للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
|
عقيدة أهل السنة والجماعة اعتقاد السلف, الفرقة الناجية, الطائفة المنصورة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
تحميل بحث مدخل إلى منهج التأصيل العقدي. د.سعود العريفي
بسم الله الرحمن الرحيم منهج التأصيل العقدي هو: الطريقة التي يتبعها الناس لمعرفة دينهم وتقرير أصوله ومسائله ودلائله[1] وذلك يشتمل على جانبين: • جانب المصادر التي يستقي منها الناس معتقداتهم ومبادئهم وأفكارهم حول الحقائق الغيبية للكون وخالقه, والإنسان والحياة. • والجانب الآخر هو أسلوب تعاملهم مع هذه المصادر ليفهموا منها رأيا معينا; فإن اتفاقهم على مصدر معين لا يعني ضرورة اتفاقهم على الآراء المستخرجة منه; لاختلاف طرائق الفهم عند الناس. ولما كان تنوع الآراء والمذاهب والمعتقدات الدينيا تبعاً لاختلافات المناهج المتبعة في معرفة الدين وتنوع مصادرها وطريقة فهمها كان من الضرورة القصوى لمبتغي الإصلاح والتصحيح العقدي البدء بهذه القضية, وإلا سيذهب جهده سدى في التوفيق بين آراء متناقضة ومذاهب متشعبة لم تتفرع عن طريق واحد في الأصل, وهذه هي العلة التي لم يفطن لها المجتهدون في سبيل التقريب بين أصحاب المذاهب والديانات التي أدت إلى ضياع جهودهم[2]. د. سعود بن عبد العزيز العريفي[3] --------------- 1 عن مصطلح المنهج وأهميته في العلوم انظر "منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد عند أهل السنة والجماعة" لعثمان علي حسن: 1 / 19-21 2 انظر أمثلة على ذلك في "مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة" للدكتور ناصر القفاري: 2 / 148 وما بعدها, وعن دعوة التقريب بين الأديان انظر "الإبطال لنظرية الخلط بين دين الإسلام وغيره من الأديان" للدكتور بكر أبو زيد: 17-34 3 استاذ العقيدة المشارك بجامعة أم القرى |
#2
|
||||
|
||||
رد: مدخل إلى منهج التأصيل العقدي. د.سعود العريفي
لقد كانت قضية منهج تلقي المعتقدات الدينية والاستدلال عليها واضحة تماماً في دعوة الأنبياء والمرسلين, فالدين مبني أساساً على الإيمان بالغيب, وهذه القضية لا مجال فيها لأخذ العلم المفصَّل وتلقِّيه إلا عن الأنبياء والرسل, واعتماد ما يوحى إليهم من مرسلهم جلَّ وعلا, سواء كان ذلك في معرفة الله تعالى تفصيلاً, أو معرفة ما غاب عنا من حقائق الكون وسر وجود الإنسان, وما يتبع ذلك من مصيره بعد انقضاء الحياة الدنيوية, أو ما يجب على الإنسان أداؤه ليحقق حكمة وجوده فينال السعادة والرَّاحة والطمأنينة, أما العقل البشري الذي توهَّم الكفار استغناءهم به عن الوحي الإلهي فإنه يقف في مجال معرفة الغيب عند حدود المعرفة المجملة بأن لهذا الكون خالقاً, ولهذا الوجود حكمة, ولا يتجاوز ذلك إلى تفصيل معرفة هذا الخالق ولا إلى تفاصيل حكمة الوجود[1].
