الدرس الثاني من دروس حصول المنَّة بشرح أصول السنَّة

[مصطفى طالب مصطفى]

بسم الله الرحمن الرحيم

الدرس الثاني من دروس حصول المنَّة بشرح أصول السنَّة

وفي هذا الدرس نتعرف سوياً على:

1- وجوب التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

2- والتحذير من البدع والخصومات ومخالطة أصحاب الأهواء .

3- ومنزلة السنة في الشريعة الإسلامية.

• تحميل: الملف الصوتي , فيديو .

• تحميل التفريغ: WORD , PDF .

المشاهدة على اليوتيوب

[مصطفى طالب مصطفى]

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم .

مرحبًا بكم أيها الإخوة الفضلاء وأيتها الأخوات الفُضليات مع هذه الدورة العلمية الثانية.

وهذا هو الدرس الثاني من دروس العقيدة من كتاب حصول المنة بشرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى .

في هذا الدرس نتعرف سويًا على :

- وجوب التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

- والتحذير من البدع والخصومات ومخالطة أصحاب الأهواء .

- ومنزلة السنة في الشريعة الإسلامية.

قال الإمام أحمد رحمه الله : أصول السنة عندنا [ أي عند السلف و أئمة السنة ]

والمراد بالسنة هنا "العقيدة" وسميت العقيدة بالسنة لأنها لا مجال للعقل فيها.

قال رحمه الله : أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهم [ أي من أصول العقيدة عند أهل السنة والجماعة أن يتمسك المسلمون بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهم ] .

وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين . عضوا عليها بالنواجذ . وإياكم والأمور المحدثات فإن كل بدعة ضلالة ) .

قال الإمام رحمه الله تعالى : وترك البدع ؛ وكل بدعة فهي ضلالة [ أي من أصول العقيدة عند أهل السنة والجماعة ترك البدع ، وكل بدعة فهي ضلالة ] .

وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( فإن كل بدعة ضلالة ) .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) . أي مردود عليه.

والبدعة هي طريقة في الدين مخترعة ، تشابه السنن الشرعية . يقصد بها المبالغة في التعبد لله سبحانه وتعالى.

قال الإمام رحمه الله : وترك الخصومات [ أي من أصول السنة عند أهل السنة والجماعة ترك الخصومات في الدين ] وذلك لأنها تورث النفاق.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم ) . أي شديد الخصومة.

والخصومة في الدين ليست من طريقة أهل السنة والجماعة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.

قال الإمام رحمه الله : والجلوس مع أصحاب الأهواء [ أي من أصول السنة عند أهل السنة والجماعة أنهم لا يجلسون مع أصحاب الأهواء وهم المبتدعة ] .

وذلك لقول الله تعالى : وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ [النساء : 140]. أي إذا جلستم معهم تكونون مثلهم .

قال الإمام رحمه الله : وترك المراء والجدال والخصومات في الدين [ أي من أصول العقيدة عند أهل السنة والجماعة أنهم يتركون المراء وهو الجدال والخصومات في الدين ] .

فمنهج أهل السنة والجماعة يقوم على الاستسلام لنصوص الكتاب والسنة بخلاف أهل البدع الذين يقدمون عقولهم على نصوص الكتاب والسنة .

فالمرء لا يكون مسلما حقا حتى يستسلم لنصوص الكتاب والسنة.

وقد حذرنا الله سبحانه وتعالى من الجدال بالباطل فقال :
إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ [الشورى : 18]

وقال سبحانه : وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ [الحج : 3]

وأمرنا الله سبحانه وتعالى بالجدال بالحسنى مع من يريد الحق .

قال سبحانه : وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل : 125] . أي من احتاج منهم إلى مناظرة وجدال فليكن بالوجه الحسن كما قال الحافظ بن كثير رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية.

قال الإمام أحمد رحمه الله : والسنة تفسر القرءان .

والمراد بالسنة هنا ما أُثِرَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة .

وبهذا يرد الإمام رحمه الله على طائفة تسمى بالقرءانيين الذين يقولون مالنا وللسنة ! إنما نكتفي فقط بما جاء في كتاب الله سبحانه وتعالى .

فأراد الإمام أحمد رحمه الله أن يبين منزلة السنة في الشريعة الإسلامية فقال : السنة تفسر القرءان [ أي تبينه وتوضحه ] .

ومن الآيات التي لا يمكن فهمها فهما صحيحا على مراد الله إلا عن طريق السنة قوله تعالى : الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ [الأنعام : 82] .

فهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقوله تعالى : (بظلم) على عمومه أي أنه يشمل كل ظلم ولو كان صغيرا . فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبين لهم أن المراد بقوله تعالى (بظلم) أي بشرك . وقال لهم : ( ألم تسمعوا قول لقمان لابنه : يابني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ) ؟

ثم قال الإمام رحمه الله مبينا أيضا منزلة السنة في الشريعة الاسلامية : وهي دلائل القرءان [ أي السنة تضيف أحكاما جديدة لم يأت بها القرءان ] .

ومن الأحكام التي لم يأت بها القرءان الكريم :
تحريم الجمع في النكاح بين المرأة وعمتها أو المرأة وخالتها .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها ) .

ثم قال الإمام رحمه الله : وليس في السنة قياس . [ والمقصود بالقياس هنا القياس الفاسد وهو الذي يعارض النص الشرعي كقياس الربا على البيع ] .

قال تعالى : ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا [البقرة : 275]

وأيضا منه قياس إبليس حين قال : أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ [الأعراف : 12]

فهذا قياس فاسد لأنه عارض قوله تعالى : ( اسجدوا لآدم ) .

ثم قال الإمام أحمد رحمه الله : ولا تضرب لها الأمثال [ أي لا يضرب لكلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم الأشباه والنظائر ] .

قال تعالى : فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ [النحل : 74]

قال الإمام أحمد رحمه الله : ولا تدرك بالعقول ولا الأهواء . فالسنة لا يستطيع أحد أن يدركها بعقله ولا بهواه وذلك لأنها مبنية على التوقيف.

قال تعالى : قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ [الأعراف : 33] .

أي لا يجوز لأحد أن يقول على الله عز وجل شيئا بغير نص شرعي.

قال الإمام أحمد رحمه الله : إنما هو الاتباع . أي يجب علينا أن نتبع الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .

لقوله تعالى : اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ [الأنعام : 106]

وقال سبحانه : اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ [الأعراف : 3]

قال الإمام أحمد رحمه الله : إنما هو الاتباع وترك الهوى [ أي يجب علينا أن نتبع ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ونترك الهوى ] .

والهوى هو ما تميل إليه النفس من الشهوات.

قال تعالى : وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ [صـ : 26]

ثم قال الإمام أحمد رحمه الله : ومن السنة اللازمة [ أي الواجبة ] التي من ترك منها خصلة [ أي من ترك منها شيئا ] لم يقبلها ويؤمن بها ، لم يكن من أهلها . [ أي من العقائد والسنن الواجبة التي يجب على كل مسلم أن يؤمن بها ومن رد شيئا منها لم يكن من أهل هذه السنة ويصير مبتدعا ].

ثم يذكر الإمام رحمه الله تعالى هذه السنن .
وفي اللقاء القادم إن شاء الله تعالى نذكر أول هذه السنن.

أسئلة الدرس :


السؤال الأول : ما الدليل على وجوب التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
السؤال الثاني : ما معنى قول الإمام أحمد رحمه الله تعالى : ( وهي دلائل القرءان ) ؟

هذا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا مُحَمَّد.

[مصطفى طالب مصطفى]

https://www.youtube.com/watch?v=7T5X...ature=youtu.be