للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
الجمع بين تفضيل الله عز وجل بعض الأنبياء على بعض و عدم اتفريق بين أحد منهم
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله, وبعد: خلاصة المسألة يجب على المسلم أن يؤمن بجميع الأنبياء والمرسلين ويحبهم ويجلهم , ومن ضمن الإيمان بهم : الإيمان بأن الله خَصَّ كُل منهم بكرامة ورفع بعضهم فوق بعض درجات . قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً [النساء : 136] وقال عز وجل: آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ [البقرة:285] الحمد لله الذي مَنَّ علينا بهذا الدين القَويم , الذي لا لِبس فيه , واضح وضوح الشمس في وَضَحِ النهار , فيؤمن المسلم بأنَّ الله أرسل رُسُلاً منذ آدم عليه الصلاة والسلام أول الأنبياء إلى نوح عليه الصلاة والسلام أَوَّل الرُّسل إلى محمد صلى الله عليه وسلم خَاتَمهم , بِدِينٍ واحد وهو الإسلام ودعوة الرُّسُل إليه واحدة وهي الدعوة للا إله إلا الله, قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء:25] فدين الإسلام هو دين الله عز وجل منذ خلق آدم عليه الصلاة والسلام ولبيان ذلك راجع هذا الموضوع وقد جعل الله أُمَّة الإسلام الأمة الوسط من بين الأُمَم , فمن اليهود من غلا بحق العُزَير فقالوا إنَّه إبن الله وشابهتهم النصارى بدعوى بنوَّة المسيح عيسى ابن مريم لله عز وجل زوراً وبُهتاناً , قال تعالى: وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ [التوبة:30] كما أنَّ اليهود جفوا حَقَّ عيسى عليه الصلاة والسلام وحَقَّ أخيه محمد عليه الصلاة والسلام - فكفروا بهما - , وشابهتهم النصارى في كفرهم بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم . وخالفهم المسلمون بالإيمان بجميع الأنبياء والمُرسَلين إستشكال ومع هذا الإعتقاد فقد يقع بعض الإخوة في لَبس في فهم بعض الآيات , لذلك قمت بكتابة هذا الموضوع لأوضِّح مسألة تُشكِل على الكثير , وأسأله تعالى أن يوفقني لإزالة ذلك الإشكال بمنِّ وكرمه . فبعد أن قرَرنا قاعدة الإيمان بالرُّسل - أننا نؤمن بهم جميعاً ولا نُفَرِّق بين أحد منهم - , ولكن هناك آيات أخرى تقول أن الله فاضَل بين الأنبياء والرُّسُل وأحاديث تنهى عن التفاضل بينهم ! قال تعالى في كتابه الكريم: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ [البقرة:253] وقال النبي صلى الله عليه وسلم[1]:لاَ تُخَيِّرُوني عَلَى مُوسَى . وقال أيضا[2]: بعدم تفضيله على يونس بن متى . وقال صلى الله عليه وسلم[3]: لا تُخَيِّرُوا بَيْنَ الأَنْبِيَاءِ . فكيف السبيل إلى الجمع بين هذه الأخبار؟ الأولى تذكر التفضيل بين الأنبياء والرسل والثانية تقول لا نفرق بين احد منهم . مناقشة أولاً: لقد وضَّحنا معتقد المسلمين في الإيمان بِرُسُل الله جميعاً والحمد لله . ثانياً: يجب علينا أن نعلم بأن البشر على وجه الأرض ليسوا على مرتبة واحدة , وهذا ثابت عقلاً ونقلاً . مراتب البشر: أ- الكفار وهم على مراتب ايضا: فمنهم الملحد , ومنهم الوثنيين, وأهل الكتاب من اليهود, والنصارى, ومن كان منهم محارباً للإسلام كان أقل منزلة من العامي ب- عباد الله الصالحين: منهم العابد الزاهد ومنهم الداعية المُصلِح ت- الشهداء ث- الصدِّيقين فأعظم مرتبة قد ينالها البشر بعد مرتبة النبوَّة , هي مرتبة الصدِّيقيَّة . قال ابن القيم رحمه الله[4]: فالصِدِّيق هو الذي صدَق في قوله وفعله، وصدَّق الحق بقوله وعمله، فقد انجذبت قواه كلها للانقياد لله ولرسوله. منهم أبي بكر الصديق رضي الله عنه ومريم أم المسيح عليها السلام قال تعالى: مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآَيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ [المائدة: 75] ج- الأنبياء والأنبياء قِسمَين: الاول: النبي وهو المُرسَل بتَصدِيق الرَّسول ألذي سبقه وهو على شَرعِه ويعمل بكتابه . الثاني: الرَّسول أي المُرسَل بكتاب جديد إلى قوم لم يأتهم رسول أو مضى زمن بعيد . وهم قسمان ايضا: الاول: الرسل بشكل عام . الثاني: أولو العزم من الرسل . وهم خمسة على الأرجح: نوح عليه الصلاة والسلام وإبراهيم عليه الصلاة والسلام وموسى عليه الصلاة والسلام وعيسى عليه الصلاة والسلام ومحمد عليه الصلاة والسلام قال تعالى: وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا [الأحزاب:7] وقال جلَّ مِن قائِل: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ [الشورى:13] ومن ذلك نعلم أن كل رسول نبي وليس كل نبي رسول , لأن الأنبياء والرسل مشتركون في أصل النبوة ومتفاضلون بالرسالة , لذلك نقول أن محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين , لأننا لو قلنا أنه خاتم المرسلين فقط فإن ذلك لا يمنع ظهور نبي من بعده صلى الله عليه وسلم , ولا شك أن كُل الأنبياء أُلي عزم يتفاضلون فيه وهؤلاء أعظمهم وأعظمهم محمد صلى الله عليه وسلم . وأما قول البعض ممن ينتسبون إلى حركة التنوير الوهمية والذين يلقبون أنفسهم بالمفكرين أن الفرق بين النبي والرسول هو أن النبي هو شخص بشر وأما الرسول فالرسالة ويريدون بذلك اثبات أن القرآن فقد هو وحي الله دون السنة , بزعمهم أن الله عندما يتكلم عن وحية للبشر يخاطبهم بالرسالة , وهذا الكلام ليس له أساس من الصحَّة. قال تعالى: إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً [النساء : 163] نرجع لموضوعنا , ومع ذكر دليل تفاضل البشر الذي ذكرناه , قوله تعالى: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا [النساء:69] قال ابن الجوزي في زاد المسير[5]: الجمهور على أن النبيين والصديقين والشهداء والصالحين عام في جميع من هذه صفته ، وقال عكرمة: المراد بالنبيين هاهنا محمد، والصديقين أبو بكر، وبالشهداء عمر وعثمان وعلي ، وبالصالحين سائر الصحابة . وقال السعدي[6]: كل مَنْ أطاع الله ورسوله على حسب حاله وقدر الواجب عليه من ذكر وأنثى وصغير وكبير، "فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ"أي: النعمة العظيمة التي تقتضي الكمال والفلاح والسعادة "مِنَ النَّبِيِّينَ" الذين فضلهم الله بوحيه، واختصهم بتفضيلهم بإرسالهم إلى الخلق، ودعوتهم إلى الله تعالى "وَالصِّدِّيقِينَ" وهم: الذين كمل تصديقهم بما جاءت به الرسل، فعلموا الحق وصدقوه بيقينهم، وبالقيام به قولا وعملا وحالا ودعوة إلى الله، "وَالشُّهَدَاءِ" الذين قاتلوا في سبيل الله لإعلاء كلمة الله فقتلوا، "وَالصَّالِحِينَ" الذين صلح ظاهرهم وباطنهم فصلحت أعمالهم، فكل من أطاع الله تعالى كان مع هؤلاء في صحبتهم "وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا" بالاجتماع بهم في جنات النعيم والأنْس بقربهم في جوار رب العالمين . ومعلوم أن المسلم أفضل من الكافر من حيث إيمانه بالله عز وجل قال تعالى: أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ [القلم : 35-36] وقال عز وجل: أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ [الزمر:9] لا يستوون ... كما يجب أن نعلم أن النبوة والرسالة منحة ربَّانية لا تُنال بالطاعة العبد وكَسبِه . قال عز وجل: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ [الأنعام:124] وقوله جلَّ مِن قائل: أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ [الزخرف:32] والرحمة بشكل خاص هي النبوَّة والله سبحانه وتعالى إختار أفضل البشر ليكونوا سفراءه الى خلقه ليدعوهم للا اله الا الله والله