وقد تجلَّت قضية تحديد منهج تلقي العقائد الغيبية بجانبية في الرِّسالة الخاتمة بغاية من الصرامة, كما يظهر في التأكيدات القرآنية المتتابعة على وجوب الإيمان بالله ورسله وما جاء في الوحي الإلهي إليهم, والتحذير من الكذب على الله والافتراء على رسله والزيغ عن آياته. كما في قوله تعالى: مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ [آل عمران : 179] وقوله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُواْ خَيْراً لَّكُمْ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً * يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً [النساء : 170-171] وقوله: إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ [الزمر : 41] كما جاء الذمّ لمن تفرقوا واختلفوا حول ما جاءت به الرسل, أو دانوا بغير ما أذن به الله وأوحاه, قال تعالى: شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ [الشورى : 13] إلى قوله تعالى: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ [الشورى : 21] ---------------------- 1 انظر: "الرد على المنطقيين" لشيخ الإسلام ابن تيمية صـ 473 |
#3
|
||||
|
||||
رد: مدخل إلى منهج التأصيل العقدي. د.سعود العريفي
وجاءت السُنَّة المشرَّفة بمثل ما جاء به القرآن من الأمر بأخذ الدين من الوحي المبين والاكتفاء به عن غيره, والتحذير من الزيادة فيه والنقصان, أو التبديل والابتداع. فعن جابر رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب يقول[1]: أما بعد, فإن خير الحديث كتاب الله, وخير الهدي هدي محمد, وشرَّ الأمور محدثاتها, وكل بدعة ضلالة. وعن العرباض بن سارية[2] قال وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بعد صلاة الغداة موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب فقال رجل: إن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا يا رسول الله قال: أوصيكم بتقوى الله والسَّمع والطاعة وإن عبدٌ حبشي; فإنه من يعش منكم يرى اختلافاً كثيراً, وإياكم ومحدثات الأمور فإنها ضلالة, فمن أدرك ذلك منكم فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين, عَضُّوا عليها بالنواجذ. ومنع النبي صلى الله عليه وسلم اتباعه عن سؤال أهل الكتاب عن شيء من أمور الدين لتفريطهم في حفظ كتابهم من التحريف وصيانة دينهم من الابتداع فقال[3]: لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء; فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا; فإنكم إما أن تصدقوا بباطل أو تكذبوا بحق; فإنه لو كان موسى حياً بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال[4]: يا معشر المسلمين, كيف تسألون أهل الكتاب وكتابكم الذي أنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم أحدث الأخبار بالله, تقرؤونه لم يُشَب, وقد حدَّثكم الله أن أهل الكتاب بدلوا ما كتب الله, وغيروا بأيديهم الكتاب فقالوا: هو من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً, أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مساءلتهم؟! ولا والله ما رأينا منهم رجلا قد يسألكم عن الذي أنزل عليكم. وروي عن عبد الله بن ثابت قال[5]: جاء عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله, إني أمرت بأخ لي يهودي من قريظة,فكتب لي جوامع من التوراة, ألا أعرضها عليك؟ قال: فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال عبد الله بن ثابت: قلت له: ألا ترى ما بوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال عمر: رضيت بالله رباً وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا. قال: فسُرِّي عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال: والذي نفسي بيده لو أصبح فيكم موسى عليه السلام ثم اتبعتموه وتركتموني لظللتم, إنكم حظي من الأمم وأنا حظكم من النبيين. وهكذا فإن السلف رحمهم الله تعالى من الصحابة والتابعين وأتباعه من أئمة الفقه والدين مجمعون على وجوب اتباع الكتاب والسنة, والاستغناء بهما في فهم أصول الدين وفروعه عما سواهما من المصادر, وكانت سيرتهم العملية شاهدة على حزمهم البالغ في التصدي بالرد والإنكار لكل بدعة تنشأ, وكلّ بادرة انحراف في تلقي الدين وفهمه, عمَّا كان عليه الحال في العهد النبوي[6]. ----------------- 1 أخرجه مسلم في صحيحه 2/ 592, كتاب الجمعة, باب تخفيف الصلاة والخطبة, برقم 867 2 رواه الترمذي في سننه 5/ 44, كتاب العلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, باب ما جاء في الأخذ بالسُنَّ’ واجتناب البدع, برقم 2676, قال: حديث حسن صحيح, وهو في صحيح الجامع للألباني 1/ 499 برقم 2549. 3 رواه أحمد في مسنده 3 / 338, وضعف محققوه إسناده, انظر المسند بتحقيق شعيب الأرناؤوط وفريقه: 22/ 468, 469, برقم 14631, ولكن معناه صحيح كما في الأثر التالي, ولذلك كثر استشهاد محققي العلماء به, انظر "كنز الوصول إلى معرفة الأصول؟ للبزدوي: صـ 234, "قواطع الأدلة" لأبي المظفر السمعاني [ت:489]: 1/ 318, مجموع فتاوى ابن تيمية 11/ 463. 4 رواه البخاري في صحيحه, برقم 2539. 5 رواه أحمد في مسنده 4/ 265, وضعف محققوه إسناده, انظر المسند بتحقيق شعيب الأرناؤوط وفريقه: 25/ 198, برقم 15864, لكن يشهد لمعناه ما قبله. 6 انظر "موقف أهل السنة والجماعة من أهل الأهواء والبدع" للدكتور إبراهيم الرحيلي 1/ 80-86 |
#4
|
||||
|
||||
رد: مدخل إلى منهج التأصيل العقدي. د.سعود العريفي
وعلى هذا فإن تلقي العقيدة الإسلامية سواء أصولها الكبرى أو مسائلها التفصيلية يجب ألا يتجاوز طريقة السلف في الأخذ عن الكتاب والسنة وفق فهم السلف الكلي المنهجي لهذين المصدرين, وهو ما يمكن تلخيصه في النقاط التالية:
َ 1- الأخذ بظواهر القرآن والسُنَّة: الأصل أن يُفهم القرآن والسنة بمقتضى ظاهر لغتهما العربية; كما هي طريقة السلف. قال تعالى: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [يوسف : 2] وقوله: وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * قُرآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [الزمر : 27-28] وقوله: وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ [الشعراء : 192-195] وقوله: وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء [فصلت : 44] ومن ادعى فهم شيء من القرآن أو السنة على خلاف ما دل عليه ظاهر اللغة فعليه إثبات ذلك بدليل معتبر شرعاً, من آية محكمة, أو حديث صحيح صريح, أما صرف اللفظ عن ظاهره لمجرد المعارض العقلي المتوهم وتأويله بخلاف المتبادر من سياق الكلام فيدخل في تحريف الكلم عن مواضعه, الذي عابه القرآن على أهل الكتاب. 2- اعتبار حجية الثابت من السنة النبوية المشرفة دون الضعيف: فيجب قبول مضمون الرواية الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحسب القواعد التي سار عليها علماء الحديث ولو بأدنى درجات الثبوت, وهو يسميه علماء مصطلح الحديث: "حسن لغيره"[1], مع مراعاة تأثير التفاوت بين درجات الثبوت في قيمة المسألة العقدية وتقييم المخالفة فيها, وقد أجمع السلف رحمهم الله على اثبات المسائل العقدية بحديث الآحاد[2]. 