عشرون سنة وفضيلة في اليوم والليلة في إجابة المؤذن فقط

[مصطفى طالب مصطفى]

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:

كنا قد تكلمنا في موضوع [أسلحة المسلم] عن أن السنن كالحاجز بيننا وبين الشيطان الرجيم, وأن السنن تُزكي النفس وتقربها من الله, ومعنا الآن أربع سنن في إجابة المؤذن, تخيل يعني تقوم بعشرين سنَّة كل يوم بدون ما تشعر, وهذه السنن عبارة عن أربعة أحاديث وهي كالآتي:

الحديث الأول

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم[1]: إذا قال المؤذن، الله أكبر الله أكبر، فقال أحدكم الله أكبر الله أكبر، ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله، قال أشهد أن لا إله إلا الله، ثم قال أشهد أن محمدا رسول الله، قال أشهد أن محمدا رسول الله، ثم قال حي على الصلاة، قال لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال حي على الفلاح، قال لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال الله أكبر الله أكبر، قال الله أكبر الله أكبر، ثم قال لا إله إلا الله، قال لا إله إلا الله من قلبه دخل الجنة.

شرح الحديث: النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث اختصر الأذان، تنبيهاً إلى باقيه، من أجل أن يدل على الفضيلة آخر الحديث، لهذا الترديد مع المؤذن، بإخلاص ويقين تام، من أسباب دخول الجنة.

قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ[2]: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ اللَّهُ أكبر الله أكبر فقال أحدكم الله أكبر اللَّهُ أَكْبَرُ إِلَى آخِرِهِ ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِهِ مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ إِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ تَوْحِيدٌ وَثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَانْقِيَادٌ لِطَاعَتِهِ وَتَفْوِيضٌ إِلَيْهِ لِقَوْلِهِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَمَنْ حَصَلَ هَذَا فَقَدْ حَازَ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ وَكَمَالَ الْإِسْلَامِ وَاسْتَحَقَّ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى.

ويشهد لهذا الحديث ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: كنَّا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، بتَلَعاتِ النَّخلِ، فقام بلالٌ يُنادي، فلمَّا سكَت، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم[3]: مَن قال مِثْلَ ما قال هذا يقينًا دخَل الجنَّةَ.

الحديث الثاني

عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم[4]: مَن قال حينَ يَسْمَعُ المؤذنَ: أشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ، وحدَه لاشريكَ له وأن محمدًا عبدُه ورسولُه، رَضِيتُ باللهِ ربًّا، وبمحمدٍ رسولًا، وبالإسلامِ دِينًا؛ غُفِرَ له ذنبُه.

شرح الحديث: اختلف في متى يُقال هذا الذكر: أشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ، وحدَه لاشريكَ له وأن محمدًا عبدُه ورسولُه، رَضِيتُ باللهِ ربًّا، وبمحمدٍ رسولًا، وبالإسلامِ دِينًا، وهذا الخلاف بسبب خلاف الرواه، قال ابن رمح في روايته من قال حين يسمع المؤذن وأنا أشهد، ولم يذكر قتيبة قوله وأنا، ولعل الأقرب أنه يُقال بعد الشهادتين [قبل حي على الصلاة الأولى، وبعد أشهد أن محمداً رسول الله الثانية، تٌقال بينهما] فقد اختارها غير واحد من الحفاظ، وفضلها كما سبق، مغفرة الذنوب.

ماذا يقول في الصلاة خير من النوم

قال الشيخ ابن العثيمين في شرح الممتع[5]: إذا قال المؤذِّن في صلاة الصُّبْح: «الصَّلاة خير من النوم»، فإن السَّامع يقول مثل ما يقول: «الصَّلاةُ خير من النوم» وهو الصَّحيح (...) والمذهب أنه يقول في المتابعة في «الصلاة خير من النوم»: «صدقت وبررت» (*) وهذا ضعيف، لا دليل له؛ ولا تعليل صحيح.

قال الإمام الصنعاني رحمه فييه في سبل السلام[6]: وَقِيلَ: يَقُولُ فِي جَوَابِ التَّثْوِيبِ صَدَقْت وَبَرَرْت، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ مِنْ قَائِلِهِ، وَإِلَّا فَلَيْسَ فِيهِ سُنَّةٌ تُعْتَمَدُ.

