03-07-2016, 06:44 AM
|
|
الإدارة
|
|
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 1,072
|
|
يا غلام إني أعلمك كلمات ...
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما[1]: يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، وأعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف.
قال ابن رجب: وَاعْلَمْ أَنَّ مَدَارَ جَمِيعِ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ، وَمَا ذُكِرَ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ، فَهُوَ مُتَفَرِّعٌ عَلَيْهِ، وَرَاجِعٌ إِلَيْهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا عَلِمَ أَنْ لَنْ يُصِيبَهُ إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ، وَنَفْعٍ وَضُرٍّ، وَأَنَّ اجْتِهَادَ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ عَلَى خِلَافِ الْمَقْدُورِ غَيْرُ مُفِيدٍ الْبَتَّةَ، عَلِمَ حِينَئِذٍ أَنَّ اللَّهَ وَحْدَهُ هُوَ الضَّارُّ النَّافِعُ، الْمُعْطِي الْمَانِعُ، فَأَوْجَبَ ذَلِكَ لِلْعَبْدِ تَوْحِيدَ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِفْرَادَهُ بِالطَّاعَةِ، وَحِفْظَ حُدُودِهِ، فَإِنَّ الْمَعْبُودَ إِنَّمَا يَقْصِدُ بِعِبَادَتِهِ جَلْبَ الْمَنَافِعِ وَدَفْعَ الْمَضَارِّ، وَلِهَذَا ذَمَّ اللَّهُ مَنْ يَعْبُدُ مَنْ لَا يَنْفَعُ وَلَا يَضُرُّ، وَلَا يُغْنِي عَنْ عَابِدِهِ شَيْئًا، فَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ وَلَا يَضُرُّ، وَلَا يُعْطِي وَلَا يَمْنَعُ غَيْرُ اللَّهِ، أَوْجَبَ لَهُ ذَلِكَ إِفْرَادَهُ بِالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ وَالْمَحَبَّةِ وَالسُّؤَالِ وَالتَّضَرُّعِ وَالدُّعَاءِ، وَتَقْدِيمِ طَاعَتِهِ عَلَى طَاعَةِ الْخَلْقِ جَمِيعًا، وَأَنْ يَتَّقِيَ سُخْطَهُ، وَلَوْ كَانَ فِيهِ سُخْطُ الْخَلْقِ جَمِيعًا، وَإِفْرَادُهُ بِالِاسْتِعَانَةِ بِهِ، وَالسُّؤَالِ لَهُ، وَإِخْلَاصِ الدُّعَاءِ لَهُ فِي حَالِ الشِّدَّةِ وَحَالِ الرَّخَاءِ، بِخِلَافِ مَا كَانَ الْمُشْرِكُونَ عَلَيْهِ مِنْ إِخْلَاصِ الدُّعَاءِ لَهُ عِنْدَ الشَّدَائِدِ، وَنِسْيَانِهِ فِي الرَّخَاءِ، وَدُعَاءِ مَنْ يَرْجُونَ نَفْعَهُ مِنْ دُونِهِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ [الزمر: 38]
----------
1 رواه الترمذي (٢٥١٦)، وأحمد (١/ ٢٩٣) (٢٦٦٩)، والحاكم (٣/ ٦٢٣). قال الترمذي: حسن صحيح، وقال الحاكم: هذا حديث كبير عال من حديث عبد الملك بن عمير عن ابن عباس رضي الله عنهما إلا أن الشيخين رضي الله عنهما لم يخرجا شهاب بن خراش ولا القداح في الصحيحين وقد روي الحديث بأسانيد عن ابن عباس غير هذا، وصححه عبدالحق الإشبيلي في ((الأحكام الصغرى)) (٣/ ٣٣٣).
2 جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم: زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب بن الحسن، السَلامي، البغدادي، ثم الدمشقي، الحنبلي (المتوفى: 795هـ) المحقق: شعيب الأرناؤوط - إبراهيم باجس , مؤسسة الرسالة - بيروت
الطبعة: السابعة، 1422هـ - 2001م , عدد الأجزاء: 2 (في مجلد واحد) جـ 1 صـ 484 - 485
__________________
[align=center] [/align]
|