3- الجمع بين العقل الصريح والنقل الصحيح: يستقل العقل بالدلالة على أصل الربوبية والنبوة, ودلالته على ذلك قائمة بنفسها مستغنية عن القرآن والسنة, بل هي بهذا الاعتبار أصل ثبوتهما, إلا أن العقل الصريح بعد اثباته النبوة لا ينفرد بتأسيس عقيدة تفصيلية لم يصرح بها القرآن أو السنة الصحيحة, بل لا توجد مسألة عقدية يمكن أن يثبتها العقل إلا وفي القرآن والسنة تنبيه عليها[3], وضابط صراحة العقل فطريته واتفاق العقلاء عليه, كالقول بأن الأثر يفتقر إلى مؤثر, وبأن النقيضين لا يجتمعان ولا يرتفعان, وعلى هذا يلزم التوافق بين العقل الصريح والنقل الصحيح من القرآن والسنة; لأن العقل الصريح قد شهد بعصمة النقل الصحيح كما هو معلوم من دلائل النبوة اليقينية, فيمتنع بعد ذلك أن يكذبه, لكنه قد يعجز عن إدراك كثير من حقائق ما جاء به النقل, ويحار لها ويعجب منها تعظيماً لا تكذيباً, والشرع يأتي بمحارات العقول ولا يأتي بمحالاتها[4], وهكذا القول في دلالة الحس; فإنها تابعة لدلالة العقل; لأن الحسن مجرد أداة للإدراك العقلي. 4- اعتبار حجية إجماع الصحابة رضي الله عنهم: لقوله صلى الله عليه وسلم[5]: لا تجتمع أمتي على ضلالة, وقول ابن مسعود رضي الله عنه[6]: ما رأه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن, وما رأوه سيئا فهم عند الله سيىء. وهو مصدر غير مستقل عن القرآن والسنة, لكنه مبين لتعيين دلالتهما على أمرٍ ما; لذلك كان لا بد لأي إجماع من مستند من نصوص القرآن أو السُنَّة[7], كإجماع الصحابة على بيعة أبي بكر رضي الله عنهما, استنادا إلى قوله تعالى: وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ [الشورى : 38] --------------------- 1 انظر: عنه "شرح نخبة الفكر" 247, لملا علي قاري. 2 انظر: قواطع الأدلة في الأصول لأبي المظفر السمعاني [ت489] 1/ 356 3 انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 3/ 88. 4 انظر: ابن تيمية, الفتاوى الكبرة 2/ 311 5 رواه أبو داود وغيره, وهو صحيح بشواهده, انظر تذكرة المحتاج لابن الملقن تحقيق حمدي السلفي 1/ 50. 6 أخرجه أحمد في المسند 1/ 379, وغيره. 7 انظر: المسودة في أصول الفقه 403. |
#5
|
||||
|
||||
رد: مدخل إلى منهج التأصيل العقدي. د.سعود العريفي
إذا ثبت مما سبق المعالم الرئيسية للمنهج الشرعي في دراسة العقيدة وتأصيل مسائلها وتقرير دلائلها, فليُعلم أن كل ما أحدثه الناس وراء ذلك من مصادر ومناهج لتلقي العقائد فهو مردود بقوله صلى الله عليه وسلم[1]: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد.
ومن أمثله ذلك: 1- الرؤى والمنامات: فهي من سوى الأنبياء في أحسن أحوالها مبشرات ومنذرات خاصة بمن رآها, لا ترتقي إلى مرتبة المصدرية لأحكام الدين فضلاً عن عقائده. 2- الكُشوفات الرُوحانية والإلهامات: فقد كان أحظ الناس بها عمر بن الخطاب رضي الله عنه لقول النبي صلى الله عليه وسلم[2]: إنه قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم محدثون وإنه إن كان في أمتي هذه منهم فإنه عمر بن الخطاب. ومع ذلك ما كان عمر رضي الله عنه يحتج بهذا الإلهام على إذا خالفه أحد من الصحابة, ولم يكن الصحابة يتركون مخالفته في اجتهاداتهم الفقهية لأجل هذه المزية عنده. 3- التقليد المجرد من الدليل: لانحصار العصمة في النبي صلى الله عليه وسلم, فمن ادعاها لغيره لزمه عدم القول بختم النبوة بمحمد مصمونا لا لفظا; لأن العصمة أخص خصائص النبوة, وبما لزم إتباع النبي; لأن المعصوم دائما على حق, وإتباع الحق واجب, فسوق العصمة فيمن بعد النبي صلى الله عليه وسلم تجويز لاستمرار النبوة في حقيقة الأمر. --------------------- 1 رواه البخاري برقم 2550 ومسلم برقم 1718. 2 رواه البخاري في صحيحة 3/ 1279 برقم 3282. |
#6
|
||||
|
||||
رد: مدخل إلى منهج التأصيل العقدي. د.سعود العريفي
كما يلزم الإعراض عن المصادر غير الشرعية, ورد المناهج البدعية, يجب أن يُعلم أن الميل بمصادر العقيدة الصحيحة المعتمدة شرعاً عن طريقة السلف في فهمها والإستدلال بها يعطل شرعيتها, ويدخل المائل بها في دائرة الابتداع.