الحديث الثالث

عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه، قال[7]: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا سمعتُمُ المؤذِّنَ فقولوا مثلَ ما يقولُ، ثمَّ صلُّوا عليَّ، فإنَّهُ مَن صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى اللَّهُ عليه بِها عشْرًا، ثمَّ سلوا اللَّهَ ليَ الوسيلَةَ، فإنَّها منزِلةٌ في الجنَّةِ لا تنبغي إلَّا لعبدٍ من عبادِ اللَّهِ، وأرجو أن أكونَ أنا هو، فمن سأل ليَ الوسيلةَ حلَّتْ لهُ الشَّفَاعةُ.

شرح الحديث: فبعد الترديد مع المؤذن، يُصلي المٌردد على النبي صلى الله عليه وسلم، وأفضل صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، هي الصلاة الإبراهيمية، التي تُقال في التشهد الثاني في الصلاة[8]، ثم يسأل الله تعالى الوسيلة للنبي صلى الله عليه وسلم.

ومعنى الوسيلة: هي أعلى مكان في الجنة، وهي خاصة للنبي صلى الله عليه وسلم وحده، كما هو ظاهر الحديث، وجاء حديث آخر أدق في تفسيرها عند الترمذي، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً[9]: سلوا الله لي الوسيلة، قالوا: يا رسول الله وما الوسيلة قال أعلى درجة في الجنة لا ينالها إلا رجل واحد، أرجو أن أكون أنا هو، لكنه خبر معلول لا يثبت.

الحديث الرابع

عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم[10]: من قال حين يسمعُ النداءَ: اللهمَّ ربَّ هذه الدعوةِ التامةِ، والصلاةِ القائمةِ، آتِ محمدًا الوسيلةَ والفضيلةَ، وابعثْه مقامًا محمودًا الذي وعدته، حلَّت له شفاعتي يومَ القيامةِ.

شرح الحديث: بوّب الإمام البخاري لهذا الحديث بباب: [الدعاء عن النداء]، يقصد عند انتهاء الأذان، فهذا الدعاء يُقال عند الإنتهاء من الترديد مع المؤذن، وفضله الحصول على شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم.

جاءت زيادة عند البيهقي، وهي: إنك لا تخلف الميعاد, عند نهاية الدعاء، وهذه الزيادة شاذة لا تثبت[11].

والمقام المحمود: الإذن للنبي صلى الله عليه وسلم بالشفاعة للناس[12].

اختلف في حكم الأذان خلف المؤذن، والصّواب أنه مستحب، وهو قول جمهور العلماء .

ومن فاته شيء من الأذان، ثم استدرك بعد ذلك، قِيل يُعيد سريعاً ما فاته، ثم يُكمل مع المؤذن، وقِيل يُكمل بلا إعادة لما فاته، وكلاهما له وجه، والأول أصح، والله أعلم

إذا فرغ المؤذن من الآذان يقول الدعاء المأثور بعد الأذان[13]: من الصلاة على النبي وسؤال الله له الوسيلة

الصيغة كاملة


فإذا قال المؤذن: [الله أكبر، الله أكبر].

يقول المردد مثله: [الله أكبر, الله أكبر].

فإذا قال المؤذن: [الله أكبر ، الله أكبر].

يقول المردد مثله:[الله أكبر, الله أكبر].

فإذا قال المؤذن: [أشهد ألا إله إلا الله].

يقول المردد مثله: [أشهد ألا إله إلا الله].

فإذا قال المؤذن: [أشهد ألا إله إلا الله].

يقول المردد مثله: [أشهد ألا إله إلا الله].

فإذا قال المؤذن: [أشهد أن محمداً رسول الله].

يقول المردد مثله: [أشهد أن محمداً رسول الله].

فإذا قال المؤذن: [أشهد أن محمداً رسول الله].

يقول المردد مثله: [أشهد أن محمداً رسول الله].

ثم يقول المردد: [وأنا أشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ، وحدَه لاشريكَ له وأن محمدًا عبدُه ورسولُه، رَضِيتُ باللهِ ربًّا، وبمحمدٍ رسولًا، وبالإسلامِ دِينًا] .


فإذا قال المؤذن: [حي على الصلاة].

يقول المردد: [لا حول ولا قوة إلا بالله].

فإذا قال المؤذن: [حي على الصلاة].