سبحانه وتعالى خص كل رسول منهم بمعجزة باهرة قهر بها قومه , فعندما اشتهر السِحر في عهد موسى عليه الصلاة والسلام , بَعَثَ الله إليهم موسى بشيئ لا يُطيقُه السَحَرَة , فلم يَكُن ساحِراً صلوات ربي وسلامه عليه . وعندما اشتهر بنو إسرائيل بالطب زمن عيسى عليه الصلاة والسلام , أرسل الله إلهم عيسى يُشفي الأكمه والأبرص ويُحيي الموتى بإذن الله عز وجل وعندما بلغ العرب مبلغهم من الفصاحة والبَلاغة , أرسل الله إليهم محمد صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه القُرآن يَتلوه عليهم ويتَحَدَّاهم أَن يَأتوا بمثله أو بمثل عشر سور منه أو بمثل سورة منه فعجزوا أمام هذه المعجزة الرَّبانية , وما زال التحدي قائماً حتى الآن , وكلما بَعُدَ الزَمان صار التحدي أصعب وأصعب , لبعد الناس عن العربية . كما أنه سبحانه وتعالى قد أكرم كل نبي بكرامة معينة: فكلم موسى عليه السلام تكليما قال تعالى: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ [البقرة:253] وقال سبحانه: وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا [النساء:164] وقال جل من قائل: وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ [الأعراف:143] وكلم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في المعراج ولَم يَره عليه الصلاة والسلام . وجعل سيدنا محمد صل الله عليه وسلم وسيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام خليلاه. قال تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا [النساء:125] وقال صلى الله عليه وسلم[7]: فإن الله تعالى قد اتخذني خليلاُ ، كما اتخذ إبراهيمَ خليلاً , ولو كنتُ متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذتُ أبا بكرٍ خليلاً ورفع النبي صل الله عليه وسلم درجات وجعله سيد ولد ادم يوم القيامة وأكرمه بالشفاعة العظمى[8]:قال: أنا سيد الناس , وساق حيث الشفاعة العظمى وهو أول من تُفتَح له الجنَّة وأوَّل الناس دخولاً لها[9]: قال: آتي بابَ الجنةِ يومَ القيامةِ. فأستفتِحُ . فيقولُ الخازِنُ: مَنْ أنت ؟ فأقولُ: محمدٌ. فيقولُ: بك أُمرتُ لا أفتحَ لأحدٍ قبلَك . وأُمته أوَّل الأُمَم دخولاً الجنَّة وأبو بكر أول البشر بعد النبي صلى الله عليه وسلم داخلاً للجنة[10]: نحن الآخِرون الأوَّلون يومَ القيامةِ . ونحن أوَّلُ من يدخلُ الجنَّة . وقال صلى الله عليه وسلم[11]: أتاني جبريلُ فأخذ بيدِي فأراني بابَ الجنةِ الذي تدخلُ منه أمتي فقال أبو بكرٍ رضي اللهُ عنه يا رسولَ اللهِ ودِدتُ أني كنتُ معك حتَّى أنظرَ إليه فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم أما إنكَ يا أبا بكرٍ أولُ من يدخلُ الجنةَ من أمتي فهذا هو تفضيل الله سبحانه وتعالى للأنبياء بعضهم على بعض ولكن ... هل يعني تفضيل الله بين أنبيائه ان ذلك ينقص من قدر الآخر ؟؟!! قلت: صحيح ان النبي صل الله عليه وسلم هو أفضل الأنبياء ولكن مع ذلك هم جميعاً أفضل البشر , وهم مشتركون بأصل نعمة النبوَّة التي امتَنَّ الله بها عليهم , ويتفاضلون بالقدر الزائد على النبوَّة من المَكرُومات . ومع ذلك فإننا لا نفاضل بينهم بآرائنا ولا نفاضل بينهم بالخصومات او المشاجرات أو بالتعالي والتنقص من قدر الأنبياء الأخرين . قال الإمام القرطبي رحمه الله[12]: وهذا قولٌ حَسَنٌ ، فإنَّه جمع بين الآي والأحاديث من غير نسخ ، والقول بتفضيل بعضهم على بعض إنما هو بما منح من الفضائل وأعطي من الوسائل . وهذا معنى قوله: "لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ" وقد أمرنا الله بهذا فقال: قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [البقرة:136] أي: نحبهم جميعا ونؤمن بهم جميعا ومن كفر بنبي منهم فكأنما