ومن الآفات التي أدخلها أصحاب المناهج البدعية على مصادر العقيدة الشرعية: 1- التأويل الإصطلاحي: الذي أحدثه المتكلمون[1], وهو صرف ألفاظ القرآن والسنة عن ظواهرهما المتبادرة إلى الذهن بحسب اللسان العربي, إلى معانٍ مرجوحة; لمجرد معارضاتٍ عقلية وهمية غير صريحة, وقد أفضى هذا التأويل إلى تحريف كثير من معاني الوحي, وفتح باب التأويل الباطني لكل العقائد[2]. 2- الميل بدلالات السنة النبوية: إما بقبول ما لم يصح كما هو فاشٍ عند المتصوفة[3] والشيعة, أو برد ما صح من الأخبار بحجة عدم إفادة أخبار الآحاد اليقين, كما هو منهج المتكلمين عامة[4]. 3- الميل بالدلالات العقلية: إما بتسليط العقل الوهمي على الوحي, وجعله حاكماً عليه مصححاً له, ما يفضي إلى عطيل حقيقة وظيفة الرسالة, وإما بتعطيل الدلالات العقلية الصريحة وتجاهلها, وإهمال ما زخر به القرآن منها[5], والنظر إلى دلالاته على أنها سمعية مجردة تؤخذ على قاعدة التسليم, فلا يخاطب بها غير المؤمن بالرسالة. 4- عدم توثيق الإجماعات: والتساهل في حكايتها دون مستند, في مسائل عقدية لا يُتصور خفاؤها مع عموم الحاجة إليها. وبعد فهذه لمحات موجزة عن منهج التأصيل العقدي عند أهل السنة والجماعة, نرجو أن تكون قد صورت للقارىء الكريم معالم ذلك المنهج الرباني النبوي, ونبهت على ضرورة العناية بهذا النوع من الدراسات المنهجية النقدية, وأن التصحيح العقدي في المنهج سابق لأي تقرير واستدلال, وأن النقد العقدي المنصف المتجرد من صلب منهاج النبوة, وأنه الضمانة بإذن الله لخروج الأمة الإسلامية من آفة التفرق والخلاف العقدي, والله أعلم, وصلى الله على نبيا محمد وآله وصحبه. -------------------------- 1 هم كل من يقرر العقائد على خلاف منهج السلف معتمداً على العقل المجرد مصدراً أساسياً مقدماً على الوحي, وأشهر فرقهم الجهمية والمعتزلة والأشعرية. 2 انظر: الرسالة التدمرية لشيخ الإسلام بن تيمية ضمن مجموع الفتاوى 3/ 29-30. 3 من أظهر الأمثلة على ذلك كتاب "إحياء علوم الدين" لأبي حامد الغزالي; فالأحاديث الضعيفة والموضوعة والتي لا أصل لها تشكل إحدى المواد الأساسية للكتاب. 4 انظر: الكفاية في علوم الرواية للخطيب البغدادي صـ 432 5 راجع في هذا " الأدلة العقلية النقلية على أصول الاعتقاد", رسالة ماجستير لكاتب هذا المقال تنبيه: يمكنك تحميلها من هذا الرابط : http://goo.gl/bBTc3W |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
مدخل, مدخل إلى منهج التأصيل العقدي, منهج, التأصيل, السلف الصالح, العريفي, العقدي, العقيدة الإسلامية, سلف الأمة, سعود, عقيدة أهل السنة والجماعة |
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
تفريغ محاضرة مدخل إلى دراسة علم الأديان, للشيخ سلطان العميري | مصطفى طالب مصطفى | الميديا الإسلامي | 0 | 02-18-2017 07:59 PM |
بحث رائع بعنوان الحاجة إلى الرسل | مصطفى طالب مصطفى | عقيدة أهل السنة والجماعة | 1 | 12-10-2016 08:30 PM |
جدول برنامج التأصيل العلمي بمراجعة الشيخ د محمد هشام الطاهري. | مصطفى طالب مصطفى | طريقك الى طلب العلم الشرعي | 0 | 02-09-2016 06:38 PM |
[تحميل كتاب] الأدلة العقلية النقلية على أصول الإعتقاد للدكتور سعود بن عبد العزيز العريفي | مصطفى طالب مصطفى | الميديا الإسلامي | 0 | 02-09-2016 03:56 AM |
برنامج مدخل إلى مقارنة الأديان للأستاذ - أحمد سبيع | إظهار الحق | خدمات دعوية متنوعة | 0 | 05-11-2015 05:27 PM |
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
دليل السياح |
تقنية تك |
بروفيشنال برامج |
موقع . كوم |
شو ون شو |
أفضل كورس سيو أونلاين بالعربي |
المشرق كلين |
الضمان |
Technology News |
خدمات منزلية بالسعودية |
فور رياض |
الحياة لك |
كوبون ملكي |
اعرف دوت كوم |
طبيبك |
شركة المدينة الذهبية للخدمات المنزلية
|