بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
فمن أعظم ما يعين على العلم بمُراد الله عزَّ وجلَّ من كلامه هو كلامه الله نفسه , لذلك فإن تفسير القرآن بالقرآن هو المسلك الأول عند العلماء رحمهم الله تعالى في تفسير القرآن الكريم.
وكما تعلمون أن نبي الله آدم عليه الصلاة والسلام اخطأ عندما صدَّق الشيطان إذ حلف له بالله أنه صادق فيما يقول وينصح , فوقع آدم في الزلل: وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى [طه : 121], ولكنه سارع إلى طلب المغفرة من الله والتوبة على ما اقترفته يداه في حق الله عز وجل , لذلك قال بعدها مباشرة: ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى [طه : 122]
والقصة في سورة البقرة توضح خاتمة تلك الأحداث عند ذكر قبول الله لتوبته صلى الله عليه وسلم
قال تعالى: فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [البقرة : 37]
فما هي تلك الكلمات التي تلقاها صلى الله عليه وسلم وعلَّمه الله إياها ؟
نُقِلَ عن العديد من علماء السلف وكما هو قول أكثر العلماء على أن المراد بالكلمات هو ما جاء في قوله تعالى حاكيا عنهما: قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الأعراف : 23]
وروي عن بعض السلف أدعية أٌخرى ولكنها لا تخرج عن مضمون هذه الآية , فإنهما قد اعترفا بخطئهما ووضحا افتقارهما إلى الله عز وجل ومنِّه وفضله وكرمه عليهما فتاب الله عليهما.
لذلك جاء عن بَعْضُ السَّلَفِ عَمَّا يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَهُ الْمُذْنِبُ فَقَالَ: يَقُولُ مَا قَالَهُ أَبَوَاهُ: رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا. الْآيَةَ[1]
-----------
1 الجامع لأحكام القرآن: أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي (المتوفى: 671هـ) تحقيق: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش, دار الكتب المصرية - القاهرة, الطبعة: الثانية، 1384هـ - 1964 م, عدد الأجزاء: 20 جزءا (في 10 مجلدات) جـ 1 صـ 324