كفر بهم جميعا بل كأنما كفر بالله عز وجل . ودليل ذلك قوله تعالى في قوم شعيب: كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ [الشعراء:176] ومعلوم أنهم كذبوا شعيباً عليه الصلاة والسلام فقط . وقال في قوم صالح عليه الصلاة والسلام: كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ [الشعراء:141] وقال عنهم: وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ [الحجر:80] وقال جل جلاله في قبيلة عاد قوم هود عليه الصلاة والسلام: كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ [الشعراء:123] وقال أيضاً عن قوم نوح عليه الصلاة والسلام: كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ [الشعراء:105] بل قال سبحانه: مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ [البقرة:98] فجعل العداوة لله او لرسول من رسله او لجبريل او لميكال عداوة لجميع الُرُسل بل عداوة لله عز وجل . من هنا نفهم أنه يجب أن نؤمن بهم جميعا ولا نفاضل بينهم بأرائنا ولا على وجه الاحتقار او التنقص من قدر الأنبياء بل نفاضل بينهم بما ورد في الوحي المُطَهَّر من القرآن الكريم وصحيح السُنَّة . مثلا كأن يقول قائل: هناك نبي لم يتبعه احد ونبينا اكثر الانبياء تبعاً , فذاك النبي ليس قوي الحجة كنبينا محمد صل الله عليه وسلم , هذا لا يجوز . قال الخطابي في معالم السنن [13]: معنى هذا ترك التخيير بينهم على وجه الإزراء ببعضهم ، فإنه ربما أدى ذلك إلى فساد الاعتقاد فيهم والإخلال بالواجب من حقوقهم , ويفرض الإيمان بهم ، وليس معناه أن يعتقد التسوية بينهم في درجاتهم فإن الله سبحانه قد أخبر أنه قد فاضل بينهم . بل نحن نؤمن ان كل الأنبياء والرسل فعلوا طاقتهم وأدوا الامانة وبلغوا الرسالة على أكمل وجه يستطيعونه , وقالت عائشة: من زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم كتم شيئاً من الوحي فقد أعظم على الله فرية, وهو القائل: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ [المائدة:57] ونؤمن بهم كلهم ونحترمهم ونوقّرهم وإن ذكرنا تفضيل الله بعضهم على بعض فإنه يكون على وجه تعظيمهم مع حبنا واحترامنا لهم جميعاً . إذا لا تعارض بين الآيات والأحاديث والحمد لله رب العالمين . ويبقى شيء أخير قاله شيخنا ابن العثيمين رحمه الله في مجموع الفتاوى[14]: لكن في الإيمان المتضمن للاتباع هذا يكون لمن بعد الرسول صلى الله عليه وسلم خاص بالرسول عليه الصلاة والسلام ، لأنه صلى الله عليه وسلم هو المتبع ، لأن شريعته نسخت ما سواها من الشرائع وبهذا نعلم أن الإيمان يكون للجميع كلهم نؤمن بهم وأنهم رسل الله حقا وأن شريعته التي جاء بها حق ، وأما بعد أن بعث الرسول صى الله عليه وسلم فإن جميع الأديان السابقة نسخت بشريعته صلى الله عليه وسلم وصار الواجب على جميع الناس أن ينصروا محمدا صلى الله عليه وسلم وحده. ولقد نسخ الله تعالى بحكمته جميع الأديان * سوى دين الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولهذا قال الله تعالى: قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون [الأعراف 158] ، فكانت الأديان سوى دين الرسول عليه الصلاة والسلام كلها منسوخة لكن الإيمان بالرسل وأنهم حق هذا أمر لابد منه . وأخيراً هل تريد أن تكون من أهل هذه الآية؟ قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً [النساء : 150] أم من أهل هذه الآية؟ قال تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُوْلَـئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رَّحِيماً [النساء : 152] والله ولي التوفيق. -------- 1 أبو هريرة رضي الله عنه: صحيح البخاري (5617) (2411) (3408) (7472), صحيح مسلم (2373) 2 أبو هريرة رضي الله عنه: صحيح البخاري (4604) (4805) 3 أبو سعيد الخدري: صحيح البخاري (2412) (6916) صحيح مسلم (2374) 4 فتاوى الشبكة الإسلامية جـ 9 صـ 5823 5 جمال الدين عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى : 597هـ): زاد المسير في علم التفسير 6 عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي (ت 1376هـ): تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان, المحقق: عبد الرحمن بن معلا اللويحق, مؤسسة الرسالة, الطبعة الأولى 1420هـ -2000 م, ضـ 185 7 جُنْدُبِ بن عبد الله: صحيح مسلم(532) 8 أبي هريرة رضي الله عنه: صحيح مسلم(194) 9 أنس بن مالك رضي الله عنه: صحيح مسلم(197) 10 أبو هريرة عبر الرحمن بن صخر رضي الله عنه: صحيح مسلم(855) 11 أبو هريرة رضي الله عنه: تخريج مشكاة المصابيح(5/396), قال الإمام ابن حجر العسقلاني حسن كما أشار إلى ذلك في المقدمة 12 أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي (ت 671هـ): الجامع لأحكام القرآن, المحقق : هشام سمير البخاري, دار عالم الكتب، الرياض، المملكة العربية السعودية, الطبعة : 1423هـ/ 2003م, جـ 3 صـ 263 13 أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب البستي المعروف بالخطابي (ت 388هـ): معالم السنن(وهو شرح سنن أبي داود), المطبعة العلمية - حلب, الطبعة الأولى 1351 هـ - 1932 م, جـ 4 صـ 309 14 محمد بن صالح العثيمين: مجموع فتاوى العثيمين, باب الرسل * المقصود بالأديان: أي الشرائع , إذ أن الدين عند الله هو الإسلام من لدن آدم حتى قيام الساعة , أما الشرائع فتختلف وتُنسخ , ولبيان ذلك راجع هذا الموضوع |
#2
|
|||
|
|||
جمييييييييييييييييييل جدا والله روعة تسلم ايدك
|
#3
|
|||
|
|||
اخى العزيز من فضلك احذف كلمه لا جائت بالخطأ
أوضحنا قاعدة الإيمان بالرُّسل وهي أننا لا نؤمن بهم جميعاً |
#4
|
|||
|
|||
وقال جدل مِن قائِل: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ
تصحيح وقال جل من قائل |
#5
|
||||
|
||||
الله يكرم أصلك
|
#6
|
|||
|
|||
امنت بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقضاء والقدر خيره وشره
صلوات ربى وسلامه عليهم اجمعين لا نفرق بين احدا منهم بارك الله فيكم ونفع بكم |
#7
|
||||
|
||||
بارك الله فيك حاضر
|
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
آيتين, الجمع, الرسل, احد, بين, بعض, رسله, فضلنا, نفرق |
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
ما معنى مقارنة الأديان ؟ مع ذكر بعض الأمثلة | مصطفى طالب مصطفى | حوارات الشباب | 1 | 12-05-2019 01:00 AM |
تفريغ مناظرات فيينا-المناظرة الأولى: حتمية الفداء بين المسيحية والإسلام, بين الدكتور منقذ والقس رأفت | مصطفى طالب مصطفى | الميديا الإسلامي | 0 | 05-23-2017 07:50 PM |
إنتبه بعض الكلمات على ملابسنا معناها لا يتوافق مع اعتقادنا الإسلامي الحَنيف !!! | مصطفى طالب مصطفى | حوارات الشباب | 2 | 05-16-2016 04:39 PM |
مسألة مهمة: الخلط بين الجمع والقصر في السفر لشيخي الإسلام بن تيمية وابن القيم | مصطفى طالب مصطفى | الفقه وأصوله | 0 | 06-21-2015 02:23 AM |
لا يجوز قراءة بعض السور في الصلاة !!!!!!!!!!!!!! | مصطفى طالب مصطفى | الحوار مع الشيعة | 0 | 05-03-2015 02:50 PM |
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
دليل السياح |
تقنية تك |
بروفيشنال برامج |
موقع . كوم |
شو ون شو |
أفضل كورس سيو أونلاين بالعربي |
المشرق كلين |
الضمان |
Technology News |
خدمات منزلية بالسعودية |
فور رياض |
الحياة لك |
كوبون ملكي |
اعرف دوت كوم |
طبيبك |
شركة المدينة الذهبية للخدمات المنزلية
|