصغار يُخطؤون به, بل وللأسف الكثير من الكبار أيضاً, نسأل الله أن يفقهنا في ديننا.

كما تعلمون جميعاً أن صلاة الفجر ركعتين وصلاة الظهر والعصر والعشاء أربع ركعات وصلاة المغرب ثلاث ركعات, فهذا مما يعلمه الكثير من الناس.

وكما تعلمون أيضاً أن صفة صلاة الفجر هكذا:

الركعة الأولى: تكبيرة الإحرام, ثم قراءة الفاتحة, ثم الركوع, ثم الرفع من الركوع, ثم الإعتدال قائماً, ثم السجود, ثم الرفع من السجود, ثم الجلوس بين السجدتين.

والركعة الثانية: مثلها ثم تجلس للتشهد الأخير وتقرأ التحيات والإبراهيمية وتسلم.

وطبعاً مع الإطمئنان في الصلاة وكذلك الترتيب وهما ركن.

بينما صلاة الظهر والعصر والعشاء, فإنك تصلي ركعتين ثم تجلس للتشهد الأول وهو واجب وليس بركن, ثم تقوم فتصلي ركعتين ثم تجلس للتشهد الأخير وتسلم.

بينما صلاة المغرب فتصلي ركعتين ثم تجلس للتشهد الأول ثم تقوم فتصلي ركعة ثم تجلس للتشهد الأخير وتسلم.

وكما قلنا أن الترتيب ركن من أركان الصلاة, فلا يصح مثلا أن يسجد أحدنا قبل أن يركع, وكذلك لا يصح أن يصلي الظهر ثلاث ركعات ثم يجلس للتشهد الأول ثم يصلي ركعة ويجلس للتشهد الأخير ويسلم.

صحيح أنه صلى أربع ركعات, لكنه أخل بركن الترتيب فلم يصلي كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم[1]

فمن الأخطاء التي تحصل مع المسبوق - أي المأموم - في صلاة المغرب, أنه قد يأت أحدهم ليصلي المغرب والإمام في الركعة الأخيرة يقرأ الفاتحة, فماذا يفعل؟

يصلي معه ثم يسلم الإمام وطبعاً هو يقوم ليدرك ما فاته من الصلاة, وطبعاً الذي فاته هو ركعتان.

نجد الكثير يقوم فيصلي ركعتين ثم يجلس للتشهد الأخير ويسلم, وهذا خطأ.

لأنه فعلياً قلب صلاة المغرب, فصلى ركعة ثم ركعتين, وهذا خطأ.

ماذا عليه أن يفعل؟

يصلي مع الإمام ركعة ثم يقوم فيصلي ركعة ثم يجلس للتشهد ثم يقوم فيصلي ركعة ثم يجلس للتشهد الأخير ويسلم

والآن: هل الركعة الأخيرة التي أدركها مع الإمام تُحسَب ركعة أخيره له أم أولى؟

الصواب تُحسَب الأولى وبقية الصلاة تكون تكملة لها, ستقول لي ما الثمرة من ذلك؟

قلت: فلو صلى مع الإمام ركعتين من صلاة الظهر مثلا فإنهما يُعتبران بالنسبة للمأموم الأوليين, فإن سلم الإمام وقام المأموم ليدرك ما فاتحه فإنه يقرأ الفاتحة فقط لأن هاتين الركعتين تعتبران الأخيرتين بالنسبة له.

ومن النُكَـت الفقهية أو الألغاز الفقهية أن الشيخ يقول لك: فلان صلى المغرب بأربع تشهدات, هل تصح صلاته؟

الجواب: نعم تصح, وذلك بصفة معينة كأن أدرك مع الإمام جزء من الركعة الثانية من بعد الرفع من الركوع[2], ثم أكمل معه فجلس للتشهد الأول ثم أكمل معه فجلس للتشهد الأخير ثم قام يدرك ما فاته من الصلاة, وطبعاً هو قد صلى مع الإمام ركعة, فيقوم فيصلي ركعة ثم يجلس للتشهد كما قلنا ثم يصلي ركعة ويجلس للتشهد الأخير, وهكذا يكون قد صلى المغرب بأربع تشهدات, تشهدين مع الإمام وإثنين لوحده.

وأخيراً أقول: من رحمه الله أن جعل من أدرك ركعة من الصلاة كمن أدرك الصلاة كاملة[3] في الأجر, بينما يفضل عنه من أدرك الصلاة كاملة بما يزيد عن أجر الصلاة الخام, كالتدبر لآيات القرآن والتفكر في التسبيح والخشوع في الصلاة, وغيرها.

---------
1 مالك بن الحويرث رضي الله عنه: صحيح البخاري (631) (6008) (7246): وصلوا كما رأيتموني أصلي.
2 نفيع بن الحارث الثقفي أبو بكرة رضي الله عنه: صحيح البخاري (783): أنه انتهى إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو راكعٌ، فركَع قبلَ أن يصِل إلى الصفِّ، فذكَر ذلك للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال : زادَك اللهُ حِرصًا ولا تَعُدْ. ووجه الدلالة أنه أدرك الركوع مع النبي صلى الله عليه وسلم وأكمل الصلاة معه وسلم معه ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بإعادة الركعة.
3 أبو هريرة رضي الله عنه: صحيح أبي داود (893), قال الإمام الألباني: حسن: إذا جئتُمْ إلى الصَّلاةِ ونحنُ سجودٌ فاسجُدوا ولا تعدُّوها شيئًا ومَن أدرَكَ الرَّكعةَ فقد أدرَكَ الصَّلاةَ.