بسم الله الرحمن الرحيم
مقولة : [ الهدية لا تُهدى ولا تُباع ] .
تتداول هذه المقولة - أن الهدية لا تُهدى ولا تُباع - بين بعض الناس على أنها حديث نبوي ، وهذا خطأ فليست هذه المقولة بحديث ، ولا أصل لها عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا وجود لها في دواوين السنة .
ومن جهة معناها فليس بالمستقيم ، فالهدية ما إن تمكلها تُصبح من مالك الحر ، فلك أن تصنع به ما شئت ، سواء بيعها ، أو إهدائها ، وما إلى غير ذلك .
ومن أدلة جواز بيع الهدية أو إهدائها :
ما جاء في الصحيحين ، من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ، قال : (( أَخَذَ عُمَرُ جُبَّةً مِنْ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِي السُّوقِ ، فَأَخَذَهَا فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ابْتَعْ هَذِهِ تَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ وَالْوُفُودِ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لا خَلاقَ لَهُ ) فَلَبِثَ عُمَرُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَلْبَثَ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجُبَّةِ دِيبَاجٍ ، فَأَقْبَلَ بِهَا عُمَرُ فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّكَ قُلْتَ إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لا خَلاقَ لَهُ ، وَأَرْسَلْتَ إِلَيَّ بِهَذِهِ الْجُبَّةِ ! فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تَبِيعُهَا أَوْ تُصِيبُ بِهَا حَاجَتَكَ ) )) ، [ صحيح الإمام البخاري - ٩٠٦ ، صحيح الإمام مسلم - ٢٠٦٨ ] .
وما جاء في الصحيح ، من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ، قال : (( كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ ، فَكُنْتُ عَلَى بَكْرٍ صَعْبٍ لِعُمَرَ ، فَكَانَ يَغْلِبُنِي فَيَتَقَدَّمُ أَمَامَ الْقَوْمِ ، فَيَزْجُرُهُ عُمَرُ وَيَرُدُّهُ ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ فَيَزْجُرُهُ عُمَرُ وَيَرُدُّهُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ : بِعْنِيهِ ، قَالَ : هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : بِعْنِيهِ ، فَبَاعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ، تَصْنَعُ بِهِ مَا شِئْتَ ) )) ، [ صحيح الإمام البخاري - ٢٠١٠] .
الشاهد قوله : ( تصنع به ما شئت ) ، بمعنى أصبح مالاً حراً لك ، لك أن تفعل به ما تشاء ، فتنبّه لهذا !