الخطأ المنهجي في سؤال, من خلق الله

[مصطفى طالب مصطفى]

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعي, أما بعد:

فإن المؤمنون بالله تعالى انطلقوا في إيمانهم من دلائل يقينية صادقة ومبادئ فطرية غائرة في النفس البشرية ومتأصلة من الناحية المعرفية.

وأما الكافرون بالله تعالى ووجوده فإنهم ينطلقون من منطلقات ضعيفة هزيلة, وغاية ما يصلون إلى تحقيقه هو أنهم لا يرون الله إذا الله غير موجود !

وعندما استقر عند العلماء التجيريبيين من الملاحدة والمؤمنين ومن قبلهم من عباد الله المتقين من علماءنا المحققين, أن الكون حادِث بعد أن لم يَكُن, وأن هذا يعني بالضرورة أنَّ الكون ليس قديماً وبما أنه ليس كذلك فإنه بحاجة إلى من يوجده من العدم إلى الوجود, عبر مبدأ عقلي فطري ضروري وهو مبدأ السببية.

ولذلك يقول المؤمنين أن الأدلة العقلية اليقينية الفطرية الضرورية تدل صراحة على وجود الله سبحانه وتعالى ووجوه كماله للأدلة الكلية والتفصيلية المشاهدة والضرورية.

وعند ذلك يقول الملاحدة محاولة للرد على المؤمنين بقولهم: إذا كان الله هو الخالق فمن خلق الله؟

وهذا السؤال مبني على مغالطة معرفية ومقدمة باطلة مفادها أن كل موجود يحتاج إلى موجد, ولكن هذا غير صحيح فليس كل موجود يحتاج إلى موجد بل إن كل مُحدَث يحتاج إلى مُحدَث.

والفرق كما أسلفنا أنَّ المحدَث كان عدما وبالتالي أُحتِيج لمن ينقله من العدم إلى الوجود.

ومن هنا نسأل الملاحدة سؤالاً: قبل التسليم بصحة سؤالكم ... هل لديكم أي دليل على أن الله الخالق مُحدَث بعد أن لم يكن ؟ فإن كان كذلك فعندما يُشرع سؤالكم: من خلق الله !

والملاحدة لن يستطيعوا التوصل إلى هذا الأمر بغض النظر عن فساده بداهة !

وذلك أن الملاحدة يعتمدون في منهجهم المعرفي على العلم فقط لكونه خاضع للتجربة دون ما سواه, ويقولون أن العلم لا يمكنه التدليل على وجود الله لأن الله من الغيب ولا يمكن مشاهدته واختباره كما يقولون.

وبالتالي فإنهم حكموا على أنفسهم بالفشل الذريع قبل أن يلجوا في هذه السفسطة, إذ أن الحل الوحيد أمامهم يعجز عن إثبات أو نفي وجود الله كون الغيبيات من القضايا التي لا تخضع للتجربة وليست من مجال العلم !


وطالما لم تتوصلوا إلى هذا الكلام عن طريق صحيح ولن تتوصلوا له فسؤالكم هذا يُعَد مغالطة مبنية على مقدمة باطلة, وما بني على باطل فهو باطل !