يقول المردد: [لا حول ولا قوة إلا بالله].

فإذا قال المؤذن: [حي على الفلاح].

قول المردد: [لا حول ولا قوة إلا بالله].

فإذا قال المؤذن: [حي على الفلاح].

يقول المردد: [لا حول ولا قوة إلا بالله].


فإذا قال المؤذن: [الله أكبر ، الله أكبر] .

يقول المردد مثله: [الله أكبر, الله أكبر].

فإذا قال المؤذن: [لا إله إلا الله] .

يقول المردد مثله: [الله أكبر, الله أكبر].

ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم: اللهمَّ صلِّ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ، كما صلَّيتَ على إبراهيمَ، وعلى آلِ إبراهيمَ، إنكَ حميدٌ مجيدٌ، اللهمَّ بارِكْ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ، كما باركتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ، إنكَ حميدٌ مجيدٌ.

ثم يسأل الله تعالى الوسيلة للنبي صلى الله عليه وسلم: اللهمَّ ربَّ هذه الدعوةِ التامةِ، والصلاةِ القائمةِ، آتِ محمدًا الوسيلةَ والفضيلةَ، وابعثْه مقامًا محمودًا الذي وعدته، حلَّت له شفاعتي يومَ القيامةِ.

------------------

1 عمر بن الخطاب رضي الله عنه: صحيح مسلم (385)
2 أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ): المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج, دار إحياء التراث العربي - بيروت, الطبعة الثانية 1392, عدد الأجزاء: 18 (في 9 مجلدات) جـ 4 صـ 88
3 أبو هريرة رضي الله عنه: صحيح بن حبَّان (1667)
4 سعد بن أبي وقَّاص رضي الله عنه: صحيح مسلم (386)
5 محمد بن صالح بن محمد العثيمين (المتوفى: 1421هـ): الشرح الممتع على زاد المستقنع, دار ابن الجوزي, الطبعة الأولى، 1422 - 1428 هـ, عدد الأجزاء: 15, جـ 2 صـ 92
* انظر: «الإنصاف» (3/ 108)، «منتهى الإرادات» (1/ 55).
6 محمد بن إسماعيل بن صلاح بن محمد الحسني، الكحلاني ثم الصنعاني، أبو إبراهيم، عز الدين، المعروف كأسلافه بالأمير (المتوفى: 1182هـ): سبل السلام, دار الحديث, عدد الأجزاء: 2, جـ 1 صـ 190
7 عبد الله بن عمرو: صحيح مسلم (384)
8 كعب بن عجرة: صحيح البخاري (3370): اللهمَّ صلِّ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ، كما صلَّيتَ على إبراهيمَ، وعلى آلِ إبراهيمَ، إنكَ حميدٌ مجيدٌ، اللهمَّ بارِكْ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ، كما باركتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ، إنكَ حميدٌ مجيدٌ.
9 أبو هريرة رضي الله عنه: سنن الترمذي (3612): قال الإمام الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَإِسْنَادُهُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَكَعْبٌ لَيْسَ هُوَ بِمَعْرُوفٍ، وَلاَ نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَى عَنْهُ غَيْرَ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، والمعنى صحيح كما سبق، في الحديث الذي عند الإمام مسلم.
10 جابر بن عبد الله رضي الله عنه: صحيح البخاري (614) (4719)
11 تفرد بها محمد بن عوف الطائي، وهو وإن كان ثقة، إلا أنه خالف من هو أوثق منه، لهذا أشار إلا إعلّالها الإمام ابن المديني، والإمام البخاري وغيرهما.
12 جاء ذلك من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه ، عند الإمام أحمد في مسنده [25/60]، ومن حديث ابن عمر رضي الله عنه، عند الإمام البخاري في صحيحه [4718].
13 محمد مختار الشنقيطي: اكتب في البحث: هل يردد المؤذن ألفاظ آذانه ليدرك الفضل؟

# منقول بتصرف بسيط من خدمة [نحفظ السنن والآثار من الكذب والأهواء] على الوتساب أرسل كلمة " إشتراك " فقط إلى الرقم: (( 00966533774205 ))، وتأكد تماماً من حفظ هذا الرقم في جهازك، وسيتم إشعارك برسالة عند قبول الإشتراك، يأتيك الإشعار خلال 24 ساعة، نظراً إلى الضغط الشديد في طلبات الإشتراك، والله الموفق.