بطرس يخالف أمر المسيح ويحلف كاذباً !

[مصطفى طالب مصطفى]

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله, وبعد:

الحمد لله الذي جعلنا أمة وسطًا لنكون شهداء على الناس , وجعل الرسول علينا شهيدًا[1] , والصلاة والسلام على من بعثه الله هاديًا رشيدًا صلى الله عليه وسلم تسليمًا.

لا يشك مسلم أن تلاميذ المسيح عليه الصلاة والسلام هم أفضل البشر - في زمانهم - لما حَبَاهُمُ الله به من الإيمان به والإتباع والإختصاص برسوله - عيسى ﷺ - , فهم الحيواريين[2] !

قال تعالى في وصفهم وتفضيلهم: وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُوَاْ آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ [المائدة : 111]

وقد أحسَّ المسيح عليه الصلاة والسلام من قومه الكفر فدعا قومه من يؤمن به وينصره فانتدب الحواريين لهذا وهو حَقِيقٌ بهم.

قال تعالى: فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ [آل عمران : 52-53]

ولكن اليهود عليهم لعائن الله ما يفتؤون يغيرون بدين الله الذي شرعه لعباده فغيروا كتاب موسى - التوراة - وجعلوه قراطيس يبدونها ويخفون كثيرا[3] , وحرفوا كتاب المسيح - الإنجيل - هم وعلماء النصارى وآبائهم وبسبب الصراعات الدموية[4] التي كانت بينهم فنسبوا إلى تلامذة المسيح ما هو منه براء.

ومن ضمن تحريفاتهم , طعنهم بتلاميذ المسيح كما يطعن الشيعة بتلاميذ وصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم , وأول من قال بذلك عبد الله بن سبأ اليهودي الذي أظهر الإيمان وأبطن الكفر[5] فقد نسبوا لأحدهم أنه خان المسيح ووشى به بل وبعد ذلك مات منتحرًا على خلاف في رواية الأناجيل فهي مضطربة! فلا نعلم تحديدًا ماذا حدث!

ومن ذلك - أي افتراءاتهم على التلاميذ - قولهم أن المسيح عليه الصلاة والسلام نهى عن الحلف وقال ليكن كلامكم نعم نعم كلا كلا

كما جاء في رسالة يعقوب قول المسيح عليه الصلاة والسلام فيما نسب له: Jms-5-12: ولكن قبل كل شيء يا اخوتي لا تحلفوا لا بالسماء ولا بالارض ولا بقسم آخر.بل لتكن نعمكم نعم ولاكم لا لئلا تقعوا تحت دينونة

ومع ذلك نجد أن بطرس يُخالف هذه الوصية العظيمة - عندهم - فيحلف بل ويحلف كاذبًا ولم يفعل ذلك مرَّة, بل مرتين !

وذلك في قصة صلب المسيح وهروب بطرس من الإدانة من الفتاتين , لنقرأ النصوص كما وردت في إنجيل متى Mt-26-69-75: أما بطرس فكان جالساً خارجاً في الدار.فجاءت اليه جارية قائلة وانت كنت مع يسوع الجليلي.فانكر قدام الجميع قائلا لست ادري ما تقولين.ثم اذ خرج الى الدهليز رأته اخرى فقالت للذين هناك وهذا كان مع يسوع الناصري.فانكر ايضا بقسم اني لست اعرف الرجل.وبعد قليل جاء القيام وقالوا لبطرس حقا انت ايضا منهم فان لغتك تظهرك.فابتدأ حينئذ يلعن ويحلف اني لا اعرف الرجل.وللوقت صاح الديك.فتذكر بطرس كلام يسوع الذي قال له انك قبل ان يصيح الديك تنكرني ثلاث مرات.فخرج الى خارج وبكى بكاء مراً.

يا ترى ماذا كان يقول ويلعن ؟ يلعن المسيح ليثبت أنه لا يعرفه؟!

مع أنَّه قال للمسيح عندما قرَّر أنهم سيشكون به: Mt-26-31-35: حينئذ قال لهم يسوع كلكم تشكون فيّ في هذه الليلة لانه مكتوب اني اضرب الراعي فتتبدد خراف الرعية.ولكن بعد قيامي اسبقكم الى الجليل.فاجاب بطرس وقال له وان شك فيك الجميع فانا لا اشك ابدا.قال له يسوع الحق اقول لك انك في هذه الليلة قبل ان يصيح ديك تنكرني ثلاث مرات.قال له بطرس ولو اضطررت ان اموت معك لا انكرك.هكذا قال ايضا جميع التلاميذ

فنرى شدة إيمان بطرس في هذه النصوص قبيل الحادثة وبين إنكاره ورعنه بعد الحادثة!
ثم يقول المسيح الحق الحق فيعترض بطرس ويقول لا!

فعل بطرس خالف أمر المسيح أم أن القصة مفبركة ؟

مع أننا لو رجعنا إلى العهد القديم نجد قول الإله كما في سفر اللاويين: Lv-19-12: ولا تحلفوا باسمي للكذب فتدنّس اسم الهك.انا الرب.

تنويه: في هذا النص نهى عن الحلف [كذباً[ أما المسيح فقد نهى عن الحلف [مطلقاً] , فهل نعتبر أن هذا الحكم ناسخاً للحكم الذي قبله ؟

نترك الإجابة للنصارى خاصة المعترضين على النسخ في الإسلام

-------
1 آية قرآنية في كتاب الله - القرآن الكريم - : وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ [البقرة : 143]
2 أي أنصاره وخاصته من بين الناس.
3 آية في كتاب الله: وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ [الأنعام : 91]
4 كما قال تعالى: وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ [المائدة : 14]
5 اقرا موضوع: عبد الله بن سبأ بين الحقيقة والوهم